د.بنكيران يكتب: الفكرة الحداثية.. بماذا نواجهها؟!

26 أكتوبر 2021 22:21
د.بنكيران يكتب: حادثة "فقيه بادية طنجة".. مقرئ القرآن وتهمة الاغتصاب

هوية بريس – د.رشيد بنكيران

أقصد بالفكرة الحداثية ما يطرحه الحداثيون من أفكار منحرفة وشُبه ممنهجة تستهدف منظومة العقائد والأخلاق لدى المسلمين، كدعوتهم مثلا إلى الحرية المطلقة؛ حرية الجنس أو الإباحية (الزنا واللواط والسحاق)، حرية الجسد (جسدي حريتي)، حرية ممارسة الإجهاض بكل صوره،
أو كدعوتهم إلى اعتبار الدين وتمثلاته في الظاهر شأنا شخصيا لا علاقة للمجتمع المدني به، وكذلك لا علاقة للمؤسسات الرسمية به (كالإفطار العلني المستفز مثلا)،
أو كدعوتهم إلى معاملة المقدسات الدينية على أنها صنيع بشري ممكن الاستهزاء بها بدعوى حرية التعبير،
أو كدعوتهم إلى تغيير الأحكام الشرعية بدعوى المساواة المطلقة بين الجنسين…. الخ
ولمواجهة الفكرة الحداثية قام حراس الفضيلة من علماء ومفكرين ودعاة بالرد عليها وفضح مغالطاتها وتفنيد مرتكزاتها الثقافية والحضارية.
ولتحقيق هذا الغرض المنشود وظف هؤلاء الحراس أسلوبا علميا يخاطب العقول؛ فالشبهات تُرد بالمحكمات، والسفسطة تُدفع بالمنطق والحجة، والأفكار المنحرفة تقاوم بالأفكار المستقيمة، والمفاهيم المذمومة الشاذة تُبطل بالمفاهيم المحمودة المتفق عليها، والباطل يُدمغ بالحق، وهكذا.
لكن، هناك أسلوب آخر لا يقل نجاعة عن الأسلوب العلمي الرزين في مواجهة الفكرة الحداثية، قلما ينتبه إليها حراس الفضيلة، هذ الأسلوب يتم فيه مخاطبة القلوب ويسعى إلى تزكية النفوس وإحياء ما يكون سببا في زيادة الإيمان وتعلق بالله محبة ورهبة، فمهمته ليس الرد المباشر على الأفكار المنحرفة التي يلقيها الحداثيون، وإنما يتجه نحو أثر تلك الأفكار، التي تهدد القيم وتضعف الأخلاق وتغرق القلب في بحر الشهوات، فتحاربه بمضاد حيوي يتغيى رفع منسوب الإيمان للمسلم وشحنه بما يحقق له التحلية بفضائل الإسلام والتخلية من رذائل الحداثة.
وبعبارة أخرى، يعتمد هذا الأسلوب على الموعظة البليغة التي تذرف منها العيون وتجل منها القلوب، يعتمد على الترغيب والترهيب والحديث في الرقائق والإيمانيات، على تذكير باليوم الآخر؛ بنعيم القبر وعذابه، بالصراط والمرور عليه، وعموما بما يزود القلب ويعبئ النفس بما يحميهما من الرغبة في الإخلاد إلى الأرض، أو بما يحميهما من المرض العضال؛ حب الدنيا وكراهية الموت، كل ذلك وغيره والواعظ يستحضر الفكرة الحداثية وأثرها الخبيث دون التعرض لها مباشرة وهو يقدم تلك المواعظ البليغة، بل تلك الأدوية الشافية.
لا يخفى عليكم أن الفكرة الحداثية تشتغل من حيث الجملة على جانبين لنشر ثقافتها؛ الجانب الفكري والتصوري، والجانب السلوكي والعملي، وهدفها العام في كلا الجانبين هو إبعاد الناس عن ربهم وخالقهم، وإخراج العباد من عبادة رب العباد إلى عبادة الإنسان، فكل ما يحطم هدفها ويعرقل نشاطها فهو مطلوب شرعا، ونحن نرى من يتصدى للرد على الفكرة الحداثية على مستوى الفكري والتصوري، ولكن على مستوى السلوكي والعملي -ففي تقديري- أن هناك خللا ينبغي سده وضعفا ينبغي تقويته كماً ونوعا، نحتاج إلى الموعظة البليغة، نحتاج إلى الحسن البصري، ولكل زمان بصريه.
«لاَ يَزَالُ اللَّهُ يَغْرِسُ فِي هَذَا الدِّينِ غَرْسًا يَسْتَعْمِلُهُمْ فِي طَاعَتِهِ». حديث حسن
فاللهم اجعلنا أرضا أو سقيا لهذا الغرس.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M