إسهامات المرأة المسلمة بين الحقائق التاريخية ومنطق التضليل في الخطاب الحداثي المعاصر

16 مارس 2021 11:20

هوية بريس – عبد الكريم المحيحش 

    من بين القضايا التي تتصدر المشهد الثقافي والإعلامي في  المجتمعات العربية والإسلامية، قضية المرأة وما يرتبط بها من إشكالات حقوقية واجتماعية ودينية وثقافية، ويعزى هذا الاهتمام إلى تنامي الوعي بضرورة إشراك المرأة في الحياة العامة، والرفع من مستوى مساهمتها في التنمية بمفهومها العام، بعدما عرفت المشاركة النسوية خفوتا نسبيا في ظل هيمنة الثقافة الذكورية الوافدة على المجتمع الإسلامي نتيجة الانفتاح الثقافي على الحضارات الأخرى، ونتيجة أيضا لظهور بعض التأويلات الخاطئة لنصوص دينية وردت في سياقات معينة وبدلالات محددة، حيث استعملها البعض استعمالات مغرضة من خلال عزلها عن سياقاتها التاريخية ودلالاتها الشرعية، وكذلك توظيف بعض النصوص التي لا تصح نسبتها إلى من نسبت إليه، وهذه  كلها مغالطات تاريخية تم الترويج لها على نطاق واسع، فاتخذها الناس مبدأ ثابتا ومقدسا لضرب كل المكتسبات التاريخية التي حققتها المرأة المسلمة في مختلف المجالات، وهو ما أدى إلى وقوع المرأة ضحية التهميش والإبعاد القسري عن الساحة العامة لسنوات طويلة، واستمر هذا الوضع المتردي الذي كانت تعيشه المرأة على مستوى العالم العربي والإسلامي إلى حدود القرن العشرين الذي سيعرف ظهور مجموعة من الحركات النسائية والمنظمات الحقوقية لمناهضة كل أشكال التمييز ضد المرأة والدفاع عن حقوقها في أفق تحقيق مساواتها مع الرجل، وقد عملت هذه الكيانات الحقوقية على تسخير كل الإمكانيات المتاحة لديها، وممارسة الضغط  على المؤسسات الرسمية، لكسب هذا الرهان الحقوقي، وحصد بعض النتائج على مستوى مشاركة المرأة في المشهد العام، غير أن هذا الحراك لم يلق النجاح المتوقع له في البيئة الإسلامية، وذلك في نظري يعود لأسباب منها عدم الالتزام بالموضوعية والدقة العلمية نظريا وإجرائيا  في طرح الإشكالات ومناقشتها، فالمتتبع لهذا الحراك من خلال النقاشات التي خاضها عبر منابر إعلامية مختلفة، يلحظ غياب هذا البعد الإبستمولوجي، ونأخذ على سبيل المثال مبدأ المساواة الذي تطالب به هذه الحركات الحقوقية، وما يطرحه هذا المفهوم من إشكالات إجرائية ونظرية، ذلك أن تحقيق المساواة لا يفضي بالضرورة إلى تحقيق العدل كما يزعم هذا الاتجاه، بل قد تكون المساواة عين الظلم، وبالتالي فإن القول بأن تحقيق المساواة هو سعي نحو تحقيق العدل أمر لا يستقيم من الناحية المنطقية، وإذا كان الحديث عن المساواة مستساغا نظريا عند هؤلاء فإنه  متعذر إجرائيا، نظرا للفوارق البيولوجية والسيكولوجية بين المرأة والرجل، وهو ما يؤكده الواقع الملموس، حيث لم تستطع أي حضارة من الحضارات الإنسانية، أن تحقق هذه المساواة بما في ذلك الحضارة الغربية، مهد حقوق الإنسان ومنطلق الحركات النسائية المنتشرة حاليا في مختلف بقاع المعمور. ومن بين الأسباب التي أدت إلى فشل  هذا الخطاب التحرري، عدم احترام الخصوصيات المحلية لكل مجتمع على حدة، والاصطدام في كثير من الأحيان بالمقدس، وبالمرجعيات الدينية التي تؤطر الحياة العامة في المجتمعات المحافظة كالمجتمع العربي والإسلامي.

      ومن بين القضايا المرتبطة بمبدأ المساواة المشار إليه أعلاه، في السياق العربي والإسلامي ما يتعلق بقضية المساواة في الإرث، وقد أثارت هذه القضية نقاشا واسعا هيمن على المشهد الثقافي والإعلامي على مدى سنوات. وبالرغم من أن المؤسسات الدينية كان لها موقف ثابت منذ البداية حيث حسمت النقاش مبكرا حول هذه القضية على الأقل من الناحية الدينية، واعتبرت أن مسألة الإرث لا يمكن المساس بها نظرا لورود نص قطعي بشأنها، وأن أي محاولة لتسوية المرأة بالرجل في الإرث، هي بالأساس محاولة لتعطيل العمل بالنص القرآني، بالإضافة إلى أن مسألة التفاضل في الإرث ليست قاعدة مطردة في سائر الأحوال التي ترث فيها المرأة، بل قد ترث المرأة أحيانا أكثر من الرجل. بالرغم من كل ذلك ظل هذا الخطاب التحرري يطالب بإعادة النظر في آية الإرث وإسقاط مبدأ التفاضل بين الرجل والمرأة. ولم يتوان البعض منهم في اتهام التراث الإسلامي بالتحيز والوقوف ضد المرأة واتهامها في عقلها وعدالتها، وفي أهليتها وقدرتها على تولي بعض المناصب العليا في الدولة، كما لم يتوان هذا الخطاب في توظيف بعض النصوص الدينية توظيفا سيئا بعيدا عن الممارسة العلمية وضوابطها المنهجية.

    بعد هذا يحق لنا أن نطرح الأسئلة التالية: ما مدى صحة قول القائل بأن التراث الإسلامي ظلم المرأة واغتصبها في حق من حقوقها الطبيعية والمشروعة والمتمثل في حق المشاركة في الحياة العامة؟ هل نجد في التاريخ الإسلامي ما يفند هذا الزعم؟ وهل هناك مجالات استطاعت المرأة المسلمة أن تقتحمها وتترك لنا بعض البصمات شاهدة على حضورها التاريخي ودورها في بناء المجتمع الإسلامي؟

قبل الإجابة عن هذه الأسئلة نلفت الانتباه إلى مسألتين أساسيتين:

الأولى : إننا حينما نتحدث عن الحركة النسائية بهذه الكيفية لا نعني أننا ضد المرأة، بل نعتبر إشراك المرأة في تدبير الشأن العام مطلبا مجتمعيا وضرورة حضارية، وقد نذهب إلى القول بأن هناك وعيا جماعيا بدأ يتشكل بخصوص دور المرأة في البناء الحضاري، خصوصا إذا علمنا أن الموقف المبدئي للمرجعية الإسلامية بخصوص حضور المرأة في المشهد العام موقف متقدم جدا لم تستطع الحضارة الغربية أن تحققه إلا بعد مرور قرون من التهميش والإقصاء في حق المرأة.

  الثانية: إن قضية المرأة التي تثار اليوم بهذه الحدة والشراسة على مستوى الخطاب النسوي المعاصر، لم يعرفها التاريخ الإسلامي، ولم تكن مثار جدل في المشهد الثقافي على مر العصور، ذلك أنه لم يكن هناك داع لإثارة قضية كهذه في ظل الحضور القوي للمرأة في مختلف المجالات، فالمرأة منذ العهد النبوي لم تغب عن المشهد العام في الساحة الإسلامية، ويكفي أن نعلم بأنها أول من أسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم وأول من استشهد في سبيل الله وأول من هاجر، وبالتالي فالوجود الإسلامي ارتبط بشكل أساسي بحضور المرأة كقوة فاعلة ومؤثرة في هذا الوجود، شأنها في ذلك شأن الرجل، وهنا لا يمكننا أن نغفل دور خديجة رضي الله عنها والدعم المادي والمعنوي الذي قدمته للنبي صلى الله عليه وسلم في بداية نزول الوحي، كما لا يمكننا أن نتجاهل دور الصحابيات اللواتي أسلمن مع النبي صلى الله عليه وسلم  وما تعرضن له من تعذيب وتهديد بالقتل والتصفية الجسدية من طرف صناديد قريش، فكلنا نقرأ عن ذلك الصمود اللامتناهي في وجه آلة الفتك والتعذيب التي سلطها كفار قريش على المسلمين، فكانت أول شهيدة في الإسلام السيدة سمية بنت خياط رضي الله عنها. وبالتالي فإن هذه المرحلة التأسيسية للدولة الإسلامية تعطينا تصورا واضحا حول الحضور القوي للمرأة في عمق المجتمع الإسلامي، وكيف أنها استطاعت أن تكون جزءا من هذا الحدث العظيم الذي غير العالم، ما يعني أن ما يروج له بخصوص تهميش الإسلام للمرأة هو مجرد افتراءات لا تشهد لها شبهة فضلا عن حجة.

   وقد سجل التاريخ الإسلامي محطات مشرقة لنساء استطعن أن يتركن بصمات خالدة ، سواء في المجال العسكري والطبي، حيث ظهرت مجموعة من النساء كمحاربات  ومسعفات يقدمن خدمات استشفائية للجرحى والمصابين، أو في المجال المعرفي  حيث ساهمت المرأة في بناء المعرفة الإسلامية إنتاجا ونقلا وتدريسا وتدوينا، أو على مستوى إدارة الدولة وتدبير شؤون الرعية وكل ما يرتبط بالمجال السياسي.

    فبعد قيام الدولة الإسلامية برزت المرأة كمحاربة في ساحة القتال فكانت تخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزواته على غرار السيدة أم سليم الأنصارية وهي من الصحابيات الجليلات شهدت غزوة أحد وأبلت فيها بلاء حسنا كما شهدت غزوة حنين وكان معها خنجر فقالت يارسول الله أتخذه إذا دنى مني أحد من المشركين بقرت به بطنه، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.[1] وإلى جانب ذلك قامت المرأة بوظائف أخرى كالطب والصيدلة فكانت تسعف الجرحى والمصابين مثل السيدة أم سنان الأسلمية وهي صحابية جليلة، أتت النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد التوجه إلى خيبر وقالت له يارسول الله أحب أن أخرج معك أخرز السقاء وأداوي الجرحى وأنصر المجاهدين وأحفظ لهم أمتعتهم وأسقى عطشاهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لها: تعالي معنا وكوني مع أم سلمة حيث كانت أكثر أوقاتها معه.[2]

   وبما أن أي مجتمع لا يمكن أن يتحقق فيه النمو والازدهار ولا يمكن أن يصل إلى مستوى الشهود الحضاري إلا في ظل العناية بالفكر وبمختلف أنواع المعارف والعلوم، فقد كان أول ما نزل من القرآن قوله تعالى (اقرأ) المفيد لوجوب العناية بالعلم والسعي نحو تحصيله ، وقد فهم المسلمون الأوائل من هذا الخطاب الإلهي أنه لا يمكن تأسيس حضارة في غياب المعرفة كشرط موضوعي لتحقيق ذلك، وفهم النساء أيضا بأنهن مطالبات بالانخراط في بناء مجتمع المعرفة، وهو ما يجسده موقف أم سلمة رضي الله عنها،  فعن عبد الله بن رافع قال: كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت  النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وهي تمتشط (( أيها الناس)) فقالت للجارية: استأخري عني، قالت: إنما دعا الرجال ولم يدع النساء، فقالت: إني من الناس”.[3]

    امتثالا لهذا الأمر الإلهي سجلت المرأة المسلمة حضورا تاريخيا قويا في أبواب مختلفة من المعرفة الإسلامية، حيث شهد العهد الأول حراكا نسائيا تصدرته أمنا عائشة رضي الله عنها وغيرها من الصحابيات اللواتي خضن في حقول العلوم الإسلامية من تفسير وفقه وحديث. وقد توالت الأعداد الهائلة من النساء العالمات المبرزات اللواتي ساهمن في هذه الحركة العلمية، وقد ترجم الحافظ بن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة لثلاثة وأربعين وخمسمائة وألف، منهن الفقيهات والمحدثات والأديبات، وذكر كل من الإمام النووي في كتابه تهذيب الأسماء واللغات، والخطيب البغدادي في كتابه تاريخ بغداد، والإمام الذهبي في كتابه سير أعلام النبلاء، وابن الأثير في كتابه أسد الغابة في معرفة الصحابة، والسخاوي في كتابه الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، وعمر رضا كحالة  في كتابه أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام ، وغيرهم ممن صنف في كتب الطبقات تراجم مستفيضة لنساء عالمات في الحديث والفقه والتفسير وأديبات وشاعرات ، بل وقد تفوقت المرأة المسلمة على الرجل في بعض المعارف الإسلامية وخاصة فيما يتعلق بعلم الحديث، وهذه الشهادة يسجلها اثنان من كبار علماء الحديث أحدهما الامام الذهبي الذي يقول:” ما علمت في النساء من اتهمت ولا تركت” [4]والثاني الامام الحافظ بن حجر إذ يقول:” لا أعلم في النساء من اتهمت ولا تركت” .[5]

    ولم يقتصر اهتمام النساء في مجال المعرفة على علم الحديث فقط، بل نجد من النساء من كانت لهن ميولات تخصصية مختلفة، ومما يلاحظ في هذا الإطار أن النساء بالإضافة إلى إسهاماتهن العلمية في مجال التدريس والرواية، فقد كانت لهن بصمات على مستوى التأليف والكتابة، على غرار السيدة دهماء بنت يحيى العالمة الفاضلة، التي برعت في النحو والأصول والمنطق والنجوم والشعر، وكان لها عدد من المؤلفات منها: الأنوار في شرح كتاب الأزهار وهو كتاب يقع في أربع مجلدات، ومنها أيضا شرح منظومة الكوفي في الفقه والفرائض وشرح مختصر المنتهى في أصول الفقه وكتاب الجواهر في علم الكلام توفيت دهماء بنت يحيى سنة ،٨٣٧هجرية.[6] ومنهن أيضا، الشيخة الأريبة العالمة الفاضلة عائشة الباعونية أم عبد الوهاب الدمشقية، وهي من تلامذة الشيخ إسماعيل الخوارزمي، رحلت إلى القاهرة، ونالت من العلوم حظا وافرا، وأجيزت بالإفتاء والتدريس. من مؤلفاتها: (الإشارات الخفية في المنازل العلية) وهي أرجوزة اختصرت فيها منازل السائرين للهروي، و(الدر الغائص في بحر المعجزات والخصائص) وهو قصيدة رائية ويبدوا أنه في النبوات، أو في السيرة النبوية خاصة، و(صلاة السلام في فضل الصلاة والسلام) وهو أرجوزة لخصتها من كتاب ” القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع ” للإمام السخاوي.[7]. وهناك امرأة أخرى ذكرها مجموعة من الكتاب، تسمى بابنة الكنيزي النحوية، وقد قال عنها القفطي في كتابه إنباه الرواة على أنباه النحاة، بأنها كانت امرأة نحوية وكان لها مصنفات تعرف بها.[8].

   وأشير في هذا السياق إلى نقطة مهمة من منظور مقارن، وهي أن المرأة المسلمة كانت تكتب وتنشر باسمها على غرار ابنة الكنيزي، في الوقت الذي كانت فيه المرأة في أروبا تكتب بأسماء مستعارة، أو ربما صدر لها كتاب بدون اسم أصلا خوفا من انقلاب المجتمع عليها، وهو ما يعني أن قلة النساء المؤلفات في العالم الإسلامي لم يكن مرده إلى البيئة الاجتماعية والثقافية بقدر ما كانت هناك إكراهات أخرى مرتبطة بالسفر للبحث عن المصادر من بلد إلى آخر، الأمر الذي لم يكن متاحا بالنسبة للنساء في تلك العصور، بالإضافة إلى عوامل أخرى مرتبطة بطبيعة المرأة البيولوجية وبفترة الخصوبة لديها.

    أما على مستوى إدارة الدولة وتولي المناصب القيادية الحساسة، فقد ذكر المؤرخون وأصحاب التراجم والطبقات مجموعة من النساء اللواتي تمكن من اعتلاء هذه المناصب، ففي مجال القضاء كانت أول امرأة تتولى هذا المنصب، ثمل القهرمانة وهي من ذوات النفوذ والسلطان في الدولة العباسية، اختارتها أم المقتدر أن تتولى منصب القضاء، فكانت تجلس في دار تسمى بدار المظالم  برصافة بغداد، وتنظر في الشكاوى التي يكتبها الناس وتقضي بينهم، وكان يجلس في مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان. توفيت سنة ٣١٨ هجرية.[9]

      وفي مجال الحسبة ذكر العلماء أن من بين النساء اللواتي تولين هذا المنصب، السيدة سمراء بنت نهيك، وقد أخرج الطبراني في المعجم الكبير عن يحيى بن أبي سليم، قال: رأيت سمراء بنت نهيك-وكانت قد أدركت النبي صلى الله عليه وسلم- عليها درع غليظ، وخمار غليظ، بيدها سوط؛ تؤدب الناس وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.[10]

      أما بخصوص تولي النساء مقاليد الحكم فقد سجل التاريخ الإسلامي بعض النماذج نذكر منها على سبيل المثال:

–  شجرة الدر: ملكة مصر والشام، وهي من أشهر الملكات في الإسلام تولت الحكم بعد وفاة زوجها، وساست الرعية أحسن سياسة، فرضي الناس عن حكمها، وكان أول عمل اهتمت به هو تصفية الوجود الصليبي في البلاد الإسلامية، وإدارة مفاوضات معه انتهت بالاتفاق مع الملك لويس التاسع الذي كان أسيرا بالمنصورة على تسليم دمياط وإخلاء سبيله وسبيل من معه من كبار الأسرى مقابل فدية كبيرة قدرها ثمانمائة ألف دينار. [11]

 –  رضية الدنيا والدين: سلطانة الهند، تولت السلطة في دلهي عام أربعة وثلاثين وستمائة للهجرة بعد وفاة والدها، وقد أبى الأمراء في أول الأمر أن يقسموا لها يمين الطاعة، ولكنها بحزمها وحسن تدبيرها تمكنت من إخضاع البلاد كلها لسلطانها، ومن ثم عملت على تحسين حالة البلاد العامة، فبثت العلوم ونشرت الصنائع. [12] وكان أول قرار ملكي أصدرته السلطانة رضية هو سك النقود باسمها واختيار لقب لها وهو رضية الدنيا والدين.

     باختصار أقول: إن اختياري لهذا الموضوع التاريخي المهم، جاء نتيجة لعدة اعتبارات منها ما لاحظناه من غياب شبه تام لهذه المكتسبات التاريخية المهمة  على مستوى الخطاب الحداثي المعاصر، الذي يتعامل بمنطق الانتقائية في التعاطي مع التراث الإسلامي، في محاولة لتضليل الرأي العام، وإثبات عكس ما هو ثابت تاريخيا مما ذكرناه ومما لم نذكره من الحقائق التي لا يمكن إنكارها تحت أي طائلة، وقد سعينا في حدود المستطاع إلى تفنيد بعض المزاعم المتعلقة بقضية المرأة، وما يروج له أصحاب هذا الاتجاه من كون التراث الإسلامي سلب المرأة حقها في  ممارسة حريتها الفكرية والإبداعية، وفي مشاركتها في تدبير الشأن العام، وذلك من خلال عرض نماذج من إسهامات المرأة المسلمة في مختلف الحقول ، وعبر مختلف المراحل التاريخية، ولعل في ذلك أيضا إنعاش للذاكرة الجمعية التي عدت عليها عوادي الزمن فلم تعد تهتم كثيرا بالرصيد الثقافي المتميز لهذه الأمة، وبمقوماتها الحضارية التي جعلت منها خير أمة أخرجت للناس.

 الهوامش

 سير أعلام النبلاء (2/304)

  1. أسد الغابة في معرفة الصحابة(5/592)
  2. صحيح مسلم (4/1795)
  3. ميزان الاعتدال في نقد الرجال للإمام الذهبي ( ٧/465(
  4. لسان الميزان للحافظ بن حجر العسقلاني (7/522)
  5. معجم أعلام النساء ألتونجي محمد ص 84
  6. المؤلفات من النساء ومؤلفاتهن في التاريخ الإسلامي ص74-76 ط 2
  7. إنباه الرواة على أنباه النحاة (4/147)
  8. البداية والنهاية (11/129)
  9. المعجم الكبير (23/211)
  10. المرأة في الحضارة الإسلامية ص58
  11. أعلام النساء في عالمي العرب والإسلام(1/448)

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M