خالد الصمدي يكتب عن: مدرسة المَخْزَنْ!

08 سبتمبر 2022 18:24

هوية بريس – الدكتور خالد الصمدي

في برنامج اذاعي يناقش قضايا الدخول المدرسي سأل منشط البرنامج أحد المتصلين بالهاتف فين كاتقري ولادك اسيدي ؟

الجواب متحسرا: …غير فالمدرسة دالمخزن أولدي ما عندنا مناش، الدخل ضعيف، الله يعاوننا عليهم ثلاثة باقين وجوج خرجتهم
المحاور : متأسفا مسكين ،،، !!!

يعكس هذا الحوار شعورا بالانكسار وعدم الرضى لدى العديد من الأسر عن خدمات المدرسة العمومية ، وفي نفس الوقت طموحا لديها لنموذج معين للمدرسة لم يعثروا عليه بعد !! مدرسة تستجيب لطموحاتهم وتكون في مستوى إمكاناتهم..

وإذا كان هذا الحوار يعكس لسان حال ستة ملايين ونصف من التلاميذ أي ما يوازي 4 ملايين أسرة ممن يدرسون أبناءهم في ما يسمونه “مدرسة المخزن” فالباقي ( مليون تلميذ ) يدرسون أبنائهم في مدرسة من؟ وما هي معاناتهم المادية مع المؤسسات البديلة التي يمكن اعتبار العديد منها – من غير تعميم طبعا – مؤسسات عمومية بالأداء، في غياب التعاقد الاستراتيجي الشامل بين الدولة والقطاع الخاص الذي ينص عليه القانون الإطار 17-51 وما ينتج عنه من تحديد للخدمات التربوية وما يقابلها ماديا، ويمكن من تحديد الاسعار ومراقبة جودة الخدمات المقدمة من طرف هذا القطاع ضمانا لاستمرار خدماته وصيانة لحق المستثمرين فيه طبقا للقوانين الجاري بها العمل من جهة، وفي نفس الوقت حماية للأسر التي اضطرت إلى اللجوء إلى الخدمات التربوية لهذه المؤسسات لظروف معينة، وفي ظل التمثلات السلبية التي يحملها الكثيرون عن ما يسمونها ب ” مدرسة المخزن” وقد تراجعت نسبة المسجلين في مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي هذه السنة بحوالي 7٪ حسب تصريح الوزير بنموسى في الندوة الصحفية بمناسبة الدخول المدرسي الجديد، وينتظر أن ترتفع هذه النسبة في السنوات القادمة في ظل الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تشير اليها جل التقارير الدولية ، ما لم تتخذ الإجراءات الضرورية لاستقرارهذا القطاع واستمراره، واتخاذ إجراءات مواكبة تخفف من الصعوبات المادية التي تعاني منها عدد من الأسر بعد سنتين من الجائحة وآثارها ( وقد اقترحنا في هذا السياق إحداث نموذج المدارس الشريكة).

ثم كيف نرد ” لمدرسة المخزن” بالتسمية الشعبية هيبتها ومكانتها التي احتلتها طيلة نصف قرن في الوقت الذي كانت فيه المؤسسات الخصوصية المعدودة على رؤوس الاصابع في بعض المدن الكبرى والمتوسطة، الملاذ الأخير والفرصة الثانية لاستدراك تعلمات الراسبين في المدرسة العمومية ، ولم تكن امتيازا يلجأ إليه الميسورون.

كان طموح الميثاق الوطني للتربية والتكوين سنة 2000 أن تصل نسبة مؤسسات التعليم الخصوصي في التعليم المدرسي الى 10 % في أفق 2010، واليوم تجاوزت هذه المؤسسات نسبة التعليم العمومي في بعض المدن الكبرى 55٪، مع ضعف الإطار التشريعي الذي يمكن من مراقبة الخدمات والاسعار حماية للمرتفقين أسرا وتلاميذ، فالتعليم خدمة عمومية تضمنها الدولة بالجودة اللازمة في كل مكونات المنظومة العمومي منها والخاص.

وإذا كانت الدولة قد بذلت وتبذل مجهودات جبارة لضمان تعميم التمدرس في التعليم الالزامي وتعميم التعليم الأولي وضمان تكافؤ الفرص في الولوج إلى مختلف خدمات المنظومة ماديا وبشريا واجتماعيا وبيداغوحيا في المدارس العمومية، فإن تحيين الترسانة القانونية ذات الصلة بالمدارس الخصوصية باعتبارها شريكا للمنظومة واخراج الإطار التعاقدي الاستراتيجي الشامل بين الدولة والقطاع الخاص إلى حيز الوجود ، ورش ينبغي فتحه في أقرب وقت ممكن، فمعاناة الأسر مع التعليم الخصوصي لا تقل عن معاناتهم في العمومي فكلاهما “مدرسة المخزن”.

والطموح مدرسة الجودة للجميع ..

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M