ربع مليون فرنسية يتعرضن للعنف الزوجي سنويا

27 نوفمبر 2017 22:20
فرنسا في غرب أفريقيا.. نفوذ يتآكل واستعمار يتطور (تحليل)

هوية بريس – وكالات
“عشت سبع سنوات من الجحيم مع رجل كان يتلذذ بشكل سادي في ضربي وإهانتي” بهذه الجملة وبنبرة يمتزج فيها الحزن والتحدي، بدأت كريستيل تسرد قصتها المريرة مع العنف الزوجي.
المعاناة مع زوجها حولتها إلى ناشطة حقوقية تعنى بقضايا المرأة، حيث أسست جمعية “النساء المعنفات” قبل ثلاث سنوات، في محاولة منها لدق ناقوس الخطر بشأن هذه الظاهرة الاجتماعية.
تقول كريستيل ذات الأربعة عقود إن زوجها السابق كان مدمنا على المخدرات والخمر، وكان لا يمر يوم من دون تعنيفها وضربها حتى وهي حامل، كما كان يكيل لها الشتائم والإهانات اليومية في البيت كما في الشارع، وتقول إنها كانت تعاني بصمت تجنبا لانتقادات الأهل والأصدقاء.
الحقيقة المُرّة
ووفق تقرير لوزارة الداخلية الفرنسية لعام 2016 فإن 123 امرأة لقين مصرعهن على أيدي أزواجهن، كما أن هناك نحو 225 ألف حالة اعتداء جسدي وجنسي كل عام في فرنسا، بمعدل اعتداء واحد كل دقيقة، ووفاة امرأة كل ثلاثة أيام.
وتكشف الناشطة الحقوقية “الحقيقة المرة” عن أوضاع المرأة بهذا البلد، وتقول إن كثيرين يتشدقون في فرنسا بحرية المرأة، لكن ما تعيشه في جمعيتها من قصص المعاناة لنساء يتعرضن للعنف الزوجي يدحض كل ذلك.
وتروي النساء كيف يتحول عش الزوجية إلى سجن للتعذيب النفسي والجسدي، وكيف ينتهي بهن المطاف إما بالقتل على يد أزواجهن أو انتحارهن، لعدم قدرتهن على تحمل كل أشكال الاضطهاد والعنف لسنوات طوال.
وأغلب هؤلاء النساء يصطدمن بواقع الاستقلال المادي خصوصا إذا كن لا يعملن، وهو ما يدفعهن لتحمل العنف بدل طلب الطلاق.
وأكدت كريستيل أنه كان يمكن أن تكون ضمن لائحة النساء اللواتي لقين مصرعهن على يد أزواجهن، لولا أنها قررت بالانفصال عن زوجها السابق، لأنها كانت موظفة ومستقلة ماديا عنه.
إجراءات حكومية
وتزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لمحاربة العنف ضد النساء، عقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ندوة وطنية يوم السبت، كشف فيها عن سلسلة إجراءات وتدابير لمحاربة كل أشكال العنف والتمييز ضد المرأة.
ووصف ماكرون العنف ضد الفرنسيات بأنه “وصمة عار” وأعلن عن قرار الحكومة تخصيص ميزانية تقدر بنحو 420 مليون يورو للحد من هذه الظاهرة، وعن إنشاء وحدات مختصة لمساعدة المعنفات وتشجيعهن على عدم التزام الصمت عبر إنشاء جهاز خاص في سلك الشرطة لاستقبال شكاويهن، إضافة إلى توفير أماكن إقامة لحمايتهن بعيدا عن أزواجهن في انتظار طلب الطلاق.
وأكد الرئيس الفرنسي على ضرورة تشديد العقوبات الجنائية، عبر إجراء تعديلات تشريعية بداية العام المقبل، لردع مرتكبي كل أشكال العنف الجسدي والجنسي ضد النساء.
كما أعلن عن استحداث برنامج تربوي، من خلال تخصيص حصص دراسية للأطفال والتلاميذ لتحسيسهم منذ الصغر بهذه الظاهرة، إضافة إلى تشديد الرقابة الإلكترونية على مضمون المواقع الإباحية خصوصا تلك التي تستهدف الأطفال القصر.
حلول ترقيعية
بموازاة ذلك، خرجت مظاهرات حاشدة في كبرى المدن الفرنسية، للتنديد بأعمال العنف والتحرش ضد النساء، وأطلقت منظمات حقوقية نسائية عريضة إلكترونية ضمت نحو سبعمئة ألف توقيع، طالبت فيها ماكرون بإعلان “حالة طوارئ لمكافحة العنف ضد النساء”.
وفي تصريح للجزيرة نت، قالت كارلا رودريغيز، إحدى الناشطات اللواتي أطلقن العريضة الإلكترونية، إن خطاب الرئيس الفرنسي كان دون المستوى ودون التوقعات، لأنه لم يأت بجديد ما عدا بعض الحلول الترقيعية التي لا يمكنها الحد من الظاهرة بشكل نهائي.
وأضافت أن العنف ضد المرأة يحتاج ميزانية ضخمة، لتأهيل وتدريب الكوادر للحد من الظاهرة، أما تخصيص ثلاثين مليون يورو فهو ميزانية هزيلة، مقارنة مع إسبانيا التي خصصت مليار يورو لمواجهة نفس “الآفة الاجتماعية”.
بدورها، اعتبرت فاطمة بن عمور -وهي رئيسة جمعية حقوقية نسائية- أن العنف ضد النساء ما زالت أوجهه متعددة، مثل الفجوة في الأجور بنسبة 27% بين الجنسين، الأمر الذي اعتبرته بمثابة “عنف مادي” ضد المرأة.
واعتبرت الناشطة النسائية أن إصلاحات ماكرون الاقتصادية -فيما يخص القانون الجديد للعمل- ستعمق من الفوارق الاجتماعية، وستزيد من التبعية المادية للأزواج، كما ستزيد من خطر العنف ضدهن، خصوصا اللواتي يفضلن البقاء في بيت الزوجية، وتحمل عنف شريك حياتهن خشية التشرد أو الفاقة، حسب “الجزيرة”.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M