المتهمون الغائبون في قضية الشيخ «أبو النعيم» و«القناة الثانية»

01 أغسطس 2016 21:53
المتهمون الغائبون في قضية الشيخ «أبو النعيم» و«القناة الثانية»

هوية بريس – ذ. إبراهيم الطالب

صحيح هي قضية بين طرفين متخاصمين، مصالحهما متناقضة، وأهدافهما متعارضة، وهوية كل منهما معادية للأخرى، فطبيعي أن تكون بينهما قضية.

هي قضية “رأي عام” وليست قضية عبد الحميد أبو النعيم وحده، لهذا فكل واحد من الطرفين يمثل الآلاف من ورائه.

لكن نظرة على أعمال كلا الطرفين وانتمائهما قد تساعد على الفهم.

الطرف الأول المدعى عليه:

 وهو الشيخ أبو النعيم أستاذ تعليم أفنى شبابه في جهاد الكلمة والتوجيه والتربية من سبورة القسم تحت وصاية وزارة التعليم إلى منبر المسجد وكراسي الدرس تحت وصاية وزارة الأوقاف، علم وحفَّظ ودرس ووجه، انتشل الشباب من بؤر الرذيلة والفجور وألقى بهم في حلقات الدرس والعلم، نوَّر العقول وهدى النفوس.

ونظرًا لأنه يؤمن بنظرية التدافع في مغرب ما بعد الاستقلال بين التغريب والإسلام، نذر نفسه ليقول كلمة الحق، ضاقت بحرية تعبيره جنبات وزارة الأوقاف، أرسلت الإنذار يتبعه أخوه وابن عمه، لم يأبه، لم يستطع أن يكون رجع صدى، لخطبة معممة، أو لسانا مستعارا لمن يريد من المنبر أن يكون فقط، للتحسيس بأهمية الرضاعة الطبيعية، وأهمية مادة “ليود” في الملح حتى تكتمل الوجبات الغذائية، وإن أراد الخطيب أن يتحدث عن الدين، فعليه أن يرتفع عن الواقع، ويحلق بعيدا عن حياة المصلين، ليحدثهم عن التعايش مع اليهود والنصارى وحقوق المستأمَنين، ويحذرهم من التطرّف الديني.

الشيخ كان يعلم أن عليه حتى يبقى واقفا على المنبر بثبات ولا يزلقونه بقرارات العزل أن يبتعد عما يقلق السير العادي لعملية العلمنة الممنهجة، هكذا يراها الشيخ، لهذا لم يكن يصبر على بلع لسانه، كلما راسلته الوزارة، حاول أن ينضبط، لكن تخونه عبارات المداهنة في الدين، فتأبى أن تخرج من فيه، ينذره الشيب في لحيته الطويلة فلا يستطيع الاصطفاف الجيد من وجله، حاول أن يكون مطيعا ويسكت، لكن صوت الواجب في قلب صادق مع الله يعلو عن صوت المندوب والرؤساء فيجد لسانه يغترف من قلبه الأحاسيس المفعمة بحب الخير للناس، فتخرج مزلزلة لمن يروم الإضرار بهم، فلا يطيق أن يتجاهل ما يراه يهدد مستقبل المغاربة في آخرتهم، من فشو الربا والقمار والمخدرات والجريمة، وما يراه يوميا في الدار البيضاء وغيرها مما يهدد أبناءهم وحياتهم من فشو عظيم للزنا والدعارة والفجور.

يقول للمواطن الفاسد الظالم لنفسه اتق الله، فيحس أنه ليس بصادق إذا لم يوجه اللوم إلى الظالم لغيره الذي يرعى الفساد من مؤسسات عمومية وهيئات منتخبة، وبقدر ما اتسعت قلوب مستمعيه لأنه يعبر عن قناعاتهم، ضاقت قلوب من يراقبونه ويحصون عليه أنفاسه، ليجد ذات صباح رسالة ممهورة من طرف المندوب يخبره بأنه عزل والتهمة غير مهم أن يعرفها.

يحاول الشيخ أن يكمل الرسالة، يبحث عمن يصور له كلمة يخطب بها ليوصل صوته إلى مريديه ومحبيه ومن ألفوا درسه وخطبته، لكن هذه المرة على اليوتيوب منبر الأمريكيين، بعد أن منع من منبر المسلمين، منذ ذلك الحين وجد حرية أكثر في التدافع مع من يراهم مفسدين للناس، فأصبح يناقش فسادهم وينشره المرة تلو الأخرى، فلما أحسوا تأثير كلمته، تناولوه بالكذب في مقالاتهم وهم أدعياء حرية التعبير، وطلبوا من القضاء أن يصادر كلماته ويختم بالشمع الأحمر على شفتيه بعد أن يضع الأقفال الصدئة عليها، فتناولته القناة الثانية بالهجوم ووسمته بالتطرف والغُلو والتكفير، دون أن تعطيه الحق في الدفاع عن نفسه.

فلما دافع عن نفسه على مواقع التواصل الاجتماعي، رفع أدعياء الحرية والفكر والحداثة في القناة الثانية أم الرزايا والبلايا دعوة قضائية، ليجد نفسه وفكره وحريته، موضوع استنطاقات وتحقيقات، ليصبح بعدها يتردد على المحاكم والجلسات.

أما الطرف الثاني المدعي:

فهي القناة الثانية، تدَّعي الحداثة وتدافع عن الفرنكوفونية، وتحارب الدعاة وتظهرهم متطرفين متخلفين من خلال الأخبار الكاذبة والملفات المزورة.

 تشيع اللاتدين وتدافع عن العلمانية من خلال البرامج الموجهة والأفلام الهابطة المدبلجة، موادها الإعلامية تقدم المفاهيم المخالفة للدين وشريعته، وتدافع عن رموز العلمانية وتنشر ما ينتجونه من أباطيل.

تشترك في تهيئة المجتمع المغربي المسلم للقبول بالشذوذ وحرية الكفر والتنصل من أحكام الشريعة.

وما تعرضه من إنتاجات يغلب عليه المجون والإسفاف والتطبيع مع الصهاينة.

تغرق البيوت المغربية بآلاف الحلقات من الأفلام المكسيكية والبرازيلية.. المدبلجة بالدارجة المغربية، وكلها لها قواسم مشتركة تتلخص في التالي:

– تشجيع الرذيلة.

– الخيانة الزوجية.

– نشر الوثنية الصليبية.

– القبول بالشذوذ الجنسي.

– التطبيع مع الزنا.

– القبول بظاهرة أطفال الزنا.

– نشر الدعارة.

هذا ناهيك عن الفجور في اللباس والكلام الساقط الذي يستحيي أن يسمعه كل من تلقى أقل المفاهيم التربوية والدينية محافظة.

المثير في قضية أبو النعيم أن كلا الطرفين يمثل جهات ومؤسسات وشخصيات عمومية، فالشيخ عبد الحميد يمثل الدين والتدين والدعاة والعلماء ورجال التعليم خصوصا أساتذة التربية الإسلامية، ويمثل وزارة الأوقاف بحكم أنه خطيب وواعظ لسنوات طويلة، وكذا المجلس العلمي الأعلى والمجلس العلمي المحلي، وهذا التمثيل ليس من الناحية الرسمية، وإنما تمثيل “قناعاتي” تمثيل أدبي، تفرضه طبيعة القضية، حيث بعد هذا الحراك الكبير والتضامن الواسع لشخصيات عمومية مع الشيخ أصبحت قضية رأي عام، وليست قضية شخص مع مؤسسة، لذا رأينا كيف انتشر وسم #أبو النعيم_يمثلني، وكيف غير العديد من أفراد الشعب المغربي صورهم على وسائل التواصل واستبدلوها بصورة الشيخ أبو النعيم.

في حين أن القناة الثانية تمثل -وبنفس الامتدادات والاعتبارات-، الفرونكوفونيين والعلمانيين وتمثل دعاة التطبيع مع الصهاينة، وشركات القمار والربا وكل الذين تدعم مشاريعهم وتدعو إلى قناعاتهم وتبرزهم للمغاربة على أنهم من الأبطال والنجوم.

من هذا المنطلق، يمكن القول إن هناك العديد من المتهمين في هذه القضية سوى أبو النعيم، وقد ذكرناهم فيمن يمثلهم من الناحية الدينية والأدبية.

وعلى رأسهم:

1- المجلس الأعلى العلمي الذي من المفروض أن ما يوجهه الشيخ أبو النعيم من انتقادات للقناة الثانية وغيرها وما ينكره من منكرات، يندرج ضمن مسؤولية المجلس العلمي الأعلى الذي يوكل إليه السهر على حماية الدين من الانتهاكات التي تقوم بها المؤسسات العمومية، فهل يلام أبو النعيم إذا ملأ جزء من الفراغ الهائل الذي يحدثه غياب مؤسساتنا العلمية والدينية وتقصيرها في الاضطلاع بمسؤولياتها في حماية الملة والدين؟

2- خطباء المساجد الذين يمثلون عين المواطنين وسمعهم وضميرهم الجمعي الذي يفترض فيه أن ينكر المنكر ويذب عن دينهم، ويحرك الوازع الديني لديهم حتى لا يتأثروا بما تنتجه القناة الثانية من أجناس صحفية تخالف الدين والشريعة، لكن بالرجوع إلى الواقع نرى أن كل من تجرأ من الخطباء على فعل ذلك يفصل بينه وبين المنبر، ويعزل عن الخطابة، ويمنع من دخول المسجد إلا للصلاة، بعد أن كان هو الإمام العالم الداعية الخطيب.

3- وزارة الأوقاف، والتي تتربع على أغنى الصناديق والميزانيات بفعل تراكم مداخيل الأوقاف الإسلامية التي حبَّسها أجدادنا على حماية الدين والشريعة واستمرارهما فاعلين على أرض الواقع، لا كما نراه اليوم من صرفها على الشطح والموسيقى الروحية وزخرفة المساجد وغيرها من الأمور التي تنافي الغاية من وقفها.

4- كل الشعب أفرادا وجمعيات كل من يرى أن الدوزيم معول هدم يعمل يوميا في صرح الهوية الإسلامية للمغاربة.

لقد تكلم الكثير من العلماء والمفكرين عن خطر القناة الثانية، وحسسوا من خطر التدمير الممنهج الذي تحدثه في مجال التربية والتعليم والأخلاق والهوية والدين والسلوك، ومنهم المفكر والخبير المهدي المنجرة والشيخ فريد الأنصاري رئيس المجلس العلمي بمكناس رحمهما الله تعالى، وغيرهما من المفكرين والدعاة والعلماء، لكن العجيب هو هذه السلطة والحصانة التي تمتلكها هذه القناة، فالحكومة التي من المفروض أن تستجيب لمطالب الشعب هي نفسها لم تستطع أن تدخل عليها إصلاحات، فكيف يرجى أن تعاقب مَن يتحمل المسؤولية عن هذا الخطر الداهم.

فمن أين تستمد القناة الثانية كل هذه القوة وكل هذه الحصانة؟

ومَن من مصلحته أن تستمر القناة الثانية في القيام بدورها التخريبي؟

سننتظر القضاء حتى يقول كلمته الفصل لنعلم هو أيضا مع أي معسكر سيصطف.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار
5 تعليقات
  1. اليوتيوب ليس منبر الامريكان كما قال الأخ إبراهيم وإنما هو منبر كل حر في العالم يريد السلام والعيش المشترك فإذا كان منبر المسلمين يخاطب فئة محدودة من الناس فإن منبر الأحرار يخاطب ملايين المسلمين وغير المسلمين حين ينقل خطبة الجمعة او محاضرة أو درس أو غير ذالك ثم لماذا اعتبرت أن المواضيع التي يتطرق اليها الدعاة حول الإرهاب والتعايش مع أهل الكتاب والتطرف وحقوق المستامنين هي مواضيع ترضى عنها دوزيم وهذا غير صحيح لأن الواقع يكذبه نأتي إلى موضوع الإرهاب والتطرف الا يعاني المسلمون من ويلات التطرف من قتل وتهجير وسبي ودمار وخراب وتكفير للمسلمين إلى غير ذالك كما يفعل الدواعش ومن حرق للجثة واغتصاب النساء وهدم البنيان وتفجير المستشفيات وحصار وتجويع ووووووووووووو وهذا ما يفعله الشيعة الروافض ضد أهل السنة في العراق وسوريا واليمن بقيادة المجرم والخائن علي خامنائي الرافضي الخبيث أليس أمن كل المسلمين السنة في خطر من قبل ايران؟

  2. أيها العابر تمهل، اليوتيوب ليس منبر كل حر، هو منبر أمريكي باعتبار الملكية، أمريكي باعتبار الاختراع، غربي علماني باعتبار القوانين التي تؤطر النشر فيه، وليس مجدٍ أن نختلف حول هذا لأن ذلك لا يفيدنا.
    ما أراد الأستاذ إبراهيم إيصاله هو قرار المنع من منبر إسلامي الأصل فيه هو منبر العالِم جعل الشيخ أبو النعيم يلجأ إلى منبر أمريكي بالاعتبارات المذكورة.
    ثم مسألة التعايش أوردها على وجه التهكم إذ من يجب أن يدرس لهم التعايش هم الغرب الذين يستعمرون البلاد ويقتلون العباد، وهي إلماحة إلا أن المنبر والخطيب يمارس عليهما نوع من التوظيف لغير صالح المسلمين.

  3. القضاء سيمسك العصا من الوسط ولو أن نصف العصا نصفها سلس لين ومتسامح لا يسعى لضرب قيم وأخلاق المغاربة والنصف الآخر مليء بالمسامير يريد أن يهوى بها على القيم لهدم أخلاق المغاربة ولهذا سيمسك القضاء العصا من الوسط – بعد عدة تأجيلات طبعا ريثما تنسى القضية وتهدأ الخواطر – وسيحكم على أبو النعيم بالسجن الغير نافذ – زعما سير ادخل سوق راسك – أما المجلس العلمي و وزارة الأوقاف فلا يستطيعان ولا يقدران على مواجهة القناة الثانية أو ردعها – فحتى رئيس الحكومة مسكين غلباتو الحاجة سيطايل وما قدرش عليها

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M