الشيخ عمر القزابري يكتب: السَّماويُون…

05 نوفمبر 2016 22:16
الشيخ عمر القزابري يكتب: لاَ تَنْسَوْا يَوْمَ القِيَامَة...!

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.. أحبابي الكرام:
المسلم هيِّن سهلٌ ليِّن رحيم. يقتفي آثار النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.. يمشي على الأرض وقد حمل بين جنبيه قلبا يفيضُ بالرحمة والشفقة على الخلق. يعفو ويصفح.. ويتجاوز ويسمح.. لا يُساكن الضغينة. ولا يُخادِن الشماتة. يتلطف بالمخالِف رجاءَ استمالةِ قلبه وكسب وُدّه.. ولذلكم كانت الأخلاق في ديننا بالمحلِّ الأسنى حتّى إن صاحبها ليحظى بالقرب من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دار المُقامة..يقول سيدي وتاج رأسي صلى الله عليه وسلم: (أقربكم مني مجلسا يوم القيامة…أحاسنكم أخلاقا..)، ثم يزيد صلى الله عليه وسلم الأمر بيانًا فيقول: (أثقل مايوزن في الميزان يوم القيامة حسنُ الخُلُق)، فلا مكان للقسوة ولا للشماتة في قلوب المنتسبين إلى الجناب النبوي..وكل خارج عن هذه المنظومة فقد أبعد النُّجعة ..

وانظروا يارعاكم الله في خاتمة سورة الفرقان.. عندما ذكر ربنا صفات عباد الرحمن وعَدَّدَ حُلاهم وكمالاتِهم.. كانت الأخلاق بوابةَ الدخول إلى تلك الجنان الناضرة.. جاء التصديرُ بالأخلاق قبل الإشارة إلى التوحيد وعدمِ الإسراف..وغير ذلك من صفات عباد الرحمان فعلا وتركا… قال سبحانه: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما)، والتصدير بهذه الصفة له مقاصد وغايات. وفيه أسرار وإشارات.. منها أن تَدَيُّنا بغير خُلُق.. هو تَديُّنٌ مَدخول معلول.. لا يؤتي أكله في ترسيخ الإيمان.. ولا في نشر السلام بين بني الإنسان.. يمشون على الارض هونا… مصالحةٌ ظاهرةٌ مع نفوسهم.. وسلام داخلي تَشعُّ أنواره.. وتتدلى ثماره.. يَسُرُّ الناظرين.. ويسلب القلوب في كل حين.. وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما.. تصرفٌ نابعٌ من طبعهم.. بعيدٌ كل البعد عن التكلف.. لا يَنْجرُّون إلى سفاهة. ولا يدخلون مع جاهل إلى متاهة.. إذا تسلط عليهم الأغرار بقولِ فُحش.. كانوا كما هم كبارا.. ينظرون من ملكوت السُّمو.. فيقولون سلاما.. أو يتصرفون تصرفا يَسلمون به. وليس معنى هذا أنهم ضعاف.. ولكنّ علوَّ أرواحِهم لا يقبل التدني أبدا.. مع لمسةِ الإشفاق الغالبة على طبعهم.. عبادُ الرحمان.. همُّهم هداية الناس وسلامتهم.. لا يغضبون لأنفسهم.. لأنهم يرون المُتسلِّط عليهم جاهلا يحتاج إلى تعليم.. والتعليم الأبلغ في الأثر.. التعليم المُغلّف بالرحمة والرفق.. لا يَشمتون ولا يَشتمون.. إلا إذا تجاوز جاهلٌ الحرمات.. وجاهر بانتقاص المقدسات.. عندها يغضبون لله.. ويؤدبون المتجاسر بمقالهم.. ويقفون سدا منيعا.. ينفون عن دين الله الأباطيل التي يثيرها المُرجفون.. الذين هم في كل زمان ومكان… سيرا على سنة المدافعة..

فطوبى لمن كان رحيما حريصا على العباد.. لا شامتا ولا شاتما.. فمن شمَت بأخيه.. فلا يضمن أبدا أن يتعرض لصفعةٍ قدرية.. ترمي به في غياهب الانتكاس.. لذلك فإن المسلم دائمُ اللّهج بالدعاء لنفسه بالثبات.. وللعاصين بالهداية..

فتلك من معالم الشخصية النبوية التي يُنبيك عنها بعض أحواله وأقواله.. من مثلِ قوله صلى عليه وسلم داعيا.. “اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون“، ومن مثل قوله: “ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء“.. أو كما قال صلى الله عليه وسلم..

هذا الهدي هو الأضمن لدعوة الناس إلى رياض الهدى.. وجِنان النور.. وضدُّ ذلك إشعالٌ للعداوات.. وتنفير عن الغايات.. فلا تشمت أيها المسلم بأخيك.. فإن الدنيا ذات أحوال. وحمّالةُ وجوه.. فسلِ الله السلامة ولا تغتر.. وانصح ولا تفضح.. واعرض ولا تَفرِض.. وإن رأيت جهالة فأعرض.. وادعُ لأخيك المسلم في ظهر الغيب. بالهداية وستر العيب.. فالعجب ممن يحاسب الناس ولا يحاسب نفسه.. وهي أحوج وأفقر إلى المحاسبة… يقول سيدي صلى الله عليه وسلم: “إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق“.. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

محبكم وحافظ عهدكم وودكم عمر بن أحمد القزابري.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M