التنبيه على خطأ الاستدلال للمولد بعلة التنويه (!)

10 ديسمبر 2016 17:01
التنبيه على خطأ الاستدلال للمولد بعلة التنويه (!)

هوية بريس – منير الإبراهيمي

قال أحد الدعاة الأفاضل -وفقه الله تعالى- محتجا لجواز الاحتفال بالمولد النبوي:

“وطائفة وسط رأت أن هذه الذكرى تبعث على تذكير الناس بالسيرة النبوية الشريفة والشمائل المصطفوية المنيفة، …فأصل التنويه بأيام الله موجود في الشرع فقد قال الله تعالى: {و ذكرهم بأيام الله}. وقال عن صوم يوم مولده الشريف: ((ذاك يوم ولدت فيه)). وقال عن يوم نجاة موسى -عليه السلام- من فرعون: ((نحن أحق بموسى من اليهود)). وأمر بصومه، والحج كله تذكير بأبينا إبراهيم وأمنا هاجر وإسماعيل عليهم سلام الله، والناس لازالوا كلما جاءت مناسبة نوهوا بها وكانت باعثا على تذكرها فهذا من ذاك…” إلخ.

* قلت منبها على ما في كلامه من مغالطات:

الكلام جميل؛ لكن يقال عليه:

تلك أيام ثبت في الشرع تخصيصها، وبيان صيغة وصفة الاحتفال بها -وهو الصيام-، بخلاف ما نحن بصدده، ومعلوم أن الفضائل لا تدرك بالقياس”، وحتى لو جاز القياس، فهل يصام في يوم المولد؟

الجواب على هذا السؤال كفيل بمعرفة الصواب؛ وأن الحق هو مع من قال ببدعية الاحتفال بالمولد البدعي.

وهنا ينبغي التنبيه على:

1- مما هو مقرر أن يوم المولد النبوي غير معروف على وجه التحديد؛ وقد اختلف فيها على أقوال من أضعفها أنه ولد ﷺ في اليوم (12) من ربيع الأول -فتأمل-.

2- إعراض النبي ﷺ عن تحديده تاريخ مولده أو ذكره -ولو إشارة أو تلميحا-، أو تخصيصه باحتفال واحتفاء، أو صيام، كان للطيفة ظهرت لي، وهي:

من المعلوم أن العرب كانت تتلاعب بالأشهر القمرية تقديما وتأخيرا بحسب أهواءها ونعراتها لقتال وغيره، وبسبب هذا التلاعب فلا يعلم على التحديد الشهر الذي ولد فيه ﷺ، ولا اليوم؛ لذا لم يؤثر عنه ﷺ ذكر هذا اليوم ولا سن فيه عبادة أو قربة، ولا خص بفرح وحبور، لأنه لا يمكن معرفته وتحديده -لما ذكر-.

3- ونظير هذا تأخير رسول الله ﷺ حجه إلى السنة العاشرة -لما حج حجة الوداع-، وسبب تأخيره لحجة الإسلام هو انتظاره لعودة الشهور إلى مواضعها؛ فقال ﷺ في خطبة حجة الوداع: ((إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض)).

4- وزد على ما سبق اختلاف المؤرخين والعلماء في تحديد شهر ويوم مولده -صلى الله عليه وآله وسلم- على عدة أقوال.

فلأجل هذه الأمور لم يبال ﷺ ولا الصحابة -رضي الله عنهم- بهذا اليوم، وإنما كان اهتمامهم باليوم المؤكد انه يوم مولده وهو يوم الإثنين من كل أسبوع؛ لأنه لا إشكال في ثبوته، بخلاف الشهر وتاريخ اليوم من الشهر، ففيه ما ذكرت من خلاف.

والعلماء الذي منعوا تخصيص هذا اليوم من الشهر -وهو الثاني عشر- بذكر أو أي أمر تعبدي؛ منعوا ذلك لأمور:

أولها: عدم فعل الرسول ﷺ لذلك، مع وجود المقتضى لفعله.

ثانيها: عدم فعل الصحابة -رضوان الله عليهم- لذلك؛ مع توفر الدواعي لفعله من محبة وشدة اتباع.

ثالثها: عدم حدوثه في القرون الثلاثة المشهود لها بالخيرية.

رابعها: أن من أحدثه هم الروافض الأنجاس، ولا ينبغي التأسي بهم.

خامسا: أن فعل الروافض هو اقتداء بفعل عباد الصليب؛ وفي هذا تشبه بهم وقد أمرنا بمخالفتهم.

سادسها: تخصيص يوم واحد لتذكر مولده وسيرته هضم لحقه ﷺ، وهو من الجفاء، والأولى الاحتفاء به وتدارس سيرته في كل يوم، ولو جاز التخصيص فيوم الاثنين من كل أسبوع أولى وأولى.

‏سابعها: عدم معرفة يوم مولده ﷺ على وجه التحديد واليقين -سواء اليوم من الشهر او الشهر نفسه-.

ثامنها: أن من المجمع عليه أن يوم (12) ربيع الأول هو يوم وفاته ﷺ فكيف يحتفل عاقل ويسعد يوم موته ﷺ ؟ (!)

تاسعها: من المقرر أن اتخاذ ذلك عادة راتبة دائرة بدوران الأوقات مكروه لما فيه من تغيير للشريعة، وما في من استدراك على المشرع، وتشبيه غير المشروع بالمشروع، وهذا تغيير وتبديل وزيادة في شرع الله مكروهة مذمومة.

عاشرها: من المعلوم في البدع أنها تتعاظم وتستجلب المعاصي والمنكرات، وهذا ظاهر في المولد وفي المحتفلين به، وهو مما لا تكاد تراه في الأعياد الشرعية -الفطر والأضحى- وهذا لعمري دليل بيّن لمن أراد التسنن.

فهذه عشرة كاملة.

وأخيرا:

قال الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: “وأي فتنة أعظم من أن ترى أنك سبقت إلى فضيلة قصر عنها رسول الله ﷺ ثم قرأ: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}”.

وقال الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى-: “من استحسن فقد شرع”.

أي: استحسن أمرا لم يفعله السلف، ولا مستند له من الشرع -كما هو الحال في المولد- فقد شرع ما لم يأذن به الله.

وأنبه: أن المحتفل بهذا اليوم لا يبدع؛ بل قد يؤجر لحسن قصده؛ ما لم يعلم أنه مخالف للشرع -كما قرر ذلك ‏شيخ الإسلام-، مع التفريق بين العامي وغيره.

والله الموفق.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. ذكرى المولد استغلال لا احتفال
    لا يمكننا ان نتحدث عن احتغال مشروع مبني على اسس من الكتاب والسنة وان كانت الايام العظيمة مرغب في تذكرها والتذكير بها لولا الجهل باليوم على وجه التحديد والاختلاف فيه (وذكرهم بايام الله)
    لكن اليس من الحكمة معالجة الذكرى بمنطق الاستغلال وليس الاستدال لها وعدم الاستدلال ، اليس الناس ماضون في الحتفالات وقررت عطل رسمية في ذلك والامر قاءم ولن يلتفت احد لما يقال
    اليس من الحكمة ان نستغل هذه المناسبة لنعيد الناس الى السنة والسيرة بعد هذه القطيعة، بعد تركهم للمعاني وتشبتهم بالمباني بعد تخليهم عن اخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم ومبادءه وقيمه واتباعه وتشبتهم بيوم مولده
    كفى من هذه النقاشات القديمة الحديثة والتي لا يخالف فيها الا معاند ولنفكر جميعا كيف نعيد من نسي نبيه سنة لا يتذكره الا يوما واحدا ليكون مستحضرا له في كل لحظة في كل يوم في كل سنة
    اللهم صل على نبينا ونبيك محمد وعلى اله وصحبه اجمعي

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M