الكنبوري: قلقهم من تصريحات د.فتحي ليس سببه موقفه من الاغتصاب.. بل حديثه عن الحريات الفردية بطريقة لا تعجب هؤلاء

15 يونيو 2020 20:22

هوية بريس – عابد عبد المنعم

قبل مدة طويلة، شارك الدكتور خالد فتحي، طبيب النساء المعروف، الذي له مشاركات طبية وفكرية بعدد من المنابر والقنوات التلفزية، في برنامج مدته 52 دقيقة.

وفحوى كلام د.فتحي أن “الطاقة الجنسية طاقة طبيعية ويجب تفريغها داخل الأسرة، وهدم القيم الأسرية والقضاء على مفهوم الأسرة يساعد على الاغتصاب، لأن هناك من لا يريد الأسرة وينادي بأن جسده ملك له يفعل به ما يريد باسم الحريات الفردية، لذلك يجب الاشتغال على الأسرة والمرأة وإقناعها بفكرة الزواج”.

المثير أن بعض من يرفعون شعار الحرية ويمارسون عمليا أبشع صور الديكتاتورية بتروا جزء من تدخل الطبيب حول موضوع الاغتصاب، وشرعوا في التحريض وترويج عريضة لجمع توقيعات ضده.

وتعليقا على هذا الإرهاب الذي باتت تمارسه جهات تدعي الحرية والحداثة، تساءل الكنبوري “ما هو مطلبهم؟”، ليجيب إنهم “يريدون منع الرجل من الظهور في البرامج ووسائل الإعلام”.

وليعلق بعد ذلك على هذا التطرف والإقصاء الممنهج بقوله “لا يهم الآن موقفي من كلام الدكتور خالد فتحي، لأن الأمر تجاوزه هو نفسه. الموقف السليم اليوم هو الموقف من هذا الانزلاق الصبياني الذي انحرفت إليه مجموعة من المواطنين الذين يريدون قص ألسنة المخالفين. قبل أسبوعين وزعت جماعة تطلق على نفسها تسمية “الجبهة” بيانا حادا ضدي أنا شخصيا تتهمني فيه بدعم التطرف والإرهاب، بسبب موقف عبرت عنه في حق الوزير الأول الأسبق عبد الرحمان اليوسفي، من أجل ترهيبي بتهمة الإرهاب والدعشنة التي صارت على لسان كل من يريد إسكات غيره بطريقة سهلة لا جهد فيها، بل بمجرد كلمة صغيرة من خمسة أحرف. واليوم يتجدد اللقاء مع التطرف والعنف والإقصاء باسم المجتمع المدني أو الحقوق النسائية أو غيرها.

هناك مشكلة يجب أن تناقش مع هؤلاء. قبل أن تخرجوا إلى الساحة العامة وتنخرطوا في حقل معين لا بأس أن تطلعوا على الأدبيات الأساسية الخاصة به. يعني مثلا، لا يمكنك أن تنخرط في المطالبة بالديمقراطية ـ مجرد مثال ـ بينما أنت تغلق الميكروفون في وجه كل من يخالفك الرأي عندما يبدأ بالكلام، أو أن تكون مناديا بحقوق الإنسان وأنت تدوس حقوق غيرك”.

وأضاف المفكر المغربي “الدكتور خالد فتحي من حقه أن يعبر عن الرأي الذي يراه، وأن يقول إن سبب الاغتصاب غياب الأسرة أو شرب لبن الناقة، في آخر التحليل ذاك رأيه، وأنت من حقك أن تخالفه، لكن أن تلجأ إلى المطالبة بإغلاق وسائل الإعلام في وجهه، فهذا لم يحصل حتى مع الدولة التي تطلق ألسنة معارضيها للكلام في كل منبر، فما بالك بأشخاص هم في النهاية أعداء حقوق الإنسان وأعداء الديمقراطية وأعداء المرأة والأسرة؟

أعرف جيدا سبب القلق من تصريحات الدكتور فتحي. إنه ليس موقفه من الاغتصاب، بل حديثه عن الحريات الفردية بطريقة لا يريدها هؤلاء. لكن ما هو جد مؤكد، أن مثل هذه الردود، والبيان الذي صدر ضدي قبل أيام، وما تعرض له آخرون من قبل من طرف نفس التيار، كل ذلك يدل على أن الحرية تزعج هؤلاء ولكنها لا تزعج الدولة بنفس القدر تماما، ويدل بشكل قاطع على أن هؤلاء يوجدون في موقف ضعيف، ولا يمكنهم الانتصار لمواقفهم إلا بالقمع والعنف وإخراس الناس ونصب محاكم التفتيش.

لم أكن أريد التوسع في الكلام، ولكن الضرورة تقضي بالتوضيح حتى يفهم الناس. تفسير الدكتور فتحي للاغتصاب، التفسير الذي أقلق البعض، هو تفسير أهون بكثير من التفسيرات التي سمعناها قبل عام من لدن بعض المحسوبين على هذا الاتجاه، عندما ردوا الاغتصاب إلى بعض الأحاديث النبوية، وقد رددنا على هذا الكلام في وقته وهو منشور. ولكن هؤلاء يريدون أن يكون كلام النبي مسؤولا ولا يريدون أن تكون الأسرة مسؤولة. بعضهم رد بأنه لا يجب تبرير الاغتصاب لأن الاغتصاب فعل مجرم مهما كانت الأسباب. طيب. لماذا لم يقل نفس الكلام عندما تم تجريم الأحاديث النبوية؟

واختتم الكنبوري تدوينة له على صفحته بالفيسبوك حول الموضوع بقوله “نحن أنانيون وإقصائيون، نفهم المفاهيم بحسب زاوية الاستفادة. ننادي بالديمقراطية لأننا نريد أن نوظفها لغرضنا، لكن إذا رأيناها تمنح الآخر فرصة انقلبنا عليها. ننادي بحقوق الإنسان لأننا نريد أن نتكلم، لكن عندما يتكلم غيرنا ننقلب، وهكذا. لكن بهذه الطريقة نعود إلى سنوات الخمسينات والستينات، ولولا الدولة التي تذكرنا أحيانا بأننا في قرن جديد لما خطر ذلك ببالنا.

إنني أعلن تضامني المبدئي مع الدكتور فتحي، وأعتبر ما يتعرض له إرهابا يمارس ضد كل من يريد أن يتمتع بحريته في وطنه”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M