الشيخ زحل: الأمة مع الإسلام ومع الشريعة وآفة العلمانيين الذين يشكون الفقر السياسي أنهم يحاربون الشعب في مقوماته

24 يونيو 2016 19:06
الشيخ زحل: الأمة مع الإسلام ومع الشريعة وآفة العلمانيين الذين يشكون الفقر السياسي أنهم يحاربون الشعب في مقوماته

حاوره: نبيل غزال

هوية بريس – الجمعة 24 يونيو 2016

  • بداية؛ وقبل أن نخوض في مستجدات وقتية اسمح لي أن أرجع بك قليلا الوراء، وأسألك -وباختصار- عن الحركة الإسلامية في المغرب.

الإسلام في المغرب أصيل وعريق، وله تاريخ وحضارة، ومسألة الحركة الإسلامية أو الصحوة الإسلامية التي انبثقت وصارت تجدد في أساليب الدعوة وليست تجدد في الاسلام، هذه الحركة أو هذه الصحوة كانت في الوقت الذي ظهرت فيه عامة في بلاد المشرق والمغرب، وأنا أعزو ظهورها في ذلك الوقت للانهيار الذي أصاب العمل الإسلامي فيما بعد فترة الاستعمار في المغرب وغيره، ثم الانبهار بالحركات القومية خاصة القومية العربية التي كان يمثلها في الشرق وفي الغرب جمال عبد الناصر والذي هيأ لها أبواقا حتى إن الشباب فتنوا بها وخدعوا، وسمعت أنا بعض الشباب يتمنى أن يزور القاهرة في عهد عبد الناصر قبل أن يعتمر أو يحج! أنظروا إلى هذه الفكرة. فلما جاءت هزيمة عبد الناصر وتياره القومي في 1967 كأن الناس كانوا نائمين فاستيقظوا، فأقبل الشباب على الله تعالى وعادوا إلى ربهم وعمروا المساجد واتخذوا منحى آخر ومسارا آخر غير المنحى الذي أريد لهم قبل ذلك. والمغرب لم يكن بدعا في هذا الصدد، والوقت الذي ظهرت فيه الصحوة الإسلامية في المغرب والجزائر وتونس تقريبا واحد.

  • عند نشأتها؛ من الذي قاد الحركة الإسلامية في المغرب؟

في المغرب بدأ هذا العمل أشخاص معروفون كان في مقدمتهم الأستاذ عبد الكريم مطيع ومعه رفيقه إبراهيم كمال وربما كان محمد زحل ثالثهم، إلا أن الأولين كان اشتغالهم وعملهم في العمل السياسي التنظيمي، الذي سلكوا فيه مسلك التنظيمات السرية اليسارية في الأسلوب، وكان نصيبي من هذا العمل هو الإشراف التربوي من حيث الأدبيات التي تربى عليها الأعضاء في الحركة الإسلامية في القطاعات المختلفة، في قطاع المدرسين وقطاع الطلاب، وقطاع العمال، وقطاع التجار، هذه الأدبيات أنا كنت المشرف على البرنامج التربوي، وكنت أنا الذي أقرر ما يدرس، وما لا ينبغي أن يدرس، فدوري أنا في الحركة الإسلامية كان دورا تثقيفيا تربويا.

  • بالنسبة لكم كانت الدعوة في بداياتها جيدة، وإنما أفسدها توجه ســياسي معين، فكيف ذلك؟

على كل حال، كل العمل البشري لا بد أن يكون عرضة للأخطاء والعمل الإسلامي يفترض أن يكون من يقوده ربانيا ومتمسكا بالشرع في سلوكه وتفكيره، وفي أقواله وأعماله، وخلفيات بعض الأشخاص التي تربوا عليها لم يستطيعوا أن يتخلصوا منها، فكانت هناك بعض الأخطاء، هذه الأخطاء في الحقيقة ربما عرقلت مسيرة الدعوة إلى حين ولكنها لم تقتلها؛ بل إن هذه الأخطاء صار فيها دروس وعبر للأجيال اللاحقة لجيل التأسيس.

  • هناك سؤال يؤرق عدد من المنتقدين للحركة الإسلامية في المغرب، وهو ارتباطها بالمشرق أكثر بكثير من المغرب، علما أنه كان هناك علماء كبار ورموز بارزون هنا في المغرب؟

هذا بالنسبة للمغرب ليس صحيحا، الحركة الإسلامية المغربية كانت مستقلة منذ البداية وهي الحركة الوحيدة في المغرب العربي التي لم تكن لها بيعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.

يعني نؤمن بالتكامل والتسامح ولكننا لا نؤمن بأننا فرع من فروع حركة الإخوان المسلمين، من حيث الشكل ومن حيث المبنى والمعنى، فحركة الإخوان المسلمين كانت تقبل كل شيء، داخل الإخوان المسلمين، يوجد السلفي ويوجد الصوفي ويوجد كذا وكذا، ونحن عندما بدأنا هذا العمل ربما كان هذا من أخطائنا أننا كنا نرفض المذهبية في البداية وهي من أخطائنا، وكنا ندعوا للعمل بالدليل وإلى نبذ التقليد، وعبد ربه من أكابر الذين تول كبر هذا الأمر، وكذلك كنا نرفض الانحرافات السلوكية في أعضاء الحركة إذا انضم فرد من الأفراد للحركة الإسلامية المغربية فإنه يقطع صلته بالجاهلية تماما، لا تدخين ولا سكر ولا شيء، لا يسمح لأحد أن يدخن في الجلسة، بل لا يسمح له أن يكون مدخنا ويكون من الإخوان، فإما أن يتخلى عن التدخين، وإلا ستكون حوله شبهة، نحن كنا متشددين في هذا، كذلك كنا متشددين فلا نقبل الطرقيين والصوفية في أحضان الحركة، لأنه لا بد أن تكون وحدة التصور داخل الجماعة، وأن يكون لنا تفكير واحد وتكون لنا عقيدة واحدة…

أما قولك لماذا لم ترتبط الحركة بالعلماء؟ العلماء كانوا في واد والحركة كانت في واد، الجانب الرسمي للعماء كانت رابطة علماء المغرب التي كان يرأسها الشيخ عبد الله كنون رحمه الله، ونحن لا ننكر عملها ولا ننكر توجهها، ولكنها لم تكن لها النظرة الشمولية في الدعوة إلى الله عز وجل، ثم كان انحيازها إلى الحكام وهو ما حال بينها وبين الشباب، وما حال بين العماء والشباب هو إما أنهم غائبون عن الميدان لا يقوم بشيء من أجل الدعوة إلى الله عز وجل، والذين يقومون بشيء منحازون إلى النظام انحيازا مطلقا.

  • كيف كانت علاقتكم بالدكتور تقي الدين الهلالي رحمه الله؟ وهل كان لكم تواصل به؟

الدكتور الهلالي قضى أكثر من ثلاث أرباع حياته خارج المغرب، في العراق في ألمانيا في الهند وباكستان وأفغانستان، وفي السعودية أيضا، كان من جملة الأوائل الذين درسوا في الجامعة الإسلامية بعد تأسيسها في 1960 أو 1963 لا أذكر التاريخ، أما صلتنا به فلما دخل وجدنا كبارا، بالنسبة لي والدكتور القاضي برهون كانت لنا منابر، وكانت لنا دروس، وكان الشباب يحضرون لنا بالآلاف بينما دروس الشيخ كان يحضرها القلة القليلة، ولكنا كنا نحترمه ونجله ونزوره في بيته، ونتعاون معه، أنا من جملة الذين قرأوا عليه كتابه سبيل الرشاد، وهو يعده للطبع.

  • يقال أن تقي الدين كان له تحفظ من العمل التنظيمي، فهل هذا صحيح؟

لا بالعكس كان يشجع الحركة الإسلامية، لما دخل الدكتور للمغرب كان في مكناس، وكان يقول عن نفسه أنه عراقي، لكن كان له ابن عم في الديوان الملكي بعمل مدير مكتب الشكايات، اسمه مولاي هاشم العلوي، فبعث له بجوازه المغربي إلى داره بمكناس، وقي الدين رحمه الله قضى في العراق 36 سنة، وكان يقول أنا مواطن عراقي وجوازي عراقي وكذا، ولكن بحكم أن مكناس فيها أكثر الفيلاليين والدكتور من سجلماسة من تافيلالت، اختارها واشترى بها بيتا، ولم يأت إلى الدار البيضاء إلا فيما بعد في 1975.

كان بعض الإخوة يشوشون عليه في قضية الشبيبة الإسلامية حينذاك ويقولون أنهم على منهج الإخوان المسلمين وأن عقيدتهم كذا وكذا.

مرة شكلت وفدا وذهبت لزيارته في مكناس، أذكر أن هذا الوفد تشكل من محمد زحل، والمرحوم الأستاذ علال العمراني رحمة الله عليه، والمرحوم أحمد الزيدوني، المهم لما دخلنا عليه، تعرف علينا وذكرنا أسماءنا وسمع إسمي، لأن الضرعاوي ومن معه في ذلك الوقت قدمونا له على أننا من الشبيبة الإسلامية، الدكتور سارعني وقال تلقي دروسا في مسجد اليوسفي؟ قلت له: نعم.. قال: لي ذكر لي أن عندكم انحراف في العقيدة، قلت له: يا دكتور أنا المشرف التربوي على الجماعة، وأنا الذي أقرر الكتب التي تدرس، والدروس التي تطبع للحلقات وتوزع على الحلقات أنا من يكتبها، فقال لي: ما هي مصادركم في العقيدة؟ قلت له: بالنسبة للعامة والطلاب الشباب في المرحلة الإعدادية ندرس فتح المجيد، وندرس في مستوى أعلى العقيدة الطحاوية، وندرس رسائل شيخ الإسلام ابن تيمية مثل الحموية وغيرها، فسرَّ سرورا عظيما، فقال: الذي حدثني قد كذبني. فلم يكن الدكتور صاحب هوى، ولم يكن عنده المقاس والمعيار للجماعات إلا التزامها بالكتاب والسنة.

  • قبل سنتين تم اخياركم رئيسا لرابطة علماء المغرب العربي، فما هي أهداف الرابطة، وما هي إنجازاها على أرض الواقع؟

أنا لم أسع في الحقيقة لإنشاء الرابطة، ولم تكن لي هذه الفكرة، لكننا دعينا لمؤتمر لرابطة علماء المسلمين التي كان أمينها العام في ذلك الوقت الدكتور ناصر العمر، صاحب التدبر الذي تعرفونه، وفي الحقيقة فرابطة عماء المسلمين أسست فروعا للرابطة بأسماء أخرى، كرابطة العلماء الأفارقة.. لا تحضرني الأسماء كلها ولكن أسست فروعا إقليمية لرابطة علماء المسلمين طلب منا أن نؤسس رابطة علماء المغرب العربي والوقت الذي اقترح هذا الاقتراح اقترح في مصر وأنا لم أحضر مؤتمر مصر الذي كان في أيام مرسي، وجاء الشباب من هناك متحمسين، دعيت إلى إسطنبول لرابطة علماء المسلمين، في الليلة التي وصلت إلى إسطنبول فوجئت بأنهم مصممون على أن يجتمعوا وينشئوا رابطة لعلماء المغرب العربي، واجتمعوا بالليل وأنا غائب، وأنا راقد واتفقوا على اختياري رئيسا، وأنا أبعد ما أكون على هذه الأمور، لا أحب الأضواء ولا أحب الرئاسة، حتى في أيام الشبيبة كنت مجرد فقيه الحركة ولم أكن شيئا آخر، المهم لما تحدثوا في القانون الأساسي للرابطة وناقشوه، فلما جاء دور اختيار الرئيس والأمانة العامة فوجئت أنهم اختاروني بالإجماع، ودافعت دفاعا مستميتا في ألا أكون، ولكني فوجئت بصلابة من طرف الجميع، لأنه لا بد أن يكون الرئيس إنسانا يعرفونه ويكون كبير السن وتكون له تجربة وكذا هذا الذي فهمت، والذين كانوا من حولي كانوا كلهم شباب أو كهول كان الدكتور عبد الله البخاري وكان الدكتور حسن العلمي من القنيطرة وكان بعض الشباب أقل من هذا.

وأهداف الرابطة أهداف دعوية، وطبعا التعرف على العلماء في العالم الإسلامي والتعاون معهم على الخير، ومن أهدافها ترشيد الصحوة الإسلامية، وتقييد الشباب حتى يكونوا منضبطين ومتوازنين، يؤسفنا أن كثيرا من الشباب يتخذون مواقف تؤدي بهم إلى السجن، ويتعطل نشاطهم، وتتعطل مواهبهم وهذا إهدار للطاقة الإسلامية في الحقيقة، فمن أهداف الرابطة تقويم المسار وتصحيحه وضبط الشباب، طبعا ضبطه بالضوابط الشرعية حتى لا يندفع، كثيرون من الشباب في الحركات الإسلامية سببوا مشاكل خطيرة لجماعاتهم، وسببوا لقياداتهم السجن المؤبد والإعدام وكذا.. ولم تستفد الحركات شيئا من هذا أهدرت فيه طاقات خلاقة لهذا الشباب، فمن جملة الأهداف في الحقيقة ضبط سلوك الشباب حتى يخضع للقيادات الشرعية التي هي أهل لأن تشرف على الجوانب التربوية للشباب.

الشيخ زحل: الأمة مع الإسلام ومع الشريعة وآفة العلمانيين الذين يشكون الفقر السياسي أنهم يحاربون الشعب في مقوماته

  • مجددا أعاد الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي تجديد مطلب المناصفة في الإرث، وقال أن هذا الحكم اختلف حاله اليوم بعد خروج المرأة إلى سوق العمل، وأنه مناقض للدستور الذي شدد على المناصفة، فما تعليقكم؟

هؤلاء العلمانيون لما أبدت الدولة بعض المرونة في التعامل معهم في تعديل قانون الأسرة أو مدونة الأحوال الشخصية طمعوا في المزيد ولم يكن لطموحهم حد، ينبغي أن يعلم الجميع على أن شرع الله عز وجل لا حق لأحد في ملاحقته ولا لتغييره ولا لتعديله “أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من لله حكما لقوم يوقنون”، وربنا الكريم يقول: “ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون” هؤلاء في الحقيقة ينطلقون من أهواءهم بل وينطلقون من عمالاتهم، وليست دعاوتهم هذه من تلقاء أنفسهم وإن كانوا قد أشربوا هذا، ونسأل الله سبحانه وتعالى لهم الهداية، ولن يستطيعوا تغيير شرع الله عز وجل، وعلى العاملين للإسلام علماء رسميين أو غير رسميين وشباب ودكاترة ومؤطرين للجماعات أن يقفوا صفا واحدا ضد الفساد والمفسدين وليعلموا أن هؤلاء وإن كان يظهر لهم صولة وقوة هم ضعاف، الأمة معنا، الأمة مع الإسلام، الأمة مع الشريعة، فقط الذين يتكلمون باسم الشريعة ينبغي أن يتقوا في الله عز وجل.

وموضوع الإرث من الثوابت ومن القطعيات والله سبحانه وتعالى في كثير من أمور الشريعة وكل إلى نبيه صلى الله عليه وسلم التفاصيل في الصلاة وهي عماد الدين يقول: “أقيموا الصلاة”، ويقول: “إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا”، ويقول: “حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطة”، ولكن بيان الصلاة وأوقاتها وعدد ركعاتها وفرائضها وأركانها، والجهر والسر منها، هذا كله موكول للرسول عليه والصلاة والسلام، لأن وضيفة الرسول بيان القرآن، والرسول أوتي الوحيين القرآن والسنة، بالنسبة للميراث لم يترك الله الميراث للرسول صلى الله عليه وسلم يتولاه وإنما تولاه بنفسه، ذكرنا الصلاة وفي الزكاة القرآن الكريم يكتفي بالعمومات والكليات، “آتوا الزكاة”، “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم”، لكن الأصناف التي تزكى والأنصبة والمقدار الذي يخرج، كل هذا متروك للرسول عليه الصلاة والسلام، بالنسبة للميراث لا، نزع هذا الحق من الرسول عليه الصلاة والسلام وتولاه الله بنفسه فقال: “يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين” ثم تابع الموضوع فأعطى كل ذي حق حقه فمن يريد أن يغير هذا فهو ينازع الله تعالى في ربوبيته وفي ألوهيته، ولن يفلح، وأن من أعلن الحرب على ربه فليتق أنه في النهاية من الهالكين الخاسرين.

  • مباشرة بعد إصدار التوصية الملكية التي أكدت على إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية وفي قلبها المذهب المالكي السمح والتشبث بمقومات الهوية الوطنية الموحدة خرج المنتمون إلى الفصيل العلماني واستغلوا التوصية لإقصاء مادة التربية الإسلامية وإفراغ مقرراتها من مضمونها؛ فما تعليقكم؟

هذه الأمور في الحقيقة في بداية الاستقلال كانت تشرك فيها جميع الأطراف ولكن الذين يتولون الفصل فيها هم العلماء، حتى إن مدونة الأحوال الشخصية الذين وضعوها في بداية الاستقلال كانوا علماء وكان من جملتهم الأستاذ علال الفاسي والرحالي الفاروقي وغيرهم، وحتى في موضوع التعليم كانت تعقد ندوة وكان يشرك فيها جميع الفاعلين في الساحة وفي مقدمتهم العلماء، ونرى نحن في الحقيقة أنه لا ينبغي لفريق معارض أو موالي أن يستبد وينفرد بالرأي في أهم شيء في أهم قضية وهي قضية تربية الناشئة، وناشئتنا إن لم تتربى على أصالتنا وديننا، وقيمنا فعلى الدنيا العفى والذين يعارضون القرآن، ويعارضون السنة، ويعارضون توجه الأمة ومبادئها منذ أن كانت هم في الحقيقة يريدون أن يقضوا على مقومات هذه الأمة، ويقضوا على أخلاقها، والشاعر يقول:

وإذا أصيب القوم في أخلاقهم***فأقم عليهم مأثما وعويلا

ويقول شوقي رحمه الله:

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت***فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

طبعا هذه الأخلاق ليست أخلاق يتواضع عليها المجتمع، هذه أخلاق منبثقة من القرآن والسنة فالدعوة إلى القضاء عليها هي دعوة إلى تدمير الأمة، وآفة العلمانيين الذين يشكون الفقر السياسي، وعزوف الشعب عنهم هي هذه، لأنهم يحاربون الشعب في مقوماته، ولو أنهم أخذوا العصى من الوسط لكانت لهم أنصبتهم، ونصيحتي إليهم أن يرجعوا إلى أمتهم وإلى مقومات وطنهم، وألا ينفردوا بالشذوذ وبالتبعية للغرب وغيره ولأعداء الإسلام.

أنا أرى هذه الجماعة هي جماعة في الحقيقة جاءت من خارج مبادئ الأمة فجلهم يساريون بعيدون عن التربية الدينية وعن الأصالة الإسلامية، كتبت مقالا مستفيضا حول التحية في الإسلام قلت بأن 90% من القائمين على المساجد وبوظائف المساجد والمدارس العتيقة في الجنوب وغيرها، في سوس أو غيره، من الأمازيغ الذين يحبون الإسلام ويحبون العربية، وعلماء الأمازيغ كلهم أدباء وشعراء، لأنهم بحفظهم القرآن أحبوا العربية ولذلك يعنون بها العناية الكبرى، في تنشئة طلبة المدارس على اتقان العربية، وعلى الاستبحار في الأدب العربي، ولذلك كل الذين تخرجوا من المدارس العتيقة تجد أنهم فقهاء وفي نفس الوقت أدباء وشعراء، الأمازيغ هم مادة الإسلام في المغرب، ولهم دول كانت حمت الإسلام ورعته في الوقت الذين كان صلاح الدين الأيوبي يقارع الصلبيين في الشرق وكان يعقوب المنصور الموحدي كان يقارع الصليبيين في الغرب وفي الأندلس.

  • في إطار هيكلة الحقل الديني عملت وزارة الأوقاف على إقصاء عدد من الخطباء التي اعتبرتهم يروجون خطابا شعبويا، لمجرد تعرضهم لمساوئ الوقت، كالمهرجانات، وما تبثه قنوات القطب الإعلامي العمومي من أفلام ومسلسلات ساقطة، وعاقبة المعاصي والذنوب وارتباطها بالزلازل، وغير ذلك، كيف تقيمون هذه السياسة؟

في ندوة السلفية التي دعوت إليها وفي الجانب الذي لم يحضره الوزير من كلمتي نوهت حين إذ أن الوزارة غيرت أسلوبها عما كان من قبل، وأنها صارت تفتح الحوار مع الذين يخالفونها أو تخالفهم، وسلكت مسلك، التودد والتقريب، يعني الذي لاحظناه في هذا الأخير أنها كانت تسدد وتقارب وأنا أرجوا أن يبقى الأمر كذلك، فإن أسلوب العنف مع الدعاة وغيرهم لا يجلب للأمة خيرا وليس هو بالراشد، ومظنون في معالي وزير الأوقاف أن يسلك مسلك التودد واللين والرفق وأن يتجاوز حتى إذا كانت هناك بعض الأخطاء.

الذي ينبغي أن أؤكد عليه أن الإنسان أحيانا عندما يرقى المنبر ينسى نفسه وينصهر مع الذين حوله فيقول أشياء ربما تكون بنت ساعته، وهذا طبيعة الخطاب خاصة خطاب الجمعة، النبي عليه الصلاة والسلام كما قرأنا في الهدي النبوي كان إذا خطب الناس كأنه منذر جيش يقول أنا النذير العريان ويقول صبحكم ومساكم، فمعناه أن الخطاب الإسلامي مبني على الجانبين: العقلي، والعاطفي الحماسي، فينبغي ترك الدعاة والعلماء يؤدون وظيفتهم دون عرقلة سبيلهم والله الموفق للجميع وأسأل الله التوفيق للجميع.

  • في ختام هذا الحوار أود منكم التعليق على ثلاثة أسماء:

  • عبد الإله بنكيران: إبني وتلميذي ومحبي وصديقي، مواقف عبد الإله بنكيران في الدعوة المتميزة كنت أنا وراءها وهو يعلم هذا.

– مصطفى بنحمزة: رجل فاضل ليس لي به صلة وثيقة ولكن أعرف أنه في الساحة الإسلامية والمؤسسات التي أقامها الدكتور مصطفى بن حمزة المؤسسات العلمية لتدريس القرآن والعلوم الشرعية ناطقة بدورها وهي حية فالرجل خادم للعلم خادم للدعوة أسأل الله عز وجل له الثبات والتوفيق وأسأل الله تعالى أن ينفعه وينفع به إنه ولي ذلك والقادر عليه.

– محمد بن العربي العلوي: الشيخ الراحل محمد بن العربي العلوي كان رجلا عالما وكان سلفيا، الشيخ بن العربي العلوي له مواقف ضد فرنسا وقد نفي كما نفي المختار السوسي، وكما نفي غيره هؤلاء من رجالات المغرب ومن رجالات الدعوة الإسلامية “فمنهم من قضى نحبه ومنهم من يتنظر” نسأل الله تعالى أن يلحقنا به مسلمين.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

* الشيخ محمد زحل رئيس رابطة علماء المغرب العربي.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. السي زحل غفر الله لك. تعيش في بحبحة لم تعرق و لم تنجز لاجلها فكرا نوقش في اكاديميات العلم و البحث و التقدم. غفر الله لك فانت تدس السم في الحوار و كاني تحن الى عهد العبودية حيث كان امثالك معفون من الزكاة . غفر الله لك فانت تبشر بعصر يصير فيه كل شباب الوطن جاهلا باسباب الرقي من علم لرياضيات و الفيزياء و الفلسفة و المنطق. و يكون بذله ساسة الزور المسماة ظلما صحوة. ها انت ترى و كل العالم تقدم المسيحيين و اليهود و البوذيين و الهندوس الا المسلمين. هل سترعوي

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M