الوضعية السياسية والعسكرية بالمغرب في فاتح غشت 1915م (ج3)

19 مايو 2021 21:16
الوضعية السياسية والعسكرية بالمغرب في فاتح غشت 1915م (ج3)

هوية بريس – ذ.إدريس كرم

على الجبهة الجنوبية:

في ناحية كيكو ما برح الهدوء سائدا في الناحية منذ إقامة مركز تمحضيت، بعض الجيوش ظهرت في نهاية الشهر، اخترقت خطوطنا للقيام بضربات خلفها في الغابة، لكنها حوادث لدوريات محلية متكررة سنويا تتم بعد نهاية موسم الحصاد من قبل محاربين يكونون قد خبأوا محاصيلهم وقطعانهم بمخابئ في أودية بأعالي الجبل، بحيث تصير تلك الهجمات كنوع من تجزية الوقت، والبحث عن المغامرة والترفيه في الأدغال، ويقوم المخزن والمجموعة الفرنسية، بعمليات في العديد من مخارج وملتقيات المراكز، لإعاقة عمليات تلك الجيوش.

في 16 يوليوز المجموعة المتحركة بيطو انتقلت لمركز تمحضيت، عبر أكموسو-تاريش وعادت يوم 19 دون حوادث، في آخر أسبوع من شهر يوليوز، طارد محزن إفران مع فرسان بني امطير، جيش من أيت عبدي، بقيادة موحا أوعقا، قائد العصاة، مما اضطره للتخلي عن المواجهة، تاركا ثلاثة خيول في الميدان.

في 26 حدث تلاق وتفرق دون حوادث في جبل هبري بين مخزن أزرو ومخزن تمحضيت.

في ناحية تادلا زيان:

لم يتعكر الهواء إلافي بني موسى، على الضفة اليسرى لأم الربيع، في بداية الشهر، قام الجنرال دوبليسيس، بعد أن شكل كلون من أربعة كتائب بخفر قافلة تموين كبيرة نحو اخنيفرة، الكولون تمركز في 5 بالكارَ قبل أن ينزل في 7 بآيت عفريت التي وصلها دون حوادث، وفي 8 كان في اخنيفرة، وفي يوم 9 شارك في عمل روتيني عام لجمع الخشب قصد استخدامه من قبل المركز، الذي غادره في 10 راجعا لقصبة تادلا التي وصلها في 13.

أثناء غيابه اندلعت بعض الأضطرابات في بني موسى، فاتخذ على الفور الخطوات اللازمة لاستعادت النظام، تلك الفخدة من بني موسى (من أيت عياد) جوار الجبل، بعد الاضطرابات الداخلية وبتحريض من: سكان الجبل وعصابات متمردة، دائمة العمل في المؤخرة، على تشجيع العصيان، ورفض الخضوع للقائد المعين من قبلنا عليهم، والعاملين باستمرار على مساعدة المنشقين العصاة، على تكوين محالات لتوجيه الضربات للفخدات المجاورة لهم من بني موسى الخاضعين.

في 11 المنشقون مع البربر، هاجموا اولاد امبارك، ولما تراخى فرسان القبيلة الذين خرجوا للفاع عن المهجوم عليهم، انظمت القبيلة للعصاة المهاجمين لها، الذين بقوا مرابطين معهم، يستعدون لمهاجمتنا.

في 12 اولاد جَبْري (اولاد النمة)تعرضوا للهجوم من نفس الفرسان الذين التحقوا بكرازة، مارين من جهتهم دون أن يلقوا مقاومة، بيد أن القياد وفرسانهم بقوا على ولائهم لنا، لكن في ترقب.

هذه الوضعية جعلتنا نعتبر أن الوقت قد حان للتدخل من قبلنا بقوة، لمنع انتشار الحركة التمردية، حتى لا تجر البربر، وشُلُوح الجبل للصراع، وبالتالي فإن الجنرال دوبليسيس بمجرد ما وصل، توجه لقصبة تادلا وهي مكان تواجد ثوار من بني اعمير، المقدرون بحوالي حوالي 600 فارس.

يوم 13 توجه المنشقون لسوق السبت، وقد أبدى القايد -الذي كان مدعوم بجيرانه، وعارفا بقرب وصول التعزيزات- شجاعة كبرى في الميدان، جعلت الأعداء يتراجعون بعدما تعرضوا لخسارة كبرى، أما بني موسى فكانت خسارتهم تتمثل في 3 قتلى.

يوم 14 جيش بني عامر برئاسة القايد عبد الله بن جبور، تقدم كلون تادلا الذي عسكر في اولاد النمة، يوم 16 أبعد بعنف كبير إلى اكْرِيكولْتا الوحدات المنشقة والشلوح الذين توافدوا بكثرة للمشاركة في القتال، والذين عادوا للجبل بعد جهد جهيد، وبالرغم من ذلك غادرت المجموعة المتنقلة بقيادة الجنرال دوبليسيس قصبة تادلا يوم 15 نازلة لأم الربيع لتصل في 16 عين الزَّركة، ويوم17 توجهت لأولاد افْرَج بدون حوادث، وفي 18 توجهت نحو الجبل عند اولاد امْبارك، الذين استقبلوا المتمردين العصاة، تحت التهديد بالانتقام والذين قاموا بالاستسلام على الفور، ووافقوا على دفع 1500 ريال حسني كغرامة حربية، ثم انتقل الكلون لأولاد عيَّاد العاصين ووقف أمام قريتهم بسبب كثافة النيران التي أطلقت عليه من قبل ما بين 400 إلى 500 من فرسان القبيلة، وبعد اشتباكات قصيرة معهم، تم مواجهتهم بالمدفعية التي شتتهم وأبعدتهم عن المواقع التي كانوا فيها، وتم اقتحام القرية واحتلالها وتدمير منازلها الرئيسية، بتفجيرها بقنابل المنيليت الحارقة.

بقيَّ الكولون معسكرا في اولاد عياد لمدة ثلاثة أيام، بعدها جاء القسم الأكبر من هذه الفخدة العاصية مع قايد انتيفا: عبد الله أوشتو، يعرض قبوله شروط الأمان الذي حددها الجنرال في أداء غرامة حربية تقدر ب 10000 دورو يؤدى منها 200دورو في غضون عشرة أيام.

في21 انتقل الكولون لدار ولد زيدوح، وفي 23 ذهب لأولاد عياد، لترؤس حفل تنصيب قائد جديد عليهم، بعدما تبين أن مواقف القائد السابق كانت ضعيفة ومريبة، وقد حضرت الجماعة بأتمها لتمر أمام الجنرال، ويوم 24 توجه الكولون لسوق السبت اولاد النمة، حيث استأنف السوق نشاطه المعتاد في البيع والشراء.

بعدما ساد الهدوء التام المنطقة، عاد الكولون لقصبة تادلا، عن طريق العين الزركة، وقصبة الزيدانية، بعدما أدى كل من اولاد امبارك وأولاد عياد الدفعة الأولى من الغرامة الحربية.

في ناحية مراكش:الوضعية السياسية والعسكرية بالمغرب في فاتح غشت 1915م (ج3)

بقيت الوضعية العامة بناحية مراكش مرضية خلال شهر يوليوز، في الشرق، أعادت الإجراءات العسكرية والسياسية التي اتخذها الفقيه المدني، الهدوء لمحيط دمنات، حيث تم الإبلاغ عن اضطرابات في الشهر الماضي، والتي ما تزال لحد الأن تحت تأثير سلطة المناهضين للتواجد الفرنسي، من المقيمين خارج المنطقة.

فبفضل يقظة قياد انتيفة، الذين انْحاشُوا بصراحة للمخزن، لم يكن للفوران الذي ظهر بين بني موسى، الذي تمكن كلون تادلا المتنقل من إيقافه وقمعه، أي تداعيات في المنطقة الجبلية بنواحي مراكش.

من جهة أخرى، يبدو أن المخاوف التي رافقت الهجرة الغير الطبيعية، لأيت عطا من جنوب الأطلس لواد العبيد، يظهر أنها قد استبعدت وأن الحركة التي تم الإبلاغ عنها الشهر الماضي، لم يكن لها هدف آخر سوى إجبار قبائل معينة تعتمد على “الَّفِّ” البربري للوفاء بالتزاماتهم في الخضوع لاختيار الجماعة والدفاع عنه،

نحن نعلم أن هذه الكونفدرالية الهامة في صراع مفتوح مع “لف” يافيلمان الذي أعلن قسم كبير منه خضوعه في مركز كُرَّامة وبودنيب، في حين أن أعيان أيت عطا قدَّموا أنفسهم في مراكش، وسبق لجزء من حركة العصاة التراجع للجنوب دون أن يحاولوا القيام بأعمال عدائية ضد القبائل الشمالية المنحدرة من الأطلس (أيت أومالو).

الوضعية في سوس وناحية تزنيت، حتى الآن على الرغم من ظهور رجال الهيبة، لم يتمكن المتمردون في الجنوب من تشكيل حركة جماعية، رغم الجهود التي يواصل بذلها أنصار الهبة المعتادون:

حِيرا، امْربِّيه ربُّو، الناجَم

الدعاية المعادية للفرنسيين التي نبتت بين درعة وإيفني، والتي يحافظ عليها أعداؤنا بنشاط كبير، سواء في القبائل القريبة أو البعيدة الأكثر مهارة، يجعلنا نُوليها عناية كبيرة.

باختصار في شمال منطقة الحماية تحسن الوضع تدريجيا نتيجة صرامة حركة القوات في يونيو، حتى أن غَيَّاتة بقَوا في حالة ترقّْب على الرغم من وجود الأمير عبد المالك بينهم،

في الجنوب لم يكن للاضطرابات في بني موسى، ودمنات، أي انعكاسات على الوضع العام، إذ سرعان ما توقف.

في أقصى الجنوب لم تسفر أنشطة الهِبة على نتائج تذكر، في الشمال كما في الجنوب، ما تزال تهديدات كامنة يمكن أن تولد اضطرابات علينا إيلاؤها الاهتمام الكافي، وتتطلب قدرا كبيرا من اليقظة، بعدما انسحب كثير من المحرضين ضد تواجدنا بالغرب لمناطق آمنة يهيؤون فيها وسائل للمقاومة، بدعم من أعدائنا في الخارج، خاصة ألمانيا وتركيا التان وجِّهت لمناصريهما ضربات قاضية من قبل قواتنا المتحركة النشيطة، ومنعت تسرُّب الدعاية من القبائل المعادية المجاورة للقبائل والفخدات الخضعة لإدارتنا.

(إفريقيا الفرنسية؛ ص:230-231) انتهى.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M