المطالب الوطنية الاستقلالية بالشمال (1942م)

12 يناير 2016 23:36
المطالب الوطنية الاستقلالية بالشمال (1942م)

هوية بريس – إدريس كرم

الثلاثاء 12 يناير 2016

تقديم

في يوم الجمعة 14 يونيو 1940 سقطت باريس أمام الزحف الألماني، وفي يوم الإثنين 17 يونيو من نفس السنة أعلنت الهدنة والتسليم باحتلال الجزء الأكبر من فرنسا وسقوط حكومتها وتعيين الجنرال “بيتان” رئيسا تحت النفود الألماني.

وفي ذلك اليوم خرجت الجماهير في مدن الشمال تطالب باستقلال المغرب، فكانت أول مظاهرة استقلالية بالمغرب ترفع شعار الحرية والاستقلال.

وصباح يوم 18 منه استدعى الخليفة مولاي الحسن بن المهدي زعماء الحركة الوطنية لاجتماع به بحضور أعضاء الحكومة لمعرفة نظرهم في مستقبل المغرب، فقدمت الهيئات الممثلة مذكراتها في الموضوع.

وفي 21 يونيو 1940 ترأس كل من الزعيمين عبد الخالق الطريس والشيخ محمد المكي الناصري تجمعا مشتركا لحزب الإصلاح الوطني وحركة الوحدة الوطنية في تطوان، أعربا فيه عن مطالب الشعب المغربي في الاستقلال والوحدة.

وقد تواصل التنسيق بين الحزبين لغاية تشكيل الجبهة القومية الوطنية المغربية التي أعلنت الميثاق الوطني التالي:

المطالب الوطنية الاستقلالية بالشمال (1942م)

نص الميثاق

“الميثاق الوطني

باسم الله الرحمان الرحيم

بمناسبة الظروف التاريخية الحاضرة التي يمر بها المغرب اجتمع الوطنيون العاملون لخدمة القضية المغربية المقدسة المسؤولون عنها أمام الرأي العام المغربي من قادة حزب الإصلاح الوطني وحركة الوحدة المغربية بعاصمة تطوان في يوم غرة 9 ذي الحجة الحرام سنة 1361 وتعاهدوا فيما بينهم عهدا إسلاميا وطنيا أمام الله والوطن والتاريخ على خدمة الميثاق الآتي:

أولا: تأليف جبهة قومية مغربية إسلامية عامة جامعة لكافة عناصر الوطنية العامة واعتبار حزب الإصلاح الوطني وحركة الوحدة المغربية داخلين في هذه الجبهة منذ إعلان هذا الميثاق.

ثانيا: تكون هذه الجبهة القومية عبارة عن اتحاد متين وتضامن قوي ورابطة مقدسة جديدة بين المندمجين فيها والعاملين تحت لوائها ولاسيما الهيئات الوطنية بالمغرب.

ثالثا: السعي لإقامة نظام إداري وسياسي جديد في المغرب يضمن حقوق المواطنين المغاربة ويصون حرياتهم في جميع أطراف المملكة المغربية بدوا وحضرا ويمهد لهم الوصول في أقرب وقت ممكن إلى حياة حرة مستقلة بكل معنى الكلمة، وذلك بدء من النظام الحالي المفروض الذي لا يتلاءم مطلقا مع الأماني الوطنية في شيء، واعتبار المطالب المعنونة (بمطالب الشعب المغربي) حدا أدنى يمكن أن يكون تمهيدا أساسيا لإقامة النظام السياسي المرغوب فيه بشرط أن كل ما يناقض من تلك المطالب مبادئ هذا الميثاق لفظا أو معنى صراحة أو ضمنا يعتبر لاغيا وساقطا من برنامج العمل الوطني.

رابعا: اتخاذ كل الوسائل ليتمتع المواطنون المغاربة المسلمون داخل مغربهم العزيز بكافة الحقوق التي يمكن أن يتمتع بها رعايا حكومة وطنية ملكية إسلامية قائمة على أساس العدل والمساواة والاتحاد المطلق بين العرش والشعب تحت ظل العائلة العلوية المالكة، وبذل كل ما في الاستطاعة لصيانة مصالح الإسرائليين والأجانب بنفس الطرق والوسائل التي اعتادت الأمم الإفريقية أن تصون بها تلك المصالح، وعلى أساس التشريعات الحديثة الموضوعة لذلك في الدول الحرة المستقلة، مع التزام الرعايا المغاربة مسلمين وإسرائليين والرعايا الأجانب أيضا بأداء كافة الواجبات التي اعتادت الدول المتحضرة أن تلزم بها رعاياها أو الأجانب المقيمين في بلادها.

خامسا: العمل على استرجاع وحدة التراب المغربي الكاملة في أقرب وقت ممكن إداريا وسياسيا وقضائيا واقتصاديا وماليا وبذل كل الجهود لاستعادة السيادة الداخلية والسيادة الخارجية التي أجبر العرش المغربي والشعب المغربي على التخلي عنها كلا أو جزء لصالح المطامع الأجنبية المفروضة.

سادسا: المحاربة بكل الوسائل لجميع المحاولات الاستعمارية الرامية إلى إجبار المملكة المغربية على الارتباط كلا أو جزء بإمبراطوريات استعمارية أجنبية وراء البحار من أي نوع كانت وإلى أية دولة انتسبت، ومقاومة جميع الدعايات المغرضة الرامية إلى تضليل الشعوب والدول والحكومات المسؤولة، وإيقاعها في الغلط وسوء الفهم، بادعاء أن المغرب لم تكن وليست له شخصية مستقلة لا جغرافيا ولا سلاليا ولا تاريخيا ولا اقتصاديا ولا سياسيا ولا دوليا، وبذل كل ما في الوسع لإقامة البراهين الساطعة والدلائل القاطعة على فساد هذه النظرية الاستعمارية المزورة، وتذكير العالم أجمع بشخصية المغرب المحدودة المستقلة الخالدة دائما وأبدا خلال الأجيال والقرون إلى الآن وفيما بعد الآن.

سابعا: السعي لإقناع العالم المتحضر أن المغرب يلزم أن يبقى كما يقتضي العدل والحق والقانون وطنا طبيعيا ومتسعا حيويا لأهله الشرعيين الذين هم أحق الناس بالانتفاع به والارتفاق بمرافقه، ولا يمنع ذلك من أن تكون للمغرب علاقات منتظمة مع كل الأمم التي تقتضي مصلحتها ومصلحة المغرب، الارتباط فيما بينها ببعض العلاقات، لكن يلزم أن تحدد تلك العلاقات ومداها بمعاهدات واتفاقيات على أساس الحرية الكاملة وعلى قدم المساواة بين الطرفين حسبما كان العمل جاريا به في عهود ملوك المغرب المستقلين.

ثامنا: رفض كل حل دولي جديد للمشكلة المغربية متى كان على أساس الحماية أو الوصاية أو الانتداب المفروض أو على أساس تقسيم المغرب وتمزيق الوحدة المغربية المقدسة.

تاسعا: رفض كل اتفاق دولي يكون على أساس التنازل عن بعض أجزاء المغرب كيفما كانت أهمية ذلك الجزء، وعدم قبول المساومة في أية قطعة من الشاطئ المغربي سواء كان ذلك شاطئ البحر الأبيض المتوسط أو شاطئ المحيط الأطلسي.

عاشرا: استعمال كال نفوذ ونشاط لحل القضية المغربية حلا مرضيا لمطامح المغرب وأماني المغاربة الأحرار، وذلك عن طريق الاتصال الوطني المشروع بجميع الأوساط الدولية التي يمكن أن يكون لها أثر من قريب أو بعيد في حل تلك القضية القومية الكبرى، حيث أنها كانت ولم تزل مرتبطة بتطورات السياسة الدولية العالمية، غير أن كل اتصال من هذا النوع المتعلق بحل القضية المغربية لن يكون مقبولا من جانب الوطنية المغربية إلا إذا قام على أساس بنود الميثاق.

حادي عشر: محاربة كل محاولة للمساس بالعقائد والشعائر الإسلامية بين المسلمين المغاربة لحساب عقائد وشعائر أخرى أو لصالح بعض المذاهب الهدامة المتطرفة سواء كانت تلك المحاولة من الداخل أو الخارج، ومقاومة كل الدعايات المعادية التي تحاول النيل من مركز الإسلام والثقافة الإسلامية واللغة العربية في المغرب المسلم العربي، سواء كانت تلك الدعايات سرية أو علنية.

ثاني عشر: محاربة كل من يحاول الخروج على صفوف الأمة تحت ستار الدين أو السياسة أو العنصرية حضرية كانت أو بدوية، ومقاومة كل من يرضى بحل القضية المغربية حلا لا يتفق مع بنود هذا الميثاق، وتعقب نشاط العنصر العاق للوطن الذي لا يزال يخدم المصالح الأجنبية أو الشخصية على حساب المصلحة المغربية العامة، حتى يكشف للرأي العام ويعامله الجمهور المغربي بما هو أهل له من النبذ والاحتقار والمقاطعة والطرد من جماعة المسلمين.

ثالث عشر: تكوين مالية مغربية قوية لتحقيق أهداف هذا الميثاق في الداخل والخارج.

رابع عشر: اعتبار جريدة الريف والوحدة المغربية والحرية ألسنة حال لخدمة هذا الميثاق والدفاع عن خطته الوطنية، ولا ينشر في أية واحدة من هذه الصحف أي شيء يتصل بالخطة الوطنية العامة المستمدة من هذا الميثاق دون أن يكون متفقا عليه، مع إعطائها حرية التعبير فيما عدا ذلك من رأيها الخاص.

خامس عشر: جميع المسؤوليات والتضحيات المادية والأدبية الناجمة عن خدمة هذا الميثاق والناشئة عن تنفيد خطته الموضوعة للداخل والخارج تكون كلها على عاتق حزب الإصلاح الوطني وحركة الوحدة المغربية وعاتق من يعمل على خدمة هذا الميثاق ممن ليسوا منتمين إلى الهيئتين المذكورتين.

سادس عشر: تأليف لجنة ربط بين حزب الإصلاح الوطني وحركة الوحدة المغربية لتنسيق مجهودات الهيأتين وتوجيه نشاطهما وفقا لبنود هذا الميثاق

سابع عشر: حيث أن المغرب كل لا يتجزأ، وحيث أن القضية المغربية جوهر لا يقبل الانقسام يكون العمل بهذا الميثاق منسحبا على جميع أطراف التراب المغربي بما فيه من مناطق حالية فرضتها الظروف.

ثامن عشر: هذا الميثاق يجري به العمل طيلة المدة التي يظل فيها ملائما للمصلحة الوطنية العليا ومسايرا لرغبة الشعب المغربي الكريم، فإذا نشأت ظروف استثنائية غير منتظرة جدد قادة الوطنية النظر في أمره، وقرروا ما تقتضيه المصلحة العامة للبلاد حسب الظروف الطارئة، وأثناء المدة التي يستمر فيها العمل جاريا بهذا الميثاق تكون جميع الاتصالات التي تقوم بها الجبهة القومية مع المواطنين وغيرهم مبنية على أساسه فقط، وبالإشتراك التام في المسؤولية والتوجيه بين المتعاهدين عليه ولا سيما حزب الإصلاح الوطني وحركة الوحدة المغربية.

حرر بتطوان في التاسع من ذي الحجة الحرام سنة 1360 موافق 18 دجنبر سنة 1942.

عن حزب الإصلاح الوطني الرئيس عبد الخالق الطريس؛ الوكيل التهامي الوزاني.

عن حركة الوحدة المغربية الرئيس محمد المكي الناصري؛ الوكيل عبد السلام التمسماني”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M