السياسة البربرية للحماية بالمغرب (ج2).. عزل البربر عن العرب

12 أبريل 2022 16:17

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

– ملخص الجزء الثاني: يتحدث هذا الجزء من البحث عن منظري السياسة البربرية مستعرضا آراءهم التي تنتهي في وجوب الفصل بين سكان المغرب، وبينهم وبين ما يجمعهم وهو الإسلام الذي يجب إبداله بالمسيحية خدمة للمشروع الفرنسي، والعنصر الفرنسي، والاستعانة بمعلمين من لقبايل الجزائرية للقيام بذلك الغزو الفكري والمجتمعي.

– كلمات مفاتيح:

افرانس، أمازيغ، ازواوا، مسلموا الشعار، الشلوح، الفيوداليين، أسلمة البربر.

نص البحث:

– مكانة الأطلس المتوسط في السياسة البربرية:

الأطلس المتوسط أكثر من “اقْبايَلْ” الجزائر، إذ يظهر لعشاق البربر، قلعة استقلالهم، ووطنا حقيقيا لهم، الجزء الحقيقي للأمازيغ -الرجال الأحرار- ولا ينقصه الكثير في ميزان التعادل بين فرانس وأمازيغ.

هذا البلد مغلق بالتأكيد، لكنه يتوفر على طريق تاريخية بين فاس وتافلالت تجعل منه “جزيرة حقيقية” بالمغرب الذي يعتبر هو نفسة جزيرة مغربية (G.Surdon) ومع ذلك بصدفة سعيدة، وجد أنهم يتحدثون اللغة التي يتحدثها ازواوا، بـ”قبائلنا الجزائريين” ألا وهي تامزيغت.

“ليصنع الحلم” كتب موريس لوكلاي: بأن هذه اللُّقاء، والاكتشاف، مفعَم بالسعادة.

Laoust,cours de berbere marocain.Dialecte du maroc central 1923

وبالفعل حلمنا كثيرا بمستقبل هؤلاء البرابر الطيبين، أبناء عمومة اقْبايلنا “هذه الساكنة، يمكن ويجب أن يصيروا في وقت قصير، فرنسيين، لغة، وتفكيرا”.

يؤكد فيكتور بيكي “زَيان اخنيفرا هؤلاء، بالأمس أيضا كانوا نصف متوحشين، في بضع سنين تكلموا الفرنسية، ضاعفوا إنتاجهم الزراعي، أو ساقوا السيارات بالدار البيضاء، ووجدناهم رماة في الجيش الفرنسي، بِريناني أو سوريا.

راجع: R.peyronnet,le probleme nord-africain,,les berberes1923

بالنسبة لهم كان طريق الاندماج واضحا: أصل لغتهم مع لهجة ازواوا، سهلت أمر تدريسها من قبل ضباط فرنسيين من أصول اقْبايلية.

راجع: Saide Guennon,tadla,pays zainMoyen Atlas1923وla Montagne berbere(Ait oumalou et pays zaian1929

فالمعلم لَقبايلي، سيقوم بغزو البربر المغاربة، لأن النزعة البربرية تتعاطف مع جميع “البدو البرابرة” في العقلية الأسطورية عند كل هؤلاء “المتوحشين الطيبين” على الرغم من أن الهياكل السياسية والاجتماعية لعالم الناطقين بالبربرية، تعاني من هجرانهم لها لكنها تبقى محصنة بحكم الطبيعة.

وعلى كل، فإن الوحدة الجيدة لـ”الكتلة البربرية” لم تكن موضع شك في السنوات الأولى، ولم تظهر إلا في الشّْلُوح المعروفين بشكل أفضل، ألمختلفين عن سكان الأطلس المتوسط.

– برابرة الجنوب المختلفين:

يتضح أن برابرة الجنوب متشبعون بالنموذج الإسلامي بعمق، لكن الرأي المتبقي أنهم “مسلمو الشعار”.

Ladreit de la chrriere,Lacreation marocain,1930

التصور النمطي حول الشلوح، مستوحى من نفس الصور الأسطورية للبربرية.

“الشلح له رأس مستدير” يُرَحَّلُ في الأدب الكلونيالي،

الـ«لَقْبَايْلي له رأس دائري» ابن عَمِّ الْكُلْوَا عندنا.

بالنسبة للإخوة طارو «الشلوح يشبهون الأوفيرناتس عندنا، فهم يتمتعون بالبنية القوية، والفضائل الراسخة، العمل، والاقتصاد، وسلاسة مذهلة في التكيف».

والخلاصة المنتظرة لم تفتقر «بالتأكيد هؤلاء البرابر المَرِنِين، على استعداد لقبول حضارتنا، إذا ما حملت لهم بعض النقود، التي تجعلنا نضمنهم أكثر».

الشلوح: أولئك المحاربون الجرِّيؤون، ذوي العقل العملي، عرفوا كيف يتحولون إلى «عمال مسالمين» يهاجرون مؤقتا، للعمل في البقالة المنظمة، ومقتِّرون بُخَلاء، باختصار جمعوا في نفس الوقت بين امْزَاب ولَقْبَايَل في الصفات.

سياسيا «بلاد الشلوح في آن واحد، ديمقراطية تقليدانية، وهرمية التسلسل».

Dugard,le Maroc de 1917

كانت فريسة للفيوداليين، لكن «الفيوداليين البرابرة متعاونون معنا» بينما روح الجمهوريات البربرية حية في نظام كبار القياد، ويكفي دعم فرنسا ليتحرروا من هيمنة المخزن.

من المسلم به أنهم كانوا أكثر أسلمة من قبائل الأطلس المتوسط، لكن «لغتهم كانت أقل تعريبا على الأقل»، وكانت ثقافتهم الأدبية أو الفنية أعلى بلا شك من ثقافة محاربي الشمال القساة، بالطبع كل هذه الرموز لم تكن خاطئة، لكن الوحدة كانت مزيفة.

بعد ذلك من خلال التقييم المنهجي، لهؤلاء الفلاحين الجبليين المتواضعين الدؤوبين على العمل، عكس العرب الذين يتم تقديمهم على أنهم مبدعون ومترفون ومتكلمون جيدون، عازفون عن العمل، توصلنا للاعتقاد ضد كل الأدلة، بأن المغرب فقط هم البرابرة، وإذا تم الاعتراف بأن «المغرب كان في يوم من الأيام بربري خالص» وكشفنا لهذه المسألة، لم يكن منبنيا عن وهم، أو يستشرف الرجوع للماضي، وتوجها نحو مثالية طوباوية مستعادة؟

كانت مشاعر البربرية المشابهة جدا قد ألهمت بالفعل بعض الفرنسيين سياسة: السياسة القبايْلِيَة، وهيمنت هذه السياسة القْبايْلِية على عقلية ضباطنا ومراقبينا المدنيين بين 1914-1930.

– عن التكوين القدم للضباط بالجزائر:

في الدروس التي تم إعطاؤهم بالجزائر، وتم تكرارها بالمغرب، كانوا بلا كلل أو ملل، يعلمون مزاعم باطلة ارتكبت بالجزائر، والتي كان من الواجب عدم تكرارها.

La politique Kabyle sous le Seconde empire,revue francaise d ,histoire d,outre-mer n191,t.L 111

يجب أن لا نترك الأسلمة تتعمق في المسلمين السطحيين، ولا نعرب هؤلاء البرابرة من خلال فرض الشريعة القرآنية عليهم، ولا إعطائهم قاض، ولا إضعاف الجماعة، والتقليل من صلاحياتها، لقد علموهم أن البرابر كانوا في طريقهم لإعادة احتلال المغرب عام1911 «عندما جئنا لإزعاجهم، بواسطة الجنرال موانيـي، الذي حطم بضربة واحدة من سيفه، دائرة حلم البرابرة ذاك» لكن فرنسا كانت قد قررت أن تترك لهم مؤسساتهم وأعرافهم الوطنية.

Michaux-Bellaire,t.27 des Archives marocaines,1927

منذ ذلك «ستتمثل السياسة البربرية الحقيقية في احترام تنظيماتهم، وعاداتهم، وتكييفها مع الإصلاحات الإدارية والسياسية التي سيتعين علينا إدخالها في البلاد، جميع المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، أو الميراث، أو المعاملات العقارية، والنزاعات المختلفة، ستستمر تسويتها عن طريق العرف».

تلك كانت سياسة البربر لغاية1922 «خصائص سياسة البربر» بحسب ليوطنا كولونيل Huot مدير الشؤون الأهلية.

in La Renaissance du Mroc,p.180-181

لكن في الواقع كانت هذه فقط المبادئ التي أقرها ضابط مسؤول، لتشديد النوايا غير المعلنة بشكل أكثر قربا، وسيكون من الضروري إضافة -كما سنرى- تعليمات أكثر سرية للحفاظ على الاختلافات اللغوية والدينية والاجتماعية، التي يمكن أن توجد بين السهل العربي، والجبل البربري، وهذا أمر يقتضي بالضرورة عزل القبائل البربرية عن السكان المعربين.

وحتى بعد هذه التعليمات، كتب بعض الضباط في كل مكان تقريبا بوجوب الذهاب أبعد: الجنرال بريموند لم يخف الحاجة لنزع أسلمة البربر وفرنستهم.

General Bremond,L Islam et les questions musulmanes au point de vue francais,1923

ليوطنا كولونيل سيكارد ضابط الترجمة الملحق بالقصر الشريف، كتب بأنه يجب القيام بكل الوسائل لمنع انتشار الإسلام في المستعمرات الفرنسية

Lt-colonel Sigard,Le monde musulman et les

possessions francaises

القبطان لوكلاي اعتقد بأنه “كان علينا منع التحدث بالعربية في بلاد البربر” وأعطى كتعليمات لمعلمينا: ”علموا البربر كل شيء إلا العربية والإسلام”.

لم يتم استبعاد المدنيين وخاصة القادمين من الجزائر من التوصية بالقيام بنفس السلوك، لويس ميرسيي الذي “شغل مناصب مهمة منذ عام 1912 كرئيس لقسم العلاقات مع المخزن، ومراقبة مراسلات الوزير الأعظم “والذي كان المستشار السياسي لتيودور استيك، قد احتفظ من الدروس الأبوية “أبوه هو المؤرخ والمستعرب إيرنيست مرسيير، مؤلف كتاب حول إفريقيا الشمالية، في ثلاث مجلدات، والذي قال قبل موته، بأن البرابرة هم الشعب الحقيقي لإفريقيا الشمالية” وبالشعور بتفوق العرق البربري، وعبادة السياسة البربرية.

Ernest Mercier , in Reueil de la societe

archeologique du Constantine,1905

أغيستين بيرنار الأستاذ بالسوربون وهو شخصية رسمية مرموقة، وعضو في لجنة الشؤون الإسلامية، يدعِّم بتكتم نفس التوجه.

  1. Bernard,La Politique berbere dans le Maroc central(Rapport inedit):

”يجب إعطاؤهم قانوننا ولغتنا”.

جورج صوردون، المحامي القديم، الذي صار موظفا حكوميا رفيع المستوى، وقاض محكِّم، لكنه بربري النزعة -أكد بأن أكثر من نصف سكان المغرب يخضعون لنظام القانون العرفي بمقدار 3200000 من 5837000 نسمة- ونصب كمفوض للحكومة الشريفة كان له دورا رائدا بفضل الثقة التي أظهرها فيه المقيم العام لوسيان سان، وقد شارك العديد من كبار موظفي الخدمة المدنية الآخرين في نفس المشاعر، مثل لويس برونو، مدير التعليم ومؤسس المدارس الفرنسية البربرية، لكن فطنة أولئك الموظفين، ومناصبهم فرضت عليهم على الأقل حرية تقدير معينة، لإبداء آرائهم ونشرها بشكل صريح، قد تكون سابقة لأوانها، وعلى عكسهم لم تتردد الدكتورة الشابة في القانون “غودرفروي ديمبينز” التي تدين بأصول عائلتها للانخراط في ألغاز السياسة الأمازيغية، وفي شرح تلك السياسة تقول: {سيكون من الخطير ترك كتلة من السكان الأهالي متراصة، مشتركة في اللغة والمؤسسات، يجب أن نحول لصالحنا الطريقة التي كان يستعملها المخزن سابقا وهي: “فرِّق تسُدْ”.

“إن جود العنصر البربري هو مقابل مفيد للعنصر العربي، والذي يمكننا استخدامه في مواجهة المخزن”}؛ كان من المفترض أن نكشف بشيء من اللاوعي، السر العظيم للسياسة البربرية، لكن المؤلف استنادا لقوة المقابلات التي أجراها مع المسؤولين القلائل، حددها في مسائل التعليم.

– كنه السياسة البربرية:

“السياسة البربرية تكمن أساسا، في عزل السكان البربر عن السكان العرب، بذلك ستفرض على البربر الاقتراب منا على مستوى التقاليد”.

R.Gaudefroy-Demombynes,L’oeuvre Francaise en matiere d’enseignement au Maroc1928(p.120)

“إن الفرنسين وليسوا البرابر، هم من يجعلوا العربية لغة مشتركة، ولغة للحضارة ص119”.

لأنه يخشى علمنتهم، كان مهتما بأحلام أولئك الذين ادعوا تنصير البرابر، وكشف أن العديد من الموظفين الملحدين هم أنفسهم، دعوا ترك أمر معالجة تعليم شباب البربر للمبشرين الفرنسيين.

هذا أيضا لم يكن توجها سليما، بالنسبة “لآليات السياسة البربرية”، وتحت هذا العنوان المدهش وضع “لادريـي دلشاريير” أحد منشطي “لجنة إفريقيا الفرنسية” النشاط الكاثوليكي في الصف الأول “التأثير السعيد للتفاني المسيحي، حجاب الراهبات الأبيض”، وكان بإمكانه إضافة الأعمال الخيرية للفرنسيسكان، ومبشري مريم الفرنسيسكان، (قدموا للمغاربة الخدمات التالية: 1-مستشفى، 1-روض 4أربع مراكز للجانحين، 4أربع مستوصفات، 4أربع ورشات مهنية، 9تسع حضانات، أبرشيات لتجميع النساء وصل عددهن 250 عضوة في: 1/7/1931).

هذا العرض يمكن أن يكون صادما ومريعا، لكن المؤلف اقتفى أثر الأب شارل دفوكو، ليقول بأن هناك حاجة لكهنة صالحين، ليس للوعظ فقط، ولكن بأن يكونوا محبوبين، ومصدرا للثقة والألفة.

R.Bzin,”Charles de Foucauld et les Musulmans”in Revue des deux Monde1/1/1924

وهو بالتأكيد رأي بعض الآباء البيض: الأب جياكوبيتي، بعد شرحه لأهمية السياسة البربرية بالنسبة لفرنسا، وانتقاده عمل المدارس والبعثات اللائكية، أوصى فقط بالعمل “بلطف، وإقامة علاقات وتقديم خدمات جيدة (…) يجب أن نجعل أنفسنا محبوبين من قبل البربر.

  1. La france et laquestion berbere,in Rvued,histoiredes missions1/9/1928

بعض الكاثوليك أرادوا الذهاب لأبعد مما رآه الآباء البيض الحذرين، مثل ما قال المنسونير لافيجيري الذي توسم أنه من الممكن “إرجاع الأمان المسيحي، أكثر مما كان يمارس عند أسلافهم”، هؤلاء البرابرة الذين كانوا “أكثر وثنية، من كونهم مسلمين”.

أحدهم وهو جيرود القانوني، والمستعرب المتمكن مؤلف Resurrection de Lazane et d une Crucifixion du Christ المكتوب بالعربية، كتب في أطروحته عن القضاء الشريف

“يمكن غزو البربر، عن طريق المبشرين المسيحيين، تحدثوا لهؤلاء الناس عن المسيح، فأساطيرهم مليئة بإسم المنقذ”.

A.Guiraud,La justice cherifienne 1930 p.25

ويرى آخر خاصة في خضم تحولات الجانب السياسي حيث كتب في مجلة تاريخ البعثات: “دعوا المسيحية تعمل في الإنسان البربري (…) فمن شأن ذلك أن تتفكك الكتلة العربية، وبالتالي الإسلاموية، في شمال إفريقيا، وذلك لصالح حضارتنا وسلالتنا”.

وكان هذا المؤلف يطمح في أن تتمكن الحكومة في المضي قدما “في سياستها العقلانية المتمثلة في الفصل بين العرقين المغربين”[…] من خلال تسهيل مشروع حصار قلوب البربر، للحد الذي يسمح به الحياد.

Rvue d,histoire des missions 1/9/1927 .p321-333

يتبع ج3…

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M