تسنيم راجح: بعض النقاط بخصوص الترحم على غير المسلم أو الدعاء له ..

13 مايو 2022 20:12

هوية بريس – ذ. تسنيم راجح

بعض النقاط بخصوص الترحم على غير المسلم أو الدعاء له..

– لا يوجد أي عملٍ يقوم به المسلم في حياته اليومية إلا وهو جزءٌ من كونه عبداً لله، وله بناءً على ذلك حكمٌ شرعي (فرض، محرم، مكروه، مباح..)، فلا يمكن أن نقول أن هذه قضية غير دينية، أو أبقوا دينكم جانباً، أو أنه أمرٌ إنساني لا نحتاج لإدخال الإسلام فيه!

– رحمة المسلم بالآخرين تنطوي تحت رؤيته لنفسه وللحياة، فمن رحمتك بالآخرين أن لا تقول لهم كلمةً تسعدهم الآن وتجرّهم نحو ما يشقيهم غداً، ومن ذلك أن لا تكرر ما يوهم المشركين بأن أعمالهم ستدخلهم الجنة بغض النظر عن عقيدتهم، وبأن كونهم مسلمين أو لا قضية جانبية لا علاقة لها بمصيرهم الأبدي.

– أمر الميت الذي غادر الحياة إلى الله سبحانه لا إلينا، لقد أفضى إلى ما قدّم وقامت قيامته، أما نحن هنا في دار الاختبار فعلينا أن نعمل بما أمرنا الله به تجاه هذا البلاء الذي أحزننا أو استثار عواطفنا أو فتح علينا ملفّات شبهات كثيرة لا ندري كيف نتعامل معها، علينا هنا أن نحرض عن الذي ينفعنا في وقتنا وطاقتنا وما نتلقاه، نصمت عن ما لا نعلمه ونسأل أهل العلم ونعرض عن الجاهلين، ونخاف على نفسنا التي بين جنبينا أن تحركها منشورات فيسبوك أو حملاتٌ أو تفاعلات قبل أن نخاف على من مات.

– هناك فرق بين القول بأن الدعاء أو الترحّم على الميت من غير المسلمين حرام وبين القول بأنه من أهل النار، فالمسلم لا يملك مصير نفسه، يدعو كل يوم بأن يثبت الله قلبه، ويكرر الدعاء بأن يعتقه من النار ويتقبّل منه ويرزقه الصدق والإخلاص، وبالتالي فهو بالتأكيد لا يملك مصائر الآخرين ولا يجزم بحال أشخاص محددين منهم، لا يزعم أن فلاناً في الجنة وفلانٌ في النار، إنما يقوم بما أمره الله ورسوله به ويصبر على دربه ويستمر مستعيناً بالله فقط.

– مسألة الترحّم على من مات من غير المسلمين أو الدعاء له (والتي صارت الآن الصلاة عليه!) قضية كبرى وخطيرة تؤثر على المسلمين ذاتهم، فالقارئ المسلم الذي يرى إخوانه المسلمين يترحّمون على من مات نصرانياً أو يهودياً أو ملحداً لأنه كان إنسانياً أو محسناً أو صاحب قضية أو مفكراً أو غير ذلك وهو أصلاً يستثقل الصلوات أو تستصعب الحجاب أو يريد أن يواعد زميلته في الجامعة أو يجاهد نفسه ليتوضأ في الشركة.. وإلى غير ذلك، فإن ما سيأتي في باله هو: “إن كان الفرق بين الكفر والإيمان بهذه البساطة، وإن كنا جميعاً قد ندخل الجنة بحسن خلقنا، وإن كان المسلمون أنفسهم يظنون هذا، فلماذا أتعذب ولا أعيش بهواي مع بعض اللطف والقضايا الإنسانية؟ لماذا خدعنا الشيوخ بأن الأمر معقد هكذا!

وبناءً على هذه الانتماءات الإنسانوية وتحييد الدين أو التهوين من قيمته نرى كثيراً من الشباب يخرجون من الدين أو يتهاونون به، وقد رسخ في أذهانهم أن الأمر عادي، طالما أنك تنصر الضعفاء وتحب الخير للناس!

فالأمر ليس خاصاً ولا هو تابع لهوى أحد ولا رغبته، بل هي قضية عقدية مهمة وأساسية نحتاج التركيز عليها والتذكير بها بغض النظر عن مشاعرنا وعن الأمور الدنيوية المحيطة بنا، تماماً كما أن على الأب الذي فقد ابنه أن يتمسك بما يرضي الله من أقواله، وكما أن على الذي صدم بمرضٍ أن يرضى بقضاء الله ويصبر ويحتسب..

ولا حول ولا قوة إلا بالله..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M