د. الودغيري ردا على الوزير أمزازي بخصوص “لغة التدريس” و”فرنسة التعليم” يكتب: “التوحيد في الاتجاه المعكوس”

08 أبريل 2019 16:18
د. الودغيري ردا على الوزير أمزازي بخصوص "لغة التدريس" و"فرنسة التعليم" يكتب: "التوحيد في الاتجاه المعكوس"

هوية بريس – إبراهيم الوزاني

ردا على وزير التربية الوطنية والتكوين المهني سعيد أمزازي، الذي يعمل بكل جهد لفرض القانون الإطار 51.17 الذي يسعى لهيمنة اللغة الفرنسية في التعليم المغربي، نشر د. عبد العلي الودغيري، تحت “التوحيد في الاتجاه المعكوس”، تدوينة مطولة في حسابه على فيسبوك.

وكتب عالم اللسانيات “سئل وزير التعليم في قناة مغربية عن سبب تعليم بناته في مدارس البعثة الفرنسية فأجاب بأنه كان مضطرًا لأن المدرسة العمومية وصلت إلى الحضيض. وأخبر أنه يعمل الآن من أجل تعميم نموذج المدرسة الفرنسية على المدرسة العمومية لتمكين أبناء المغاربة جميعًا من حظوظ متساوية مع تلاميذ البعثة.
تعليقنا باختصار:
هذا كلامٌ في ظاهره جميل، ولكن وراءه أبعادًا خطيرة جدا على مستقبل المغاربة جميعا.
المطلوب من السيد الوزير هو أن ينقل إلى المدرسة العمومية سرّ نجاح المدرسة الفرنسية، ويعمل بمقتضاه على تطوير المدرسة المغربية. وهذا السرّ ليس هو اللغة الفرنسية في حد ذاتها بكل تأكيد. فهو يعرف أكثر من غيره أن هذه اللغة فقدت رصيدَها في المجال العلمي. سرُّ نجاح هذا النموذج كما يبدو للمغرَمين به، كامنٌ بلا شك في الطرق البيداغوجية المتطوّرة التي تستعملها المدارس الفرنسية، والوسائل التعليمية الجيدة، وكفاءة مدرِّسيها، والنظام الصارم الذي تلتزم به، والظروف المناسبة التي توفِّرها للمعلِّم والمتعلِّم، والأجواء الملائمة التي خلقتها الإدارة المغربية وشَجّعت الناس على تفضيل الفرنسية على اللغة الوطنية، وأشياء أخرى لا مجال للخوض فيها .

المطلوب هو الاستفادة من تجارب الآخرين والبحث عن سر نجاحها، وأخذ أجمل ما فيها والاستفادة منها لتطوير المدرسة الوطنية، لا تقليد الآخرين تقليدًا أعمى في كل شيء، فيما يلائمنا وما لا يلائمُنا، ما يضرنا وما ينفعنا، وإلا أصبحنا مجرد ببغاوات أو قِرَدة خاسِئين، أو عَجَزة مترهِّلين، نستهلك ولا ننتج.

المطلوب هو الانفتاح على جميع التجارب الناجحة في كل أنحاء المعمور، وليس على التجربة الفرنسية وحدها، وإلا سقطنا في ظُلمة الانغلاق والانقياد الأعمى. اليابان دولة متقدمة، وألمانيا وأمريكا وإنجلترا… وأخرياتٌ غيرُها. إذن، لماذا الانغلاق على التجربة الفرنسية دون غيرها وفي العالَم تجارب أغنى وأنفع؟

أن تأخذ من كل بستان زهرة، ومن كل فاكهة ثمرة، خير لك من الاقتصار على لون واحد من الطعام ولو كان دَسِما ثقيلا ًعلى المعدة، عسيرًا على الهضم. وأن تأخذ من الورود رحيقَها وما ينفع منها هو المطلوب، لا أن تأخذها بأشواكها وما يُدمي اليدَ واللسانَ ولا يُفيدك في شيء.

نحن نعترف بتفوق المدرسة الفرنسية على المدرسة المغربية (وإن كانت غيرَ متفوّقة على المدارس التعليمية العالمية)، لكن ما سرّ التفوق هناك والفشل هنا؟ لا تقل لي: هو اللغة الفرنسية.

المطلوب أخيرًا هو تقوية المدرسة العمومية في استقلالية تامة، ودعمها بإجراءات عملية ملموسة، حتى تنهض وتتعافَى وتصبح بمثابة القاطرة التي تجرّ وراءها كلَّ أنواع التعليم الأخرى، وتقتدي بها وتدور حولها وتنهج نهجَها، لا أن تعكس الآية وتجعل من المدرسة الفرنسية الأجنبية قاطرةً تجرّ وراءها المدرسةَ المغربية والمدارس الخصوصية وكلَّ أنواع التعليم الموجودة في بلادنا، وتدور في فلَكها.

هناك توحيدٌ في اتجاه وطني مغربي تحت مظلة لغتنا المشترَكة، ويسير بنا نحو التحرّر من التبعية الثقافية التي تتولَّد عنها بالضرورة تبعيةٌ اقتصادية وسياسية، وهناك توحيدٌ في اتجاه معاكس، تحت مظلة لغة وثقافة أجنبيتين بحمولتهما الاستعمارية، يؤدي بنا إلى السقوط في استِلاب أبدي. إن شرّ أنواع الغزو والاحتلال ما كان ثقافيا ولغويّا.

لا نقول لك أغلقْ على أبنائنا أبوابَ اللغات. فلا أحد يقول بذلك. كفى من المغالطات. ولكن نقول: افتح لهم أبواب كل اللغات، وكل آفاق التجارب العالمية في كل الاتجاهات. لا تسجن أبناء المغاربة في نموذج تعليمي واحد، وإلا كانت النتائجُ فاشلة وخيمة.
هذا اختيار، يجعلنا ننهل من مختلف المعارف والثقافات ونقرأ ونفهم بكل اللغات، ويُبوِّئ لغتَنا مركزَ السيادة، وذاك اختيارٌ يجعلنا لا نرى العالم وثقافتَه وعلومَه إلا من خلال الكُوّة الفرنسية الصغيرة، ونتخلَّى عن أغلى شيء بقي لنا وهو لغتُنا التي تجسِّد هويتنا وشخصيّتنا.

اسأل المغاربة ما ذات يريدون. أيَّ اختيارٍ أنفع لهم وأغنى وأبقى”.

آخر اﻷخبار
1 comments
  1. إن أبطأت غارة الأرحام وابتعدت ** عنا فأسرع شيء غارة الله
    … يا غارة الله جدي السير مسرعة ** في حل عقدتنا يا غارة الله

    … إن الشدائد مهما ضاقت انفرجت ** لا تقنطنّ إذن من رحمة الله
    ضاقت.. أحاطت بنا في كل ناحية ** وأظلمت جددا والحمد لله

    إن أبطأت غارة الأرحام وابتعدت ** عنا فأسرع شيء غارة الله
    يا غارة الله جدي السير مسرعة ** في حل عقدتنا يا غارة الله

    لم يُرتجى كشف ضر ثم حادثة ** في كل نائبة إلا مِن الله
    فثق به في ملمات الأمور ولا ** تجعل يقينك يوما غير ما الله

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M