المقاطعة.. سلاح الحركة الوطنية لتحقيق المطالب

31 مايو 2018 14:56
من منشورات الكتلة الوطنية لتحقيق المطالب (سنة 1936م)

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

المقاطعة هو السلاح الذي تم إشهاره في وجه السلطات الاستعمارية لإرغامها على تحقيق المطالب المرفوعة إليها من قبل كتلة العمل الوطني في الثلاثينيات من القرن الماضي، توجت بالاستجابة لعدد منها، مما دفع بالمشروع التحرري خطوات للأمام.

وقد بدأت المقاطعة من اللباس بتزامن مع الاحتجاج على الظهير البربري، حيث اتخذ الشباب الوطني طرابيش من نوع ثوب الجلباب الذي يصنع في مصانع داخلية بسلا وفاس وتطوان وغيرها من المدن والبوادي، كما ظهر ثوب ناعم في سلا يسمى بـ”الملحم” مخصص للقمصان الجيدة؛ وفي فاس نشطت حركة لتصنيع الأحذية حتى يستغنى عن المستوردة؛ كما تمت مقاطعة السجائر والتنديد بالتدخين وإبراز مضاره، وحض العاملين في مزارع استنباته بالشاوية والغرب وبركان على عدم الاشتغال بها.

وقد انخفضت صناعة التبغ بحوالي خمسة وخمسين بالمائة نتيجة لذلك، كما قوطعت البطاطس المستوردة من فرنسا، وسجلت الزيوت الصناعية انخفاضا هاما لصالح زيت الزيتون المحلي، وتمت مقاطعة الشاي والسكر المجلوب من قبل الشركات الفرنسية أو منتج بفرنسا.

وقد حاولت السلطات الاستعمارية الوقوف في وجه المقاطعين بالسجن والتنكيل في حق من اعتبرتهم محرضين ومهيجين ضد سياستها، لكنها لم تفلح في ذلك، مما جعلها تستجيب لبعض تلك المطالب التي عرفت بـ(مطالب الشعب المغربي)، وقدمت للسلطات الاستعمارية سنة 1934، ثم (المطالب المستعجلة) المقدمة سنة 1936 التي تلخص ما جاء بالمطالب الأولى في مجالات:

الحريات: بمنح حريات الصحافة والطبع والاجتماع والجمعيات والتجمعات، وتأسيس النقابات، والتجول داخل المغرب والسفر للخارج.

التعليم: بتوحيد برامجه، وتكثير مدارسه، وتنظيم بعثات مدرسية للخارج، وإحداث معاهد متخصصة للفلاحة، وتخريج المعلمين والمعلمات، وتطبيق برنامج إصلاح القرويين.

العدل: بالفصل بين السلطات الإدارية والقضائية، واستقلال القضاء أمام السلطة، وتوحيد العدلية في كافة المدن والبوادي، وإسقاط نظام القياد الكبار، وإنشاء محاكم إدارية ولجان تأديبية.

الفلاحة: بإلغاء الاستعمار الرسمي، وإبطال تشريع نزع الملكية لفائدة المعمرين، والمساواة بين المغاربة والمعمرين في الحقوق والواجبات، ومقاومة الربا، وحماية الفلاح من اعتداءات المعمرين ورجال السلطة وموظفي الضرائب.

العمال والصناع: بتجديد الصناعات المغربية وحمايتها من المنافسة الأجنبية، ومساعدة العاطلين.

الضرائب: بالتخفيف، منها والتسوية بين المغاربة والأجانب فيها، وإسقاط المكس المعروف بحقوق الباب وحقوق السوق وحقوق المرعى في الغاب.

الصحة: بتكثير المؤسسات الصحية، ومجانية الدواء والعلاج، ومحاربة السكن المخل بالشروط الصحية في المدن والبوادي، ومحاربة البغاء.

ومن الذين وقعوا على (برنامج الإصلاحات المغربية)، السادة:

محمد المكي الناصري، محمد اليزيدي، محمد غازي، محمد حسن الوزاني، محمد الديوري، علال الفاسي، عمر بن عبد الجليل، عبد العزيز بن ادريس، أحمد الشرقاوي، أبو بكر القادري.

وقد ألقي القبض على العديد من الطلبة والعلماء بعد تقديم (المطالب المستعجلة)، كان أبرزهم شهيدها المرحوم محمد القري.

وقد عرفت الثلاثينيات تزايد عزوف الأسر عن الاستجابة لطلبات تزويج بناتهن، وكذا تزويج الشباب لارتفاع المهور وتجهيز العروس، مما أدى لظهور مطالب بتقنين العرس وجهاز العروس من قبل المقاطعين لتلك العادات المكلفة.

فطالب الناس بتدخل السلطان لإصدار ظهير يحدد فيه ما يلزم وما لا يلزم مما يجب توفره في الشوار، وقد استجاب السلطان لذلك فأصدر ظهيرا حدد فيه تلك المتطلبات، وقد نتج عن تلك الحركة المقاطعة لغلاء المهور وتكاليف الشوار، أن بادر بعض شباب سلا بإلغاء الذبائح في العرس والاكتفاء بالشاي والحلوى -وكان أول من قام بذلك في عرسه المرحوم محمد اشماعو (صاحب جريدة الوداد) كما أخبرني بذلك بنفسه-، ورفعوا شعارا لذلك يقول: (أتاي وغريبة ودور مع الدريبة).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

راجع التفاصيل في: مذكراتي في الحركة الوطنية لأبي بكر القادري، كفاح المغاربة لعبد الله رشد.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M