إدارة بلا هوية “Autour du”Nationalisme marocain” (ج2)

12 أغسطس 2022 17:22

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

– ملخص الجزء الثاني:

يستعرض فيه الكاتب مجمل عناصر أساءت لإدارة الحماية، من قبيل عدم تكيف المكلفين بها، مع المجال الذي يديرونه، لجهلهم بتاريخ المغرب، مما جعل إدارة الحماية بلا هوية، وأتاح للشبيبة الوطنية العمل على سحب بساط الشرعية منها، عن طريق الترويج لمفاهيم جديدة، من قبيل إبدال تسمية سلطان المغرب المحمي من قبل فرنسا، بتسمية ملك مدعوم من قبل الشعب، يمثل الوطن والوطنية، وهي نقلة كان لها ما بعدها.

– كلمات مفاتيح:

بربر الجبال بلا وطنية، المغرب ليس فرنسا، امتلاك الفهم، فقدان ماء الوجه، السلطة بالمغرب كانت مباشرة وشخصية، الجنرال نوكيس، عاش الملك بذل عاش السلطان، سيدي ومولاي، السلطان أقل من الملك، الظلامية، الشمولية، بركة، الروكي، العقيدة الإسلامية.

– النص:

كتب روبير منطان -في موضوع، إدارتنا العصرية المتقوقعة داخل مساطر تقنية- مقدمة للمغربي المحجور، تنظيما بلا هوية.

“الإمبراطوريات الإسلامية الأكثر استبدادا، كانت تحافظ على الخدمات، لأننا نعرف أن الطاغية يقوم بقطع الرؤوس”، وأضاف “بربر الجبال غير قادرين على الشعور المجرد، وليس لهم بالطبع أي وطنية، ولا أي وفاء لأي سلالة حاكمة، ولا لقوة أجنبية. لكنهم يسيرون بفرح وراء أي قائد جيد، يعتقدون أنه صديقا لهم “وإن لم يكن مغربيا” أهليا، أو أوربيا، ينطبق عليه هذا الوصف.

مهما كان الأمر، فإن تشويه الممارسات الادارية عمل واضح مؤسف، جعل من غير الضروري الحديث عنها وتجنب الإشارة لتشوهاتها، لأنها قبل كل شيء، ناتج عن عدم تكيف رجالنا المسؤولين، مع الطوارئ المحلية؛ للحصول عل المطلوب، حتى لا نتفاجأ مرة أخرى.

هذا “الفقدان لماء الوجه” بالمعنى الدقيق للكلمة، جاء نتيجة تثبيت عناصر إدارية بالمغرب، قدمت له دون أي تدريب، مما جعلها تتخندق ضد التيار.

اعتقد الإداريون المتمرسون، والتقنيون المهرة،

والمعمرون الديناميكيون، في غالبيتهم العظمى، أن ملاحظة المغاربة لصفاتهم الخاصة، كافية لأداء الوظائف المطلوبة، من قبل الإمبراطورية الشريفة، على التمام والكمال، ناسين شيئا مهما وهو أن المغرب ليس هو فرنسا، وبالتالي فإن الجميع من أعلى السلم إلى أسفله -من أجل القيام بهذا العمل المفيد لأنفسهم وللأخرين-يجب أن يضيفوا إلى عملهم الخاص، إجراء تربويا عاما، يعلموا به الآخرين كيفية امتلاك “الفهم” كما قال المارشال.

كم عدد الذين تكلفوا عناء القلق عن “المناخ” المغربي؟

نعرف تاريخ الظهائر؛ لكن من يعرف تاريخ المغرب؟ أكثر من ذلك من يعود لذلك التاريخ في الميتربول وما وراء البحار؟

لم يفكر أبدا فيما يمكن أن يقدمه ذلك الفهم التاريخي، من صيغ ضبط اجتماعي، يتمثل فيما يرسله أحد الأهالي لشخص غريب، في ورقة بسيطة، وأحيانا في مبالغ مالية هامة، يحرم نفسه منها طوعا، فقط لأنه يعرف أن هذا الغريب جاء جابيا للمساهمات المباشرة؛ يا له من أسلوب تربوي مدني يقدم انعكاسا صعبا لكنه معتاد! ويود إظهار الأهالي الذين ولدوا بالأمس الغابر، وعاشوا ضمن ضوابطه، يستطيعوا أن يعيشوا في دولة عصرية مختلفة تماما عن تلك التي كانوا يخضعون لها بالكاد قبل ربع قرن، على مدا ألف عام، وأن يظهروا ردود أفعال مماثلة لحياتنا؟

بعضهم، لكنهم مع الأسف قليلون، يعلمون أن السلطة بالمغرب كانت منذ وقت طويل مباشرة وشخصية، وكما قلنا سلفا، فإن التحريض العبثي، أو التفاخري، هو الذي دفع المارشال للتنقل مرارا بين الرباط وفاس وتادلة ومراكش، لأن ليوطي كان يعرف أن أسياد المغرب، دائما في تجول متواصل، وأنه لا توجد أية بركة فعالة، إذا تم الإغلاق عناها في قصر أو قصبة، ولم تثبت نفسها بتواجدها في كل الأماكن، وبشكل متكرر، عبر الحضور الحقيقي لحاملها.

تتمثل إحدى مزايا الجنرال نوكيس في استعادة التقليد المنقطع أو المهمل، ليكون قدوة من خلال إظهار الجميع للطريقة التي يجب اتباعها، الانتقاد الحالي للإدارة لن ينزع سلاح المغرب إلا في اليوم الذي لا يشغل فيه أحد منصبا هناك، ويلعب دورا فيه دون خضوعه لتدريب خاص بذلك الدور اليومي الذي سيوكل له، يكون قد هيأ من قبل أطر تكون بدورها قد تدربت على التقنية المغربية المطلوبة والباقي ستجده، في المنشور الصادر بتاريخ 22 نونبر الذي يصر فيه الجنرال نوكيس مرة أخرى على هذه الحقيقة البديهية، المتوفرة في بيئة الموظفين العموميين، المستعدين للعب هذا الدور التنموي والتخطيطي، للممثلين المؤهلين من الأهالي لتنفيذ فكرهم وسلطتهم.

وبذلك ستجد إدارة الحماية وجهها المفقود من خلال احتكاكها بالرجال والأشياء، لتحقيق مخطط الحماية وتلبية حاجة فرنسا..

– قضية الملك:

تفاصيل الأحداث الواقعة في أكتوبر الأخير خلال المظاهرات التي جرت بالخميسات: إفريقيا الفرنسية سنة 1937 ص519 التي سجل بها رفع شعار “عاش الملك” بذل عاش “السلطان” وأبرزت معنى ودلالة التضليل المغرض لهذه “البدعة” المبتكرة من أجل تحقير صفة “سلطان” المفضلة في احتفالات البرابرة.

(زمور) وتحويلهم من قبل “وطنيين” قادمين من فاس يريدون نشر احتجاجات قوية وإلقاء بعض الدروس العربية الكلاسيكية..

فمن المعروف أن الناس بالمغرب عندما يريدون تسييد صاحب الجلالة الشريف، فإنهم ينادونه إما “بسيدي” أو “مولاي” فلان أو بصفته الوقتيه كـ”سلطان” مرفقة بصفته التشريفية “السلطان الشريف” أو الدينية الموقرة “أمير المومنين” مضاف لها كلمة “سيدنا”، وكمجاملة من الأجانب -ولاسيما الفرنسيين- اعتمدوها في محادثاتهم مع الأهالي المغاربة.

بيد أن كلمة “ملك” لم تستعمل أبدا للدلالة على العاهل المغربي، من قبل الشعب المغربي، حتى من قبل النخبة.

لدرجة أنهم لم يقوموا بتضمينها في الظهائر الرسمية، ذات الاستخدام الديني أو الدبلوماسي.

لماذا إذن “ملك” وليس “سلطان”؟

ربما لأن الشباب الذين يجهلون لغة آبائهم، عندما ذهبوا للتعلم في الخارج بالجامعات الأوربية أو الشرق الأوسط، حملوا ببغائية تلك المفردة مع مفردات أخرى، لأن كلمة “ملك” مجهولة الاستعمال بالمغرب لأنه لم يسبق استخدامها فيه من قبل، ربما أخذوها من المصريين للتعبير بها عن “الوطنية” التي تخيلوها تجديدا لما كان قديما، فصنعوا “ملكا” كمرادف لعاهل مستقل معاصر، مختلف عن “سلطان” محمي من فرنسا. إذن.. قتلنا السلطان!

ومع ذلك فالعنوان المستخدم من قبل المؤرخين والمكاتيب الرسمية منذ القرن الثالث عشر للإشارة على وجه الخصوص لعاهل المغرب الأقصى الذي ينتمي الآن لشرفاء تافلالت، يدعى بالسلطان لا الملك التي لا تستسيغها آذان المسلمين، لكونها تنطوي على التخلي عن الطابع الديني للسلطة.

ولأن السلطان يمكن أن يكون حاكما لإقليم صغير تابع لملك أسمى منه. فـ”الوطنيون” المغاربة يريدون من تسمية “الملك” التغطية على تسمية “السلطان” التي تعني تقليديا “الروكيى”.

سيكون هذا جد مفجع، أن يرى المغرب باقيا بالرغم من كل شيء، على ما كان عليه!، وسيكو المشاغبون من خلال هذه التسمية “الملك “قد فشلوا بشكل خطير في تحقيق الاحترام الواجب للشريف المتوج، سواء أدركوا ذلك، أو لم يدركوه، وسواء كان تصرفها ببغائية، أو تمويها، أو جهلا أو غفلة أو ما هو أكثر جدية عن طريق النية، الشباب الوطني، حاول في الواقع، انتزاع خاصية سيدنا الموقرة، التي تضمنها فرنسا، وعقيدتهم الإسلامية تطلب منهم الدفاع عنه قبل كل شيء.

فهل هذا… ملك؟ اختبار للجهل بالتقاليد المغربية التي قدمها هؤلاء “الوطنيون” ودليل على مشروع منسق ضد الطابع الديني للسيادة المغربية الشريفة؟ فكم من المغاربة يجسمون الصيغة البروطوكولية “الله يبارك في اعمر سيدنا” التي من خلالها يستقبل سيدي محمد رعاياه، وهم يصفقون للحماية الفرنسية.

– دعم مشبوه:

خاصية الخليفة في السيادة المغربية، فضلا على نسيانها من قبل بعض المغاربة، يتناساها أيضا بعض الفرنسيين كذلك.

مسألة السيادة المغربية معقدة نتيجة ممارسة طويلة في المجال والأشياء بالبلاد، مما فرض ضرورة معالجة ذلك، ولو من الخارج، لتقابلها بمفهوم الجنسية المغربية على الأقل.

يجب أن يكون المرء عروبيا وحتى بربريا، لتحليل وتدقيق الأصول وسمات السيادة، وهي محاولة بحسن نية عن التعبير برهان طائش عن مغامرة بشكل سريع.

وهناك آخرون سواء هنا أو هناك يواصلون نقل شغفهم السياسي الأوربي إلى المغرب، دون أن يلاحظوا في حماسهم الأعمى أنهم ينضمون لأسوء خصوم أيدولوجياتهم.

أليس من المؤسف أن نرى على سبيل المثال، أكثر الأوربيين المعادين للإكليروس يتظاهرون بأنهم مدافعون عن “الظلامية” الإسلامية، أو الجمهوريين الأقل شكا، يدعمون الأنشطة التي يدينون أصولها الشمولية، بالرغم من ذلك.

لقد قيل هنا مرارا وتكرارا، أن سياسة فرنسا، كيفما كانت لم تكن صنفا مغربيا مستوردا، يمكن لنا العودة إليه، لكن من الواضح أن الخطأ في حق فرنسا -وهو جريمة ضد العقل- تخدم الدعاية الأجنبية -الأقل مشكوكية فيها- المضاضة للمصالح الفرنسية، والسكان الأهالي في المغرب…

أنظر:

J.LADREIR de LCHARRIERE

في: إفريقيا الفرنسية 1938 ص:11-19.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M