التحالف الممنوع المباح الضروري

01 نوفمبر 2019 23:54
التليدي: تدوينة الرد على الدكتور عبد الصمد بلكبير والرميد (بخصوص بنكيران)

هوية بريس – بلال التليدي

قبل أسابيع تم رمي كرة ثلج جديدة في بركة السياسة الراكدة، تحاول الإقناع بإمكانية أن يلعب اليسار بعد توحيده دورا ما في ترتيب سيناريوهات السياسة.
بعد تفجر الصراع داخل الأصالة والمعاصرة، كتب مالك الأحداث المغربية، يبشر بإمكانية أن تتجدد دورة السياسة بهذا الفاعل الجديد الذي يتمخض في أحشاء الممكن، لكنه، هو وغيره، أبدا لم يطرحوا أفكارا عملية تنقل “المثال” إلى “الواقع”. فالشيء الوحيد الذي تم رصده في هذا السياق، تصريحات كثيفة للقيادة الاتحادية عن المصالحة والعودة للبيت الكبير، دون أي وضوح عن آلية الحوار الداخلي ومنهجية تجميع القيادات النافرة.
ملاحظة تفيد بأن بعث هذه الفكرة، ينطلق من تقييم لا يرى في قيادة الاتحاد الحالية عائقا أمام تصالح العائلة الاتحادية واليسارية، بل ربما ينطلق من إمكانية إنجاز القيادة لهذه المهمة التاريخية!
على أية حال، فالذكرى الستون لتأسيس الاتحاد، أعطت إشارة إلى أن هذا التشخيص يفتقد لبعد النظر، فضلا عن أن أسباب موت الفكرة ربما هي في المقدمات. فاللقاء، بدل أن يبعث برسالة إيجابية بإمكان تحقق الفكرة ولو في الحد الرمزي، أكد استحالة قيامها في ظل قيادة تقوم شرعيتها على التحكم في التنظيم بدل إدارة مكوناته.
قبل فكرة “توحيد اليسار”، اندلع نقاش آخر داخل الأصالة والمعاصرة، مضمونه، أن الحزب لم ينته، وأنه بالإمكان أن يؤدي الوظيفة التي لأجلها خلق، وأن المشكلة ليست في الخط السياسي بقدر ما هي في تدبير القيادة التنظيمي والسياسي.
لكن الوقائع أكدت أن المشكلة لم تتوقف بإنهاء دور إلياس العماري، حيث أبان الصراع الذي تفجرت أبعاده الخطيرة أن المشكلة في بنية التنظيم، وبشكل خاص تشكل شبكات مصلحية في رحم الأداة التنظيمية الحزبية.
الذين يقذفون كرات الثلج، يدركون أن “الأحرار”، ورمزهم عزيز أخنوش، لا يمتلك أي جاذبية في السياسة، ولا يمكن أن يكون مقنعا، فضلا عن أن يوفر قاعدة مأمونة لسياسة تصمد أمام التحديات، ولذلك لا تفعل كرات الثلج هذه أكثر من تأكيد حالة فراغ الأفكار من طاولة السياسة.
على أية حال، فاستحاقات 2021 لا تزال بعيدة نسبيا، لكن بالقياس للأفكار التي تدار بها السياسة، ثمة حالة تأخر رهيبة تفسرها محاولات الإغراق في التجريبية.
حزب الاستقلال بقيادة نزار بركة لم يبرهن عن أية جاذبية، في حين لا تقدم إشارات التصالح الأخيرة داخل “البام” أي خيار في السياسة، سوى إعادة ترميم حزب فقد جاذبيته السياسية، أما فكرة “وحدة اليسار” وانبعاث دوره الحيوي، ففكرة ولدت ميتة، ما دامت الأعطاب الرئيسة تسكن في التشخيص والمقدمات.
الشيء الوحيد الذي نجحت فيه أفكار السياسة، هو إضعاف العدالة والتنمية باللعب على تناقضاته الداخلية، فاليوم يعيش هذا الحزب شرخا قياديا غير مسبوق امتد عموميا وأفقيا، وتأسس في وعي القواعد وتمثلاتهم. وما يتغنى به بعض القياديين من نجاح الحوار وخروج الحزب من الأزمة، مجرد تغطية على الواقع، ومحاولة صناعة رأي عام وهمي بالاستعانة هذه المرة بالمواعظ.
تركيب هذه الحالة، أن افكار السياسة وإن نجحت في الهدم، فلم تستطع تقديم أي تركيب للخروج من الورطة، لأن المشكلة قائمة بالأساس في فكرة الضبط والتحكم، وهي محكومة بمسارين اثنين: تفجير من يحاول مقاومة آلياتها ومنطقها، واستحالة أن يساهم الذي يقبل بشرطها بأي دور تركيبي.
دعونا من كرات الثلج المتدحرجة، فهي لا تقدم أي معطيات مطمئنة لبناء تصور للمستقبل، ولنلاحظ ما حدث في انتخابات رئاسة جهة الشمال، ففيه بعض الإشارة. فعلى الأقل، ثمة فكرة يتم العودة إليها، بعد أن قاومتها ابن كيران، وثمة تحول مفصلي في توجه القيادة الجديدة للعدالة والتنمية، يقوم على فكرة الشراكة والتوافق ونسيان الصراعات القديمة!، وثمة تقييم مقابل، يرى ليونة قيادة العدالة والتنمية وإمكان أن تساهم في بناء التقاء موضوعي بين حزبين تحدد مستقبل السياسة بالصراع بينهما على مدى عقد من الزمان.
لكن إلى أي حد يمكن الاستثمار في هذه الفكرة، وما ضمانات ألا تتحول إلى ورقة جدية لإعادة ترتيب الوضع الداخلي للعدالة والتنمية؟
هي الفكرة التي تختفي وراء كراث الثلج، فثمة من يرى أنها تضمن الصيغة المقبولة لوجود الإسلاميين في مربع الحكم، والتي ستنتهي لموتهم السريري دون المغامرة بإزاحتهم في لحظة الفراغ، لكن مخاطرها غير مضمونة، فقد يؤدي الانخراط فيها لعودة العدالة والتنمية للحظة ما بعد انتخابات 2007.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M