المدارس الفرنكوعربية بفاس مطلع الحماية بالمغرب

06 يوليو 2018 19:24
شهادة الدروس الثانوية الإسلامية سنة 1922

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

عند بداية الحماية

المدرسة الصغيرة العربية الفرنسية التي أنشأها بفاس قنصلنا كيار منذ بضع سنوات، سهر الكاتب العام للحكومة الشريفة على تنميتها بسرعة، ولأن الفاسيين أناس أذكياء عمليون فهموا بسرعة أن أبناءهم يمكن لهم تعلم الفرنسية بسرعة تحت إشراف النظام الجديد، وقد بلغوا اليوم 350 تلميذا، فيهم 100 راشد.

كل المسافرين الفرنسيين يرغبون في زيارة هذه المدارس فيندهشون من سرعة تعلم شبابنا المسلمين.

لأول مرة جرى بفاس حدث هام تمثل في امتحان الشهادة الابتدائية وتوزيع الجوائز على التلاميذ، وقد جرى الامتحان في 20 يونيو بمدرسة الأندلس شاركت به أربعة مدارس فرنسية عربية بفاس، تقدم لها 25 تلميذ نجح منهم 16 مرشحا، وكان الامتحان شفويا وكتابيا مماثلا لمستوى المدارس الأهلية بالجزائر.

وقد تكونت لجنة الامتحان من هيأة أعضاء التعليم، الموظفون المدنيون والضباط الفرنسيون بعد ما قضى كل تلميذ ثلاث سنوات في المدرسة، الجوائز وزعت في فاتح يوليوز في قصر الباهية بالبطحاء برئاسة خليفة السلطان سي محمد المهدي والكولونيل دولافو ممثل للجنرال كورو الذي كان يوجد في قبيلة غياتة حيث تجري عمليات عسكرية هناك.

الجوائز عبارة عن كتب بالعربية والفرنسية قدمها المجلس البلدي للمسلمين بفاس التي تتحمل كل النفقات، وقد حضر الحفل 1500 مسلم من أهم أحياء المدينة.

وكان من جملة الحاضرين، علماء القرويين وموظفو المخزن، تجار، الحامية، والقناصل، ورؤساء المصالح المدنية وعدد من الضباط.

وقد ألقى ممثل مدرسة تلمسان المكلف بتنظيم التعليم الأهلي بفاس “بيل” خطبة، ألقاها بالعربية مستعملا فيها البلاغة التي تعجب الفاسيين، وفيما بلي بعض منها:

“أنا سعيد بأخذ الكلمة هنا لتقديم الأساتذة و300 تلميذ مسلم بمدارسنا بفاس، هذا الحفل المدرسي الذي يتوج نتائج سنتين من الحكمة والتبصر الإداري المليء بالسرور والهناء بين المسلمين والفرنسيين الذي أدى للتعاون في تنمية المدارس الفرنسية المغربية، الكل محا شخصيته وقيمه بتواضع لا يستهدف إلا الصالح العام والعمل دون جلبة لإنجاز مهمة التعاون الأخوي بين المسلمين والفرنسيين لصالح الشعبين.

أنتم تتساءلون: هل هذه المدرسة التي تتحدث لغة المسيحيين لن تمحي دين أبنائنا؟

عليكم أن تتأكدوا بأن المسؤولين الفرنسيين هنا كما في البلاد الإسلامية التي يتواجدون فيها أمثالهم ملتزمون باحترام معتقدات المسلمين، ومعلمونا سواء كانوا فرنسيين أم لا، أول ما يفرض عليهم أن لا يهينوا أبدا المشاعر الدينية ومعتقدات تلاميذهم بل بالعكس يسمحون لهم بإنجاز واجباتهم الدينية من أجل تجنيب أبنائهم مساق البحث خارجا عن تعلم القرآن وقواعد اللغة العربية.

أقمنا في مدرسة لنا أستاذا للعربية ومعلما للقرآن، تقدرون جيدا قيمة استعمال اللغة الفرنسية في قضاء مصالحكم الإدارية والتجارية، كما نثمن عاليا تسمية مجلسكم البلدي للمدرسة الجديدة للبنات (بنات المدينة).

التجار ومختلف الحرفيين ليسوا فقط المستفيدين من اللغة الفرنسية، حكومة هذا البلد محتاجة لموظفين يتوسطون بينها وبين مسلمي المغرب كتراجمة مثلا كما هو الأمر في الجزائر وتونس إلى سوريا نفسها.

لبناء الدار يجب وضع الحجر الأساس، هذا ما يفعل اليوم في التعليم العربي الفرنسي هنا بالمدارس الابتدائية التي تقدم أساس البناء التعليمي لأبنائكم.

وبعد أربع أو خمس سنوات من الدراسة سنوجد مدرسة ثانوية أو غيرها من المعارف لاستقبالهم مجددا، ووقتها سيكون هناك أساتذة يعطون العربية بين التلاميذ، ولن تحتاجوا إلى إرسال أبنائكم للدراسة بأوروبا بحثا عن تعليم جديد، وإبقاء أبنائكم بجانبكم حفاظا على تربيتهم أوفياء لعاداتهم وعائلاتهم وبلدهم، وقد صاروا متعلمين بحضارة عصرية قادرة على توجيه جهودهم للأحسن في كل المجالات”.

(ص326، إفريقيا الفرنسية 1914).

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M