المغرب في مواجهة الطمع الأوربي والجهل الأممي

11 مارس 2016 22:29
المغرب في مواجهة الطمع الأوربي والجهل الأممي

ذ. إدريس كرم

هوية بريس – الجمعة 11 مارس 2016

خرجة الأمين العام للأمم المتحدة بوصفه الحديث عن استرجاع المغرب أراضيه الصحراوية بأنه احتلال، لا ينبئ عن جهل بان كيمون بتاريخ المنطقة وما تعرض له المغرب في القرن الماضي من أطماع استعمارية جزأت أرضه بين البلدان الأوربية التي قايضتها بمناطق نفوذ أخرى ليخلص تقسيمه في الأخير بين فرنسا وإسبانيا.

فضمت فرنسا أجزاءه الشرقية للجزائر عندما كانت مستعمرة لها، معتبرة إياها مقاطعة فرنسية جنوب المتوسط، ولما استقل المغرب رفض التفاوض معها لاسترجاع تلك المناطق مفضلا دعم حركة تحرير الجزائر التي تعهدت له حكومة فرحات عباس بتسوية الوضع مباشرة بعد الاستقلال.

بيد أنها تنكرت لوعدها واعتبرت أن حدود الاستعمار نهائية، فكانت حرب الرمال التي كان أساسها أيديولوجي من أجل إسقاط الملكية بالمغرب ساهم فيها الجناح اليساري المغربي تلبية لتوجيهات جمال عبد الناصر والمنتظم الاشتراكي، وقد أبدى المغرب كعادته حسن النوايا فأوقف الحرب التي لم يبدأها بل وأعاد قواته لمنطلقاتها عكس ما يتعارف عليه العمل العسكري من غير شروط، لإيمانه بحتمية التكامل المغاربي.

واستولت إسبانيا على شماله وجنوبه إلى أن تم استقلال الشمال، ثم منطقة طرفاية وسيدي إفني تباعا، وبقيت الساقية الحمراء ووادي الذهب تحت الاحتلال الإسباني إلى غاية المسيرة الخضراء عام 1975، ناهيك عن الجيوب الأخرى التي ما تزال إلى حد الآن تحت يدها.

بيد أن العداء الاستعماري لم يتوار بل تواصل على شكل هيمنة جديدة اتخذت مظاهر مختلفة تغذيها الحرب الباردة والتطلعات الشمولية، مما جعل النظام المغربي يدخل في مواجهة للدفاع عن البقاء أمام المناورات الداخلية والضغوط الخارجية التي ضيعت عليه تنامي فرص النمو والديمقراطية.

ومع ذلك واصل تشبثه بتوحيد أراضيه والمطالبة باستعادتها من المحتلين سواء في الشرق أو الغرب أو الشمال أو الجنوب، برا وبحرا، ومحاضر الأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة تشهد على ذلك.

ولأن أوربا كما يقر ساستها وكتابها وخبراءها لم تكن تنظر في يوم من الأيام بعين الرضا لوجود دولة المغرب المسلمة جنوب المتوسط، لاعتبارها شمال إفريقيا امتدادا لها وسلة غذائها منذ الامبراطورية الرومانية إلى أن دخلها الإسلام فناصبته العداء وما تزال، لذلك لم تتوان في خلق العراقيل والمنغصات لتفتيته وتقسيمه بدعاوى مختلفة أقلها حقوق الإنسان والحريات الفردية والمصادقة على الاتفاقيات الدولية التي لا ترى فيها الجانب الذي يحفظ وحدة المغرب وحرية مواطنيه في اعتناق الديانة التي يريدون والعيش وفق القوانين التي يرتضون، بعدما يئست من غزوه عسكريا، وإبقاء ذلك الغزو.

وهكذا دخلت المنظمات على خط تقويض كيانه وتفتيت مُتَّحِدِه، باذلة الأموال والوعود والتهديد والوعيد، وآخرها ما أقدم عليه الاتحاد الأوربي من سحب إسهامه في مؤتمر المناخ (كوب 22) بمراكش.

وما موقف الأمين العام للأمم المتحدة الأخير الذي اتهم المغرب بما يعجز التدليل عليه، وهو البلد الذي يسهم في حفظ السلام العالمي بإرسال قواته لمناطق النزاع للمساعدة على السلم وحل النزاعات بالمفاوضات منذ 1960 في الكونغو، والمتواجد الآن في كل القارات حيث الحاجة لخدماته الإنسانية والأمنية، مساهما في استقرار الأمم والشعوب تحت العلم الأممي الذي يبدو أن أمينه العام قد نسي تلك الخدمات.

إن المغرب المراد إرباك مخططه التنموي وتطوره الديمقراطي وهويته الإسلامية، لا يمكن أن يبقى مكتوفا أمام المناورات الاستعمارية، ويساعد مع ذلك في الدفاع عن أوربا في وجه التطرف والإرهاب الذي تغذيه مثل مواقف الاتحاد الأوربي والأمين العام الملتبسة، التي لا ترى بميزان الحكمة ما يجري ويدور في المنطقة من توترات، فأراد إشعال حريق آخر باسم فَهم زائف ورأي خاطئ، لن يتقبله المغاربة قاعدة وقمة باعتباره يضرب في حقوقه الشرعية، ويفتئت على حدوده الطبيعية، المعروفة دوليا قبل وجود الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي.

وليعلم الاتحاد الأوربي وموظف الأمم المتحدة والعالم أجمع أن المغرب الذي كان أول دولة عظمى اعترفت باستقلال الولايات المتحدة في زمن لم تكن فيه هيئة الأمم ولا الاتحاد الأوربي، ما زال يسكنه أبناء أولئك الرجال وهم قادرون على الدفاع عن دينهم الذي قد لا يروق لأروبا، وعن وطنهم الذي لا يعرف قصة تاريخه بان كيمون ولا مساعدوه الذين عميت بصائرهم وبصيرتهم.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M