اليوم ننعي إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

13 نوفمبر 2017 17:14
اليوم ننعي إليكم لغتنا يا تلاميذ فعزونا

هوية بريس – الحبيب عكي

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، بهذا الخبر بدأ الأستاذ حصته الأولى في علوم الحياة والأرض مستوى الأولى إعدادي، من الآن فصاعدا غير مسموح لنا أن نتحدث وندرس بالعربية لغتنا القومية الجميلة، من هذه السنة وعلى غير المعتاد سنكف عن تدريس كل المواد العلمية من رياضيات وفيزياء وعلوم الحياة والأرض والتكنولوجيا والإعلاميات بالعربية وسندرسها فقط بالفرنسية لغة الآخرين؟؟، اندهش التلاميذ وهم يتسآلون عن حيثيات الخبر القرار ويقولون: ولكن العربية سهلة وجميلة يا أستاذ.. والفرنسية صعبة ومعقدة ولا نحسن نطقها ولا كتابتها.. نعم نحن نفهم جيدا بالعربية ونتحدث بها أفضل.. نحن.. نحن..؟؟

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، أجاب الأستاذ بعد سلسلة من تساؤلات التلاميذ، ولكن في الحقيقة ربما أنتم ألفتم فقط لهجتكم المحلية ولا تحبون الحديث بالعربية؟، قال التلاميذ بالعكس، وربما ستفهمون جيدا بالفرنسية؟، وربما آباؤكم اشتكوا من العربية إلى المؤسسة وطالبوا بفرنستها؟، وربما المؤسسة أصبحت خصوصية لبعثة ما مفرنسة ولم تعد عمومية معربة؟، وربما بعض المفتشين التربويين؟، وربما بعض الأحزاب والنقابات؟، وربما.. وربما.. ؟، وطوال أسئلة الأستاذ كان التلاميذ يجيبون صادقين .. لا.. لا.. بالعكس.. بالعكس.. ، وأردف الأستاذ يضيف أو ربما أصبحنا ملحقة من ملاحق فرنسا وإن لسنا على أرضها، وربما فقط عقدنا معها شراكة وتوأمة سنستفيد منها ماديا لتغطية بعض مصاريف تعليمنا الباهض، وإن كانت كل تكاليف تعليمنا والحمد لله على البلد المقاوم المسكين، ولكن بعض المسؤولين يأبون إلا تقديم خدمات مجانية لماما فرنسا دون جزاء ولا شكور؟؟.

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، لا تذهبوا بعيدا يا أبنائي الأعزاء، فكل ما في الأمر إذن هو أن السيد المدير قد قرر، لأن السيد النائب قد قرر، لأن السيد الأكاديمي قد قرر، لأن السيد الوزير قد قرر و أمر وأرغد وأرعد و أزبد، لأن المجلس الأعلى وقياما بدوره الاستشاري قد قرر وإن لم يأمر فقد أشار، لأن التقارير الدولية قد قررت وضمنيا ربما قد أمرت وإن كانت تنفي على الدوام التدخل في الشأن الداخلي لأي بلد، ولا أدل على ذلك من أن كل بلدان العالم تدرس بلغاتها القومية وإن كانت”بزنطية”، ولهذا ربما لا ينبغي الإكثار من لأن.. ولأن.. ولأن.. فقط لأن ما لا نعرف من التماسيح وما لا نرى من العفاريت هي التي قررت و صممت عن قصد وإصرار على إهانة لغتنا العربية الجميلة في عقر دارها وبين أهلها، فأرادت بسم الانفتاح وتعلم لغة الآخرين وغيرها من المسميات استبدال تأثيث مستقبل أجيالنا بلغة فرنسية ترتب عالميا في الرتبة 7 وراء لغتنا العربية التي تتقدمها في الرتبة 5؟؟.

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، فالمهم يبقى الرأي حر والقرار ملزم، ولا خيار لنا جميعا إلا أن نجرب وإن كان الأمر لم يعد في إطار التجريب، بل تعداه إلى إطار الإلزام والتعميم على كل المواد العلمية وعلى كل المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية وعلى كل الخيارات و روافد الباكالوريا الدولية وغير الدولية، بل حتى المسالك الإنجليزية والشرق أسيوية؟؟، ولكن السادة المسؤولون ربما قد رأوا في الفرنسة الحل السحري لإصلاح التعليم وتحقيق مصلحة التلميذ والانطلاق من مبدأ المبادئ التربوية الأصيلة بيئة التلميذ ومستواه ولغته الوطنية الهوية والمرجعية والكونية، ربما أدركوا كل هذا فقالو فقط جربوا ثم احكموا.. وكأننا لم نجرب شيئا قبل 30 سنة مضت، أو كأنهم قد قيموا العربية تقييما موضوعيا فخلصوا إلى ضرورة إعادة التجريب والفرنسة فقالوا من جديد:جربوها وسوف ترون أن الأمر مفيد وممتع، جربوا وسوف ترون أن الأمر مبدع ومجدد.. مغامرة وليست مقامرة، جربوا وعلى الأقل يكن لنا ولكم شرف التجربة والمغامرة؟؟.

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، اليوم أحبتي التلاميذ إذا قيل لكم جربوا فجربوا.. وقد قيل لنا الكلام فلنجرب فلنجرب.. اليوم والآن.. :وبدأ الأستاذ مقدمة درسه يعلن فيها بعض الأهداف العامة والمفاهيم البسيطة، فلا سؤال.. ولا جواب.. ولا مشاركة.. ولا معرفة الكتابة.. ولا.. ولا.. ولا.. ، قال الأستاذ:ما بكم يا تلاميذ أليس فيكم “جاك”الصغير أو”جاكلين”، أليس فيكم “ميشال”أو”ميشلانة”.. .لا.. لا.. لا تقولوا هذا فنحن الأساتذة أيضا لم نتكون في الموضوع، ولكن كما ترون نتحدث فرنسي و عرنسي على كل حال؟، ورغم تشجيع الأستاذ وتبسيطه للأمر فلا زال الصمت الرهيب هو السائد في الفصل ولا سؤال.. ولا جواب.. ولا مشاركة.. ولا معرفة الكتابة.. ولا.. ولا.. ولا.. ، غير تمتمة الأستاذ المسكين إذ يقول:”كنت أقول كل هذا في نفسي.. ولكن أعمال العابثين غير منزهة عن العبث”؟؟.

اليوم ننعي إليكم لغتنا العربية الجميلة يا تلاميذ فعزونا، ويبقى الإشكال والمعضلة اللغوية مطرحة وبشكل حاد على مؤسستنا التعليمية إلى درجة أن التلميذ قد يحصل على شهادة البكالوريا بعد ما لا يقل عن 18 أو 20 سنة دراسة ولا يتقن مع الأسف أية لغة بما فيها اللغة العربية؟؟.لذا لا ينبغي بحال من الأحوال دعم اللغة الأجنبية على حساب اللغة الوطنية، بقدر ما ينبغي إعادة النظر في ديداكتيك تعلم اللغات عامة وتركها على قدم المساواة، إن لم يكن تفضيل اللغة الأنجليزية لغة البحث العالمي والتواصل العالمي وغيرها من اللغات الحية ولغات المستقبل للسوق الأفريقي والشرق الأسيوي والنمور والتنينات الصاعدة، ودعم كل هذا عبر تكثيف دروس التعبير والتواصل وأنشطة القراءة والكتابة والأندية التربوية.. ، وأكثر من ذلك ربط تعلم اللغة أية لغة بالمشروع الخاص فوحده من يجعل الطلبة يتعلمون لغة أي بلد ويحذقونها في مجرد 6 أشهر، لا لشيء إلا لأن بلدها يحمل مستقبل دراساتهم الجامعية وربما حياتهم المهنية؟؟.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M