إصلاح التعليم بالمغرب بين القانون الإطار والنموذج التنموي والبرنامج الحكومي

03 ديسمبر 2021 15:01

هوية بريس – ذ- محمد احساين

بدعوة من حركة التوحيد والإصلاح شارك كل من محمد احساين ومحمد بولوز ومحمد عزيز القصطالي في ندوة تربوية نظمتها لجنة التعليم بالمكتب التنفيذي للحركة حول إصلاح منظومة التعليم ببلدنا انطلاقا من مجموعة من المشاريع منها : القانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين والتقرير العام للنموذج التنموي الجديد والبرنامج الحكومي وإجراءاته التنفيذية وكانت مداخلات الإخوة أعضاء المكتب الوطني كالتالي:

مداخلة ذ محمد احساين ( مفتش تربوي متقاعد)

موضوع الندوة يكتسي أهميته وراهنيته، نظرا لما يعرفه المجتمع المغربي من جدل ونقاش حول :

– تنزيل مشاريع الإصلاح التعليمي،وما يعلق بمنظومتنا التربوية من اختلالات مزمنة، وما تشهده من إخفاقات؛ مما يطرح ضرورة تجديد مرجعيتها المؤطرة، وضمان حسن تنزيلها، وقد حاول التقرير العام للنموذج التنموي تشخيص تلك الإخفاقات، مقترحا بعض الإجراءات الضرورية لنهضة تربوية مغربية. مسترشدا في ذلك:

– بالرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015-2030، والتي أكدت من جديد على مجموعة من الصعوبات العالقة بوظائف المدرسة المغربية، خاصة على مستوى القيم. إلا أنها بدورها غيبت أو تغافلت آليات تنزيل مدخل التربية على القيم،

– القانون الإطار الذي حدد المبادئ والأهداف الأساسية لاستراتيجية إصلاح منظومة التربية والتعليم في إطار تعاقد وطني قيمي يلزم الجميع ينبني على:

– تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص،

– الارتقاء بالفرد والمجتمع، وتأهيل الرأسمال البشري

– إرساء مدرسة جديدة مفتوحة أمام الجميع، ومع المطالبة بصياغة نموذج تنموي جديد للبلاد، كان لزاما أن يأخذ بعين الاعتبار واقع المدرسة المغربية، وما تطرحه كل من الرؤية الاستراتيجية والقانون الإطار من اقتراحات.

– النموذج التنموي الجديد ينطلق من المكانة المركزية التي يحتلها إصلاح قطاع التعليم حيث :

– يحاول تحديد خصائص التوجهات الكبرى التي تحكم أهداف التنمية في بلادنا،

– يبرز مجموعة من الإشكاليات التي تعيق تنميتها،

– يعمل على استكمال الأوراش التنموية التي تم اطلاقها،

– يطمح إلـى إحداث نهضـة حقيقية للمنظومـة التربويـة لتحسـين جـودة التعليـم من خلال :

– يعمل على إعادة النظر في المقاربة المتبعة بميادين التربية والتكوين

– يطمح إلى معالجة الأزمة الثلاثية للمنظومة التعليمية :

– أزمـة جـودة التعلمـات،

– أزمـة الاتجاه العام إزاء المؤسسـة التربويـة وهيئتهـا التعليميـة؛

– أزمـة مكانــة المدرســة في دورهــا فــي الارتقــاء الاجتماعــي وتشــجيع تكافــؤ الفــرص

– إيلاء الأهميـة الكبـرى لتثميـن هيئـة التدريـس والارتقـاء بمسـتوى كفاءاتهـا

– إجراء تغيير عميق في مهن التدريس

– توفيـر المزيـد مـن إمكانيـات الترقـي والتطـور فـي الأجـرة المشـروطة حصريـا بالنتائـج.

والجمعية المغربية لأساتذة التربية الإسلامية باعتبارها جمعية مهنية تربوية، تقدم نفسها جزءا من الإصلاح من خلال رسالتها الاستراتيجية التي تتلخص في:

– الترافع عن مادة التربية الإسلامية من أجل تثبيتها في منظومتنا التعليمية، وتحسين موقها بما يتلاءم ودورها القيمي وتحصين الثوابت الدينية والوطنية لبلدنا.

– تعتبر أن من مميزات تقرير النموذج التنموي الجديد في حديثه عن المسألة التعليمية تخصيصه الحديث والاقتراح بخصوص مادة التربية الإسلامية؛ حيث يوصي التقرير ب :

– إغناء التربية الإسلامية في المدرسة

– التأكيد على مرجعيتنا الدينية والروحية لتعزيز القيم الإيجابية الكونية والمواطنة.

– تعزيز قبول التلاميذ للتربية الإسلامية والاهتمام بها،

– تفضيل الأساليب البيداغوجية التحفيزية….( التقريرالعام للجنة الخاصة بالنموذج التنموي ابريل 2021 – ص: 96 ).

وإذا كان التقرير تم فيه التركيز على الجانب الهوياتي للمتعلم والمواطن المغربي، فإننا:

– نشعر بنوع من الضبابية في صياغة تركيبة ” التربية الإسلامية والمدنية ”

– نعتبرها صياغة ملغومة تحتمل أكثر من تأويل،

– قد تخرجها عن سياقها الهوياتي أثناء التنزيل والتفعيل

– ستعيد فتح نقاش جديد حول مصدرها وأصالتها وعلاقتها بما هو خصوصي وكوني …

– ثم هناك عبارة إغناء التربية الإسلامية، بماذا؟ وكيف؟ ومن سيتولى مهمة الإغناء؟ وهنا يطرح مشكل مراجعة منهاج المادة الذي عرف تراجعا عما عرفته المادة من مكتسبات تربوية وبيداغوجية،

– غموض في قضية الاستناد على المرجعية الدينية لتعزيز القيم الكونية التي تحتاج بدورها الى ضبط وتحديد وتوصيف في مصفوفة جامعة مانعة، توحد المهتمين بالتربية على القيم في المناهج والبرامج الدراسية وإنتاج الكتب المدرسية.

إن ما لوحظ على المشاريع التعليمية السابقة أساسا، وما جاء به البرنامج الحكومي من نوايا وما يقدمه من وعود :

– رفعها سقف الإصلاح مع غياب الإمكانيات المادية والبشرية والإجراءات التنفيذية؛ مع غياب الحكامة بإعمال مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة؛ مما يطرح على النموذج التنموي الجديد أكثر من تساؤل :

– ما هي الإجراءات الميدانية للارتقـاء بمسـتوى كفاءات المدرسين وتأطيرهـم وفـق معاييـر مهنيـة صارمـة كما جاء في التقرير؟

– كيف يمكن جعـل مهنـة ووضعيـة المـدرس أكثـر جاذبيـة، قصـد اسـتقطاب الطلبـة المتفوقيـن، في الوقت الذي يعج الميدان بنوع من مقاومة التغيير والشعور بالتذمر نتيجة ظروف العمل؟ وإلى أي مدى يمكن لشروط الانتقاء التي جاءت بها مباراة توظيف أطر الأكاديميات للموسم 2021- 2022 أن تمكن المدرسة المغربية من الأستاذ الكفء؟

– هل يكتفى بحــث المدرســين الممارســين علــى تحســين أدائهم أم الأمر يحتاج حوافز؟

– هل فعلا هناك إجراءات عملية لتوفيـر إمكانيـات الترقـي والتطـور فـي أجـرة المدرسين؟ وكيف يمكن جعلها مشروطة حصريـا بالنتائـج ؟
إن إشكالية النموذج التنموي الجديد وما جاء في كل من القانون الإطار والبرنامج الحكومي تكمن في التنزيل الميداني لها، والقدرة على إقناع الفاعل الميداني في الانخراط الإيجابي لإنجاحه. وهذا يقتضي:

– التساؤل عن مسار ومآل المشاريع التربوية السابقة، وهل حققت أهدافها وغاياتها، أم فشلت أو أفشلت؟ وهذا يتطلب إجراء تقويم موضوعي يمكن من الحكم عليها بالفشل أو الإفشال.

– النموذج التنموي المنشود للمغرب البلد المسلم واجب عليه مراعاة الهوية الوطنية والدينية للبلد من خلال تفعيل قيم العقيدة الإسلامية، والتشبث بروح المواطنة والوطنية وخصوصية وثوابت البلد، ومراقبة تنزيلها على مستوى كل المناهج الدراسية ووسائل التواصل…

– إرساء المبادئ الدستورية و إقرار ربط المسؤولية بالمحاسبة لإعادة الثقة بين المؤسسات ومختلف مكونات المجتمع المغربي.

– إرسال إشارات إيجابية لحفز الفاعلين الميدانيين للانخراط الإيجابي في أي مشروع لإعادة الثقة في المدرسة المغربية.

– إعطاء المصداقية لقرارات وتقارير لجن تتبع والاستقصاء والافتحاص في منظومة التربية والتكوين من أجل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
– إعادة المصداقية للمؤسسة العمومية وصيانتها من كل أشكال الخوصصة.

– إعادة النظر في القوانين المنظمة للقطاع الخاص، لمراقبة وضبط الاختلالات التي يعرفها في علاقته بما هو تربوي واجتماعي ووطني…
المؤسف أننا بدأنا نلاحظ تنزيل بعض الإجراءات، ونسمع بعض التصريحات تتجاوز ما نقرأه في القانون الإطار مثل خدعة التناوب اللغوي التي شرعت لتعميم الفرنسية، كما أننا أمام مباراة توظيف 17 ألف رجل تربية وتعليم، في غياب المرجعيات والدلائل المحددة لمؤهلات كفايات رجل التعليم المنتظر.

مرة أخرى شكرا على مجهوداتكم ، وفقنا الله وإياكم لما فيه خير بلدنا بمنظومته التربوية والصحية والاجتماعية والاقتصادية … وبالله التوفيق

مداخلة د.بلوز (أستاذ مكون بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الخص مداخلتي في هذا اليوم الدراسي حول القانون الاطار والنموذج التنموي والتصريح الحكومي حول المسالة التعليمية في النقط الآتية:

– العمل الفعال والمندمج بين مختلف الفاعلين التربويين والمجتمع المدني من أجل الالتزام بالقانون الإطار حقيقة لا شكلا، وفي شموليته وليس عن طريق الانتقاء، وإبعاد الأمور الجوهرية فيه. والعمل على حسن تنزيله، وتصحيح ما يجب تصحيحه، انسجاما مع الرؤية الاستراتيجية، وخصوصا في المسألة اللغوية، والعودة لطرح أمر تدريس بعض المجزوءات والمضامين بلغة أجنبية وليس بعض المواد بقوة، لأن هناك فرقا جوهريا بين المواد والمجزوءات، ويحتكم في هذا للمجلس الأعلى للتعليم لتصحيح الوضع.

– العمل على تتبع أمر القيم في المدرسة المغربية. فهناك انسلاخ متسارع ومستمر منها، ونحن بحاجة في كل هذا إلى عمل نضالي في الميدان، من خلال بيانات وبلاغات وتنديد… حتى ووقفات إن اقتضى الأمر، وتعبئة مختلف المعنيين، وقبل هذا نحن بحاجة إلى عمل علمي دؤوب وهادئ يتتبع مختلف المستويات ومختلف المواد؛ بما يجب معه تجنيد مختلف الطاقات التربوية والتعليمية في ربوع الوطن.
بخصوص التكوين في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين:

– العمل على أن تصبح هذه المراكز مؤسسات للتعليم العالي تابعة للجامعة حقيقة وليس شكلا، بحيث يتطور فيها التكوين والبحث العلمي التربوي، وتمنح بدورها شهادات الماستر والدكتوراة ؛ لما أصبحت تزخربه من أطر عليا، وباحثين أكفاء،

– العمل في مجال التكوين على استثمار الموسم الدراسي التكويني كاملا من شتنبر إلى يوليوز بالاستقبال المبكر للمتدربين، وليس كما هو الحال الآن حيث لا نشرع في العمل إلا أواخر دجنبر وبداية يناير؛ حيث لا يتلقى المتدربون سوى مقدمات في ما يجب تناوله، وكذا ضعف شديد في التكوين العملي؛ حيث لا يتم إرسالهم للميدان إلا في خريف الموسم الدراسي، وتكون الاستفادة ضعيفة جدا أو منعدمة. ولهذا لابد من الرجوع لمنهج التكوين بطريقة (عملي-نظري-عملي).

– لا بد من ارتباط التكوين بواقع المدرسة المغربية في الميدان، تقليصا للهوة بين التكوين وما سيصادفه الأستاذ في ساحة الفعل والفصل الدراسي والمؤسسة المستقبلة، والارتباط أكثر بالبرامج المقررة والمناهج تخطيطا وتدبيرا وتقويما، وتكوينا أساسا وبحثا تربويا، وفقها عميقا وواقعيا بالمتعلم المغربي في مختلف جهات التكوين باستحضار الخصوصيات المحلية أيضا.

مداخلة الأخ محمد عزيز القصطالي (أستاذ مادة التربية الإسلامية)

اصلاح التعليم بالمغرب:

إلى أين نسير؟ ماذا تحقق ؟ وما هي الآمال المنتظر تحقيقها؟

خضع التعليم بالمغرب لعدة إصلاحات ولكن مع الأسف الشديد كلها باءت بالفشل وانتقلت من انتكاسة إلى انتكاسة، ولا أدل على ذلك التصنيف الذي أل إليه ، حيث احتل الرتبة101 علميا، وبالتالي فالتعليم يعيش أزمة واختلالات كبرى ويرجع ذلك في اعتقادنا للأسباب التالية:

– الصراع الثنائي بين الحداثيين والمحافظين ،بين أنصار اللغة العربية والفرانكفونيين ،بين أنصار المدرسة العمومية ولوبي المدارس الخصوصية …

– عدم وضوح الرؤية من نحن ؟ ماذا نريد؟ كيف نصل إلى ما نريد؟

– الضغوطات الخارجية

– العجز عن تفعيل وتحويل النظري إلى تطبيقي

– أزمة وضع الرجل المناسب في المكان المناسب

– تغليب المعرفة والمحتوى على المهارات والكفايات والكمي على الكيفي

– إشكالية الموارد البشرية والتكوينات وغياب الكفاءات

وهنا نطرح السؤال التالي : هل تعليمنا يساير العصر الذي نعيشه ؟ وهل نعد أجيالنا لمواجهة المستقبل بكل تحدياته ومشاكله؟
وماذا بعد؟ ما هو السبيل لزرع الأمل من أجل غد مشرق وإرساء تعليم فعال؟

على الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني أن تساهم في هذا الورش الكبير والذي يهم الشعب المغربي بكل أطيافه ومكوناته للالتفاف حول القضايا المشتركة التي تجمعنا ونبذ الخلافات التي تفرقنا ،لذا نوصي بما يلي:

– على جمعيات المجتمع المدني تكتيف الجهود للضغط على الجهات المعنية بمسألة التعليم للمشاركة في الإصلاح.

– إصدار مذكرات ترافعية تدعو إلى تفعيل ماورد في الرؤية الاستراتيجية وقانون الإطار.

– التركيز على إقامة دورات تكوينية للرفع من قدرات وكفاءة الأطر التربوية وتجويد التدريس.

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M