الكنبوري: اسم الزقاق والشارع مثل الزي للمرأة والرجل.. ومن لديهم حسابات وأحقاد لا تهمهم “لا سلفية علال الفاسي ولا سلفية الفاسي علال”

20 مايو 2020 22:30

هوية بريس – عابد عبد المنعم

اعتبر الدكتور إدريس الكنبوري أن تسمية أزقة بمدينة تمارة بأسماء مشرقية قرار “يستوجب الإدانة والاستنكار فعلا، لأنه يعكس قصور النظر ويترجم عدم اهتمام بالرموز الوطنية، العلمية والسياسية. ونحن لا نعتقد بأن بلدا خليجيا يحتفي بأسماء رموز مغربية بهذه الطريقة التي نتصرف بها نحن، ولا أي بلد آخر. والمغرب ليس بحاجة إلى جلب أسماء من خارجه سواء مثلوا السلفية أو مثلوا غيرها، ففي تاريخ المغرب ولله الحمد أسماء تزن الجبال لكنها مجهولة، وكان من الأولى رد الاعتبار إليها”.

وكتب المفكر المغربي أنه “عندما نكتب بين الحين والآخر ونلوم الفاعل السياسي أو الحزبي على جهله بالثقافة الوطنية المغربية لا نفعل ذلك تحاملا على أحد، بل نفعله غيرة على بلدنا وتقديرا لتاريخنا الوطني الحافل. ونتذكر أننا قبل بضعة أشهر كتبا في هذا المكان رافعين تحديا في وجه الطبقة السياسية، وذلك على هامش تعليقنا على أحد خطب جلالة الملك، وقلنا إن الأكثرية الساحقة من الطبقة السياسية المغربية تجهل الكثير من الرموز الفكرية والعلمية المغربية، وإن أحد هؤلاء لن يستطيع أن يتحدث ربع ساعة عن واحد من هؤلاء الأعلام، وذلك عكس ما نلقاه عند الطبقة السياسية في البلدان الأخرى، بما في ذلك بلدان الخليج نفسها، حيث نجدها مهتمة بتاريخها الثقافي ورموزها، بل إنهم يؤرخون لكل مدينة بأعلامها. ومن المؤسف أن نجد الطبقة السياسية في المغرب هي التي تنزاح عن هذا الدور، بينما يفترض فيها أن تكون هي من يرد المواطنين إلى أصوله ويذكرهم بتاريخهم.

غير أننا في ذات الوقت لا نسمح بالكيل بمكيالين والخوض في الماء العكر، لأن الأمانة الوطنية، والوطنية مذهبنا السياسي، تمنعنا من أن نخوض كما يخوض الذين لديهم حساباتهم وأحقادهم. ونحن ندرك جيدا، من واقع التجربة والخبرة، أن أمثال هؤلاء ليس دافعهم غير الحسابات الضيقة والعنصرية، وأنه لا يهمهم لا من قريب ولا من بعيد لا السلفية الوطنية ولا الإقليمية ولا الدولية، لا سلفية علال الفاسي ولا سلفية الفاسي علال.

من أراد أن يناقش أسماء الشوارع من مدخل النزعة الوطنية فمن هنا البداية. هناك أزقة لا تزال لحد اليوم تحمل أسماء أجنبية، بل بعضها يحمل أسماء محتلين فرنسيين لم يكونوا يروجون الفكر المتطرف، بل كانوا يطلقون الرصاص على المواطنين مباشرة، لأنهم لم يكونوا بحاجة إلى الكلام لضيق الوقت. أمثال هذه الأسماء وبقاؤها يجب أن يكون موضوع نقاش حتى نطهر شوارعنا من بقايا الحماية.

وهناك أسماء غريبة لشوارع وأزقة، خصوصا في الأحياء الراقية، لا طعم لها ولا لون، بل بعضها تعبير واضح عن الاستيلاب الثقافي والانجذاب لثقافة دولة الحماية القديمة”.

وختم الكنبوري تدوينة له على صفحته بالفيسبوك بعنوان “أيها الشارع… من سماك؟” بقوله “نحن نؤمن بأن أسماء الشوارع والأزقة ليست أمرا شكليا كما يعتقد البعض، بل هي من صميم الوطنية والحضارة في كل بلد، لأن الإسم للزقاق والشارع مثله مثل الزي للمرأة والرجل، كما أن اللباس عنوان الشخص فالشارع عنوان البلد. وفي فرنسا نفسها لا يزال النقاش مستمرا حول بعض الشوارع التي تحمل أسماء أشخاص من الحكومة التي كانت في عهد الاحتلال النازي لباريس، وفي إسبانيا أيضا لا يزال النقاش حتى اليوم حول الشوارع التي تحمل أسماء جلادين من عهد فرانكو، فهذا نقاش حيوي ينم عن الوطنية.

ولذلك المطلوب منا دائما أن نرقى فوق الحساسيات الضيقة والشوفينية المقيتة وأن نناقش انطلاقا من زاوية وطنية، دون أن ننسى بأننا في دولة لديها مؤسساتها وتعرف ماذا تفعل ولن نكون أحرص منها على المصالح الكبرى للوطن، لكن دورنا أن نشير إلى مكمن الخلل بطريقة تحترم ذكاء المواطنين وذكاء الدولة، وتعجبني عبارة “ذكاء المواطنين” كثيرا لذلك أستعملها وقد أعود إليها”اهـ.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M