دون انهزامية.. هل يمكن لأنظمتنا أن تصمد أمام الابتزاز الصهيوني

11 ديسمبر 2020 18:57

هوية بريس – إبراهيم الطالب

دولة الصهاينة لا تشتغل بالشعارات مثل دولنا، بل تشتغل وفق القوانين والسنن الكونية، وتتشبث بالنبوة والدين والولاء والبراء وفق تصورها التلمودي الصهيوني لقضيتها.

فهي تقتل الفلسطينيين وتغتال الكوادر المقاومة في كل بلاد العالم وتسمي ذلك دفاعا عن النفس، وتجد من أحزابها الدينية من يفتي بجواز كل ذلك دينيا، ويسوّغ كل الجرائم باسم التوراة والقراءة الصهيونية للتلمود، لكن علمانيينا لا زالوا يتحدثون عن جهاد الطلب وعن الإماء، وقد توقف هذا منذ قرن ونصف، وكذلك الأنظمة تحارب الإرهاب حتى ولو كان في ذلك خسارتها من الناحية الاستراتيجية وضعفها من الناحية الداخلية.

المنظمات الصهيونية مدعومة بالجماعات الوظيفية اليهودية استطاعت منذ أكثر من قرن أن تغير دين أوربا وأمريكا لتصبح دولهما تؤمن بالمعتقدات الإنجيلية للكتاب المقدس وفق القراءة الجديدة التي بلورتها الصهيونية، والتي تجعل قيام إسرائيل داخلا في البعد الاستراتيجي للسياسة الخارجية لكل الدول الغربية، فأصبح أمن الصهاينة من أمنها القومي.

ذاكرة الأمة ضعيفة مثقوبة لكننا سنحاول التذكير بقضية كادت تحدث التغيير في ملف القضية الفلسطينية.

فعندما حاولت دولة الصهاينة إبادة المقاومة الإسلامية في غزة خلال عدوانها في 27 دجنبر 2008، وأمطرت الأطفال الفلسطينيين بقنابل الفوسفور، افتضح أمرها وتحرك العالم الإسلامي قاطبة، لبشاعة الصور الدموية ولهول الدمار، فتحرك النزهاء في شتى دول العالم الغربي كذلك، فخرجت مئات المسيرات في ربوع العالم بأسره، فماذا فعلت الأنظمة العربية وشعاراتها؟؟

هرولت بإشارة من أمريكا والكيان الصهيوني إلى عقد مؤتمر شرم الشيخ ورئاسة الكركوز مبارك وباقي الكراكيز التي انتهت صلاحيتها بعد ذلك فأسقطت وأبيدت، لتحل بعدها فوضى خلاقة كان أهم ما خلقته نجاح عمليات التطبيع مع العدو التاريخي على حساب القضية الأكبر للمسلمين.

مبالغ كبيرة وعد بها الذين هرولوا إلى مصر من الدول العربية والغربية على السواء لإنقاذ إسرائيل من ورطتها، ألمانيا بريطانيا إيطاليا أمريكا ودول مانحة عديدة غصت بهم قاعة مؤتمر شرم الشيخ لإعادة إعمار غزة، دون ذكر ثعالبنا المدربة على تلميع الديبلوماسية الخادعة للدول الكبرى.

أكثر من 4 ملايير دولار اتفق على منحها لإعمار غزة، رقم أعلن حينها، أبدى الكل تضامنه ووعده وجديته حتى يهدأ العالم الذي كان يغلي بعد إبادات غزة وأهلها، والذي كان يمكن استغلاله في منظمتهم الأمم المتحدة، لكن الضعف والخيانة والقوادة السياسية والدبلوماسية حالت دون ذلك.

قوة إسرائيل تكمن هنا، تتلخص في قدرة لوبياتها في دول العالم على الاشتغال من أجل حشد التأييد لكل ما تقترفه دولتهم من جرائم واغتيالات، وذلك من أجل حماية إسرائيل.

الدول المانحة باعت الوهم للدول العربية ولشعوبها، وكلاهما فيه القابلية للانخداع بل منهم المخادع الخائن عن علم وإصرار.

تم الترويج لوعود سداد فاتورة الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في كل وكالات الإعلام الدولية، لم يتحدث أحد عن تحميل إسرائيل المسؤولية السياسية عن ذلك الدمار ولا تلك الإبادات لم يتحدث زعيم واحد عن إخضاعها للمحاسبة الدولية.

بعد انتهاء ولاية بوش المجرم الذي ارتكبت المجزرة في حملته الانتخابية، وتولي أوباما، أول ما قام به هذا الأخير هو الخروج على قناة العربية للتأكيد على السلام وحل الدولتين، فصرح مسؤول حينها في الخارجية الأمريكية بأن:

“المنحة الأميركية للشعب الفلسطيني، تعبِّر عن التزام دعم عملية السلام. ونحن ملتزمون بدعم السلطة الفلسطينية، لتمكينها من العمل على أولوياتها الأساسية في إعادة الإعمار. والإدارة الأميركية ملتزمة بالعمل للتوصل الى سلام شامل في الشرق الأوسط، مع دولتين، فلسطينية وإسرائيلية، تعيشان جنباً الى جنب بأمن وسلام”.

بعد ذلك لم توف الولايات المتحدة بعهودها واستمرت إسرائيل في الحصار وبناء المستوطنات والعمل على تركيع الأنظمة العربية من خلال التطبيع، ليأتي دور الفوضوي الأحمق، ترامب الجمهوري وصهره الصهيوني جريد كوشنر  ليفرضا واقعا تطبيقيا بالقوة والابتزاز، وليس لنا إلا أن ننتظر عهد بايدن الديمقراطي لينزل جزءا من خريطة الشرق الأوسط للكبير ببيعنا الوهم بالرفاه والديمقراطية كما فعل سلفه أوباما.

هكذا نبقى نحن نرفع الشعارات في وجه إسرائيل ونبيع الوهم المستورد من بلاد الغرب معلبا في شعارات تخديرية لشعوبنا، ونستمر في بذل الثقة في وعود قتلة الأنبياء، وهم يكتسحون كل يوم أرضا جديدة ويركعون نظاما جديدا.

على العقلاء من الأمة الإسلامية العمل على بناء المشاريع الاقتصادية والفكرية والعلمية لمقاومة الغزو الناعم للصهيونية وصد عدوان الصهاينة الذي لن يقف عند بلع كل فلسطين بل سيتعداه إلى الهيمنة على الجزيرة العربية وشمال إفريقيا، كما تنص على ذلك خريطة الشرق الأوسط الكبير وتوصيات الصهيوني برنار لويس.

إن هذا الخزي هو ثمرة لتغلغل اللوبيات والمنظمات الصهيونية في دول المسلمين، اقتصاديا وفكريا وثقافيا وسياسيا، ولن يوقفه إلا الاشتغال في نفس الجبهات وفي غيرها، وما دامت دولة إسرائيل قامت على النبوءة والدين، فلن يواجهها إلا أنظمة ومشاريع قائمة على أساس النبوءة والدين.

وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M