الدخول المدرسي الاستثنائي.. مقاربة الاختيار والارتباك الكبير‎

11 سبتمبر 2020 23:41

هوية بريس – منير الحردول

أمام الوضعية الوبائية الصعبة، وفي ظل توالي الاخبار المؤسفة حول تزايد أعداد المصابين والمخالطين للوباء المجهول، وفي خضم الجدل الذي رافق الدخول المدرسي، وما صاحبه من قرارات وجدل محتدم، أظهر بوضوح أن هناك درجة من الوعي بقيمة المدرسة مجتمعيا، وبأهميتها كمؤسسة حاضنة للملايين، قادرة عل لجم بعض الانحرافات التربوية، مساهمة في تخفيف العناء التربوي اليومي للملايين من الأسر التي ضاقت على يبدو درعا من تصرفات أبنائها المراهقين. كل هذا ذاك طرح الكثر من الإشكاليات الجدلية بخصوص الإقبال الكبير للأسر المغربية على التعليم الحضوري، عكس ما كانت تتوقعه الوزارة المعنية، والتي أكدت في مذكراتهما وبلاغاتها المتعددة، بأن التعليم عن بعد هو الأساس في واقع صعب على الجميع اقتصاديا واجتماعيا!

ولعل نهج المقاربة المعتمدة على الاختيار في مجال التربية، أظهر شدة الارتباك الكبير للأسر المغربية في أخذ قرار محفوف بمخاطر شديدة الاحتمال، خصوصا مع توالي الإصابات، التي أصبحت غير مطمئنة بتاتا لا للدولة، ولا لعامة الشعب بمختلف مكوناته وميولاته الثقافية والاجتماعية والفكرية.

ومن الأمور الصعبة في هذا الاختيار هو صعوبة ضبط الأفعال المرتبطة بناشئة تربت في غالبيتها على الاستهتار، والضحك، واللامبالاة، وهو بطبيعة الحال نتيجة لعولمة جارفة، تدعم التفاهة، وتنساق وراء الشهرة الإعلامية السريعة، والمغامرة في بحر من الأوهام، هذا الوهم إسمه جمع المال والتمتع به، كمظهر يتناسب مع السياقات السيكولوجية والاجتماعية القائمة على البحث والرغبة الجامحة في الحصول على اعتراف الآخرين بالعلو على الناس، أو قهر عباد الله بصفة عامة.

كما أن مسألة الاختيار بين أنماط التعليم المختلفة، قابله التغاضي عن جوهر المشكل في النظام التعليمي المغربي، هذا النظام المقدس لزمن مدرسي يتصف بالرتابة، والملل، ويرفض المرونة، ناهيك عن مقررات دراسية كمية طويلة وموروثة عن عالم إسمه سوق الطباعة والكتب، هذا السوق للأسف حول ملايين التلاميذ خصوصا الصغار منهم، إلى قطار يحمل حاويات بها دفاتر وأدوات مكلفة بدنيا وماليا، ومساهمة أكثر في عرقلة الإصلاح القائم على تعويض تلك العدة البيداغوجية بألواح إلكترونية مبرمجة فقط على حمل البرامج التعليمية لكل الفئات المستهدفة، بحسب العمر، والقوة الادراكية لكل تلمذة وتلميذ.

كما أن الاستمرار عل نهج الاعتماد على المقاعد الثنائية عوض الفردية، أصبح متجاوزا بل ويعرقل إن صح القول البيداغوجية القائمة على الكفايات والتي تعمل على تكوين شخصية مستقلة، قادرة على إبداع الحلول للمشاكل الآنية والمستقبلية للفرد.

زد على ذلك مظاهر التركيز على الجماد، وتزيينه، عوض الاهتمام بجوهر الناشئة من خلال ترك رتابة المعرفة المكثفة والتي أصبحت متوفرة، وتجاهل العراقيل البنيوية المرتبطة بالتلاميذ(ت). كالوضعيات الإجتماعية الأسرية، وظروف العيش، والحالة العائلية للوالدين، ومدى تأثير ذلك على السلوك، والأفكار لهؤلاء، ومحاولة البحث عن طرق بيداغوجية داخل البرامج التعليمية بتعوان مع الجميع وفي زمن مدرسي يركز على التلميذ(ة) كإنسان وليس كآلة للشحن وانجاز الواجبات العقابية، واستكمال المقرر الدراسي والحصول على نقطة عددية، قد تكون معبرة أو غير معبرة في نهاية المطاف!

ولعل مظاهر العنف، واعتراض المارة، والكلام النابي في الشوارع، وطرق المشي، وارتداء الملابس الممزقة! وطرق قيادة الدراجات والسيارات، والكذب على الوالدين، والخيانة، لدليل قاطع على أن المدرسة أصبحت عاجزة عن التحامل الذي تتعرض له، من الجميع بدون استثناء، وتحميلها لوزر هي بريئة منه في كل شيء.

كما أن الالتزام بالإجراءات الاحترازية تعد معضلة كبيرة في واقع يشهد الجميع أنه قائم على الاستهتار في أغلب الأحيان.

فالاختيار المرتبطة بالدخول المدسي لا محالة سيحدث مشاكل لا حصر لها، كالارتباك في الدخول والخروج، والخوف، والشرود الذهني، والقلق النفسي وغموض الرؤية هي حالة استمر الوباء في الزحف.

ولعل الحكمة البالغة القائلة” إذا عمت هانت” كانت ستكون مهمة إن طبقت في عالم اسمه التربية، فلو تم تعميم قرار يهم الملايين، مع تحمل المسؤولية السياسية لعواقبه لما وقع ما يقع الآن من ارتباك في الدخول والخروج والجلوس و…….مسكينة هي الأسر! كم هو صعب الاختيار! في وضع لا يترك لها مجالا للاختيار!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M