الشيخ عمر القزابري يكتب: الشهرة.. شراب السراب

01 يونيو 2021 19:44

هوية بريس – الشيخ عمر القزابري

بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه اجمعين. أحبابي الكرام:

يا طالب الشهرة مَهْ.ْ هاك نصحا لا تنسه. ماذا يغني عنك الاشتهار. وكيف تراه مَدْعَاةً للفخار. إن كان يفرحك الإشارة بالأصابع. وكثرة المُسْتَشِْرف والمُتابع. فتلك والله رغبة دنية. وبلية ورزية. والله لَلْعَيْشُ في كهوف الجبال. أمتع وأروح للبال. وأطرد لِلنَّكَدِ والبَلْبَال . وسُورٌ دُونَ قِيلَ وقال . ياطالب الشهرة قف. وعن طلب العزلة لا تقف. فما الراحة في ملأ يعرفك ولا ينصفك. أو يستقصي أخبارك أو يتعبك. فَرُبَّ واحد يصفو. ويستر ويعفو. يفهم نظرتك. ويسد خَلَّتَك. خير لك من جماعة. رُبَّ إِلْفٍ خير من ألف. أو إِلْفَيْنِ أحسن من أَلْفَين. عجبا لهؤلاء الذين تسَمَّوْا بالنجوم. يخدعهم بريق لا يدوم. ويتساقطون كالفراش في أحابيل الشهرة. يُحْيُون سهرة بعد سهرة. يغترون بالتصفيق. ويصدقون التلفيق. ويصدقون أنهم أعلام. وماهم بأعلام وإنما هو الإعلام. يرفع مَنْ حقه الوضع. ويضع مَنْ حقه الرفع. يعشق جموع التكسير. ولا ينبئك مثل خبير.

ياطالب الشهرة :احذرها فإنها خَدَّاعة. ولذة لَذَّاعة. أمورها شَتَّى الأَعِنَّة. وحوادثها وُقَّعٌ وأجِنَّة . لا تغتر بكلمات الناس فقد تراها رائعة. وهي خافضة رافعة. ياممدوح اليوم قد يَلْحَقُكَ بالغد الذم. فيساكنك الألم ويؤاخيك الهم. فَقَوِّ حبل صلتك بمولاك. فهو الذي يرحمك ويتولاك. يسترك وأنت في حَمْأَةِ الإدبار. ويدعوك إلى التوبة والاستغفار. بل يبدل سيئاتك حسنات. فأين هذا الكرم ممن شأنه الافتئات. أغلب الناس يبدون لك اليوم الحب والإمتنان. ويتقلب الحال فيلقونك في جب النسيان.

الشهرة سِهامُ أَعْيُن. وكلامُ أَلْسُن. وَتَقَوُّلٌ واخْتِلاق. ورجمٌ بالغيب بلا إشفاق. فالمغمور أَسْعَدُ مِنَ المشهور. تغطيه الأيام وتستره الشهور. قد تَحَرَّرَ من قيود الأنظار. وسهام الأبصار. ولا تتناقل أَحْوالَه الأخبار.

ليس من حق صاحب الشهرة أن يغضب أو يعتذر. ليس من حقه إذا بُغِيَ عليه أن ينتصر. فإن فَعَلَ نُسِب إلى الغرور. واتُّهِمَ بالكبر والشرور. لا يُخْطِئه لحْظ. ولا يَسلمُ مِن لَفْظ.

يا عشاق الشهرة :على ماذا تتصارعون؟ أعلى رضى الناس؟ فالناس كلهم فقراء. قويهم وضعيفهم وكذا الكبراء. واللهِ لإِغلاقُ باب. وسُكنَى سِرْداب. والتَّسَرْبُلُ بجِلباب . أحب عند ذوي الألباب. من شهرة مُتْعِبة. ومعرفة مُذْئِبة. والناس أمرهم عجيب. ونبأهم غريب. رضاهم أبعد من الشِّعْرَى. يخفون حسنتك ويظهرون الأخرى. إلا من رحم ربي وسلم. والخير باق كما أخبر صلى الله عليه وسَلَّّمْ.

يا عشاق الشهرة :أين الذين كانت تسير بأخبارهم الركبان. وأحوالهم منتشرة في كل مكان. الكل يخطب ودهم. ويتمنى قربهم .ويتبنى مدحهم. مات المادح والممدوح. وأصبحت حمائم المدح على الأيك تنوح. ولن ينفع العبدَ إلا ما قدم من صالح الأعمال. وكُلٌّ أَدْرَى بِحَالِه وإلى الله المآل.

العارف بالله من كان المدح والذم عنده سِيَّان. وعرف حقيقة الإنسان. وأدرك أن الناس كالزرع صنوان وغير صنوان.

أيها الأحباب :لا يخفف من شدة التعب والكد. إلا أناس أوفياء ليس لوفائهم حد. يدعون لك بظهر الغيب. ويسترون مابدا من العيب. لا يتربصون بعباد الله الدوائر. ولا يحكمون على الضمائر والسرائر. وهم اليوم في الناس أَنْدَرُ من الغراب الأعصم. والعاقل من تعامل مع كلام الناس كأنه أَصَمّ. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M