الكنبوري: روح الحضارة الغربية الحديثة.. العدمية وغياب القيم وتمجيد القوة

06 أغسطس 2022 16:48

هوية بريس – متابعة

كتب الدكتور إدريس الكنبوري “يمثل فريدريك نيتشه أسوأ ما أنجبت الفلسفة الغربية؛ لكنه في نفس الوقت أفضل من يعبر عن روح الحضارة الغربية الحديثة؛ حضارة العدمية وغياب القيم وتمجيد القوة. عبارة “مطرقة نيتشه” الشهيرة le marteau de nietzsche هي أداة لهدم كل شيء ونقد كل شيء. إنها تشبه مطرقة في يد رجل أحمق يضرب بها كل من يراه. لقد هدم نيتشه كل شيء؛ وتساءل عن قيمة القيم نفسها؛ لماذا القيم ذات قيمة؟ القيمة الوحيدة التي آمن بها هي القوة وهي ما عبر عنه بإرادة القوة”.

وأضاف الباحث والروائي المغربي في تدوينة له على حسابه في فيسبوك “وليس غريبا أن يكون المبدأ الأعظم في الفلسفة الغربية هو النقد؛ نقد كل شيء؛ وهدم المسلمات؛ والشك في اليقينيات. لا توجد مسلمات بل النقد فقط. ولو نظرنا جيدا لوجدنا أن المطرقة ليست مطرقة نيتشه فقط بل مطرقة الفلسفة الغربية ككل. من هنا نفهم كيف أن الفلسفة الغربية فلسفات متضاربة ومتناقضة؛ لأن كل شخص ينتقد ما يراه؛ وهو ما يعبر عنه الفيلسوف الفرنسي روني غينون بأن الفلاسفة يقاتلون بعضهم البعض”.

وتابع الكنبوري “عندما قال نيتشه قولته الشهيرة بأن الإله قد مات كان يعبر عن روح الحضارة الغربية نفسها. فهي حضارة بلا إله؛ أي بلا قيم؛ وفي حضارة بلا إله تصبح القوة هي القيمة الوحيدة المعترف بها؛ من يملك القوة يملك العالم. لكن نيتشه لم يخترع تلك المقولة؛ بل استخرجها من الإنجيل. فعندما صلب بيلاطوس المسيح وقتله بعد أن وشى به اليهود فقد قتل الإله؛ أي أن الإنسان هو الذي قتل الإله؛ ومعنى ذلك أن الإنسان أقوى من الإله؛ ومن هنا جاءت أفكار ماركس وغيره بأن الإنسان هو الذي صنع الآلهة وخلق الأديان؛ وهي صورة نجدها في التوراة عندما تقاتل يعقوب مع الرب فغلب يعقوب الرب”.

فالقوة إذن، يضيف الكنبوري في نفس تدوينته “لم يخترعها نيتشه إنما هي جزء من الديانتين اليهودية والمسيحية. فنيتشه هو الشخص الذي أوصل تناقضات الديانتين إلى أقصاها وأعطاها بعدا فلسفيا. وبعد أن أكد موت الإله خلق السوبرمان؛ الإنسان الأقوى؛ فقد قال إن الإنسان فيه جانب إلهي وجانب بشري؛ وإن الأول يجب أن يغلب الثاني؛ وهذه أيضا صورة من الإنجيل؛ فقد كان المسيح الإنجيلي خليطا من الألوهية والبشرية؛ هو إبن الله وفي نفس الوقت إبن الإنسان كما يعرفه الإنجيل؛ وهي صورة معقدة ومليئة بالتناقض. لذلك فإن تناقضات نيتشة هي تعبير عن تناقضات المسيحية نفسها؛ لقد كان مسيحيا متمردا على الإنجيل من داخله”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M