لائحة الشباب.. برلمانيو (مَامَا غَطِّينِي)

05 مارس 2016 17:36
مجلس النواب يصادق بالإجماع على مشروع القانون المتعلق بالضمانات المنقولة

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

السبت 05 مارس 2016

حول ظاهرة اللائحة الوطنية للشباب

في سابقة غريبة اجتمعت قيادات الشبيبات الحزبية، وطالبت بلقاء مع رئيس الحكومة ومع رؤساء أحزابها، من أجل الإبقاء على الريع المُهين للشباب المغربي والمكتسب الثمين للمحظيين والمرضيين ممن تم تمتيعهم بفائض النضال الشبابي وهم في فراشهم ينعمون بدفء الغطاء الأميسي، ناعمين بتحقق الدعاء الشهير للأمهات (الله يجعل الناس تحرث وأنت تحصد).

ومن أجل الاستفادة من الحصاد الناتج عن عمل الآخرين، وتحويله لمكسب ريعي، يجعل الحصول على سرير برلماني بالموافقة على العمل باللائحة الوطنية للشباب، التي لن يكون فيها غير من “رضي عنه الغزواني” كما يقال، قامت القيادات الشابة التي ترى أن دورها يمكن أن يكون قد حان، بالاتصالات السالف ذكرها، من أجل ضمان الدخول تحت غطاء الريع البرلماني لأبناء مرضيي أمهاتهم وآبائهم ومن والاهم وسد مسدهم، باسم تشبيب البرلمان، وتحقيق “التْمُوليك التفاخري”، باسم “الديموغراضية” وحقوق “التْبرغيز”.

وقد تتحقق الرؤيا وتجتمع أسر تحت قبة البرلمان كما هو الآن، فيكون المنتوج البرلماني بطعم الطبيخ الذي تريده الأسرة “المبرمنة”، التي قد تصل للحكومة أو المراكز المتقدمة تحت شعار “عظم خوك ألبخاري”، و”اللي اعطاتو ايامو ايشير باكمامو”، و”ما علينا إذا لم يفهم البقر”!!

زمن تسول الشباب الزعماء الذين صنعهم أسلافهم

إنه لأمر مؤسف أن يصبح الشباب يتسول القادة والزعماء مناصب ومحترفات وشهادات إبراء وحسن مآل، بعدما كان لبّ اللباب وعصب الأمة، ومبتكر المناصب والنظريات والتحركات، وأن يتدحرج في السنين لهذا المستوى المذل، نتيجة لتنشئة بذرت بذورها سياسة استعمارية تأسست على منهج تعليم الواسطة بين الغازي والأهلي، لتتحول بعد الاستقلال على منهج خلافة المستعمر الذي أعطى مفهوم تلميذ اليوم حاكم الغد وموظفه.

ولما نفذت الوظائف ولم يعد هناك ما يُتَحَكم فيه، سرنا نرى التقاتل من أجل التوظيف ولا شيء غير التوظيف باعتباره البقرة الحلوب التي يجب التعاون على حلبها بين الحالب والماسك والشارب، وهو ما يفسر إصرار المعطلين على العمل في الوظيفة العمومية لأنها وإن كانت لا تنتج فإنها تدر ريعا لا نصَب ولا وصب فيه، مما ينذر المجتمع بأوخم العواقب إذا لم يتدارك الأمر بالعودة للتنشئة المُنبنية على العقيدة الإسلامية التي تثيب على العمل وليس على الاستهلاك.

إن القيم “السندويتشية” التي أفرزتها الحضارة الغربية المُنبنية على الفردانية واستغلال الآخر والمتمثلة في الاستعمار والهيمنة المتوحشة للرأسمالية المجهولة المصدر المُنبنية على تسخير الأنظمة والشعوب كوسائط لتدمير الثروات الطبيعية والإنسانية، والتي أفرزت نخبا تتغيا التوسط لتسهيل “السريط والتبرطيط”، أي الأكل وتعكير المأكل لإتاحة الفرصة للتدخل، هو الذي أوجد شبابا مكتوف العقل، يوجه بالتلكموند لخدمة مصالح الأغيار مقابل تغذيته، بخلاف شباب الألفية السابقة التي كان فيها الشباب سباقا لكل المبادرات، مخطوبا وده لأنه الذي كان يعطي التزكيات ويوزع الأدوار.

عندما كان الشباب فاعلا

إن رواد الحركة الوطنية والثقافية والعمالية كانوا شبابا ذوي همم عالية، فالشيخ المكي الناصري ألف كتابا ضد البدع وسنه 17 سنة، تأسست حوله جمعية الرابطة المغربية سنة 1926 من أجل النهوض بالمجتمع والدفاع عن مصالح المواطنين المنصوص عليها في المعاهدات الدولية من قبل شباب في العشرينيات من العمر كالعلماء: علال الفاسي، والفقيه غازي، والفقيه داوود، وعبد الله كنون، ومحمد بن اليمني الناصري، والحاج أحمد بلا فريج، ومحد الفاسي، ومحمد بن الحسن الوزاني والشهيد القري.. وغيرهم، ممن تطول لائحتهم، كما أن مؤسسي الكتلة الوطنية ومطالبها سنة 1934 كان موقعوها شبابا، وكذلك من وقعوا وثيقة المطالبة بالاستقلال في المنطقة الخليفية والسلطانية سنتي 1943-1944، وقس على ذلك رواد الصحافة والتنظيمات الحزبية والنقابية، وجمعيات تحفيظ القرآن الكريم ومؤسسو المدارس الحرة، وقادة ثورة الملك والشعب وجيش التحرير.

فأين نحن اليوم من تلك النابتة كما كانت توصف؟!!

لقد أصبح الطموح يخرج من تحت الغطاء بعدما كان يخرج من الجد والاجتهاد والتضحية والفداء والبذل والعطاء ونكران الذات، وما ذلك إلا من غياب العقيدة الصادقة الصالحة التي كانت تحض على العمل وتزينه، فتحيى به الأمة وترقى بها في معارج الكمال.

فهل نرى عودة لذلك الماضي المجيد، وتصبح ظاهرة برلمانيي “ماما غطيني” مجرد فلتة من فلتات الإخفاق التربوي، وعثرة من العثرات السياسية العقيمة التي جاء بها الاستيلاب الاستعماري، والاغتراب الحضاري؟!

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M