الوجـه البشـع لفرنسـة التعليـم

07 ديسمبر 2015 22:59
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

ذ. أحمد اللويزة

هوية بريس – الإثنين 07 دجنبر 2015

بعد أن خمدت نار الدعوة إلى  الدارجة في التعليم، وخاب سعيهم المشؤوم ولو إلى حين، انبعث من تحت رمادها مارد يريد أن يفرض مسخ الهوية العربية بتهريب المذكرات والقوانين.

السيد وزير التعليم -وأي تعليم- لا يحسن لا العربية ولا الدارجة ولا يعرف إلا الفرنسية هوى ومشربا، لذلك لن يطيب له خاطر حتى تزول العربية من المدراس، والبداية من تدريس العلوم.

البداية كانت مفاجئة وصادمة، وتظهر وكأنها خطة مبيتة وأسلوب ماكر في التدبير، فكان القرار هو إحداث قسم خاص يدرس العلوم بالفرنسية يسمونه الباكالوريا الدولية، مع أن اللغة الدولية المهيمنة حتى الآن هي الانجليزية ولكنها عضة المستعمر.

وبعد أن مر المشروع بسلام، ودون مقدمات ينقض الوزير المفرنس ليعلن بالقرار أنه بداية من السنة المقبلة سيتم تدريس المواد العلمية بالفرنسية في جميع الشعب العلمية، وكأن الوزير يمارس لعبة “الغميضة” ويهرب المشاريع ضدا على الدستور والهوية والدين، طبعا لأنه يعلم أن مواجهة هذا القرار لن تكون هينة، وأن ولاءه للفرنسيس يقتضي منه ذاك العمل. هذا القرار الذي صدر ويا للعجب! ويا للغرابة! أياما قبل احتفال المغاربة بذكرى عيد الاستقلال، فأي طعم للاستقلال بعد هذه الفضيحة وغيرها كثير؟!

ليس الإشكال في ظاهره، وهو تدريس للمواد العلمية بالفرنسية، فقد يبدو للوهلة أنه قرار جميل لا عيب فيه، ناهيكم عن الفرنسية كلغة ومدى مكانتها ضمن لغات العالم، وإن كان ولا بد من الأعجمية في التدريس فلغة عالمية فعلا، كالإنجليزية أو الإسبانية أو الصينية أو الألمانية وهي اللغات التي تتفوق على الفرنسية في الانتشار والتأثير وأكثر ارتباطها بالعلم والتكنولوجيا، ولكن قاتل الله التبعية العمياء.

إن أقبح ما في الأمر هو التهميش الذي سيطال اللغة العربية أكثر ما هي مهمشة، والتي يقول الدستور المغربي أنها اللغة الرسمية، ولكم أن تتصوروا كيف سيصرف الاهتمام البالغ ماديا ومعنويا إلى هذه اللغة من لدن التلاميذ والطلبة وأولياء الأمور، الذين يحرصون على تفوق أبنائهم ماديا، وذلك من أجل مواكبة التعليم بالفرنسية ورغبة في التفوق الدراسي، وهذا يحتم عليهم التشبث بالتعليم الخصوصي الذي يركز على الفرنسية في ظل خراب المؤسسة العمومية.

وما يقع في هذه المدارس الخاصة بعضها مما تشيب له الولدان، فالمقرارت تغريبية، والمحيط متغرب، سواء المادي أو البشري، وأخطر ما في كل هذا هو أن الرغبة في التفوق على مستوى اللغة سيأخذ حيزا كبيرا من وقت التعلم لدى التلاميذ تعلما وتداولا في الوسط الاجتماعي ابتداء من البيت والأصدقاء والمعارف…، وذلك رغبة في امتلاك ناصية اللغة والتعمق في أحشائها، وهذا يقتضي توسيع المعارف والمهارات عن طريق القراءة والاستماع والكتابة، ومن المعلوم أن اللغة حاملة للقيم ومستوعبة للثقافة، فكل ما سيقرأ وسيسمع وسيكتب لا ينفك عن الثقافة الفرنسية؛ موسيقى، أفلام، روايات، قصص، مجلات، بحوث…، ليتكون جيل فرنسي الهوى مغربي المنشأ، لا يعرف من لغته وثقافتها إلا كما يعرف مستر هولاند أو جاك شيراك أو أقل بقليل، أو لا شيء لا قدر الله.

فينشأ جيل مقطوع الصلة بلغته الأم، يجهل قراءتها وكتابتها وفهمها، أكثر من الواقع اليوم، ولأنها اللغة العربية ذات الارتباط بالإسلام فهما وتدبرا واستيعابا، حينها يضيع القرآن وتضيع السنة وتضيع الملة، إذ لم يعد يفهمها أحد من جيل تفرنس، ولا يوليها أي اهتمام ما دام ارتباطه من البداية كان مع لغة الاحتلال ذات الحمولة العلمانية المادية الانحلالية، فينفك حتى الارتباط الوجداني بعد الانفكاك اللغوي.

 في مقابل هذا جيل “تكلخ” بحكم مدرسة عقيمة تصنع الجهل عوض العلم، وتنبت سوء الأخلاق عوض حسنها، تلك هي قصة واقع التعليم، إما جيل بليد؛ لا يعرف فرنسية تؤهله للدنيا، ولا عربية تؤهله للآخرة، أو جيل فقيد قطع صلته بالهوية العربية والإسلامية، وارتمى في أحضان المادة، يفني حياته في ما يحقق لذاتها الفانية.

في انتظار المزيد من المفاجآت هذه هي الحكاية إلا أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M