حاجة الأمة إلى تطبيق خلق الستر

06 يوليو 2020 12:32

هوية بريس – عبد العزيز أعلوف

يعتبر ستر أخطاء الناس خلقا رفيعا في الاسلام، وصفة يحبها الله ورسوله، تحلى بها الأنبياء والمرسلون، والمؤمنون الصالحون، وقد ذُللت في الآونة الأخيرة سبل إفشاء الأسرار ، ونشر العيوب والأخبار، فسعد المفتونون ونشروا غير آبهين بما يترتب على ذلك، وخاف المتقون وكتموا واجتنبوا كل مهيع وطريق يؤدي إلى المهالك.

وقد توعد الحق سبحانه كل ناشر لقالة السوء وأفعال السوء بالعقوبة الدنيوية والأخروية ، قال تعالى (( إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب آليم في الدنيا والآخرة )) سورة المومنون، الآية : 19 ، في هذه الكريمة قال المفسر الكبير العلامة الصابوني في تفسيره (( الفحشاء : هي السيء من الأقوال والأفعال )) ، وأكد النبي في ما صح عنه أن المتتبع لعورات الناس وأخطائهم يفضحه الله ، قال صلى الله عليه وآله وسلم (( من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته )) رواه الإمام أحمد.
إن من خلق المسلم كتم أخبار الناس وعدم نشر هفواتهم ، وقد حثث على ذلك كثير من نصوص الشريعة ، وجعلت لهذا الصنيع نوالا وثوابا ، قال صلى الله عليه وآله وسلم (( من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة )) رواه الإمام مسلم
فالستر الدنيوي ؛ أن لا يفضحه الله بين الخلائق، والستر الأخروي نوعان يذكرهما شراح الوحي: _ إما أن يمحوا الله ذنبه فلا يسأله عنه ._ إما أن يسأله عنه من غير أن يطلع عليه أحدا ثم يعفوا عنه.
وفي زمننا هذا يشتد خطر نشر عيوب الناس وأخطائهم ، ذلك أن الخطيئة قد توثق صوتا أو صورة أو بكليهما معا ، ثم تنتشر انتشارا سريعا في مواقع التواصل من طرف الفاعل أو غيره ، كأن تنشر صورة لشخص وهو يشرب الخمر ، أو يأخذ قرضا ربويا أو تُنشر صور لشخص وهو كاشف لعورته، أو ان يقوم بعض الموهومين باستعراض جسومهم ، وإبراز مفاتنهم بغية الحصول على دريهمات معدودة ، فهؤلاء ونحوهم – للأسف الشديد – يتحمل الناشر الأول وزر نشره ، ويتحمل أيضا وزد كل شخص قلد ما في المحتوى وتبعه، قال تعالى : (( وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم)) سورة العنكبوت ، الآية : 13.
وخلاصة القول : أن الأصل في المسلم الإمساك عن عيوب الناس ، ولا يشهر بها، حتى يستره الله في الآخرة والأولى، كما أننا نحتاج إلى تفعيل هذا الخلق وتطبيقه واستحضاره وقت كل فرصة سنحت لنا بفضح الناس وكشف أستارهم، فإذا أردت أن يسترك الله فاستر غيرك، وإن فضحت غيرك فاعلم أن موعدك قريب لا محالة ، ما لم تتب إلى خالقك؛ وهذا كله ما لم يكن المرء مجاهرا بفسقه ، وإلا جاز فضحه حتى يتقى شره .

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M