إسلام الممثلة لبنى أبيضار..!

02 ديسمبر 2015 15:15
الشرع الإسلامي لا يجيز ضرب المرأة

ذ. حمّاد القباج

هوية بريس – الأربعاء 02 دجنبر 2015

شعرت بحزن وأسف وأنا أسمع الممثلة لبنى أبيضار توضح معنى الإسلام الذي تؤمن به؛ حيث أدلت بتصريح منقول بالصوت والصورة؛ قالت فيه بأن الإسلام عندها هو الإسلام الذي جاء به محمد (صلى الله عليه وسلم) وليس هو الإسلام الراديكالي الذي يحرم الخنزير والخمر والزنا والتبرج!

ومن هنا صرحت بأنها عازمة على الاستمرار في تمثيل الأدوار الخليعة، وإفطار رمضان، وستأكل الخنزير، وستشرب الخمر..

قد تكون هذه الجملة كافية ليشاركني بعض القرّاء الشعور بالشفقة على هذه الممثلة التي عبرت عن تناقض يعيشه كثير من الناس الذين يحاولون الجمع بين الإيمان من جهة والتحلل من مستلزماته من جهة أخرى..

وربما لم تتح لهم الفرصة للتعبير عما يعيشونه من تناقض؛ كما أتيحت الفرصة للبنى التي تعرضت لضغط شديد بين مطرقة المستنكرين وسندان المشجعين..

مستنكرون قالوا لها: عار عليك ما فعلت من تمثيل تلك الأدوار الساقطة التي لا تشرف وطنك وأسرتك..

ومشجعون قالوا لها: لا تلتفتي لهذه الأصوات الظلامية التي تحاول تقييد حرية الفن والإبداع..

هذا الضغط دفع بها إلى البوح بذلك التصريح المتناقض الذي يلقي بصاحبه في أوحال الإلحاد، مع محاولة تمسكه بحبل رقيق مع الإيمان الذي عبرت عنه بقولها: (أنا أؤمن بمحمد)!

لقد وضح القرآن الكريم معنى الإسلام بما لا يبقي الحاجة إلى تأويل يمكن أن يوصف بالتطرف أو الظلامية، وبما يغني المسلمين عن تفسير ممثلة مغرر بها:

وضح القرآن الكريم -الذي تؤمن به لبنى كما يبدو!- معنى الإسلام بقول الله تعالى:

{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} [البقرة:285].

وقوله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا} [التغابن:16].

وقوله عز من قائل: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:185]

وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة:90].

وقوله عز وجل: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}.

إلى قوله: {..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3].

فتحريم الخنزير من الإسلام الذي قال الله تعالى عنه:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران:85-89].

وبين الله تعالى الفرق بين من يسلم الإسلام الذي يريده الله، ومن يتبع هواه:

{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ (20) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (21) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) وَمَنْ كَفَرَ فَلَا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (23) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ (24)} [لقمان:20-24].

هذه آيات واضحات أنزلها الله تعالى في العهد الذي وصفته لبنى أبيضار بأنه عهد الإسلام الحقيقي..

آيات لا تحتاج إلى شرح كثير ليفهم كل إنسان معناها الذي أراده الله تعالى؛ وليس معناها الذي قيل للبنى بأنه فهم الراديكاليين والظلاميين المتطرفين!

لقد سبق لي أن عبرت عن أسفي على ما تعرضت له الممثلة أبيضار من تهديدات تستهدف سلامتها الجسدية؛

وقلت آنذاك بأن موقف لبنى مستنكر شرعا وذوقا؛ لكن استنكاره بالعنف مرفوض أيضا؛ وأن الإنسان مهما بلغ انحرافه عن الإسلام؛ فلا يحق للمسلم أن يفرض عليه تصحيح ذلك الانحراف بالقوة، فضلا عن تهديده بالقتل أو الأذى الجسدي..

وإن كنت أعتقد أن هذا النوع المتطرف من الاستنكار؛ أكثره مفبرك من دهاة السياسيين الذين يقاومون سلوك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بإلباسه لبوس العنف، إيهاما منهم لجهات خارجية بأن الحريات والحقوق معرضة للخطر..

واستفزازا لبعض الجهال المتهورين الذين يسهل دفعهم نحو التصرفات الطائشة التي تعطي لأولئك السياسيين مسوغات للجهر برفض سلوك النهي عن المنكر!

أقول: سبق لي أن أبديت أسفي من احتمال تعرض لبنى للأذى؛ لكن أسفي على ردة فعلها هذه أكبر؛ لأن ردة الفعل هذه لا تقل خطرا عليها من خطر الأذى الجسدي؛

وهي بهذا التصريح الملحد تعترض على ربها الذي فرض الصيام وحرم شرب الخمر وأكل لحم الخنزير..

ومن هنا؛ فإنها تعرض نفسها للعقوبة الإلهية التي لن ينفعها في دفعها أولئك الذين يزينون لها التكذيب بشرائع الدين والمجاهرة بالعصيان والتمرد على ربّ العالمين؛ باسم التمسك بالحرية ومقاومة التطرّف والظلامية..

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9) وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ} [الانفطار:6-12].

وقال تعالى في الحديث القدسي: “يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيئا“.

أجل يا لبنى؛ لن تضري بشرب الخمر وأكل الخنزير؛ ربك ولا الصالحين الذين نصحوك بالتوبة..

وإنما تضرين بنفسك وتعرضينها لمخاطر لا تستشعرينها في غمرة الدعم المعنوي والمادي الماكر الذي يقدمه لك من يحرصون على وجود أمثالك من الضحايا الذين يوظَّفون -باسم الفن وحقوق الإنسان-؛ ليشكلوا أدوات لنشر الرذيلة والانحلال الخلقي في المجتمعات المحافظة على قيمها الإيمانية والتربوية..

قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء:27].

وبين الله تعالى كيف أن أولئك المحرضين على الفجور؛ يتبرؤون من أتباعهم يوم القيامة: {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} [البقرة:165،166].

{وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ (21) وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم:21، 22].

وقال تعالى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر:16].

ولما تنكشف حجب الغيب ويأذن الرب بطلوع شمس يوم الحساب؛ يشتد ندم الذين اتبعوا الشيطان فيقول الله تعالى لهم:

{أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61) وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ (62) هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [يس:60-64].

لما نشر موقعي الإلكتروني الفيديو المعنون ب: “الشيخ حماد القباج ينصح الممثلة أبيضار“؛ تواصل معي أحد المتدينين الغيورين؛ وعبر عن عدم اتفاقه معي على أسلوب الرفق واللين الذي اتبعته في نصح الأخت لبنى!

وقال لي: هؤلاء شياطين يستهدفون القيم والأخلاق ويعملون عمدا على تخريبها في نفوس المغاربة..

فكيف تخاطبهم بذلك الأسلوب الهادئ المحترم؟

كيف تحترم من لا يحترم نفسه؟

كيف تحترم من لا يراعي مشاعر أسرته وشعبه؛ ويتجرأ على تمثيل تلك الأدوار بألفاظها الساقطة ومشاهدها الخليعة؟!

ثم راسلني ذلك الصديق الغيور أمس بما معناه:

 “ها هي الممثلة الجريئة توغل في هذا التوجه الذي لا يراقب الخالق ولا يحترم مشاعر المخلوق”..

تفهمت وجهة نظر صديقي، وازددت تفهما لها بعد هذا التصريح الذي وضّحَتْ فيه لبنى معنى الإسلام الذي تؤمن به!

ومع ذلك فلن أجد أفضل من الرفق واللين في نصحها مرة أخرى؛ خوفا عليها من تطرف اللادينيين، كما أشفقت عليها من تطرف نُسِب لمتدينين قيل بأنهم هددوها في سلامتها الجسدية..

أتمنى لها السلامة من ذلك كله؛ {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران:20].

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. هذه المرأة تجاهر بالفساد بل و تسعى في نشره في الذين آمنوا بغض النظر عن دوافعها لذلك هل هو الشهرة أم غيرها. و قد نصح الناصحون مرارا لكنها قد تستهزئ بهم كما يبدو أنه حدث مع الأستاذ الفيزازي، فأرى أن انشغال الدعاة بنصحها كثيرا لا ينفع بل ينبغي السعي إلى معاقبتها و هذا هو الذي يصلح لردعها. قال تعالى: “الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ۖ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ”. صحيح أنه من المتعذر الآن تطبيق هذا الحكم. و لكن، أوردته لأذكر بأن ديننا فيه أيضا الشدة، لكن طبعا في محلها المناسب، على الأقل، ينبغي السعي في منعها من الظهور علنا و نشر الخبائث.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M