المسبعات العشر ومتاهات المتصوفين المحيرة للأذهان!!

02 مايو 2018 17:19
أحداث عالم اليوم بين إيران والغرب والحكام العرب؟ (ح1)

هوية بريس – د. محمد وراضي   

كنا ذات يوم، أنا والعلامة محمد العثماني السوسي (عم رئيس الحكومة الحالي) نتحدث عن أبي حامد الغزالي، وتحديدا عن كتابه “إحياء علوم الدين”، وعما فيه من أحاديث موضوعة. فاستغربت أن يقدم المرابطون على إحراقه، وكأنهم بإحراقه يوقفون زحفا صوفيا ظلاميا من الخطورة بمكان؟ خاصة وأن الإقبال على نسخه والإدمان على قراءته، والاجتهاد في تطبيق مضامينه، إشارة إلى ضرورة إحراق أي كتاب يشكل خطرا داهما على الفرد والجماعة. فقال لي -رحمه الله- “كان حرقه بالقلم، أولى من حرقه بالنار” يقصد إبراز ما فيه من أفكار مبتدعة متناقضة مع الدين الحق.

وحتى أقدم نموذجا من بعض تصورات إمام يقال بأن الفلسفة لم تقم لها قائمة بعد “تهافت الفلاسفة” الذي هو بمثابة نقذ لاذع منه لفلاسفة المسلمين قبله. والذي رد عليه ابن رشد بكتابه القيم “تهافت التهافت”.

وما أقف عنده كنموذج، يعرف لدى المتصوفة بـ”المسبعات العشر”، مع التأكيد على أن جميع الطرق الصوفية المعروفة حتى الآن، تتعبد بها، على اعتبار أنها مروية عن رسول الله ص؟؟؟ والحال أن قصتها من الغرائب التي أقدم على التعريف بها أبو حامد الذي كتب في الأصول والفقه وعلم الكلام والفلسفة. كما ترك لنا كتابا محوره الشك المنهجي الذي أخذه عنه أمثال ديكارت من الأوربيين.

فتحت عنوان: “بيان أعداد الأوراد وترتيبها” يسوق أبو حامد الغزالي كورد من الأوراد، مسمى “المسبعات العشر” منسوبة إلى رسول الله ص كحديث من أحاديثه بعد وفاته؟؟  فيقول: “وإن قرأ المسبعات العشر التي أهداها الخضر عليه السلام إلى إبراهيم التيمي رحمه الله، ووصاه أن يقولها غدوة وعشية، فقد استكمل الفضل وجمع له ذلك فضيلة حملة الأدعية المذكورة. فقد روى عن كرز بن وبرة رحمه الله -وكان من الأبدال- قال: “أتاني أخ لي من أهل الشام فأهدى لي هدية وقال: يا كرز، اقبل مني هذه الهدية، فإنها نعمت الهدية”. فقلت: يا أخي ومن أهدى لك هذه الهدية؟ قال: أعطانيها إبراهيم التيمي، قلت: أفلم تسأل إبراهيم من أعطاه إياها؟ قال: كنت جالسا في فناء الكعبة، وأنا في التهليل والتسبيح، والتحميد والتمجيد، فجاءني رجل فسلم علي وجلس عن يميني، فلم أر في زمانه أحسن منه وجها ولا أحسن منه ثيابا، ولا أشد بياضا، ولا أطيب ريحا منه، فقلت: يا عبد الله، من أنت ومن أين جئت؟ فقال: أنا الخضر. فقلت: عن أي شيء جئتني؟ فقال: جئتك للسلام عليك وحبا لك في الله. وعندي هدية أريد أن أهديها لك، فقلت: ما هي؟ قال: أن تقول قبل طلوع الشمس وقبل انبساطها على الأرض وقبل الغروب: سورة “الحمد”، و”قل أعوذ برب الناس”، و”قل أعوذ برب الفلق”، و”قل هو الله أحد”، و”قل يا أيها الكافرون”، و”آية الكرسي”، كل واحدة سبع مرات وتقول: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا، وتصلي على النبي ص سبعا، وتستغفر لنفسك ولوالديك وللمؤمنين والمؤمنات سبعا، وتقول: اللهم افعل بي وبهم عاجلا وآجلا في الدين والدنيا والاخرة ما أنت له أهل، ولا تفعل بنا يا مولانا ما نحن له أهل، إنك غفور حليم، جواد كريم، رؤوف رحيم سبع مرات. وانظر أن لا تدع ذلك غدوة وعشية. فقلت: أحب أن تخبرني من أعطاك هذه العطية العظيمة؟ فقال: أعطانيها محمد ص. فقلت: أخبرني بثواب ذلك، فقال: إذا لقيت محمدا ص فاسأله عن ثوابه فإنه يخبرك بذلك. فذكر إبراهيم التيمي أنه رأى ذات يوم في منامه كأن الملائكة جاءته فاحتملته حتى أدخلوه الجنة فرأى ما فيها ووصف أمورا عظيمة مما رآه في الجنة فقال: فسألت الملائكة فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: للذي يعمل مثل عملك. وذكر أنه أكل من ثمرها وسقوه من شرابها قال: فـأتى النبي ص ومعه سبعون نبيا وسبعون صفا من الملائكة كل صف مثل ما بين المشرق والمغرب، فسلم علي وأخذ بيدي فقلت: يا رسول الله الخضر أخبرني أنه سمع منك الحديث فقال: صدق الخضر، صدق الخضر، وكل ما يحكيه فهو حق وهو عالم أهل الأرض وهو رئيس الأبدال وهو من جنود الله تعالى في الأرض. فقلت: يا رسول الله فمن فعل هذا أو عمله ولم ير مثل  الذي رأيت في منامي هل يعطى شيئا مما أعطيته؟ فقال: والذي بعثني بالحق نبيا إنه يعطي العامل بهذا وإن لم يرن ولم ير الجنة إنه يغفر له جميع الكبائر التي عملها ويرفع الله تعالى عنه غضبه ومقته ويأمر صاحب الشمال أن لا يكتب عليه خطيئة من السيئات إلى سنة، والذي بعثني بالحق نبيا ما يعمل بهذا إلا من خلقه الله سعيدا ولا يتركه إلا من خلقه الله شقيا”.

ولدينا على هذه الحكاية التي رواها الغزالي ملاحظات نجملها في الآتي:

1- قال الحافظ العراقي رحمه الله: حديث كرز بن وبرة من أهل الشام عن إبراهيم التيمي “أن الخضر علمه المسبعات العشر” وقال في آخرها “أعطانيها محمد ص” ليس له أصل؟؟؟ ولم يصح في حديث قط اجتماع الخضر بالنبي ص؟ ولا عدم اجتماعه به؟ ولا حياته، ولا موته؟

2ـ يقصد المتصوفة بالخضر صاحب موسى الوارد في سورة “الكهف”، حيث يقول الحق سبحانه: “فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما. قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا. قال إنك لن تستطيع معي صبرا. وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا”.

فقد اختلف العلماء في هوية صاحب موسى هذا. فقال البعض إنه نبي. وقال البعض الآخر: إنه ليس بنبي. وفرق المتصوفة الغلاة بينه وبين موسى، حين اعتبروا أن موسى يتلقى العلم الكسبي بواسطة. بينما الخضر يتلقاه بدون واسطة. وهذا بين في قوله تعالى: “وعلمناه من لدنا علما”، باعتباره وليا من أولياء الله. ومن هنا جاء التمييز بين الشريعة والحقيقة. وبالتالي التمييز بين علماء الشريعة، وعلماء الحقيقة. فلزم أن يكون علماء الحقيقة (وهم عند أكابر المتصوفة  أفضل من الأنبياء) وبالتالي أفضل من علماء الشريعة لأنه هؤلاء يتلقون علومهم حيا عن ميت، بينما مشايخ التصوف، يتلقونها مباشرة عن الحي الذي لا يموت! ولذلك يسمى علمهم ب”العلم اللدني”، وهذا العلم نفسه هو علم الحقيقة، أو علم الحقائق أو الإشراق؟؟؟؟

3ـ يدعي مشايخ التصوف، منذ زمن بعيد، بأن الخضر حي، وأنهم يقابلونه ويأخذون عنه ما تيسر من العلوم “اللدنية” ك”المسبعات العشر”. لكن مضامينها -أي تلك العلوم- في الجملة ظلامية؟؟؟

4ـ والحافظ العراقي كما تقدم يعتبر “المسبعات العشر” حديثا موضوعا لا أصل له، ومع ذلك لقي قبولا لدى من لا يراعون قوله ص: “من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”. مما يعني أن مشايخ الطرق الذين جعلوا “المسبعات العشر” من ضمن أورادهم، إنما هم مصرون على الاشتغال بحديث موضوع مكذوب؟؟؟

5ـ لو كان الخضر حيا لقابل رسول الله ص وآمن به وكان من أتباعه، وهذا ما لم يحصل على الإطلاق. ثم إن الله تعالى خاطب رسول الله بقوله: “وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد. أفئن مت فهم الخالدون”. لكن المتطرفين المغالين من الصوفية المزعومين، تركوا كلام الله وراءهم ظهريا وكأنهم يكذبون ما ورد في ذكره الحكيم، فزعموا أن الخضر حي وأنه لم يمت! وأنه على حق! كما أنطقوا رسول الله ص زورا بهذه العبارات: “صدق الخضر! صدق الخضر! وكل ما يحكيه فهو حق، وهو عالم أهل الأرض، وهو رئيس الأبدال. وهو من جنود الله تعالى في الأرض”.

ouradimohamed.wordpress.com

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. السلام عليكم ورحمة الله
    إذا اردنا أن ننظر الى الهدف السامي من المسبعات ألا وهو قراءة القرأن وذكر الله والصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم
    والاستغفار والدعاء ( هل تتضمن هذه الأشياء شركيات وبدع وغيره )
    اذا بحثت عنها تفصيلاً تجد لكل منها كم هائل من الأدلة بفضلها والمواظبة عليها
    وإن كانت لك عداوة مع الذين رووها ونشروها للناس فهذا شيء آخر
    ولكن إذا عاديت المسبعات المتضمنة للقرآن والذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم والاستغفار والدعاء
    فقد عاديت هذه الأشياء العظيمة التي تربط الانسان بالخالق جل جلاله
    ذكرت لك هذا من باب التناصح وعملا بالتوجيه القرآني في سورة العصر وقوله تعالى ( والعصر إن الانسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) صدق الله العظيم
    ان اريد الا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M