د. أحمد الريسوني يكتب: من البزوغ المشرقي إلى النبوغ المغربي

23 مارس 2018 15:15
د. أحمد الريسوني يكتب: مقاصد الصيام

هوية بريس – د. أحمد الريسوني

من حين لآخر ترتفع بعض الأصوات بالتبرم والرفض لما يأتي من المشرق، وبانتقاد المشرق وما هو مشرقي، مع نوع من التباكي على الخصوصيات المغربية تجاه الغزو المشرقي”.
هذا التبرم وهذا الرفض عادة ما يتركز على ما له صلة بالإسلام وما يرمز إلى الإسلام وما يحسب على الإسلام، كبعض الأفكار وبعض التيارات وبعض العادات.
فهناك من يشتكون من كون الحركات الإسلامية جاءتنا من المشرق، أو أن التطرف بضاعة مشرقية، أو أن الوهابية مستوردة من المشرق… وهكذا يقال في الألبسة والأشرطة وهندسة الجوامع والصوامع…
لست معنيا بالدفاع عن المشرق ولا عن أي شيء مشرقي لأنه مشرقي، كما أني لا أحس بأي تضايق من أي شيء مشرقي لمجرد أنه مشرقي. فنحن أمة لا شرقية ولا غربية. ولكني أريد فقط تسجيل بعض الملاحظات وبعض التنبيهات على هذه الحساسية، التي تصبح أحيانا نزعة عدائية، تجاه المشرق وما يأتي منه.

1- يجب ألا ننسى أن التدين المغربي، أو ما يسميه البعض باسم الإسلام المغربي ظل دائما يقوم على ثلاثة أركان: المذهب المالكي في الفقه، المذهب الأشعري في العقيدة، طريقة الجنيد في التصوف. وهي الأركان التي أشار إليها ابن عاشر بقوله:
” في عقد الأشعري وفقه مالك ** وفي طريقة الجنيد السالك”

فهذه الأركان الثلاثة كلها منسوبة لعلماء مشارقة ليس فيهم مغربي واحد.

2- كما يجب ألا ننسى أن الإسلام نفسه جاءنا من المشرق. بل حتى المسيحية التي تسود أوروبا والقارتين الأمريكيتين، هي كذلك مشرقية. وكذلك اليهودية. فالمشرق مهبط الرسالات ومهد الحضارات…

3- هؤلاء المصابون بالحساسية تجاه المشرق، بسبب بعض الأفكار أو بعض العادات، لا يضايقهم في شيء الغزو الكامل الذي جاءنا من الغرب، فملأ حياتنا ببعض خيره وبكامل شره، وفرض علينا هيمنته بكل وسائل القهر والإكراه. بل إذا وجدوا من ينتقد هذا الغزو ويرفضه أشهروا في وجهه سيف الكونية والعالمية، وكأن الكونية لا مصدر لها ولا معنى لها إلا الغرب وما يأتي من الغرب.

4- هؤلاء السادة أيضا لا يضيقون بكثير من المواد المشرقية: كالأغاني الشرقية، والرقص الشرقي، والمسلسلات المصرية واللبنانية… أم أن هذه المواد تشفع لها جذورها الغربية؟
أنا لا أدعو إلى الترحيب بكل ما هو مشرقي ولا إلى مجافاة كل ما هو مشرقي، ولكن إلى التكامل والتبادل وأدعو إلى تعزيز ما سماه العلامة عبد الله كنون النبوغ المغربي* استكمالا وتتويجا للبزوغ المشرقي، دون أن ننسى أن المسلمين أمة واحدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* إشارة إلى كتابه الشهير “النبوغ المغربي في الأدب العربي”.

آخر اﻷخبار
4 تعليقات
  1. الى “رواد” الاقصاء والحداثة العرجاء أما ترون ما دونه هذا الكاتب من فكر معتدل رصين ووسطية لا غبار عليها ,الا يحق أن نعتبر كل ما ورد فكرا ليس بنشاز فكرا بعيون اعتدال جاحظة خلاف ما تنادون به من استبداد فكري وافصاء وشدود مظلم ظلامي ظلمة محاكم التفتيش ,

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M