التعليم هوية غائبة وعام شر من عام

05 أكتوبر 2016 23:17
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – ذ. أحمد اللويزة

مع بداية كل دخول مدرسي جديد تتجدد معه المشاكل والعراقيل والعقبات والتحديات، والتي في الوقت التي ينتظر منها أن تقل إذا بها تزداد كما وكيفا، تتطور مع تطور الوقت رغم كل الجلبة المحدثة هنا وهناك من أجل هذا الورش المفتوح على كلمة الإصلاح، ولا إصلاح تحقق بعد عقود، ليس هناك إلا “رتوش” هنا وهناك وتغييرات في المظاهر دون الدخول إلى العمق. مما يقوي الشكوك حول إرادة الإصلاح الغائبة قصدا عن هذه الجلبة وهذا الغبار المتطاير.

في كل مرة أكتب عن التعليم وألح على أن أيقونة التغير تتجلى في مدى ارتباط إصلاحه بترسيخ الهوية وخدمتها من الروض إلى الجامعة، عبر برنامج متكامل تتولاه نخبة لها انتماء حقيقي للهوية والدين والوطن والشعب.

وهذه الفكرة تثبتها الوقائع التاريخية والمعاصرة، إذ لم تنجح دولة في بناء صرحها الحضاري، وتحقيق ريادتها إلا بتعليم قوي أهم ركائزه الهوية والانتماء.

للأسف فالذي نعيشه هذه الأيام والذي شغل بال الكثير من الآباء والأولياء والرأي العام الوطني والعالمي سواء تعلق الأمر بالمغرب أو غيره من دول العالم الإسلامي، هو هذه الحرقة في تغيير مناهج مادة التربية الإسلامية بما يزيد الطين بلة، والخرق اتساعا والمذلة هوانا واحتقارا. سعي حثيث نحو تجريد التعليم من كل ما يحافظ على  قيم الهوية والعقيدة والشريعة، وليس في هذه المادة فحسب، بل في مواد كثيرة، رغبة في إرضاء من لا يرضى عنا ومن لا يزيدنا إلا هوانا ونحن نقدم له التنازلات تلو التنازلات. في الوقت الذي يصرح فيه وزير التعليم بالكيان الصهيوني اليهودي “نفتالي بينيت” أن تعلّم اليهودية أكثر أهمية من دراسة الرياضيات والعلوم.

ويقول “يهيل مايكيل باينز” إن أي شعب آخر يمكن أن تكون لديه تطلعات وطنية منفصلة عن الدين، أما نحن اليهود  فإننا لا نستطيع ذلك..

هنا تظهر الصورة بجلاء، وعلى هذا التصور نجح التعليم عند المسيحيين والشيوعيين وحتى الذي يؤمنون بالخرافة كعقيدة للدولة والشعب.

وعليه سيبقى التعليم عندنا بركة عكرة تزيدها أيادي التنكر للهوية تعكرا وأسانة. وما يشهد الوضع التعليمي هذا العام ينذر بالكارثة والقادم يعلمه الله.

كيف لورش الغرض الأساس منه الحفاظ على هوية ضاربة في جذور التاريخ، ناطحت حضارات وأمما وصمدت لأنها كانت في صلب الاهتمام سياسيا وثقافيا واجتماعيا وعسكريا… أن يتولاه اليوم من لا يحسن جملة في لغته الحاملة للقيم وقد بلغ من الكبر عتيا، أو يكون في مجلسه الأعلى من يدعو إلى العامية في التدريس تنكرا للغة الحاضنة للهوية.

فمشكلة التعليم إذن واضحة المعالم لا تحتاج للتصريح، فهو يتعرض لخيانة عظمى حتى تبقى الأمة تحت وطأة الاستعمار الاستغلالي، وللحيلولة دون نهضة واعية من الشعوب المسلمة التي يراد لها أن تبقى في الحضيض، لا تفكر في رقي ولا مجد. ولأن المدرسة الواعية القائمة على الدين والهوية والقيم هي المدخل لإخراج الأمة من براثين التخلف والهوان والمذلة، ينبغي أن تبقى غارقة في المشاكل، وأن لا تجد من الوقت ما تعيد فيه ترتيب الأوضاع، وإصلاح ما يمكن إصلاحه.

لكن إلى متى سيظل الوضع على ما هو عليه؟ نفوض الأمر إلى الله أن يقيض لهذا الوطن من يخلص له في خدمته بما يتناسب مع دينه وقيمه وهويته. ويكون التعليم هو المنطلق لهذه العودة الميمونة ولا زلنا في الانتظار.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M