إنما الأعمال بالنيات

01 ديسمبر 2018 21:55
أمور ينبغي مراعتها عند التعامل بالذهب والفضة

هوية بريس – ذ. قاسم اكحيلات

هذا الحديث يستدل به كل من وقع في معصية، بل يحاول البعض إباحة ما حرم الله بعلة “إنما الأعمال بالنيات”. كمن تعمل في جمعية خيرية مختلطة، وإذا نبهتها احتجت أن نيتها طيبة، أو من ينشد بالموسيقى بنية أن يصرف الناس عن الغناء!. أو كالذي يغتاب إنسانا مراعاة لقلب غيره بنية تطييب خاطره، أو يطعم فقيرا من مال غيره بنية الصدقة، أو يبني مدرسة أو مسجدا أو رباطا بمال حرام بينة الصدقة الجارية.. فهذا كله جهل، والنية لا تؤثر في إخراجه عن كونه ظلما وعدوانا ومعصية، بل قصده الخير بالشر على خلاف مقتضى الشرع، شر آخر، فإن عرفه فهو معاند للشرع، وإن جهله فهو عاص بجهله؛ إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم”.(راجع: إحياء علوم الدين الغزالي..368/4).

وحقيقة هذا يدخل في قول ربنا:{قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا.الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}. وكذا قوله جل شانه:{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام}.

فالحديث إنما هو فصل في بيان الأعمال الشرعية التكليفية وبين غيرها، ولا علاقة له بحكم الاعمال، فحكمها يؤخذ من الادلة الشرعية الاخرى.

وخذ أربعة وقعوا على أمهاتهم، فأحدهم مجنون، والثاني ظنها زوجته، والثالث يعلم أنها أمه ولكن غلبته الشهوة، والرابع يعلم أنها أمه وقصد برها ورضاها تقربا إلى الله تعالى في زعمه :

فالأول ليس له قصد معتد به شرعا، فلم يوجد منه عمل شرعي تكليفي أصلا.
والثاني إنما نوى الوقوع على زوجته، فالعمل الشرعي التكليفي الذي وجد منه هو الوقوع على زوجته.
والثالث نوى الوقوع على أمه شهوة فالعمل الشرعي الذي وجد منه هو الزنا بأمه.
والرابع نوى الوقوع على أمه تقربا إلى الله تعالى في زعمه، فالعمل الذي وجد منه هو الزنا بأمه تقربا إلى الله تعالى في زعمه.

ولو كان المعنى ما توهمه القوم لكان عمل الرابع يكون قربة يرجى لصاحبه الثواب. وذلك قريب مما توهمه المشركون فيما حكى الله تعالى عنهم من قولهم: {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى}.

والحاصل أن من نوى التقرب إلى الله تعالى بعمل لا بد من النظر في الأدلة الشرعية، فإذا دلت على أن ذلك العمل بذلك القصد قربة فهو قربة، وإذا دلت على أنه ليس بقربة ففعله له بنية التقرب وبال عليه؛ لما فيه من الكذب على الله تعالى والتكذيب بآياته وغير ذلك.(راجع:رفع الاشتباه.المعلمي.326/2).

ثم ألم تر أن النبي صلى الله عليه وسلم :”نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغرب”.(البخاري.581.مسلم.826). وقال:”إنها تغرب بين قرني شيطان، وحينئذ يسجد لها الكفار”.(مسلم.832). والمصلي لا ينوي ذلك، إذ لو قصده كفر، لكن نفس الموافقة والمشاركة لهم في ذلك حرام. (أنظر:تشبيه الخسيس.بأهل الخميس.الذهبي.ص:16).

وهذا سبب الشر في يومنا، فكثيرا ما يعلم الانسان من نفسع الصدق والتجرد ويظنه كافيا في أصابة الحق ويتكئ على ذلك، فينشغل بتتبع مطامع نفسه وهواها ويغلق المؤثرات حتى لا تؤثر في حكمه، فيحجبه هذا الانشغال عن تمحيص الحقائق التي يقررها والتحري فيها وعن ملاحظة سلامتها من الدخل، ويظن أنه معذور، وأن مخاصمته ومحاججته تعنت وتشدد وبغي عليه لانه مخلص متجرد.”.(راجع : العقلية الليبيرالية.الطريفي.ص:49/50).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M