د. رشيد بنكيران: لا علاقة بين فتاوى إنكار الاحتفال بالمولد وبين تفجير أفغانستان الوحشي

22 نوفمبر 2018 14:38
د. بنكيران تعليقا على ندوة الحريات الفردية الممولة من طرف الاتحاد الأوروبي: قل لي من الممول أقول لك ماذا يحاك لك ويخطط لك

هوية بريس – عبد الله المصمودي

تحت عنوان “لا علاقة بين فتاوى إنكار الاحتفال بالمولد وبين التفجير”، نشر الدكتور رشيد بنكيران مقالة نشرها في حسابه على فيسبوك، أوضح فيها خطأ الربط بين التفجير وفتاوى العلماء التي تنكر الاحتفال بذكرى مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وتعمد ربط العلمانيين الاستصاليين بين أحداث وحشية دموية وبين الإسلام وعلماء الإسلام.

حيث كتب مدير معهد غراس للتربية والتكوين وتنمية المهارات “نقلت وسائل الإعلام العالمية وقوع عمل وحشي وإجرامي في مدينة كابل لا علاقة له بالإسلام، قام به أحد المغرر بهم إذ فجر نفسه بحزام ناسف وسط مسلمين آمنين في محفل، يحتفلون فيه بذكرى مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، فمات كثير من المسلمين وأصيب عدد أكثر ممن مات، والله المستعان، فنسأل الله أن يرحم موتاهم ويشفي مرضاهم ويرزق الصبر والسلوان لذويهم فهو ولي ذلك والقادر عليه .
وبينما لم تتبنّ أي جهة سياسية أو دينية هذا العمل الوحشي المخالف لما هو معلوم من الدين الإسلامي بالضرورة، ولم تعرف إلى هذه اللحظة دوافع هذا الفعل المنكر، سارع بعض الفضلاء من أهل العلم والباحثين إلى توجيه الاتهام وتحميل مسؤولية هذا الحدث إلى فتاوى قضت بأن الاحتفال بيوم المولد بدعة منكرة والمشاركة فيه لا تجوز ، فربط هؤلاء المتسرعة بين الحدث الشنيع وبين الفتاوى المحرمة للاحتفال ربط الحدث بسببه.
اعتدنا -في عقود مضت- أن يقوم العلمانيون الاستئصاليون، والحداثيون الكذبة الفجرة، والمنافقون، وغيرهم ممن عرفوا بمناوئتهم للاسلام وعداوتهم له بالربط بين أحداث وحشية دموية وبين الإسلام وعلماء الإسلام، ولكن أن يصدر هذا الربط ممن يفترض منهم الدفاع عن الدين وعن أسسه التي يقوم عليها فإن هذا لنذير شؤم وخذلان لأهل العلم، بل للدين كله، لأنه لا يُبلّغ هذا الدين وتقام الحجة على العباد إلا عن طريق العلماء، فهم شهود الله على الناس في الأرض، فإذا طُعن في الشهود طعن في الدين كله.
أولا:
يجب أن نقرر أن الفتاوى المانعة من الاحتفال بالمولد هي فتاوى شرعية، قال بها علماء كبار منذ القرن السابع الهجري إلى يومنا هذا، واعتمد من أفتى بالمنع في تلك الفتوى على أصول شرعية معتبرة، مما يخول لتلك الفتوى أن تنسب إلى الدين، بل أن تنسب إلى الله جل جلاله باعتبار أنه هو سبحانه وتعالى من أذن لهم بالتبليغ عنه عن طريق الاجتهاد، ولهذا كان حكم اجتهادهم يدور بين الأجر والأجرين ، والخلاف في أصل الاحتفال بالمولد النبوي من الخلاف الفقهي المعتبر.
ثانيا:
وصف أمر ما بالبدعة لا يشير لا من قريب ولا من بعيد إلى قتل من تلبس بتلك البدعة، فلم يعرف عن طلبة العلم المبتدئين بله العلماء هذا الافتراء، ولا توجد في ذاكرة عوام المسلمين أن من وقع في البدعة أو حتى المبتدع يقتل، حتى يقال إن فتوى التحريم أو التبديع هي التي كانت السبب فيما وقع.
ثالثا:
يعد رمي هذه التهم الرخيصة الجزافية التي لا توافق المنقول والمعقول ولم تستند على تحري الواقع من هؤلاء المتسرعة سلوك طريق التخويف للعلماء وإرهابهم حتى يلتزموا السكوت ويكتموا العلم ولا يجهروا بالحق الذي يعتقدونه، فأي عدوان بعد هذا العدوان!؟ وأي ظلم بعد هذا الظلم!؟ وهو ظلم أشد من ظلم الاعداء؛ لأنه صدر ممن يفترض فيهم أنهم أصحاب العدل وأصحاب الحكمة والتبصر بمآلات الأقوال والأفعال، فما معنى أن تقول للعالم الذي أفتى بحرمة الاحتفال وتبديع هذا العمل أنت المسؤول عن دماء من مات من المحتفلين، مع أنه لا يوجد أي وجه منطقي للربط بين الأمرين.
رابعا:
يحتمل احتمالا كبيرا أن منفذ العملية التى أودت بأرواح الأبرياء في حفل المولد استغل اجتماع الناس لتفجير نفسه فيهم فقط، لا أن الدافع لفعله الإجرامي هو نفس الاحتفال، بل وجود كثرة الناس في مكان معين؛ لأنه اذا كان هذا الاحتفال هو السبب فلن يغير فعله من الأمر شيء، فالاحتفال كان منذ قرون وسيبقى لوجود من ينصره ويؤيده بالفكر والمال، فمعظم الدول الإسلامية تتبناه رسميا ومعظم المسلمين يحتفلون به، فلا معنى لتوهم هذا الربط. وكم من عملية تفجيرية وقعت في مسجد أو كنيسة وكان الدافع للقيام بها سياسيا ولا علاقة له بالدين.
خامسا وأخيرا:
يقال ؛ كما تدين تدان، فإذا وقع لهؤلاء العلماء الذين أفتوا بتحريم الاحتفال وتبديعه مكروها ما لا قدر الله، فقام أحد الجهال وقتلهم أو اعتدى عليهم بدافع الانتقام، فإن هؤلاء المتسرعة سيكونون هم المسؤولون عن قتل العلماء.

وختاما، لا يليق بأهل العلم أن يتسرعوا في مواطن يجب فيها التأني، فأرجو الله أن ينتفع بهذا الكلام من يلقي بالاً للكلمة، فبالكلمة تدخل الجنة، وبالكلمة تدخل النار، اللهم اجعلنا من أهل الجنة ولا تجعلنا من أهل النار”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M