حتى لا نبكي الاستقرار كالنساء…

29 يوليو 2016 17:28
الليبرالية إحياء للجاهلية وإيغال في الرجعية

هوية بريس – ذ. أحمد اللويزة

منذ فترة الثورات والفتن والقلاقل والحروب الطاحنة التي لا زالت تعصف بدول عديدة من بلاد الإسلام، ونحن في هذا الوطن نتغنى منتشين بالحديث عن الأمن والاستقرار والاستثناء المغربي وووو.

كل هذا من فضل ربي، إذ الأمن نعمة ومنة إلهية، كان قد امتن الله بها على قريش منذ بعثة النبي عليه السلام، وذلك في غير ما آية حيث قال عز وجل: “فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف“، وقال جل جلاله: “أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ”، وقال سبحانه: “أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا“.

فكونه نعمة إذن يحتاج من المنعم عليهم به مزيد شكر للمنعم سبحانه، والشكر لا يكون إلا بالاجتهاد في طاعته وإقامة دينه وتحكيم شرعيته وتحقيق مراده من الخلق وهو تمام العبودية لله عز وجل. وكل ذلك من أجل دوام النعمة وتثبيتها والحفاظ عليها أمدا طويلا.

لكن وللأسف الشديد، ونحن إذ نتغنى بالأمن والاستقرار وكثرة الخيرات والبركات لم نقابل ذلك إلا بمزيد كفران ونكران، ولم يصعد إلى الله عز وجل في الأغلب الأعم إلا المعاصي والمنكرات، ظاهرة وباطنة، وكل ما يقوم على النعم بالذهاب والزوال، وحلول النقم والأهوال، سلمنا الله منها.

فنظرة عجلى إلى الواقع تنبيك عن مستقبل هذا الأمن والاستقرار، وأنه سائر في طريق الزوال وتأكيد ذلك قوله تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ” فأين الشكر إذن؟؟ أليست المعاصي غطت كل شبر؟ خمور ومخدرات وزنا ولواط وعري وسفور واختلاط ودياثة وربا ورشوة وغش ومكر…، ألسنا نبارز الله بالطغيان ؟ ألم يستشري الظلم والفساد؟ ألم يحارب المصلحون وتغلق الجمعيات الدعوية ويعزل الخطباء والأئمة الصادقون؟ ألم يمكن للمفسدين من رجال الإعلام والصحافة والفن…؟…

ثم أبعد هذا أليس الناس يشتكون؟ ألا نرى إرهاصات تحول عافية الأمن إلى رعب وخوف، سطو (وكريساج) وقتل وحوادث ونصب..؟..

المعادلة واضحة؛ نعمة وشكر دوام واستمرار، نعمة وكفر تحول وزوال. ونحن في حاجة لمن يحرص على سلامة هذا الوطن بصدق ويقول كلمته بإخلاص دون لف أو دوران أو مغالطة وبهتان، والله يقول: “واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة” والفتنة أشد من القتل. فأقدار الله لا تتخلف، وإن الله يمهل ولا يهمل، ومن شاء فليتأمل قوله تعالى: ” وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ، وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُول مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ الْعَذَاب وَهُمْ ظَالِمُونَ“.

إن لم نتدارك الأمر وفي أقرب وقت فقد يحل البلاء بأرض وإن كان فيها الصالحون إذا كثر الخبث كما جاء في الحديث. فليفتح المجال للصالحين ليصيروا مصلحين، بمجهوداتهم يرفع الله البلاء ويزيل النقم ويحفظ الأمن والاستقرار “وما كان ربك مهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون” بغير هذا فإننا قادمون على سنوات كالحة، نسأل الله أن يأخذنا إليه غير خزايا ولا مفتونين. وأن يسلم الوطن وسائر بلاد المسلمين والبلايا والمحن.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M