الفتاة التي تترك الدراسة من أجل الزواج هل اختيارها صحيح؟

25 أبريل 2022 05:42

هوية بريس – هبة البغدادي البارزي*

لا ينفك هذا السؤال عن الظهور في منشورات الفيس بوك ومجموعاته، على أنه يكتب بطريقة أكثر سطحية ولا أعلم صراحة الغرض من هذا السؤال الخاطئ في ذاته والذي لا يصح ابتداء.

لأن الزواج رزق من الله سبحانه وتعالى نصيب قدره لعباده، فربما يأتي الشخص المناسب للزواج وربما لا يأتي، ومثلما لا يصح أن توصم الفتاة بأن قطار الزواج فاتها لأن لا دخل لها بذلك، إلا إن كانت رافضة للزواج تكبرا منها وعجبا بنفسها، كذلك لا يصح أن يستنكر الزواج على من تتزوج إن جاءها الشخص المناسب في وقت لا مشيئة لها فيه بل هي مشيئة الله.

والإسلام حث على تعجيل الزواج وشجع على التيسير له ومساعدة شباب المسلمين للزواج، وهو يكون واجبا أو مستحبا أو مكروها بحسب كل حالة وظروفها.

وهو للفتاة أوجب إن جاءها الرجل الكفء المناسب الذي يرتضون دينه وخلقه، ويفضل أن تشجع الفتاة على الزواج إن كان الرجل مناسبا لها حتى لو لم تكن لها رغبة في الزواج، فعَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ) حسنه الألباني في “صحيح الترمذي”.

وبالعودة للسؤال، فالسؤال يفترض أن الدراسة أهم من الزواج ويعتبرها أمر مسلم لا نقاش فيه وكان هذا التسليم نتيجة تشويه مفهوم الزواج بشكل كبير وربط الحياة بأهداف مادية.

وفكرة خاطئة مفادها أن الزواج يشبه المقبرة للفتاة تُدفن فيه طموحاتها وأحلامها، فلا يمكن أن تجمع بين الدراسة والزواج أو بين العلم والتعلم والثقافة والزواج وكأنهما متنافران لا يجتمعان، بل كم من زواج كان للفتاة بداية طريق للعلم والطموح والتغيير الإيجابي، ولنا في عائشة رضي الله عنها خير مثال فقد كانت من أعلم النساء وقد عَلَّمت النساء من علمها الذي نهلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

المفهوم الخاطئ الثاني هو حصر الدراسة والعلم بالمدرسة والتحصيل الأكاديمي على أن العلم أكبر وأوسع من ذلك فعلم الجامعات لا يعطيك إلا مفاتيح العلوم.

ثم التصوير الأخير الذي يستخدمون فيه لغة التخويف دائما، بأن الشهادة هي قوة الفتاة وهي من ستنقذها من غدر الزمان وغدر زوجها، على أن الواقع أعقد وأصعب من ذلك وهذا ما نشهده، فإن تطلقت الفتاة ولديها أطفال أين ستذهب بهم؟ وماذا إن كانوا صغارا في سن الرضاعة؟ والحاصل أنها لا تعطى فرص العمل لأنها أم مرتبطة بأطفالها، معيلة لوحدها وهذا ما يحدث في أوروبا بكثرة لأن الأم لامعين لها، فتضطر للعمل في أي شيء هذا إن وجدت مكان العمل المناسب الذي يكون آمنا لها، وهي حالات على سبيل المثال لا الحصر.

وهذا الكلام ليس لرفض العلم أو لتعلم مهنة معينة بل هو نقد لطريقة الخطاب نفسه الذي يقف عقبة في طريق الفتيات والشباب للزواج، ثم في اقناع الفتاة أن الشهادة والاستقلال المادي وغيره هو من سيحميها، إلّا أن الحماية والرزق من الله سبحانه وبالالتزام بشرعه وأوامره فهو المعين والناصر ولا حول ولا قوة إلا به، والإنسان مأمور بالأخذ بالأسباب، ولكن لا يجب أن تتحول الأسباب لهدف بذاتها، فيصبح اللهث وراءها على حساب الإيمان والدين والعرض.

وهذه دعوة إلى النظر في الأمور بعقلانية أكثر وبقراءة متعمقة للواقع، وبالتخلي عن أصنام جديدة كالقوالب الفاسدة الجاهزة والتقاليد والأعراف إن تعارضت مع شرع الله الذي ما إن تعارضت معه كان بدوره تعارضا مع مصلحة الفتاة.

فيريدون تحرير المرأة من منظومة الزواج وعبودية الزوج وربط حياتها به مثلما يزعمون، إلى التذلل لمعبود آخر وهو الشهادة والمال والوظيفة، وكلاهما منبوذ فالمرأة عبوديتها لله سبحانه وتعالى تأتمر بأمره وتجتنب نواهيه.

ولماذا لا يكون السؤال هل اختيار الفتاة للدراسة والعمل والتحقيق المتوهم لذاتها على الزواج من رجل مناسب حسن الخلق والدين اختيار صحيح؟

والجواب يكون بحسب هدف المرء في حياته وفهمه لوجوده، فهل هو عبد لله يسعى للصلاح والدار الآخرة أم عبد غرته الدنيا والحياة المادية الجوفاء؟

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* صفحة السبيل.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M