الرد المتين على ما اعتبره ابن الأزرق من تناقضات المحدثين

28 يونيو 2016 05:30
الدروس المؤصلة لمن خالف العلماء وفقد البوصلة

منير المرود

هوية بريس – الثلاثاء 28 يونيو 2016

والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيد الخلق الشفيع المشفع محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.

وبعد:

فقد قال الإمام ابن مهدي رحمه الله: « إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة»[1].

قلت: علم الحديث كثيره نور، وقليله ظلمات وجهل وحيرة وتيه.

لقد دأب الأستاذ “محمد ابن الأزرق الأنجري” على تسفيه علماء الحديث قديما وحديثا، وإلحاق كل نقيصة بهم، من جهل، وقصور، وتكاسل، وخوف، وكتمان للحق، وتناقض مذهبي، وغير ذلك.

وفي هذا الإطار، أخرج مقاله المعنون بـ: ” شاهد على تناقضات المحدثين المذهبية”، أتى فيه كعادته بالعجائب التي لا تنقضي، وطرح من خلاله علم الأولين والآخرين، وصور فيه ساداتنا العلماء في أقبح صورة.

وعجبي الذي لا يكاد ينقضي، أنني أجد كل قوم بأسلافهم فرحون، ولعلمائهم -الفاسدون أحيانا- مبجلون، إلا “ابن الأزرق” فعلماء السنة -الصادقون الموضوعيون- عنده مقلدون، ومتناقضون، ومتهافتون، وجاهلون…، بل إنهم سبب الغلو والتكفير والتفجير، ونسي صاحبنا، أنه وأمثاله ممن يسمون بالمفكرين المتنورين، هم السبب الحقيقي وراء التشدد والغلو بكل أنواعه، ولكنهم عن هذه الحقيقة غافلون.

والسبب الذي جعل صاحبنا يرمي العلماء بالتناقض، هو إغفاله لعلم جليل الشأن، عظيم القدر، قائم بذاته، وإن كان في أصله نوعا من أنواع علوم الحديث، إنه علم العلل: وهو فن اختص الله به هذه الأمة عن غيرها، وعنه يقول الحاكم رحمه الله في ” معرفة علوم الحديث” ص:112: «معرفة علل الحديث: وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم والجرح والتعديل»، فمن خاض فيه دون فهم ودراية، ضاقت به السبل، وزلت به الأقدام.

إن مثل أخينا “ابن الأزرق” كمثل رجل أراد أن يتعلم الطب، فقرأ كتابا، أو كتابين، أو ربما قرأ المئات، أو حتى الآلاف، ثم لما صاحب طبيبا متمرسا أثناء عمله، جاءه ثلاثة مرضى كل واحد منهم يعاني من آلام في بطنه، فوصف لكل واحد منهم دواءا مختلفا عن الآخر، فقال صاحبنا في نفسه: ما هذا التناقض ؟!، فوقع في الشك والحيرة، وكفر بعلم الطب وزهد فيه، وخرج ينتقد أهله والمشتغلين به، ويرميهم بأوصاف لا تليق إلا بالدجاجلة والمشعوذين، مع بعض عبارات التقدير والاحترام والتبجيل، فاغتر البعض بما كتبه وقاله، وهجروا الأطباء وأقبلوا على المتطفلين على المهنة، فساءت أحوالهم، ومرضت قلوبهم وأبدانهم، واتخذوا من الجهال رؤوسا يسألونهم فيفتونهم بغير علم فيَضلون ويُضِلون.

وإذا كان في علم الطب دواء للأبدان، فإن في علم العلل تمييزا لصحيح الحديث وعليله، ومن لم يُحط بكثيره أو قليله، ظنه كهانة وتناقضا، وانتقص من شأن المشتغلين به، وصدق من قال: «الإنسان عدو ما يجهل».

وفيما يلي رد مفصل متين على هذا المقال، نورده من خلال المحاور التالية:

المحور الأول: موضوع المقال

روى الحاكم في المستدرك والإمام أحمد في فضائل الصحابة 2/642، والطبراني في الأوسط  5/87، واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة 8/1461، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَيَّ فَقَالَ: «يَا عَلِيُّ، أَنْتَ سَيِّدٌ فِي الدُّنْيَا، سَيِّدٌ فِي الْآخِرَةِ، حَبِيبُكَ حَبِيبِي، وَحَبِيبِي حَبِيبُ اللَّهِ، وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي، وَعَدُوُّي عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي».

الحديث صححه الحاكم في المستدرك 3/138.

وبما أن سند هذا الحديث ظاهره الصحة، فقد اعتبر “ابن الأزرق” أن تضعيف جماهير المحدثين له تناقض صارخ، سببه التوجه المذهبي! وكأن هؤلاء العلماء والأئمة نواصب، أو كأنهم لم يصححوا حديثا في فضائل الخليفة الراشد الرابع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين.

المحور الثاني: ملاحظات بين يدي البحث

1 – العنوان: “شاهد على تناقضات المحدِّثين المذهبية!”

جعل “ابن الأزرق” هذا العنوان موضوعا لحديث يضعفه حفاظ أهل الحديث من أهل السنة، ويتمسك به الشيعة والروافض انتصارا لنحلتهم البدعية، فساوى بين الرأيين وجعلهما في كفة واحدة، والحال أنهما ملتان مختلفتان، ودينان متناقضان عند التحقيق. وهذا العنوان يصلح في بيان التناقض الذي قد يقع فيه بعض المحدثين انتصارا لمذهب إمامهم الفقهي، كما يحصل أحيانا لبعض الأحناف، أو المالكية، أو الشافعية، أو الحنابلة، أو غيرهم، وهذا أمر واقع، لكنه قليل ويسير بالمقارنة مع هذا الإرث الزاخر الذي تركه أسلافنا.

2- لقد ضرب مثلا لتناقض المحدثين بمجموعة من أئمة هذا الشأن قديما وحديثا، وحاول إيهام القراء بأنهم ضعفوا حديث الباب لا لشيء إلا لأن فيه مناقبا لعلي رضي الله عنه، وهذا خطأ كبير، ووهم خطير، إذ أن هؤلاء العلماء أنفسهم قد صححوا أحاديث كثيرة في بيان فضائل آل البيت عموما، وعلي رضي الله عنه على وجه الخصوص، بل إنه رضي الله عنه أكثر الصحابة ذكرا لمناقبه في كتب أهل السنة، كما سنرى.

3- عطفا على ما سبق، سأضرب في ثنايا هذا المقال مثلا يبين عدم تناقض العلماء في أحكامهم الحديثية، فهذا الشيخ الألباني رحمه الله يحسن في “سلسلته الصحيحة” حديث: «أول من يغير سنتي رجل من بني أمية»، ثم صحح بعده مباشرة حديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه…».

ولا شك أن هذين الحديثين مما يتشدق بهما الشيعة الروافض في تصحيح مذهبهما المنحرف، فلو كان الأمر كما ظنه “ابن الأزرق” لما جعلهما مترادفين، ولما صحح الحديث الأول منهما.

4- وقع “ابن الأزرق” فيما رمى به خصومه من المحدثين من تناقض، حيث إنه يصحح حديث الباب، رغم أن قطبه الذي يدور عليه السند وهو “عبد الرزاق” لم يخرج الحديث في مصنفه، بل إنه أخفاه عن كبار تلامذته كالإمام أحمد، ويحيى بن معين، لكنه يضعف بالعلة نفسها حديث سبرة بن معبد الجهني الصريح في تحريم نكاح المتعة، والذي أجمع علماء الأمة قاطبة على صحته، حيث ادعى أنه ضعيف عند الإمام مالك والبخاري رحمهما الله لأنهما يعرفانه لكنهما لم يخرجاه في كتابيهما.

5- يوهم صنيع صاحبنا “ابن الأزرق الأنجري” صدق ما استقر في أذهان بعض مجانين الشيعة من عداوة أهل السنة لآل البيت، وهذا ما جعله يتوهم وجود تناقض عند هؤلاء المحدثين عند حكمهم على حديث الباب بالنكارة، مع أنه يعي تماما أنهم استحسنوا معناه.

6 – لقد وجدنا هؤلاء الحفاظ يضعفون أحاديث في فضائل أبي بكر وعمر وعثمان بنفس الطريقة، مما يدل على أنهم لا ينتقون في أحكامهم ما يوافق أهواؤهم، ولكنهم يصدرونها انطلاقا من قواعد متينة لا يعلم حقيقتها إلا الراسخون.

المحور الثالث: أحاديث فضائل علي عند أهل السنة

أولا: علي رضي الله عنه أكثر من رويت مناقبه من الصحابة

يعتبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه أكثر من رويت فضائله من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، سواء تعلق الأمر بالصحيح منها أو الضعيف، قال ابن عبد البر في “الاستيعاب” 3/1115: «وقال أحمد بن حنبل وإسماعيل بن إسحاق القاضي: لم يرو في فضائل أحد من الصحابة بالأسانيد الحسان ما روي في فضائل علي بن أبي طالب..».

وقال ابن حجر في الفتح 7/71: «قال أحمد وإسماعيل القاضي والنسائي وأبو علي النيسابوري لم يرد في حق أحد من الصحابة بالأسانيد الجياد أكثر مما جاء في علي وكأن السبب في ذلك أنه تأخر ووقع الاختلاف في زمانه وخروج من خرج عليه فكان ذلك سببا لانتشار مناقبه من كثرة من كان بينها من الصحابة ردا على من خالفه فكان الناس طائفتين لكن المبتدعة قليلة جدا ثم كان من أمر علي ما كان فنجمت طائفة أخرى حاربوه ثم اشتد الخطب فتنقصوه واتخذوا لعنه على المنابر سنة ووافقهم الخوارج على بغضه وزادوا حتى كفروه مضموما ذلك منهم إلى عثمان فصار الناس في حق علي ثلاثة أهل السنة والمبتدعة من الخوارج والمحاربين له من بني أمية وأتباعهم فاحتاج أهل السنة إلى بث فضائله فكثر الناقل لذلك لكثرة من يخالف ذلك».

و قال في “الإصابة” 4/464-465: «قال الإمام أحمد: لم ينقل لأحد من الصحابة ما نقل لعلي. وقال  غيره: وكان سبب ذلك بغض بني أمية له، فكان كلّ من كان عنده علم من شيء من مناقبه من الصحابة يثبته، وكلما أرادوا إخماده وهدّدوا من حدث بمناقبه لا يزداد إلا انتشارا.

وقد ولد له الرافضة مناقب موضوعة هو غنيّ عنها، وتتبّع النسائي ما خص به من دون الصحابة، فجمع من ذلك شيئا كثيرا بأسانيد أكثرها جياد».

ثانيا: أمثلة لما في كتب أهل السنة من فضائل علي رضي الله عنه والحسنين.

يعتبر الخليفة الراشد الرابع علي رضي الله عنه أكثر الصحابة الذين روى أهل السنة مناقبهم، فقد عقد له البخاري بابا سرد فيه مجموعة من الأحاديث في فضائله منها حديث: «أنت مني وأنا منك» معلقا، وحديث (تحت رقم: 2942، و3701 وغيرهما): «لأعطين الراية، أو ليأخذن الراية، غدا رجلا يحبه الله ورسوله، أو قال: يحب الله ورسوله، يفتح الله عليه»، و حديث برقم: 3706: «أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون، من موسى»، وعند مسلم برقم: 2404:  «أنت مني بمنزلة هارون من موسى، إلا أنه لا نبي بعدي» وحسبك، وبرقم 2408: «ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به” فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي» فقال له حصين: ومن أهل بيته؟ يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم».

وفي فضائل الحسين عند الإمام البخاري 3746: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين»

 وعند مسلم 2421:  عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال للحسن: «اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب من يحبه»

وعند البخاري 3750: عن عقبة بن الحارث، قال: رأيت أبا بكر رضي الله عنه، وحمل الحسن وهو يقول: «بأبي شبيه بالنبي، ليس شبيه بعلي» وعلي يضحك.

وعند مسلم قال علي رضي الله عنه: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إلي: أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق.

وعند الترمذي عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن عليا مني وأنا منه وهو ولي كل مؤمن». رواه الترمذي وصححه الألباني في المشكاة 3/1327.

وعند النسائي وعن بريدة قال: خطب أبي بكر وعمر فاطمة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنها صغيرة» ثم خطبها علي فزوجها منه. صححه الألباني في المشكاة 3/1723.

فإذا تقرر ذلك، وتبين بما لا يدع مجالا للشك أن أهل السنة والجماعة أحرص الناس على تحري الصحيح من الروايات المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم رووا في فضائل علي رضي الله عنه ما لم يرووه في فضائل خير الأمة بعد نبيها أبي بكر الصديق رضي الله عنه للأسباب المذكورة آنفا، فما السبب الذي يجعلهم يضعفون حديث الباب مع إقرارهم بصحة معناه؟

إنه علم العلل أيها القارئ الكريم، وهو سر أسرار هذه الأمة، وإبداع من إبداعاتها، وبركة من بركات السماء، خص الله به أهل هذه الملة، وهو علم جليل، وفن أصيل لم يتقنه إلا الفحول. فما هو هذا العلم؟ وما هي أصوله وفوائده؟ هذا ما سنشير إليه باختصار في المحور القادم.

المحور الرابع: علم العلل: تعريفه، فائدته، وشي من غرائبه

1- تعريف العلة

العلة في اصطلاح المحدثين هي: سبب خفي وغامض مؤثر في الحديث الذي ظاهره السلامة.

أقول هذا اختصارا، وإلا فإن مصطلح العلة يختلف استعماله بين المتقدمين والمتأخرين، ومن أراد أن يتعرف على أسراره أكثر فعليه بكتب المصطلح.

أما ما يهمنا نحن هو أن نبين أنَّ علم العلل يقوم على بيان العلة الخفية في السند الذي ظاهره الصحة والسلامة.

2- أهميته

يعتبر علم العلل من أدق أنواع علوم الحديث، بل هو علم مستقل قائم بذاته لا يضطلع به إلا أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب.

قال ابن حجر في “نزهة النظر” ص:226: «هو من أغمض أنواع علوم الحديث، وأدقِّها، ولا يقوم به إلا من رزقه الله فهما ثاقباً، وحفظاً واسعاً، ومعرفة بمراتب الرُّواة، وملكة قوية بالأسانيد والمتون. ولذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشَّأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة الرَّازيَّين والدَّارقطني» وقال أيضا ص:114: «وقد تقصر عبارة المعلِّلِ عن إقامة الحجَّة على دعواه، كالصَّيرفيِّ في نقد الدِّينار والدِّرهم».

وقال الحاكم في “معرفة علوم الحديث” ص:112: «هو عِلْمٌ برأسه غير الصَّحيح والسَّقيم، والجرح والتَّعديل».

وقال الخطيب في “الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع” 2/255: «أشبه الأشياء بعلم الحديث معرفة الصَّرف ونقد الدِّنانير والدِّراهم، فإنه لا يعرف جودة الدِّينار والدِّراهم بلون ولا مسٍّ ولا طراوة ولا دنس ولا نقش ولا صفة تعود إلى صغر أو كبر ولا إلى ضيق أو سعة، وإنَّما يعرفه النَّاقد عند المعاينة، فيعرف البَهْرَجَ الزَّائِفَ والخالص والمغشوش، وكذلك تمييز الحديث، فإنه علم يخلقه الله تعالى في القلوب بعد طول الممارسة له والاعتناء به».

وقال نعيم بن حماد لابن مهدي: «كيف تعرف صحيح الحديث من سقيمه؟ قال: كما يعرف الطبيبُ المجنونَ» (الجرح والتعديل 1/252).

فعلم العلل علم جليل القدر، عظيم الشأن لا يدرك كنهه إلا الراسخون، ولا يخوض لجه إلا العلماء المتفرسون، ومن لم يكن من أهله ضل وخسر وتاه.

3- حكاية أغرب من الخيال

وإن مما يدل على صعوبة هذا العلم، وعدم قدرة أي كان على الاضطلاع به، القصة التي وقعت لأبي حاتم الرازي والتي يحكيها ابنه في كتابه “الجرح والتعديل” 1/349-351، حيث قال: «جاءني رجل من جلة أصحاب الرأي من أهل الفهم منهم ومعه دفتر فعرضه علي فقلت في بعضها: هذا حديث خطأ قد دخل لصاحبه حديث في حديث، وقلت في بعضه: هذا حديث باطل، وقلت في بعضه: هذا حديث منكر، وقلت في بعضه: هذا حديث كذب، وسائر ذلك أحاديث صحاح.

فقال لي: من أين علمت أن هذا خطأ، وإن هذا باطل، وإن هذا كذب؟ أخبرك راوي هذا الكتاب بأني غلطت وإني كذبت في حديث كذا؟ فقلت: لا، ما أدري هذا الجزء من رواية من هو؟ غير أني اعلم ان هذا خطأ،

وإن هذا الحديث باطل، وإن هذا الحديث كذب، فقال تدعي الغيب؟ قال قلت: ما هذا ادعاء الغيب: قال فما الدليل على ما تقول؟ قلت: سل عما قلت من يحسن مئل ما أحسن، فإن اتفقنا علمت أنا لم نجازف ولم نقله إلا بفهم.

قال: من هو الذي يحسن مثل ما تحسن؟ قلت: أبو زرعة، قال: ويقول أبو زرعة مثل ما قلت؟ قلت: نعم، قال: هذا عجب، فأخذ فكتب في كاغد ألفاظي في تلك الأحاديث ثم رجل إلى وقد كتب ألفاظ ما تكلم به أبو زرعة في تلك الأحاديث، فما قلت أنه باطل قال أبو زرعة: هو كذب، قلت: الكذب والباطل واحد، وما قلت أنه كذب قال أبو زرعة: هو باطل، وما قلت أنه منكر قال: هو منكر، كما قلت، وما قلت أنه صحاح قال أبو زرعة: هو صحاح: فقال: ما أعجب هذا، تتفقان من غير مواطأة فيما بينكما، فقلت فقد ذلك أنا لم نجازف وإنما قلناه بعلم ومعرفة قد أوتينا، والدليل على صحة ما نقوله بأن دينارا نبهرجا يحمل إلى الناقد فيقول: هذا دينار نبهرج، ويقول لدينار: هو جيد، فإن قيل له من أين قلت إن هذا نبهرج؟

هل كنت حاضرا حين بهرج هذا الدينار؟ قال: لا، فان قيل له: فأخبرك الرجل الذي بهرجه إني بهرجت هذا الدينار؟ قال: لا، قيل فمن أين قلت إن هذا نبهرج؟ قال: علما رزقت، وكذلك نحن رزقنا معرفة ذلك، قلت له فتحمل فص ياقوت إلى واحد من البصراء من الجوهريين فيقول: هذا زجاج، ويقول لمثله: هذا ياقوت، فإن قيل له: من أين علمت أن هذا زجاج وإن هذا ياقوت؟ هل حضرت الموضع الذي صنع فيه هذا الزجاج؟

قال: لا، قيل له: فهل أعلمك الذي صاغه بأنه صاغ هذا زجاجا؟ قال: لا، قال: فمن أين علمت؟ قال: هذا علم رزقت، وكذلك نحن رزقنا علما لا يتهيأ لنا أن نخبرك كيف علمنا بأن هذا الحديث كذب وهذا حديث منكر إلا بما نعرفه.

قال أبو محمد تعرف جودة الدينار بالقياس إلى غيره فإن تخلف عنه في الحمرة والصفاء علم أنه مغشوش، ويعلم جنس الجوهر بالقياس إلى غيره فإن خالفه في الماء والصلابة علم أنه زجاج، ويقاس صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاما يصلح أن يكون من كلام النبوة، ويعلم سقمه وإنكاره بتفرد من لم تصح عدالته بروايته والله أعلم» اهـ.

 المحور الخامس: نماذج لأحاديث أعلها العلماء مع أنها بأسانيد ظاهرها الصحة وبعضها في فضائل أبي بكر وعمر.

الحديث الأول: فيه ذكر لمناقب مجموعة من الصحابة منهم الشيخان وعثمان وعلي رضي الله على الجميع، ومع ذلك أعله كبار العلماء كالدارقطني والبيهقي والحاكم وابن تيمية وابن عبد الهادي والسخاوي وابن حجر والسيوطي وغيرهم. وفيما يلي نص الحديث:

 «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأقضاهم علي بن أبي طالب، وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، ألا وإن لكل أمة أمينا، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح». أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده رقم: 2210، وابن ماجة رقم 154، والترمذي: 3790، وابن حبان: 7131، والحاكم: 5784 وغيرهم.

قال البيهقي في السنن الكبرى 6/346 برقم 12188: «ورواه بشر بن المفضل وإسماعيل ابن علية ومحمد بن أبي عدي، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، إلا قوله في أبي عبيدة، فإنهم وصلوه في آخره فجعلوه عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكل هؤلاء الرواة ثقات أثبات، والله أعلم».

وقال ابن حجر في الفتح 7/93: «وإسناده صحيح إلا أن الحفاظ قالوا إن الصواب في أوله الإرسال والموصول ما اقتصر عليه البخاري» اهـ.

يعني بذلك ما رواه البخاري في صحيحه برقم 3744 من حديث أنس ابن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لكل أمة أمينا، وإن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح».

وقال الحاكم في “معرفة علوم الحديث” ص:114 عن الحديث نفسه: «فلو صح بإسناده لأخرج في الصحيح، إنما روى خالد الحذاء، عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أرحم أمتي»، مرسلا وأسند، ووصل: «إن لكل أمة أمينا، وأبو عبيدة أمين هذه الأمة» هكذا رواه البصريون الحفاظ، عن خالد الحذاء، وعاصم جميعا، وأسقط المرسل من الحديث وخرج المتصل بذكر أبي عبيدة في الصحيحين» اهـ.

وقال السيوطي في “تدريب الراوي” 1/304 عند بيانه لأجناس العلة: «أن يكون الحديث مرسلا من وجه، رواه الثقات الحفاظ، ويسند من وجه ظاهره الصحة.

كحديث قبيصة بن عقبة، عن سفيان، عن خالد الحذاء، وعاصم، عن أبي قلابة، عن أنس، مرفوعا: «أرحم أمتي أبو بكر، وأشدهم في دين الله عمر»، الحديث.

قال، فلو صح إسناده، لأخرج في الصحيح، إنما روى خالد الحذاء، عن أبي قلابة مرسلا » اهـ.

قلت: الضمير في قال في السطر الأخير أعلاه يعود على الحاكم.

وأعله بالإرسال أيضا الدارقطني في “العلل” 12/248، والسخاوي في المقاصد الحسنة ص:99، و135.

والحديث بأكمله صححه العلامة الألباني رحمه الله في “الصحيحة” برقم:1224، وغيرها، والعلامة الغماري في ” المداوي ” 1/487.

تنبيه:

ذكر الشيخ مشهور حسن سلمان أن الشيخ الألباني قد تراجع عن تصحيح الحديث، حيث علَّق في هامش ص: 616-617 من كتاب ” سلسلة الأحاديث الصحيحة مرتبة على الأبواب الفقهية” طبعة دار المعارف ما نصه: «وأوله -على التحقيق- من مرسل قتادة، وورد من مرسل أبي قلابة، وأدرجه بعض الرواة فساقه سياقة واحدة، على هذا أهل التحقيق من أئمة الحديث، كالحاكم، وابن عبد البر، والخطيب البغدادي، والدارقطني، وأبي نعيم، والبيهقي، وابن تيمية، وتلميذه محمد ابن عبد الهادي، وغيرهم، وقد جمعت كلامهم وقرأته على شيخنا الإمام الألباني في مجلس طويل، وسر الشيخ بذلك، وأقرَّ تضعيف الحديث، ورأيته تناول قلمه وكتب على موطن تخريجه هذا الحديث من نسخته الخاصة من المجلد الثالث من الصحيحة ما يشعر بذلك والله على ما أقول شهيد» اهـ.

الحديث الثاني: عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر» -رواه الترمذي: 3662- ثم قال: هذا حديث حسن.

(ثم عقبه الترمذي بأنه منقطع وأن عبد الملك بن عمير لم يسمعه من ربعي، وإنما سمعه من مولى ربعي هلال.

قال أبو عبد الرحمن -أي الشيخ مقبل رحمه الله-: وهلال مولى ربعي مجهول، لم يرو عنه إلا عبد الملك بن عمير ولم يوثقه معتبر، وزاد المناوي في “فيض القدير” أن ابن حجر يقول: إن أبا حاتم أعله بأن ربعي بن حراش لم يسمعه من حذيفة. اهـ

ومما ذكر أن حديث ابن مسعود وحديث أنس يشهدان له لا يصلح، لأنه منقطع وهما شديدا الضعف. والله أعلم). (أنظر كتاب أحاديث معلة ظاهرها الصحة) للشيخ مقبل ص: 118.

قلت: وقد صحح الشيخ الألباني رحمه الله هذا الحديث في الصحيحة (1233).

الحديث الثالث:  قال الحافظ ابن رجب في فتح الباري 1/361-363 بعد ذكره حديثا: «من رواية أبي إسحاق، عن الأسود، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب، ولا يمس ماء» (…).

«وهذا الحديث مما اتفق أئمة الحديث مِن السلف على إنكاره على أبي إسحاق، مِنهُم: إسماعيل بنِ أبي خالد، وشعبة، ويزيد بن هارون، وأحمد بنِ حنبل، وأبو بكر بنِ أبي شيبة، ومسلم بنِ حجاج، وأبو بكر الأثرم، والجوزاني، والترمذي، والدارقطني.

وحكى ابن عبد البر عَن سفيان الثوري، أنَّهُ قالَ: هوَ خطأ.

وعزاه إلى “كِتابِ أبي داود”، والموجود في كتابه هَذا الكلام عَن يزيد بن هارون، لا عَن سفيان. وقال أحمد بنِ صالح المصري الحافظ: لا يحل أن يروي هَذا الحديث. يعني: أنَّهُ خطأ مقطوع بهِ، فلا تحل روايته مِن دونَ بيان علته.

وأما الفقهاء المتأخرون، فكثير مِنهُم نظر إلى ثقة رجاله، فظن صحته، وهؤلاء يظنون أن كل حديث رواة ثقة فَهوَ صحيح، ولا يتفطنون لدقائق علم علل الحديث.

ووافقهم طائفة مِن المحدثين المتأخرين كالطحاوي والحاكم والبيهقي» اهـ.

والحديث أخرجه الترمذي في السنن برقم 118، ثم قال: «وقد روى غير واحد، عن الأسود، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه “كان يتوضأ قبل أن ينام”. وهذا أصح من حديث أبي إسحاق، عن الأسود.

وقد روى عن أبي إسحاق هذا الحديث شعبة، والثوري، وغير واحد، ويرون أن هذا غلط من أبي إسحاق» اهـ.

الحديث الرابع:  قال الشيخ مقبل في “أحاديث معلة ظاهرها الصحة” ص:114ـ115: (قال الحاكم رحمه الله (ج1ص310): أخبرني أبو الحسين محمد بن أحمد بن تميم القنطري، ثنا جعفر بن محمد بن شاكر، ثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن عبد الله بن رباح، عن أبي قتادة، أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مر بأبي بكر، وهو يصلي يخفض من صوته، ومر بعمر وهو يصلي رافعا صوته. قال: فلما اجتمعا عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، قال لأبي بكر: “يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض من صوتك؟” فقال: قد أسمعت من ناجيت فقال: “مررت بك يا عمر وأنت ترفع صوتك؟” فقال: يا رسول الله، أحتسب به أوقظ الوسنان، قال: فقال لأبي بكر: “ارفع من صوتك شيئا”. وقال لعمر: “اخفض من صوتك”.

الحديث أخرجه أبو داود كما في “تحفة الأشراف” عن الحسن بن الصباح عن يحيى ابن اسحاق به، فظاهره أنه على شرط مسلم، ولكن أبا داود أتبعه عن موسى وهو ابن اسماعيل التبوذكي المنقري، عن حماد وهو ابن سلمة، عن ثابت البناني، عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مرسلا.

وذكر صاحب “التحفة” أن الترمذي قال: غريب إنما أسنده يحيى ابن اسحاق عن حماد، وأكثر الناس إنما رووا هذا عن ثابت عن ابن رباح مرسلا) اهـ.

قلت: وقد رجعت إلى سنن أبي داود (1329)، وسنن الترمذي (447)، فوجدت الأمر كما ذكر صاحب التحفة مع اختلاف يسير في اللفظ فيما نقله عن الترمذي، لكنه لا يؤثر في المعنى.

المحور السادس: الموضوعية والإنصاف ميزة علماء السنة جملة، والتناقض والانتقاء علامة الشيعة والروافض وباقي أهل البدع.

قلت في بداية هذا المقال إن “ابن الأزرق” يحاول إلحاق كل نقيصة بعلماء السنة قديما وحديثا، والواقع يدل على أن أهل السنة والجماعة هم أبعد الناس عن ذلك، بل إن الكثير مما يستدركه عليهم الروافض والملاحدة والمستشرقون ومن تأثر بهم من أهل السنة، إنما ينقلونه من كتبهم، ولولا موضوعية أهل السنة لما رووا كثيرا من الأحاديث والأقوال والروايات والأخبار التي توهم وجود تناقض في الإسلام أصولا أو فروعا.

الشيخ الألباني رحمه الله نموذجا:

وسنضرب مثلا واحدا على مدى إنصاف أهل السنة، بصنيع الشيخ الألباني رحمه الله، الشيء الذي يدل على تحريه الحق في كل بحوثه العلمية، ومن ذلك:

1- ما سبق ذكره من رجوعه عن تصحيح حديث: «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر…» الحديث، فلما تبين له أن جماهير الحفاظ على تضعيفه ضعفه بعد ما كان يرى تصحيحه من خلال النظر إلى ظاهر السند. ولا يخفى ما في الحديث من ذكر لمناقب مجموعة من الصحابة على الترتيب الذي عليه جماهير أهل السنة من تقديم أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي رضي الله عنهم جميعا.

2- حديث: «من كنت مولاه فعلي مولاه…» الحديث، فقد عقد له الشيخ مبحثا طويلا في سلسلته الصحيحة، انتهى فيه إلى الحكم بتواتره، وفيما يلي نص كلامه من الصحيحة: «وللحديث طرق أخرى كثيرة جمع طائفة كبيرة منها الهيثمي في ” المجمع ” (9/103-108) وقد ذكرت وخرجت ما تيسر لي منها مما يقطع الواقف عليها بعد تحقيق الكلام على أسانيدها بصحة الحديث يقينا، وإلا فهي كثيرة جدا، وقد استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد، قال الحافظ ابن حجر: منها صحاح ومنها حسان. وجملة القول أن حديث الترجمة حديث صحيح بشطريه، بل الأول منه متواتر عنه صلى الله عليه وسلم كما ظهر لمن تتبع أسانيده وطرقه، وما ذكرت منها كفاية. وأما قوله في الطريق الخامسة من حديث علي رضي الله عنه: “وانصر من نصره واخذل من خذله” ففي ثبوته عندي وقفة لعدم ورود ما يجبر ضعفه، وكأنه رواية بالمعنى للشطر الآخر من الحديث: “اللهم وال من ولاه وعاد من عاداه”. ومثله قول عمر لعلي: “أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة”. لا يصح أيضا لتفرد علي بن زيد به كما تقدم. إذا عرفت هذا، فقد كان الدافع لتحرير الكلام على الحديث وبيان صحته أنني رأيت شيخ الإسلام بن تيمية، قد ضعف الشطر الأول من الحديث، وأما الشطر الآخر، فزعم أنه كذب! وهذا من مبالغته الناتجة في تقديري من تسرعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقق النظر فيها. والله المستعان» اهـ.

قلت: كلام الشيخ الأخير عن تسرع ابن تيمية، والذي ذكر نحوه وزيادة في الجزء الخامس ص:263-264، غير مسلم، فرحم الله الجميع.

3- تصحيحه حديث: « أنت ولي كل مؤمن بعدي ». -الصحيحة 5/263- وهو جزء من حديث طويل في مسند الإمام أحمد برقم 3062، والحاكم برقم 4652 وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الشيخ أحمد شاكر، بينما ضعفه الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه للمسند بعد أن كان قد صححه في تعليقه على “صحيح ابن حبان”.

4- حسن الشيخ رحمه الله حديث «أول من يغير سنتي رجل من بني أمية». الصحيحة 4/329، رقم:1749. وهو من الأحاديث التي يتمسك بها الشيعة ومن تبعهم وتأثر بهلوساتهم من أهل السنة فيقدحون بأمين الوحي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

فمن كان هذا حاله، حيث يصحح أحاديث في فضائل علي رضي الله عنه قد ضعفها غيره من المحدثين، ويحسن أخرى قد يفهم منها البعض القدح في معاوية رضي الله عنه، وفق ما يراه مناسبا من قواعد علم الحديث الذي ضل يشتغل عليه أزيد من نصف قرن، فكيف يصح إذا أن يدرجه “ابن الأزرق” في جملة المتناقضين، إلا التهويل وتشويه الرموز.

المحور السابع: نظرات فيما احتوى عليه مقال “التناقضات” من سقطات وزلات.

أولا: تحقيق موقف ابن معين من الحديث.

اعتمد ابن الأزرق في بيان موقف ابن معين من الحديث بروايات ثلاث، الأولى عند ابن عدي في الكامل، والثانية: عند الحاكم في المستدرك، والثالثة: عند الخطيب البغدادي في تاريخه، ثم قال:

(جملة: (وَقَالَ: الذنب لغيرك فِي هَذَا الحديث)، زيادة شاذة، وهي وهم من أوهام شيخ الخطيب البغدادي، فإن محمد بن نعيم الضبي هو الإمام الحاكم النيسابوري، وهذه الرواية ليست في مستدركه ولا في غيره، وهي مخالفة لرواية المستدرك (فَصَدَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَاعْتَذَرَ إِلَيْهِ)، ولرواية ابن عدي: (فسكت يحيى)، فبرئ الإمام يحيى بن معين من تضعيف الحديث وإنكاره، وأقرّ صحته لما بيّن له قرينه الحافظ أبو الأزهر مناسبة سماعه الحديث من الإمام عبد الرزاق) اهـ.

قلت: وقع “ابن الأزرق” هنا في عدة سقطات علمية، منها:

السقطة الأولى: حينما وثق رواية الخطيب في تاريخه لهذا الخبر جعله في الجزء الخامس ص: 66، وهذا خطأ في التوثيق، إذ أن الخبر في الجزء نفسه لكن في ص: 68 منه.

السقطة الثانية: اعتبر أن زيادة (الذنب لغيرك في هذا الحديث) زيادة شاذة، والصواب أن يقال: إنها زيادة من ثقة، وهي مقبولة، وسيتبين ذلك بعد دراسة الأسانيد الثلاثة التي ورد بها الخبر. وهي على الشكل التالي:

الطريق الأولى: طريق ابن عدي، وهي لا تحتاج إلى دراسة فهي مسلسلة بالحفاظ المتقنين، وفيها: (فسكت يحيى).

الطريق الثانية: وردت عند الحاكم حيث قال: سمعت أبا عبد الله القرشي يقول: سمعت أحمد بن يحيى الحلواني يقول: (الخبر).

قلت: أبو عبد الله القرشي هو: أبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ، وهو مجهول الحال غير معروف وليست له ترجمة.

وشيخه أحمد بن يحيى بن إسحاق الحلواني (ت 296 هـ): ترجمه الخطيب في تاريخ بغداد 5/212، ونقل عن أحمد بن عبد الله بن علي الفرائضي أنه قال: أحمد بن يحيى الحلواني ثقة.

فيكون في هذا السند مجهول وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليه في رواية الخبر أثناء المخالفة.

الطريق الثالثة: أما رواية الخطيب فهي من طريق: مُحَمَّد بْن أَحْمَدَ بْن يَعْقُوب، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بْن نعيم الضبي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَلِيّ الْحُسَيْن بْن عَلِيّ الْحَافِظُ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَحْمَد بْن يَحْيَى بْن زهير التستري.

 قلت: أما شيخ الخطيب فهو حافظ متقن، وأما محمد بن نعيم الضبي فهو الإمام الحاكم النيسابوري، وأما أبو علي الحسين بن علي الحافظ (349 هـ) فقد أغنى وصفه عن البحث في ترجمته، وأما أحمد بن يحيى بن زهير التستري (ت310 هـ فهو الإمام الحجة المحدث البارع  علم الحفاظ، شيخ الإسلام… كما في السير 14/362 ).

الخلاصة:

يستشف مما سبق أن لدينا روايتان صحيحتان للخبر، الأولى عند ابن عدي، والثانية عند الخطيب البغدادي، وهما طريقان مختلفان، وفي رواية الخطيب زيادة: (الذنب لغيرك)، فتكون بالتالي زيادة مقبولة تدل على أن الإمام يحيى ابن معين بقي مصرا على ضعف الحديث ونكارته، لكنه اعترف بأن الذنب ليس من أبي الأزهر لكونه ثقة.

ثانيا: اعتراف عبد الرزاق راوي الحديث بأن الحديث غريب

اعتمد “ابن الأزرق” على رواية في تاريخ الإسلام للذهبي 20/42، تبين أن أبا الأزهر حلف أن لا يحدث بهذا الحديث حتى يتصدق بدرهم، لكنه أعرض عن ذكر رواية فيها فائدة جليلة تبين أن “عبد الرزاق” كان يعلم أن الحديث منكر غير صحيح، وهذا نص الرواية:

قال الذهبي في “تاريخ الإسلام” 20/41: «وروى أبو محمد بن الشرقي، عن أبي الأزهر قال: كان عبد الرزاق يخرج إلى قريته، فذهبت خلفه، فرآني أشتد، فقال: تعال. فأركبني خلفه على البغل، ثم قال لي: ألا أخبرك حديثا غريبا؟ قلت: بلى. فحدثني الحديث.

فلما رجعت إلى بغداد أنكر علي ابن معين وهؤلاء، فحلفت أن لا أحدث به حتى أتصدق بدرهم» اهـ.

فقوله: «ألا أخبرك حديثا غريبا»، مع ما استنبطه الأئمة من عدم روايته للحديث لتلاميذه الكبار كالإمام أحمد ويحيى بن معين، يدلان على أن “عبد الرزاق” كان يعرف أن الحديث منكر ضعيف، لذلك أعرض عنه في مصنفه.

قال أبو داود في رسالته إلى أهل مكة ص:29: «والأحاديث التي وضعتُها في كتاب السنن أكثرها مشاهير وهي عند كل من كتب شيئا من الحديث إلا أن تمييزها لا يقدر عليه كل الناس، والفخر بها أنها مشاهير فإنه لا يحتج بحديث غريب، ولو كان من رواية مالك ويحيى بن سعيد والثقات من أئمة العلم.

ولو احتج رجل بحديث غريب وجدت من يطعن فيه ولا يحتج بالحديث الذي قد احتج به إذا كان الحديث غريبا شاذا، فأما الحديث المشهور المتصل الصحيح فليس يقدر أن يرده عليك أحد.

وقال إبراهيم النخعي كانوا يكرهون الغريب من الحديث…» اهـ.

ثالثا: المصححون للحديث

ذكر “ابن الأزرق” -كعادة المشتغلين بعلم التخريج- طائفة من سلفه في تصحيح هذا الحديث، فجعل من بينهم: عبد الرزاق، ويحيى بن معين، وأبو الأزهر، والحاكم.

قلت: أما عبد الرزاق فقد بينت قبل قليل أنه كان يستغربه.

وأما فيما يتعلق بأبي الأزهر: فلا يوجد ما يدل على أنه يصحح الحديث، لأن رواية الحديث لا تعني تصحيحه باتفاق أهل هذا الشأن، فهو قد أسند الحديث وبرئت ذمته، وأما ما تعلق به “ابن الأزرق” من كون أبي الأزهر نذر أن يقرن التحديث بالصدقة، حيث اعتبره إمعانا في تصحيح الحديث ونكاية بالمنكرين، فهذا فهم مظنون، نرى نحن على أن مقصوده عكس ما فهمه “الأنجري”، حيث إنه لما علم إنكار ابن معين للحديث، استقر في قلبه ضعفه، وربما أنه اعترف في داخل نفسه بعدم صحة الخبر، لكنه مطالب برواية هذا الحديث لكي لا يكتم العلم، وبما أنه كان يحس ببعض الحرج من روايته بعد إنكار ابن معين له، وتحرزا من أن يكون آثما بتلك الرواية، قرر أن يتصدق بدرهم كلما حدث بهذا الحديث، من باب العمل بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «وأتبع السيئة الحسنة تمحها». رواه الترمذي برقم 1987، وحسنه الشيخ الألباني-.

أما ابن معين، فأمره ظاهر، وتضعيفه للحديث باق إلى يوم القيامة، والزيادة الواردة عند الخطيب في تاريخ بغداد تدل على ذلك.

وأما الحاكم فتصحيحه للحديث فصيح صريح كما ذكر الأستاذ ابن الأزرق، لكن صاحبنا يعلم أن انفراد الحاكم رحمه الله بالتصحيح لا يعتد به، لأنه عرف بين علماء الحديث بالتساهل.

رابعا: سقطات أخرى متفرقة

بعد أن تبين بما لا يدع للشك عدم تناقض المحدثين في حكمهم على الأحاديث تصحيحا وتضعيفا، لم يبق لي إلا أن أستعرض بعض سقطاته الأخرى في المقال موضوع البحث بشكل مختصر:

السقطة الأولى: كثيرا ما يذكر “ابن الأزرق” أبا الأزهر وهو أحد رواة هذا الخبر، الذي أنكر عليه يحيى بن معين هذا الحديث ثم يصفه – أي ابن الأزرق – بالحافظ، كما يجعله قرينا ليحيى بن معين رحم الله الجميع، حيث قال: (فبرئ الإمام يحيى بن معين من تضعيف الحديث وإنكاره، وأقرّ صحته لما بيّن له قرينه الحافظ أبو الأزهر مناسبة سماعه الحديث من الإمام عبد الرزاق) اهـ. وقال: (ثم ما الفارق بين أبي الأزهر وأحمد ومعه ابن معين وعلي بن المديني حتى يطمئن إليه ويخشاهم ؟)

قلت: هذا من تناقضات “ابن الأزرق” في مقال “التناقض”، فشتان بين ابن معين والإمام أحمد وابن المديني من جهة، وبين أبي الأزهر من جهة أخرى، فمع أنه ثقة حافظ مكثر للحديث، لكنه ليس بمرتبة هؤلاء الثلاثة قولا واحدا.

ولولا خشية الإطالة لأتيت بتراجمهم جميعا، ثم نقارن بينها ليتبين الفرق الكبير بين هؤلاء الثلاثة، وبين أبي الأزهر، ومن شاء التأكد فعليه بكتب التراجم والطبقات.

السقطة الثانية: قوله أثناء رده على تضعيف الحويني للحديث: (أقرّ بصحة السند، وبذلك يكون غير معتدّ بالعلة التي اعتمدها شيخه الألباني) اهـ.

قلت: والعلة التي اعتمدها الشيخ الألباني هي عبد الرزاق كما نقل ذلك عنه ابن الأزرق في نفس المقال.

الرد: لقد وافق الحوينيُّ الشيخَ الألباني في اعتبار أن الخطأ وقع من عبد الرزاق حيث قال في”طليعة  سمط اللآلي في الرد على الشيخ محمد الغزالي ” ص: 116-117 ما نصه: « فعلَّة الحديث عندي هي من عبد الرزاق كما مرّ في كلام الذهبيّ قريبًا.

وعبد الرزاق وإن كان ثقةً ثبتًا إلا أن الأوهام كثرت في حديثه لما ذهب بصرُهُ (…) فلو لم يكن في الحديث إلا وهم معمر أو عبد الرزاق، فإلصاق الوهم بعبد الرزاق أولى، لا شك في ذلك، لا سيما وليس هذا مما يُوهَّمُ فيه معمر، لأن سماع عبد الرزاق من معمر في اليمن، في حال الصحة. والله أعلم».

تنبيه لخطأين وقع فيهما ابن الأزرق أثناء تعليقه على الشيخ الحويني:

الخطأ الأول: وهو يسير ومغتفر وقد نقع فيه أحيانا بغير قصد، وهو نسبة القول إلى الشيخ الحويني في “نثل النبال بمعجم الرجال الذين ترجم لهم فضيلة الشيخ المحدث أبي إسحاق الحويني” والحال أنه ليس للشيخ الحويني كتاب بهذا الإسم، لأن “نثل النبال” هذا من تأليف: “أبي عمرو أحمد بن عطية الوكيل”، وقد جمع شتاته من مؤلفات الشيخ أبي إسحاق، فالصواب أن يقال أثناء العزو إلى الكتاب، قال الشيخ الحويني كما في كتاب ” نثل النبال ” لأحمد بن عطية الوكيل، وذلك في أول العزو، ثم يذكر الكتاب فقط مع العبارة المشار إليها سابقا في باقي النقول.

الخطأ الثاني: هذا الكلام الذي نقلته من كتاب الشيخ الحويني: “طليعة سمط اللآلي” ذكره جامع كتاب “نثل النبال” في 2 /312، وابن الأزرق نقل كلام الشيخ الحويني عن الحديث من “نثل النبال” 1/144، ولكنه غفل عن الموضع الثاني من الكتاب والذي يشير فيه إلى أن علة الحديث هي” “عبد الرزاق”.

السقطة الثالثة: قوله: (رابعا: زعم أن آخر الحديث في غاية النكارة، ولعله يقصد هذا المقطع: (وَعَدُوُّكَ عَدُوِّي، وَعَدُوُّي عَدُوُّ اللَّهِ، وَالْوَيْلُ لِمَنْ أَبْغَضَكَ بَعْدِي).

ونحن نقسم بالله أن هذا الجزء موافق للقرآن والسنة والإجماع السني، فمن يعادي صحابيا من السابقين هو عدو لله ورسوله والمؤمنين، والويل له ثم الويل له.

والحفاظ الكبار كالذهبي لم يروا في ذلك أي نكارة، لأنهم يعلمون، والحويني يعلم أن هذا المعنى صحيح متواتر، وفيه أحاديث مخرجة في الصحيحين وغيرهما).

قلت: موافقة الحديث أو الأثر للقرآن والسنة وما أجمع عليه المسلمون سلفا وخلفا لا يعطيه مزية من حيث الصحة، وكثير من الأحاديث والآثار التي انتقدها الحفاظ يصدرونها أو يختمونها بقولهم: (معناه صحيح)، ولا يجدون تعارضا البتة بين الأمرين، بل إن هذا يؤكد أن القوم لا يصدرون أحكامهم إلا عن إنصاف وموضوعية، وإلا فإن أهواءهم وأهواءنا معهم تثبت لعلي رضي الله عنه هذه الفضائل وأكثر منها، لكن الأمر دين، والخطر كل الخطر أن ننسب للنبي صلى الله عليه وسلم قولا لم يقله لا لشيء إلا لأن معناه صحيح.

السقطة الرابعة: قوله: (وأقسم بالله، لو أن القوم وجدوا هذا الحديث في مثل معاوية رحمه الله، لطاروا به فرحا وصححوه وكتبوه بماء الذهب وعلقوه في الشوارع والمساجد، فإنهم صححوا موضوعات ومكذوبات في فضائله، ثم يستكثرون على مولى المؤمنين هذا الحديث الذي تنضح منه أنوار النبوة) اهـ.

قلت: حنثت ورب الكعبة، فما علماء السنة وحفاظها باللذين يتفقون على الباطل، ويتبعون الأهواء في الحكم على الأحاديث صحة وضعفا، وقولك هذا يوهم بأنهم يفضلون معاوية على علي رضي الله عن الجميع، والحال أن هناك بونا شاسعا بينهما عند أهل السنة، فلا وجه للمقارنة بين علي ومعاوية، كما أن أهل السنة قاطبة يصوبون عليا رضي الله عنه ويقرون بخلافته، ويخطئون معاوية رضي الله عنه.

ثم إن العلماء قد ضعفوا أحاديث بالجملة ذكر فيها مناقب لمعاوية رضي الله عنه، صحيح أنها ليست بنقاوة حديث الباب، إلا أن بعضها يمكن تحسينه بسبب كثرة طرقه، وقد ذكر طائفة منها ابن الجوزي في “الموضوعات” 2/15 وما بعدها، ولولا ضيق الوقت وخشية الإطالة لسقتها بأسانيدها، ولكن دون ذلك بحث مستقل يسر الله جمعه.

قال ابن الجوزي في الموضوعات  2/15 عن معاوية رضي الله عنه: «قد تعصب قوم ممن يدَّعي السنة فوضعوا في فضله أحاديثَ ليغضبوا الرافضة، وتعصب قوم من الرافضة فوضعوا في ذمه أحاديث، وكلا الفريقين على الخطأ القبيح» اهـ.

وروى بإسناده 2/24 عن  إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أنه قال: «لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية بن أبى سفيان شئ» اهـ.

وروى أيضا عن «عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سألت أبي فقلت ما تقول في علي ومعاوية؟ فأطرق ثم قال إيش أقول فيهما إن عليا عليه السلام كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيادا منهم له» اهـ.

وقال ابن قيم الجوزيه في كتابه المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص116: « ومن ذلك ما وضعه بعض جهلة أهل السنة في فضائل معاوية ابن أبي سفيان قال إسحاق بن راهويه: “لا يصح في فضائل معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء”.

قلت ومراده ومراد من قال ذلك من أهل الحديث أنه لم يصح حديث في مناقبه بخصوصه وإلا فما صح عندهم في مناقب الصحابة على العموم ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه.» اهـ.

وقال ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان 2/75: «إسحاق بن محمد بن إسحاق السوسي، ذاك الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية، رواها عُبَيد الله السقطي عنه فهو المتهم بها أو شيوخه المجهولون».

قلت -منير المرود-: وكلام الأئمة المنقول أعلاه لا ينفي حقيقة وجود بعض الأحاديث الصحيحة أو الحسنة في إثبات فضائل معاوية رضي الله عنه، لكنها عند التحقيق قليلة جدا مقارنة مع ما ورد عن علي رضي الله عنه.

وفي الختام لا يسعني إلا أن أذكر نفسي وأخي محمد بن الأزرق الأنجري وكل من طالع هذا المقال، أن مثل هذه الأحاديث الغريبة التي أنكرها الحفاظ، لا تعطي أي مزية لعلي رضي الله عنه، فما صح من الأحاديث والآثار وتواتر عن النبي المختار من الأقوال فيه غنية، ومقام علي رضي الله عنه مقام رفيع، وشأنه عظيم، وليس من حبه في شيء اتخاذه شماعة لمآرب سياسية أو طائفية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خريج دار الحديث الحسنية

[email protected]

[1]  – العلل لابن أبي حاتم 1/389.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. كم افخر ببلدي الحبيب الذي لازالت ارحامه الشريفة بقدرة الكريم تخرج لنا الرجال بحق وانوارا كاشفات تبدد ظلام الشبهات التي يلقيها من لا علم له او منتحلا صفة اهل المعرفة وهو غارق في الاوهام والمتناقضات والتي هي من ابرز علامات فساد راي الواقع فيها فان العلم عند اهل الاصول هو ادراك الشيء ادراكا جازما على ماهو عليه وعكسه اما جهل بسيط وهو الاهون او مركب وهو اعظمه وشره

    جزاك الله خيرا يا استاذ منير انار الله طريقك الى الجنة وثبتنا الله واياك على الهدى المستقيم ونفع بك البلاد والعباد

    صدق العلامة الحويني(اهل الاهواء لا يسلم لهم بالنقل ابدا فهم لا امانة لهم ولو قالوا لك رواه الامام البخاري فارجع الى الاصل وتبين

  2. كم جميل أن نصادف و نحن نبحر في عالم الإنترنيت علماء مغاربة من هذا الحجم و هم يحاولون بكل ما وسعهم من قوة أن يوضحوا أمورا غابت عن الكثير محاربين بذلك الشبهات
    شكرا . و إنا لفخورون بك يامغربنا لما أنجبت و ما و ربيت بين احضانك

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M