د. البشير عصام المراكشي يعلق على مقالة المهندس الحمداوي “الوقاية من فقدان المناعة”

14 يناير 2019 19:23
د. البشير عصام المراكشي يعلق على مقالة المهندس الحمداوي "الوقاية من فقدان المناعة"

هوية بريس – البشير عصام المراكشي

الوقاية من فقدان المناعة“، هذا مقال كتبه الأستاذ الفاضل محمد الحمداوي قبل نحو أربع سنوات، ولكنه لا يزال يتمتع براهنية عالية، بالنظر إلى الأحداث الأخيرة.
قبل أن أعلق على هذا المقال، أشير إلى أن قصة الضفدع هذه سمعتها من قبل، على لسان أحد قادة العمل الإسلامي، ولكن في سياق مختلف، هو سياق الدعوة إلى التدرج في العمل الحركي والسياسي، لكي تمرر أفكارك دون أن تصدم الدولة ولا المجتمع.
وتأمل السياقين يرشدك إلى ما يرفض بعض الناس رؤيته، حين يتحدثون عن المشاركة التدرجية، وهو أنك حين تتدرج مع الآخر لتجلبه إلى صفك، فإنه أيضا يتدرج معك ليجلبك إلى صفه. إنه صراع تفاوض، لا يمكن أن يخلو من تنازلات، يقدم غالبها الأضعف في ميزان القوى السياسية والإعلامية.
ثم أقول:
🖋🖋🖋
هذا المقال دعوة حسنة إلى التصحيح، ولكنني أخشى أن يكون متأخرا، فقد وقع الانحراف القيمي فعلا، ومنذ سنوات عديدة، ولم يعد من المناسب الحديث عن “الكشف المبكر”، قد مضى وقت ذلك، وإنما نحن الآن في مرحلة العلاج بعد وجود المرض، بل استشرائه.
ثم إنني أعتب على الأستاذ الفاضل – وفقه الله -، حديثه عن مخالفات فردية جزئية، مع أن القضية في الخلل المنهجي العميق، الذي لا تعدو هذه المخالفات الفردية أن تكون بعض أعراضه.
والخلل الذي أتحدث عنه، إما:
🔸️ يؤدي إلى الانحراف القيمي؛
🔸️وإما يصرف عن السعي لتصحيحه.
🖋🖋🖋
فأما الأول، فهو نوعان:
. الغلو في العمل السياسي، فإنني أعتقد أن “طنجرة” السياسة هي التي كادت أن تقتل الضفدع المسكين. ومن رأيي أن السياسة الحديثة بطبعها لها ميزتان: الجبروت والبريق.
فبالجبروت تقع هيمنتها على فروع العمل الأخرى، إذ هي “تغار” من وجود الضرة، دعوية كانت أو علمية أو تربوية؛
وبالبريق يقع الانبهار بها، فالمشاركة المحتشمة تؤدي إلى الخوض الاكتساحي، المفضي إلى الغلو فيها ولا بد.
. ضعف الحصانة الفكرية، التي تمنع الخلط بين الحق والباطل، بل تبني الباطل من حيث يحسب متبنيه أنه الحق!
إن المعرفة “البدائية” بأصول العلمانية والحداثة والليبرالية وما أشبهها من محاور الفكر الغربي المهيمن، مع الاطلاع السطحي على أصول الشريعة؛ كل ذلك يؤدي إلى التباس مفاهيمي فظيع، لا يبقى معه من “الالتزام الإسلامي” إلا صورته الظاهرة – إن لم تفتتها “عوامل التعرية” أيضا – أو بعض الشعارات الرنانة – إن لم تخمدها “سنة التطور” أيضا!
🖋🖋🖋
وأما الثاني، فهو نوعان كذلك:
. أولهما عدم وضوح الفصل بين الدعوي والسياسي في العمل، عند أتباع هذا التيار الإسلامي.
إن جميع المتابعين يعدون الحركة والحزب شيئا واحدا، ويحملون الأولى أوزار الاختيارات السياسية للحزب، بل للحكومة كلها! وهم في ذلك معذورون، فالفصل بين الاتجاهين غامض جدا، على الأقل: عند الراصدين من الخارج.
وبالمقابل، فإنني وجدت عند كثير من أتباع الحركة، بل من قياداتها، حرصا على التنصل من الأخطاء السياسية للحزب، مع أنه محسوب عليهم حتما.
وأجد عند أتباع الحزب حرصا على الابتعاد عن الخطاب “الشرعي الإسلامي” الذي تتبناه الحركة، مع أنها محسوبة عليهم جزما.
وما دام هذا الالتباس موجودا، فإن دم الحق المذبوح على نصب الثقافة المهيمنة، سيضيع هدرا بين “القبيلتين”؛ ولن نجد إلى تصحيح المسار سبيلا!
. القصور في تقبل النصح بل النقد، إن جاء من خارج التيار، ولم ينضبط ضمن الهياكل التنظيمية الداخلية.
إن الخلل الذي تظهر بعض معالمه اليوم، هو لهيب محرق كان مندسا تحت رماد العمل اليومي الصاخب، ولم يكن بإمكان العاملين أن يروه في غمرة انشغالهم الحركي الدائب؛ ولكنه كان واضحا أشد ما يكون الوضوح، عند الناظرين إلى العمل من خارجه. وقد نبهت مرات عديدة، ونبه غيري من الغيورين والفضلاء، ولكننا لم نجد إصغاء فضلا عن تفاعل أو فتح لأبواب النقاش المثمر.
وقد آن الأوان حقا، لأن يفهم الراكبون في السفينة الواحدة، أن الخرق فيها يوشك أن يغرقهم جميعا؛ فمن اللازم أن يجتمعوا على إصلاحه، بإخلاص في السعي، وتواضع في قبول الرأي المخالف – وإن كان مرا – ما دام من ناصح مشفق.
والله الهادي إلى سواء السبيل.

آخر اﻷخبار
3 تعليقات
  1. جزاك الله خيرا ونفع بك، ولكن لا يثنينك عدم قبولهم الحق عن قوله وبخاصة بالحجة العلمية والعقلية التي تقدمها بارك الله فيك.

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M