التفجيرات الانتحارية قتل للنفس والغير

23 مارس 2016 15:04
فيديو.. كلام محزن عن ما يتعرض له المسلمون من بطش على أيدي البوذيين

د. رشيد نافع

هوية بريس – الأربعاء 23 مارس 2016

قال علال الفاسي رحمه الله في كتابه “مقاصد الشريعة ومكارمها”: “والمقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض، وحفظ نظام التعايش فيها، واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها، وقيامهم بما كُلِّفوا به من عدل واستقامة ومِن صلاح في العقل، وإصلاح في الأرض، واستنباط لخيراتها وتدبير لمنافع الجميع، وإنما يكون ذلك بتحقيق المصالح، واجتناب المفاسد على حسب ما يتحقق به معنى المصلحة والمفسدة”.

وضعت الشريعة الإسلامية تدابير عديدة كفيلة بإذن الله بحفظ النفس من التلف والتعدي عليها، بل سدت الطرقَ المفضية إلى إزهاقها أو إتلافها أو الاعتداء عليها، فنفس الإنسان ليست ملكاً له، وإنما هي ملك لخالقها عز وجل. وهي أمانة عند صاحبها، سيسأل عنها يوم القيامة ولهذا فلا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه، ولا أن يفجرها في غيره، وألا يتصرف بشيء من أجزائها إلا بما يعود عليها بالمصلحة، أو يدرأ عنها المفسدة، وليس له أن يُضر بنفسه بحجة أنه يتصرف فيما يخصه، وأنه لم يعتد على غيره، فإن اعتداءه على نفسه كاعتدائه على غيره عند الله تعالى.

قال الله تعالى: “وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا رَحِيماً وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَاناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَاراً وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً“.

قال القرطبي رحمه الله:

“أجمع أهل التأويل على أن المراد بهذه الآية النهي أن يقتل بعض الناس بعضاً”.

والإلقاء: هو طرح الشيء، والمراد بالأيدي: الأنفس، عبر بالبعض عن الكل، بناء على أن أكثر أفعال النفس بالأيدي.

والتهلكة: مصدر من هلك يهلك هلاكاً وهُلْكاً وتهلكة، أي: لا توقعوا أنفسكم في الهلاك.

وجاءت السنة النبوية مؤكدةً لما في القرآن، ومنذرةً بالوعيد الشديد، والعذاب الأليم لمن قتل نفسه

ففي الصحيحين عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كان فيمن كان قبلكم رجل به جُرح، فجزع، فأخذ سكيناً، فحزّ بها يده، فما انقطع الدمُ حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرّمت عليه الجنة“.

وفي الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من قتل نفسه بحديدةٍ، فحديدته في يده يتوجّأُ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن شرب سمُاً، فقتل نفسه، فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ومن تردّى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا”.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: “الذي يخنق نفسه يخنقها في النار والذي يطعنها يطعنها في النار” رواه البخاري.

مع الأسف هذه نتائج مرة نحصدها كل يوم بسبب تصدر حدثاء الأسنان وسفهاء الأحلام وأشباههم للدعوة والشباب بلا علم ولا فقه، فاتخذ بعض الشباب منهم رؤوسا جُهالاً، فأفتوا بغير علم، وحكموا في الأمور بلا فقه وواجهوا الأحداث الجسام بلا تجربة ولا رأي ولا رجوع إلى أهل العلم والفقه والتجربة والرأي، بل كثير منهم يستنقص العلماء والمشايخ ولا يعرف لهم قدرهم، وإذا أفتى بعض المشايخ على غير هواه ومذهبه، أو بخلاف موقفه أخذ يلمزهم إما بالقصور أو التقصير، أو بالجبن أو المداهنة أو العمالة، أو بالسذاجة وقلة الوعي والإدراك! ونحو ذلك مما يحصل بإشاعته الفرقة والفساد العظيم وغرس الغل على العلماء والحط من قدرهم مما يعود على المسلمين بالضرر البالغ في دينهم ودنياهم، وهذا هو التعالم والغرور بعينه، وأعني بذلك أنه من أسباب ظهور الغلو والعنف في بعض فئات الأمة اليوم ادعاء العلم، في حين أنك تجد أحدهم لا يعرف بديهيات العلم الشرعي والأحكام وقواعد الدين، أو قد يكون عنده علم قليل بلا أصول ولا ضوابط ولا فقه ولا رأي سديد، ويظن أنه بعلمه القليل وفهمه السقيم قد حاز علوم الأولين والآخرين فيستقل بغروره عن العلماء، عن مواصلة طلب العلم فَيَهْلك بغروره وَيُهلك، ويفتي في سفك الدماء وإشاعة القتل، بل وقتل نفسه “الإنتحار”، وهكذا كان الخوارج الأولون يدَّعون العلم والاجتهاد ويتطاولون على العلماء، وهم من أجهل الناس.

فحديث السن في الغالب أقرب إلى الجهل والطيش، والتسرع وعدم الروية، وجنوح الفكر والتطرف في الرأي، من كبير السن، الذي عركته الحياة، وحنكته التجارب وأدرك أهمية النظر في المآلات والعواقب، ووصفهم صلى الله عليه وسلم بأنهم: “يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم“، وهذا أيضاً دليل على جهلهم وضعف بصيرتهم، فإنهم مع كثرة قراءتهم للقرآن لا يجاوز حناجرهم، فهم لا يعونه بعقولهم ولا يفقهون مواعظه ونُذره، ولا يعلمون أحكامه وحدوده، وقد بلغ من فرط جهلهم، وقلة توفيقهم أنهم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم.

وأقول لهؤلاء المتحمسين المُضلَّلين: إن للجهاد شروطا وأحكاما، ولا يفتي به إلا العلماء المحققون لا الجهال وأشباه العوام، وأحكام الجهاد من المسائل الحساسة التي لا يتكلم بها إلا أهل العلم المشهود لهم باتباع الكتاب والسنة على طريقة السلف الصالح، لذلك كان من أسباب ضلال هؤلاء هو تركهم لهؤلاء العلماء وتشبثهم بأسياد الضلال وأقطاب التفجير التكفير الذين يزينون لهم الانتحار بدعوى الاستشهاد، لذلك يجب على شباب الأمة الإسلامية الرجوع لأهل العلم وسؤالهم عما أشكل عليهم في دينهم وخاصة في مسائل الفتن، فإن الفتنة إذا أقبلت لا يعرفها إلا العلماء، أما الجهلاء فينغمسون فيها من غير دراية ولا روية. لذلك كان الحسن البصري -رحمه الله- يقول: “إن هذه الفتنة إذا أقبلت عرفها كلّ عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل“.

وفي الختام أسوق كلاما نفيسا للعلامة ابن عثيمين في معرض رده عن القائلين أن التفجيرات الانتحارية عمل مشروع وجائز: “القول بالجواز ليس مبنيًّا على أصل، إنما هو مبني على رأي فاسد في الواقع، لأنَّ النتيجة السيئة أضعاف أضعاف ما يحصل بهذا، ولا حجَّة لهم في قصَّة البراء بن مالك -رضي الله عنه- في غزوة اليمامة حيث أَمر أصحابه أن يُلْقُوه من وراء الجدار ليفتح لهم الباب، فإن قصة البراء ليس فيها هلاكٌ محقق ولهذا نجا وفتح الباب ودخل الناس، فليس فيها حُجَّة” (من “مجموع فتاوى ورسائل العثيمين” (25/ 358)).

بل قال رحمه الله في فتواه لمجلة “الدعوة” سنة “1418هجرية” حين سئل عن هذه المسألة: “رأيي في هذا أنه قاتل نفسه، وأنه سيعذَّب في جهنَّم بما قتل به نفسَه؛ كما صحَّ ذلك عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم”.

آخر اﻷخبار
11 تعليق
  1. كلام في محله
    لكن أين أنت من تعاون النصارى مع بشار وتجربة أسلحتهم في المسلمين السنة.
    ينبغي لمن يتصدر أن يكون مستقلا وإلا فالصمت الصمت.

  2. عن أي استقلال تتحدث و عن أي تفريق وانت كلامك يطوى على التمزيق تبحثون عن الاعتراض لأنكم تعيشون جملة من الأمراض مرض التشكيك مرض التنقيب مرض التنقيص مرض التبكيت مرض التشتيت اسال الله ان يذهب عنك يا مسيء في فعله واجنبي عن اسمه وسلمت لك الانامل والايادي يا بن نافع فمن غيرك يتكلم في زمن الصامتين ومن مثلك يصرح في زمن المجمجمين لكنها السفاهة والحماقة والعادة والبلادة تجرئ المراض على زمرة العقلاء الفصاح فامض لاتلتفت فالتاسيس منك زبره والتشويش علينا
    رده

  3. السﻻم عليكم اخي انك تعترف بقول الدكتور على حق فاين اﻻختﻻف ان مايقع في سوريا ليس مبرران نقتل اﻻبرياء وان نكونوا ارهابين المسلمون اهل السلم والدفاع عنه واهل التسامح والتعايش باي حق نقتل اﻻبرياء ونقتل من فتحوا بلدانهم ﻻستقبالنا عليك ايها لمعلق ان تقرء جيدا مقال الدكتور والشيخ وان لم تفهم كﻻمه عليك بالصمت فان لم يتكلموا العلماء ها يتكلم اﻻغبياء مثبك

  4. إلى المعلق المسمي نفسه الحسن وياليتك تعاملت بالحسنى فبغض النظر عن نقدك وقولك ، كيف لك أن تحكم على ناس مشهود لهم بالكفاءة العلمية ولهم قراء متابعون فتتهمهم بالتصدر فإن لم يتكلم هؤلاء فمن ياترى ، وياعجبي من ناس إن سكت العالم قالو شبع بطنه فأقفل فمه وإن تكلم قالو متصدر أشغل الناس فماذا تريدون تحديدا ولو كنا كالنحل نقع على الطيب لكان أنفع ولكن نرضى لانفسنا أن نكون ذبابا نتتبع العثرات هدانا الله لجادة الصواب وكان الناس يزنون الانسان بهيئته وكلامه والان بكتابته ينبئك ذلك عن أخلاقه ومعدنه والله المستعان

  5. إلى المعلق المسمي نفسه الحسن وياليته تعامل بالحسنى والادب فمن أعطاك الحق لتحكم على الناس بالتصدر وهم من عُرفو بصيتهم ولهم قراء يتابعون مقالاتهم ولكنها جرءة وراء التخفي بأسماء وهمية لأغراض في نفوس المرضى وليس بعجيب على ناس لهم نظرات مبدأها خالف تعرف فإذا سكت العالم قالو أشبعو بطنه فأقفل فمه لايتكلم إلا في الحيض والنفاس وإذا تكلم قالو لايفهم أشغل الناس بكلامه وياليتنا كنا النحل لايقع إلا على الطيب ولكن بعضنا ارتضى أن يكون ذبابا يتتبع العثرات والدكتور رشيد لا أظنه قد يتابع كل مايكتب والقافلة تسير ولو كل كلب عوى ألقمته حجرا كان الحصى كل مثقال بدينار نسأل الله السلامة والشفاء لمرضى الوسائل الاجتماعية فقديما كان المرء يعرف الناس أخلاقه بسمته وهديه وكلامه والان بتعايقاته ،،

  6. على رسلكم يا مغربي عبد الحق محب الخير !
    قلت (الكلام في محله ) موافقا للدكتور رشيد ورفضا للتفجير وقتل الأبرياء من أي ملة كانوا
    أما قولي ينبغي الإستقلال والحرية لأننا لم نسمع ولم نرى انتقادا ولا استنكارا لهؤلاء النصارى (الغرب ) وأعمالهم الإرهابية في بلاد المسلمين واستيلائهم على ثرواتهم.

  7. أخي الحسن مايحز في الصدر أن الدكتور صاحب المقال مستقل في دعوته أفنى ولا زال فيها حياته وعودي وحورب فبدل أن نكون له عونا وعضدا من دون أن نشعر نقف موقف من عاداه فمن أين تأتيه البلية أممن حاربه ومنعه أم ممن لم يعرف ماضي دعوته فيعلق دون خلفية عن سيرته وهو الاسد المنافح عن كل موقف يخالف الصحيح من الدين واشرطته عمت بها الاسواق وقد سبق الكثيرين بالتخدير من هذا المنهج فأدعوك أخي وأمثالك من المتابعين والمعلقين أن نكون لهم عونا ولو بنشر مقالاتهم والدعاء لهم بالتوفيق وهو أقل مايقال وإن كنت لا ادخل في قصدك لكن تفاعلك يدل على خير فيك ليس كمن يرمي سهاما ويسأل عن الجراح وعلى العموم وفقنا الله لما يحبه ويرضاه

  8. 1_ أخي الكريم **محب الخير** أسأل الله العظيم أن يجعلني وإياك من مفاتيح الخير مغاليق الشر
    والله يا أخي الكريم ! إن شيخنا الفاضل الدكتور رشيد على رأسي وجميع علماء أهل السنة الربانيين , ووالله العظيم إني لأدعو له ولغيره في ظهر الغيب بالتوفيق والسداد
    ولكن نحن نعلم وأنت معي ((ربما)) أن هؤلاء النصارى الصليبيين يتابعون هذه الوسائل وهذه المنشورات ,
    وبذلك تجد كثير ممن يدعوا إلى الله أو ينتقد أو يرد على خصومه , تحس من خلال منشوراته أو مقالاته أو …… بأن موقعه أو مُمَوّله أو…. يتحكم فيه أو يضغط عليه فلا ترى الإستقلالية في الخطاب وبالمصطلح الشرعي ((الربانية)) ,

  9. 2_ وأنا هنا لا أتهم الشيخ رشيد حفظه الله وسدد خطاه (ومن أنا حتى أفعل ذلك) ولكن أتابع وأقرأ وأسمع , فقصدت في تعليقي الأول أن كلام الشيخ صحيح , لكن ينبغي لمن يكتب على هذا التفجير أو ذك الإجرام أن يكتب أيضا على إجرام وإرهاب هؤلاء الصليبيين في بلاد الشام وفي سائر بلاد المسلمين.
    والله أعلم وأستغفر الله وأتوب إليه

  10. وهو كذلك أخي الكريم الحسن وماذكرته طيب لانختلف عليه ورب نقاش أو حوار أبان عن معرفة وتواصل في الخير وحزيت خيرا على همتك وهمك وجزى الله الشيخ الدكتور صاحب المقال كتب مقالا وكان سببا في فتح نقاش فأخرج نبات الايضاح والتوضيح بإذن ربه سدده الله وجعلنا والجميع عونا على الخير منافحين وعن الشر مبتعدين وغفر لي ولك وللمسلمين وأحيك اخي على تفاعلك وهذا ديدن طالب الحق والمحصل له

  11. ان الشيخ ليس من سيمه الجبن او الخوف بل الشيخ يقف فوق المنبر والدي يقف فوق المنابر انهم يمثلون رسول الله صلى الله عليه وسلم وﻻ يخشى قول الحق لقد طالب مناضرات للشيعة في عقر دارهم ويتحدث عن كل الخروقات في بجلان المسلمين ونحن المسلمين اهل سلم وتحري الحقائق وكل احكامنا ناخدها من القران وسنة محمد صلى الله عليه وسلم وان كنت تتحلى بالشجاعة فاكتب واعتدر للشيخ

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M