خطر الإصابة بفيروس الابتداع في الدين.. «وصفة نافعة لعلاج فيروس البدع المميت للسنن»

11 فبراير 2016 17:33
فيديو.. كلام محزن عن ما يتعرض له المسلمون من بطش على أيدي البوذيين

د. رشدي نافع

هوية بريس – الخميس 11 فبراير 2016

قبل الدخول في جوهر الموضوع هذه أهم أعراض الإصابة بفيروس البدع عافنا الله وإياكم منها.

إن من الأمراض الخطيرة والفتاكة التي ابتُلِيت بها الأمة الإسلامية قديما وحديثا مرض فيروس انتشار البدع وفشوها بين الناس، مما نتَج عنه انحرافٌ في العقائد، ولم يقتصر ذلك الأثر السيّئ لفيروس البدعة على عقائد الناس، بل امتد إلى أمور مَعاشِهم وحياتهم، وغير خاف أن لكل فيروس أعراض، وأعراض هذا الفيروس كثيرة ولعل أخطرها:

أولا: الجهل، فهو آفة خطيرة، قال تعالى: “وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا” (الإسراء:36)، وقال سبحانه: “قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ” (الأعراف:33)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول: “إن الله لا ينتزع العلم من الناس انتزاعاً، ولكن يقبض العلماء فيرفَعُ العلم معهم، ويُبقي في الناس رُؤوساً جُهَّالاً يفتنون بغير علم فَيَضِلُّون ويُضِلُّون” رواه البخاري.

ثانيا: التقليد والتعصب: فإن أكثر أهل البدع يقلدون آباءهم ومشايخهم، ويتعصبون لمذاهبهم، قال تعالى: “وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا” (البقرة:170).

ثالثا: الغلو وهو أيضا من أعظم أسباب انتشار البدع، وظهورها، وهو سبب شرك البشر، لأن الناس بعد آدم عليه الصلاة والسلام كانوا على التوحيد عشرة قرون، وبعد ذلك تعلق الناس بالصالحين، وغلوا فيهم حتى عبدوهم من دون الله عز وجل، فأرسل الله تعالى نوحا صلى الله عليه وسلّم يدعو إلى التوحيد، ثم تتابع الرسل عليهم الصلاة والسلام، والغلو يكون في الأشخاص، كتقديس الأئمة والأولياء، ورفعهم فوق منازلهم، ويصل ذلك في النهاية إلى عبادتهم، ويكون الغلو في الدين، وذلك بالزيادة على ما شرعه الله، أو التشدد والتكفير بغير حق.

والغلو في الحقيقة: هو مجاوزة الحد في الاعتقادات والأعمال، وذلك بأن يزاد في حمد الشيء، أو يزاد في ذمه على ما يستحق، وقد حذر الله عن الغلو فقال عز وجل لأهل الكتاب: “يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ” (النساء:171)، وحذر النبي صلّى الله عليه وسلّم أيضا من الغلو في الدين، فعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال: ”إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين“ رواه ابن ماجة وصححه الألباني.

فتبين بجلاء أن الغلو في الدين من أعظم أسباب الشرك، والبدع، والأهواء ولخطر الغلو في الدين حذر النبي صلى الله عليه وسلّم عن الإطراء فقال: ”لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله“ رواه البخاري.

رابعا: اتباع الهوى من الأسباب الخطيرة التي توقع الناس في البدع، والأهواء قال تعالى: “يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ” (ص:26).

خامسا: اتباع المتشابه فالمبتدعة يتعلقون بالشبهات فيقعون في البدع، قال تعالى: “هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ” (آل عمران:7).

وهناك أعراض أخرى كالاعتماد على الأحاديث الضعيفة والموضوعة، ولي أعناق النصوص، وكتمان العلم، ومسايرة الناس ومجاملتهم وو…

إن من أكبر نعم الله تعالى على الأمة الإسلامية أنه أكمل لهم دينهم، فلا يحتاجون إلى غيره ولا إلى غير نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم، قال تعالى: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” (المائدة:3)، وقال صلى الله عليه وسلم: “ما تركت شيئاً مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئاً مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه” أورده الألباني في الصحيحة.

وإن من أعظم آثار البدعة على الدين إماتة السنن، لأن البدعة ترفع ما يقابلها من السنة، وما قامت بدعة إلا على نقض سنة، وإذا عمت البدع صارت السنة غريبة وأهلها غرباء، قال ابن عباس رضي الله عنه: “ما أتى على الناس عام إلا أحدثوا فيه بدعة، وأماتوا فيه سنة حتى تحيا البدع، وتموت السنن“. وقال بعض السلف: “ما أحدث قوم بدعة في دينهم إلا نزع الله من سنتهم مثلها“.

إن أي ابتداع في الدين الحنيف هو استدراك عليه، يزعم المبتدع بإحداثه أن الشريعة لم تكتمل، وأن نبينا صلى الله عليه وسلم ترك شيئا من الرسالة لم يبلغه! فاحتاج الدين إلى إحداثه وابتداعه!!

قال إمامنا مالك رحمه الله:”من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: “اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا” (المائدة 3)، فما لم يكن يومئذ دينا، فلا يكون اليوم دينا” الاعتصام للشاطبي (1/64).

قال الإمام الشوكاني رحمه الله في: “فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم فما هذا الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه؟! إن كان من الدين في اعتقادهم، فهو لم يكمل عندهم إلا برأيهم(!) وهذا فيه رد للقرآن! وإن لم يكن من الدين، فأي فائدة في الاشتغال بما ليس من الدين؟!

وهذه حجة قاهرة، ودليل عظيم، لا يمكن لصاحب الرأي أن يدفعه بدافع أبدا، فاجعل هذه الآية الشريفة أول ما تصك به وجوه أهل الرأي، وترغم به آنافهم، وتدحض به حججهم” (القول المفيد؛ ص:38).

ولذلك قال الشافعي -رحمه الله-: “من استحسن فقد شرّع“.

قال الإمام الشاطبي رحمه الله في تعريف البدعة هي عبارة عن: “طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه” (الاعتصام؛ 1/51).

وأوجز منه تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “بأنها ما خالف الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات” (الفتاوى؛ 18/346).

ولم يفسد على الأمة دينها شيء مثلما أفسدته البدع، ولم تتسـع دائرة الانحراف عن الدين الحق إلا بالبدع ولهذا قال أئمة الإسلام كسفيان الثوري وغيره: “إن البدعة أحب إلى إبليس من المعصية لأن البدعة لا يتاب منها والمعصية يتاب منها” (التحفة العراقية في الأعمال القلبية؛ ص:12).

ومعنى قولهم إن البدعة لا يتاب منها: أن المبتدع الذي يتخذ دينا لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم قد زين لـه سوء عمله فرآه حسنا فهو لا يتوب ما دام يراه حسنا، لأن أول التوبة العلم بأن فعله سيئ ليتوب منه أو بأنه ترك حسنا مأمورا به أمر إيجاب أو استحباب ليتوب ويفعله، فما دام يرى فعله حسنا وهو سيئ في نفس الأمر فإنه لا يتوب، وأهل البدع زينت لهم أعمالهم، كما قال الله عز وجل: “أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ” (فاطر:8).

وفي الختام أكتفي بذكر وصفة واحدة من وصفات كثيرة للحد من فيروس البدع، وهي:

اتباعه صلى الله عليه وسلم

فمن أوامره صلى الله عليه وسلم التمسك بسنته وسنة الخلفاء الراشدين من بعده فعن العرباض بن سارية قال: “وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه لموعظة مودع فما تعهد إلينا؟ قال: قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هلك من يعش منكم فيسرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ. وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأَنف حيثما قيد انقاد” رواه ابن ماجة وصححه الألباني.

والتمسك بسنته يقتضي التحذير من كل ما خالفها من بدع ومحدثات في الدين فهي ضلالة وإن زينها فاعلوها وأعطوها طابعا شرعيا، وتعبد لله بغير ما شرع، وعن جابر بن عبد الله قال: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه كأنه منذر جيش يقول صبحكم مساكم ويقول: “بعثت أنا والساعة كهاتين”، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: “أما بعد فإن خير الأمور كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة” رواه ابن ماجة وصححه الألباني.

قال سفيان الثوري رحمه الله: “كان الفقهاء يقولون: لا يستقيم قول إلا بعمل، ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية، ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة” (الإبانة الكبرى لابن بطة؛ 1/217).

فاتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم، فإنه “لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها” كما قال إمامنا مالك رحمه الله. فلا صلاح لأحوال الأمة إلا باتباع السنة، ولا نجاة للعباد إلا بذلك، وقال الأوزاعي: “اصبر نفسك على السنة، وقف حيث وقف القوم، وقل بما قالوا، وكف عما كفوا عنه، واسلك سبيل سلفك الصالح، فإنه يسعك ما وسعهم” (الشريعة للآجري؛ ص:58).

نسأل الله تعالى أن يعافينا من البدع وأهلها، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

آخر اﻷخبار
2 تعليقان
  1. السﻻم عليكم اخواني في الله ان البدعة تحدت عليها الشيخ بوسعيية ثامة ولكن اضيف كلمة ان قول الشيخ ان البدعة فيروس ولكن ان الفيروسات تظهر والمختصين يبحتون لها عن الحقن والقضاء غليها لكن البدع لولا العلماء لمحاربتهم لزدادوا انتشارا ولكن يزدادون في كل الحضات ولم نجد لهم تلقيح ا ﻻ اﻻتباع لسنة الله ورسوله وعدم السكوت عن الحق والوقوف في وجوههم وتكوين علماء لمحاربة هدا الخبث ولكن ان الله تعهد بحفظ دينه رغم كل اﻻعداء

  2. وأوجز منه تعريف شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “بأنها ما خالف الكتاب والسنة أو إجماع سلف الأمة من الاعتقادات والعبادات” (الفتاوى؛ 18/346).
    تعريف شيخ الاسلام رحمه الله يفهم منه: أن مادخل تحت عمومات الشريعة، وماشهد له الشرع بالاعتبار، لايسمى بدعة .والحمد لله رب العالمين .

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M