حملة المقاطعة وموت الأحزاب السياسية

30 مايو 2018 13:33
الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب يدعو للإنصات للمقاطعين والتفاعل الإيجابي مع مطالبهم

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

أسست حملة مقاطعة المنتوجات الثلاثة ميلاد أسلوب جديد لمقاومة الفساد المستشري بالمؤسسات الرسمية وغير الرسمية المتحكمة والنافذة ببلادنا…
وبعد الاهتمام الكبير التي حظيت به تلك الحملة على مستوى معظم مكونات الشعب المغربي…
وبعد النجاح المتميز والنوعي الذي حققته تلك الحملة على مستويات عدة، والتي كان من أهمها وأبرزها وثوق الشعب المغربي بنفسه، والتي دلت على أن المواطنين المغاربة قادرون على أن يصنعوا المبادرة الإيجابية، وأن يترجموا تلك المبادرة على أرض الواقع، وأن يجدوا الفارق المطلوب للتغيير نحو الأحسن…
وبعد انتقال حملة مقاطعة من الدعوة إلى مقاومة الفساد المادي المرتبط بالمال وبـ”جيب” المواطن إلى الدعوة إلى مقاومة الفساد الفكري المرتبط بعقل المواطن وأخلاقه: مقاطعة مهرجان موازين، والتي أرجو أن ينخرط فيها جميع مكونات الشعب المغربي… فيكتب لها النجاح
فبعد هذا وذاك، فإني أبشر المواطن المغربي أننا دخلنا مرحلة جديدة ـ أو بالأصح ـ حملة ضمنية أخرى وواعية تعلن عن موت رسمي للأحزاب السياسية ببلدنا، هذه الأحزاب والتي على اختلاف برامجها الظاهرة لم تحقق لهذه البلاد إلا مزيد من الفساد، مع شرعنته باسم القانون أو باسم اللعبة السياسية؛ الديموقراطية الممنوحة!؟
كنت فيما مضى أثناء الاستحقاقات الانتخابية السابقة، كتبت أدعو للتصويت على الحزب الأصلح…
وبعد فوزه وتقلده بعض المسؤولية، لم ألمس التحسن في واقع الناس كما كنت أتصور، وظهرت بعض النتائج المخيبة للأمل…
ثم جاءت استحقاقات انتخابية أخرى، فدعوت إلى التصويت لذلك الحزب ولكن تحت سقف أقصر وبمتمنيات أقل، فمن الأصلح إلى الأقل فسادا، أو من جلب المصالح إلى دفع المفاسد، فالجو العام لا يبدو فيه إلا الفساد بأشكاله المختلفة، أو لدفع المفسدة الكبرى قبول بالمفسدة الصغرى، هكذا أصبح السقف المطالب أقصر.
وتقلد ذاك الحزب من جديد المرتبة الأولى، ولكن كانت خيبة الأمل من جديد… لا أتهمه في نظافة اليد، ولكن قصور واضح على مستوى الكفاءة والنظرة الشمولية أو ما يسمى بفقه الواقع… أحيانا تظهر من تصرفات أصحابه أن المصلحة الكبرى لديهم أصبحت هي بقاؤهم متربعين على الكراسي والمناصب، فما كانت وسيلة بالأمس أضحت اليوم غاية في حد ذاتها… فلم تعد القاعدة المكيافلية وحدها حاضرة الغاية تبرر والوسيلة، وإنما سكنت الوسيلة مكان الغاية… والشواهد كثيرة.
والمتمنيات التي كنت أرجو أن تحقق على يد من صوتت عليهم في الاستحقاق الأول والثاني، كانت تتغيى تحقيق مصالح شرعية على مستوى الديني أولا، ثم تحسين الوضع المادي، لكن لا سجّادتي طهُرت ولا معدتي شبعت…
وإذ كنت أسطر هذه الحقائق، فأنا على تصور تام -بعد خيبة الأمل التي صادفت كل مواطن غيور ينشد التغيير إلى الأفضل بالطرق السلمية وبالأخذ بسنة التدرج- قلت: أنا على تصور تام بأن اللعبة السياسية في بلادنا يريدها المخزن أو المتحكمون في الدولة العميقة مجرد واجهة لإعطاء الشرعية القانونية للفساد والقهر، فالنتائج الانتخابية المتحكم فيها سلفا بطريقة غير مباشرة تجعل معظم الأحزاب الموجودة تؤثث مشهد الأغلبية الحكومية، أي ستكون مشاركة في الحكومة، وكذلك تجعل منهم معارضين للحكومة؛ أدوارا صورية ليس لها من الحقيقة إلا الاسم والرسم…
موت الأحزاب الذي سيتم تشييعه رسميا في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سيكون كذلك محطة أخرى وكبيرة تؤكد رسوخ مطالب الشعب، وأنه أخذ زمام المبادرة بنفسه لصالح بلاده.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M