الكنبوري: لماذا كلما تحدث شخص عن الأوبئة أو المصائب والكوارث وعلاقتها بالغيب و”الانتقام الإلهي” كلما انبرى الكثيرون لمهاجمته؟!

03 مارس 2020 08:02
إدريس الكنبوري يطرح تساؤلات حول "التعديل الحكومي" والعلاقة بين مطلب الكفاءات ومطلب التقليص العددي؟

هوية بريس – عابد عبد المنعم

تحت عنوان “كورونا والغيب” تساءل د.إدريس الكنبوري “لا أفهم أنه كلما تحدث شخص عن الأوبئة أو المصائب والكوارث وعلاقتها بالغيب و”الانتقام الإلهي” كلما انبرى الكثيرون يهاجمونه، مثلما يحصل اليوم مع كورونا فيروس.

أولا أبادر إلى تصحيح بعض الأخطاء الشائعة التي صارت “علما”. ليس المسلمون فقط هم من يربط بين كوارث الأرض ولعنات السماء (وبركاتها أيضا). جميع الأمم والشعوب تفعل ذلك بتفاوت، إلا أن المسلمين هم الأكثر عقلانية في هذا الربط، رغم بعض الانزلاقات العادية لأن في الناس العاقل والأحمق، العالم والجاهل، المندفع والمضبط، أسودهم وأبيضهم، وأخضرهم وأصفرهم، مؤمنهم وكافرهم.

ولا أعتقد إطلاقا أن هناك أمة شديدة الحرص على اللجوء إلى السماء لتفسير الأرض مثل الأمة المسيحية، يليهم اليهود، قديما وحديثا. ومن أراد أن يفهم فليقرأ كتابات جاك لوغوف، كبير مؤرخي العصور الوسطى في فرنسا وأوروبا، وزميله جون دولومو، هذا المؤرخ الظاهرة الذي وضع العقلية الأوروبية على الطاولة كأنك تراها”.

وأضاف الباحث في قضايا العنف والتطرف “تفسير بعض الظواهر والكوارث على أنها انتقام إلهي بالنسبة للمسلم ليس فيها عندي ما يضاد العلم وينافيه، اللهم إن كان العلم يعني الظاهر والمادة فقط، ولكننا كمسلمين نعرف العلم على أنه كل علم يوصل إلى الحق. ويدل القرآن على هذا الربط في العديد من الآيات، بل إن القصص القرآني ما هو إلا تذكير بهذا الربط بين الانحراف الأخلاقي والعلمي للحضارات وبين الانتقام الرباني.

وعندما يربط المسلم بين الإثنين فليس في ذلك أي أثر على الواقع، بقدر ما يبقى الأمر مسألة ذاتية ذات علاقة بالعقيدة فحسب، والإحراج الذي يشعر به البعض تجاه هذا الربط ليس له علاقة بالغيرة على العلم والعقل، بل فيه حساسية من الدين. فهؤلاء المتحرجون هم في الغالب أصحاب أيديولوجيا، والأيديولوجيا -كما هو معروف- هي الوجه المضاد للعلم، كما أنهم ليسوا عقلانيين في حياتهم بل لديهم جانبهم الخرافي الخاص بهم، زد على ذلك أنهم ليسوا من سكان المختبرات العلمية. وعموما هذا يدخل في إطار حسابات سياسية وأيديولوجية مفهومة ولا علاقة له بعلم ولا جهل”.

الكنبوري اعتبر “الهجوم على هذا الربط بين العقاب الإلهي والكوارث جزء من الحرب على التدين، إذ يراد أن يبقى الدين بعيدا عن الحياة العامة ولا يدخل في أي منظومة فكرية للتفسير. لكن من إيجابيات هذا الربط جعل الإنسان مرتبطا بالغيب مستحضرا للعناية الإلهية. إن هذا الربط نوع من البحث عن السؤال الأخلاقي في الحضارة الحديثة، وهذا الربط على عكس ما يعتقد الكثيرون لم يزل في العصر الحديث، لكنه غير الاتجاه فقط، فنزل الوازع الأخلاقي من كونه أوامر من السماء إلى أن يصبح التزامات صادرة عن العقل الإنساني. هذا ما نجده عند كانط وشوبنهاور في كتابيهما عن الأخلاق”.

واختتم الكنبوري تدوينة له على صفحته بالفيسبوك بقوله “اليوم بعد ظهور الإيكولوجيا écologie ظهر النزوع إلى الربط بين الأخلاق والقيم الدينية والإنسانية من جهة واستقرار العالم والبيئة من جهة ثانية. بل صار رواد هذه الفلسفة الجديدة. يؤمنون بأن مهمتهم لا تقل عن مهمة المبشرين لأنها مهمة تبشير بالقيم العليا من أجل المحافظة على الكون. يقول هؤلاء ان الإيكولوجيا ديانة جديدة بل يقولون إنها إيمان.

نكتفي بهذا القدر لكن نشير فقط إلى مسألة أساسية جدا: كلما أدخلت الآية والحديث في أمر من الأمور كلما بدوت متخلفا. لكن أن يقول الآخرون بأسلوب فلسفي متموج نفس مضمون الآية والحديث ليس فيه إشكال. إنها أزمة حضارية”اهـ.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M