إهداء للكاتبين باللغة العربية بمناسبة يومها العالمي

17 ديسمبر 2019 22:04
إهداء للكاتبين باللغة العربية بمناسبة يومها العالمي

هوية بريس – د.عبد الرزاق مرزوك

وهو عبارة عن نص عربي فريد تليد، استللته من عِلْق أندلسي مجيد عتيد، أخلصَه صاحبه فصاحة ورجاحة، وخلله من صنائع رادة العربية بما يدهش براعة وإبداعا.
وهو الإمام العلامة النحوي العبقري: أبو بكر محمد بن الحسن الزَّبِيدي الإشبيلي، المتوفى سنة 379هج.
أما كتابه الذي استللت منه النص المُهدى، فهو (الواضح) في علم النحو.

وأما سياق النص خلال أبواب الكتاب؛ فقد جعله المؤلف رحمه الله بابا فرعا تحت فصل (العدد)، حيث ترجمه بقوله: (بَابٌ مِنْهُ آخَرُ: وَهُوَ بَابُ التَّارِيخِ).

وفي هذه الترجمة البديعة الزاهية من رائع الإبداع وباذخ الاختراع:
– إطلاق مصطلح (التاريخ) على بعض ما يتعلق بعلم (النحو) من المباحث ذات الصلة بمعناه، وهي صلة خفية لا يبصرها كل ناظر في علم النحو، ولم يقع تمييزها للمؤلفين فيه؛ فيفردونها على هذا النحو بترجمة مستقلة المبحث والدلالة.
– اعتبار حاجة الكاتبين إلى ما يختص -من (باب العدد)- بأدب الكاتب المتعلق بتأريخ الكتابة والتأليف، وأن له في الثقافة العربية الإسلامية نمطا فريدا اختصت به ملة الإسلام، وصار لمنهج التدوين لديها منار ارتقاء يميز تاريخه وحضارته.
وليس العجب في صنيع الإمام أبي بكر الإشبيلي من اعتباره لكل هذا، ولكن العجب من روعة فطنته كيف هدته إلى استخراج مضمره من علم لا تدل عليه ظواهر مباحثه، وعقد ترجمة خاصة به.
– الإشارة إلى أن الكتابة والتأليف من أحسن ما تستثمر به معرفة علم النحو، فكأن الذي يتعلم النحو ثم لا يكتب ولا يؤلف كمن تملك أرضا ذات خصوبة ونداوة لا يستصلحها ولا يستغرسها.

ثم قال الإمام أبو بكر الإشبيلي رحمه الله:
(إِذَا كَتَبْتَ كِتَاباً، أَوْ فَعَلْتَ شَيْئاً وَأَرَدتَّ أَن تُوَرِّخَهُ عَلَى لَيَالِي الشَّهْرِ، فَإِن كَانَ ذَلِكَ فِي اَوَّلِ لَيْلَةٍ قُلْتَ: كَتَبْتُ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِن شَهْرِ كَذَا: نَصَبْتَ أَوَّلَ عَلَى الظَّرْفِ، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: مُهَلَّ شَهْرِ كَذَا.
وَإِنْ مَضَتْ لِلشَّهْرِ لَيْلَةٌ قُلْتَ: كَتَبْتُ أَوَّلَ شَهْرِ كَذَا، وَإِنْ شِئْتَ قُلْتَ: غُرَّةَ شَهْرِ كَذَا: نَصَبْتَ مُهَلَّ وَ غُرَّةَ وَ أَوَّلَ عَلَى الظَّرْفِ.

فَإِذَا مَضَى ذَلِكَ النَّهَارُ قُلْتَ: كَتَبْتُ لِلَيْلَةٍ خَلَتْ مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَلِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَلِثَلاثٍ خَلَوْنَ مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَلِسِتٍّ خَلَوْنَ إِلَى العَشْرِ: تَحْذِفُ الهَاءَ مِنَ العَدَدِ، لِأَنَّكَ تَعْنِي اللَّيَالِي، وَبِهِنَّ تُوَرِّخُ، لِأَنَّ اللَّيْلَةَ أَوَّلُ الشَّهْرِ.

فَإِنْ جَاوَزْتَ العَشْرَ قُلْتَ: كَتَبْتُ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ، وَلِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ.

ثُمَّ تَقُولُ: كَتَبْتُ لِلنِّصْفِ مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَذَلِكَ إِذَا مَضَتْ خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً مِنَ الشَّهْرِ.

ثُمَّ تَكْتُبُ بَعْدَ ذَلِكَ: كَتَبْتُ لِأَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَلِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ.

ثُمَّ تَكْتُبُ: لِعَشْرٍ بَقِينَ، وَلِخَمْسٍ بَقِينَ، وَلِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا، وَلِلَيْلَةٍ بَقِيَتْ.

فَإِذَا بَقِيَ يَوْمٌ مِنَ الشَّهْرِ قُلْتَ: كَتَبْتُ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ كَذَا، وَكَتَبْتُ مُنْسَلَخَ شَهْرِ كَذَا: تَنْصِبُ آخِرَ وَ مُنْسَلَخَ عَلَى الظَّرْفِ، فَافْهَمْ).

انتهى كما استللته ونسخته من نسخة خطية أندلسية مليحة للكتاب.

وقد طبع ونشر بتحقيق الدكتور عبد الكريم خليفة، وهو متاح للتحميل على الشبكة لمن أراد الاستزادة.

#اليوم_العالمي_للغة_العربية

———————————————-
قيده عبد الرزاق مرزوق لتسع بقين من شهر ربيع الآخر، عام 1441هج/2019/12/17م.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M