استفزاز خطير وخرق سافر للقانون.. تنظيم مهرجان ضخم لشُرب البيرة ببوسكورة!

21 يوليو 2022 20:43

هوية بريس – علي حنين

في استفزاز خطير لمشاعر المغاربة – الذين تدين الغالبية المطلقة منهم بالإسلام – وفي خرق سافر للقانون، تستعد منطقة بوسكورة بالدار البيضاء، لاحتضان مهرجان ضخم لـ”تذوق البيرة”.



المهرجان تنظمه غرفة الاقتصاد والصناعة الألمانية بالمغرب، وذلك يوم 28 أكتوبر المقبل.

الغرفة الألمانية أعلنت عن تنظيمها للمهرجان في نسخته الأولى بالمغرب، من خلال منشور على صفحتها الرسمية بفيسبوك، مشيرة إلى أنها وفرت مساحة تتسع لـ300 شخص ببسكورة، داعية الراغبين في المشاركة إلى اقتناء التذاكر، فضلا عن نشرها باقات عروض إشهارية للراغبين في دعم المهرجان.

جدير بالذكر أن السلطات المغربية سبق لها أن منعت في 05 أكتوبر 2015 محاولة لتنظيم النسخة الأولى من هذا المهرجان، والذي قوبل في حينها بموجة استنكار واسعة.

وكانت ولاية جهة الدار البيضاء الكبرى قد أفادت، في بيان توضيحي لها في ذلك الحين، بأن مصالحها قامت بالاتصال بالشركة المعنية، للتوقيف الفوري للحملة الدعائية للمهرجان، وسحب كافة الإعلانات الإشهارية المرتبطة بها، والامتناع عن تنظيم أي مهرجان من هذا النوع”، مبررة قرارها بـ” عدم احترام الجهات المنظمة للضوابط والمساطر القانونية الجاري بها العمل في هذا المجال”.

ويبقى السؤال الملح هنا حول من الذي أعطى الضوء الأخضر لهذه الغرفة الألمانية للعودة لتنظيم هذا المهرجان المستفز رغم أن القانون الذي بموجبه منع تنظيمه سنة 2015 هو نفسه المعمول به سنة 2022؟!!

الخمر في المغرب بين الشرع والقانون وواقع الحال

من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة، أن الخمر محرمة صناعة، وبيعا وشراء، وترويجا، ومعاقرة.

 قال الله تعالى قال:“ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ“.

وقال العلامة المالكي السمح المعتدل أبو عبد الله القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن 6/269: “(فَاجْتَنِبُوهُ): يريد أبعدوه واجعلوه ناحية، فأمر الله تعالى باجتناب هذه الأمور، واقترنت بصيغة الأمر مع نصوص الأحاديث وإجماع الأمة، فحصل الاجتناب في جهة التحريم، فبهذا حرمت الخمر، ولا خلاف بين علماء المسلمين أن سورة المائدة نزلت بتحريم الخمر وهي مدنية من آخر ما نزل”.

كما “ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرة؛ عاصرها ومعتصرها، وبائعها ومبتاعها، والمبتاع له، وشاربها وساقيها، وحاملها، والمحمولة إلية، وشاهدها“. (صحيح سنن الترمذي). فكل من له صلة بالترويج لهذا المشروب الخبيث داخل في هذا الوعيد.

وأخبر صلى الله عليه وسلم أن أقواما سيسمون الخمر بغير اسمها فقال صلى الله عليه وسلم: “ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها” رواه أبو داود وابن ماجة وصححه الألباني.

كما أخبرنا صلى الله عليه وسلم أن: “من أشراط الساعة أن يرفع العلم؛ ويثبت الجهل؛ ويشرب الخمر؛ ويظهر الزنا” البخاري ومسلم.

والقانون المغربي، كذلك يمنع بيع الخمور (المشروبات الكحولية) للمغاربة المسلمين، ويمنع أيضا إشهارها، لكن واقع الحال يكشف أن هذا المنع يبق مجرد حبر على ورق، ينذر جدا أن يجد طريق نحو التطبيق والتنفيذ على أرض الواقع. ففضلا عن استهلاكها الواسع من طرف مواطنين مغاربة مسلمين جهارا نهارا بلا حسيب ولا رقيب، تشكل جزءا من الإيرادات الرسمية المهمة للدولة المغربية؛ فقد سجلت إيرادات الرسوم المفروضة على استهلاك الخمور بالمغرب، خلال السنة الماضية، ارتفاعا كبيرا بشكل فاق التوقعات الرسمية المتضمنة في قانون مالية 2021.

وحسب تقرير تنفيذ قانون مالية السنة الماضية، فإن إيرادات الرسم المفروض على الخمور والكحول قد بلغت حوالي 810 ملايين درهم مقابل الـ651 مليون درهم المتوقعة.

وجاء في التقرير، الصادر عن وزارة الاقتصاد والمالية، أن إيرادات الرسم المفروض على أنواع الجعة ناهزت 1 مليار درهم في 2021 في وقت كانت الحكومة تتوقع 800 مليون درهم.

معلومة تاريخية حول الخمر في المغرب

للعلم فإن الدولة المغربية اليوم هي أكبر مالك لحقول الكروم بما يقارب 12.000 هكتار؛ في حين تؤكد الوقائع التاريخية أن صناعة الخمور بالمغرب – والتي سبقت بعشرات القرون وصول الأجانب إلى البلاد – لم يكن يرخص ببيعها وشربها إلا لليهود والنصارى، إلا أن الاحتلال أسهم بصورة رئيسة في التمكين لتجارة الخمور في المغرب.

فعندما استقر التجار الأجانب والدبلوماسيون ببعض الموانئ المغربية وخاصة طنجة والصويرة وآسفي، تمادوا في ترويج المشروبات الكحولية (الخمور) في وسط المغاربة، وكانوا يتجاوزون الكميات المسموح لهم باستيرادها لاستهلاكهم الشخصي بغية تحقيق هدفين اثنين: استقطاب المزيد من الجواسيس استعدادا لغزو البلاد عسكريا، وكسب أرباح مالية من بيع الخمور.

وكانت مختلف أنواع الخمور آنذاك تستورد من إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وانجلترا وأمريكا، وتعرض في الأسواق بثمن بخس، ولم يتجاوز ثمن زجاجة “البيرة” بسيطة واحدة، ومن حدود الموانئ بدأت الخمور تغزو المناطق الداخلية.

وبعد مرور عام على توقيع معاهدة الحماية شرعت شركة “كومباني ماروكان” الاستعمارية سنة 1913م في غرس العنب الخاص بإنتاج الخمور في ناحية القنيطرة.

وبلغ إنتاج الخمر سنة 1922م أكثر من أربعين ألف هيكتوليتر، وفي سنة 1934م وصل إلى ستمائة ألف هيكتوليتر. “le soir marocain. Casablanca 30-5-193“.

ورحم الله الزعيم الراحل علال الفاسي حين قال في كتابه “النقد الذاتي” (ص:314):“ لولا الأجنبي ما دخلت الخمور للبلاد، ولا تكونت معاصر وحانات تسهل الشرب على من أراد، وتفتح مجال القدوة للجميع”.

 

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M