الدلالات السلبية للسدود المسلحة في مداخل المدن!!

14 نوفمبر 2015 12:04

ذ. إدريس كرم

هوية بريس – السبت 14 نونبر 2015

يقول الدستور المغربي في الفصل 24: “حرية التنقل عبر التراب الوطني مضمونة للجميع”.

وتقول مدونة السير الجديدة في تعريفها بأنها: “قانونا حداثيا يأخذ بعين الاعتبار التطورات والمستجدات المرتبطة بميدان السير والجولان في المجلات التكنولوجية والتربوية والجزائية، وتوضح حقوق وواجبات مستعملي الطرق مكرسة القيم النبيلة المتمثلة في المواطنة والأمن الاجتماعي، حريصة على ضمان حق الأفراد والجماعات في الحياة والتنقل بأمان، وتتم المراقبة الطرقية لمعاينة المخالفات من غير أن يعمد المراقبون لمحاولة مفاجأة السائقين المخالفين”.

ترى أين تدخل السدود المسلحة المنصوبة في مداخل المدن لمستخدمي الطرق الوطنية، والتي تجعل مستعمليها عرضة لما تبعث به تلك السدود من رسائل أقل ما يقال عنها إنها مخالفة للدستور ومدونة السير وقرينة البراءة، ناهيك عن الاتهام العام الشامل لكل الموقوفين في السدود حتى يتم الإفراج عنهم، بشكل حاط بالكرامة، عن طريق الإشارات والإماءات، من طرف أعوان يتفننون في ازدراء المستعملين وترهيبهم واستفزازهم؟!

وأين هي الحداثة في تلك التصرفات، ناهيك عن التربية والمواطنة والأمن الجماعي، المتحدث عنه في المدونة الجديدة؟!

ولمن يريد المحاججة والملاججة، أن يخطف سيارته أو يطلق رجله -كما يقال بالدارجة- نحو أي من تلك السدود ليرى تطبيق مدونة السير التي سبق إيراد مستجداتها التي لا توجد إلا في الورق.

فبأي حق يتم حصار مدننا وهي التي تتطلع للسياحة الداخلية والخارجية؟

وماذا يقال لمن يجد فجأة أمامه رتلا من المركبات قد تصل لمئات الأمتار -إن لم نقل كيلومترات أحيانا- خاصة نهاية الأسبوع وفي الصباح والمساء وكافة الأيام، خاصة إذا كانوا من الهيآت الديبلوماسية والمنظمات والزوار الأجانب الذين يبحثون عن كل عيب في المغرب ليبرزوه، ويشككوا في مصداقية خطاباته الرسمية والإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والقانونية ناهيك عن الحقوقية؟

هل هذه السدود لها أدوار أخرى غير مراقبة المركبات، كأن تبعث إنذارا لمستعملي الطريق تخبرهم فيه بأن الشرطة والدرك تعنيان القمع والتخويف والترهيب والخفض والإعلاء، وباطل ما يقال في مدونة السير من حديث عن الكرامة وحق الأفراد في المعاملة باحترام، وعدم الإدانة الجماعية والتجريم المسبق، كما يحدث في تلك السدود التي لا يسلم منها أحد، وكأنها فوق القانون وفوق التشريع وفوق كل تحديد دستوري أو قطاعي؟!

والغريب العجيب أن البرلمانيين والوزراء والقضاة وعلية القوم والمنظمات الحقوقية والمدنية، لم تتحرك وهي التي ولا شك عانت مثل باقي مستعملي الطرق الوطنية من إهانات توقيفهم آناء الليل وأطراف النهار دون مبرر قانوني أو عرفي، وحتى لو تم فتح الطريق لهم عند وصولهم الحاجز إلا أنهم قد توقفوا لأمد خلف المركبات المعرقلة لموكبهم أو سياراتهم بسبب التكدس المروري المفتعل، بل لم تتحدث وزارة المازوط عن الهدر الذي لا مبرر له في تلك الحواجز أثناء توقيف المركبات.

قد يقال بأن تلك المراقبة من أجل تحقيق الأمن والإمساك بالمبحوث عنهم، وهو اعتراض يفقد وجاهته عندما نجد الجناة يوقفون بأكثر من وسيلة بعيدا عن الإهانة الجماعية للمواطنين بمبرر لا يصدقه قائله!!

والظاهر أن السدود المسلحة تُطبق مقولة عراب الحماية “ليوطي” التي تقول: (أظهر القوة كي لا تضطر لاستعمالها).

وهنا تحضرني حكاية تروى عن شاب دخل لأحد أقسام الشرطة، فقام ضابط القسم وصفعه قبل أن يعرف سبب تواجده هناك، فسأل المصفوع عن سبب ذلك الصفع، فأجابه الضابط صفعتك عما يمكن أن تفعله لاحقا، والظاهر أن السدود المسلحة تنحوا هذا المنحى أو أكثر منه.

وقد يقال بأن تلك السدود هي سدود قضائية، وهي كذلك إن كانت تعني القضاء على الثقة المراد خلقها في العلاقة بين مراقبة السير والجولان خاصة، والعلاقة بين المواطن وأجهزة الدولة بصفة عامة، وهي الثقة التي لا يمكن أن تكون تنمية ولا إصلاحا على كافة المستويات دون توفرها.

قد لا نعرف الهدف من تلك السدود، ولكن الذي نعرفه ومتأكدون منه أنها مضرة بالمواطنين قبل أن تكون ضارة بالمدن المحاصرة. وضارة بسمعة الوطن قبل أن تكون ضارة بالسياحة لما تعطيه من انطباع على الأقل لمن عاينها، وعاين الحالة التي توجد عليها تلك السدود، والعاملين فيها، ومن لم يصدق فليزرها، وليسأل الناس المعاقبين فيها ليلا ونهارا.

 والله يصلح الحال.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M