رسائل إلى العلامة عبد الله كنون

29 أكتوبر 2018 16:59
جواب العلامة عبد الله كنون -رحمه الله- عن حكم إفطار المقبل على الامتحانات أو خوض مباراة كروية!!

هوية بريس – ذ. إدريس كرم

نقدم فيما يلي نماذج من رسائل توصل بها العلامة عبد الله كنون اليزيدي في قضايا مختلفة تبين المجالات التي كانت تهم الشخصيات التي بعثت بها.

وتتضمن الرسالة الأولى إخباره بالتحرك الذي سيقوم به الحزب الوطني الذي يترأسه الزعيم علال الفاسي على إثر الحوادث المؤسفة التي شهدتها مدينة مكناس، احتجاجا على تحويل مياه واد بوفكران التي تزود المدينة، منازل وبساتين، من قبل المعمرين المتواجدة ضيعاتهم على جوانب الوادي نحو تلك الضيعات، وحرمان سكان المدينة منها، وقد سقط في تلك الاحتجاجات التي جرت في مكناس عدد من الضحايا برصاص القوات الفرنسة، واعتقل العديد من المحتجين، مما جعل الحزب يقوم بهذا التحرك ويدعو لمساندته، وهذا نصها:

* رسالة من الأستاذ السيد محمد اليزيدي للأستاذ يبلغه فيها قرار الحزب الوطني بالإضراب والإحتجاج على حوادث بوفكران ناحية مكناس

“الحمد لله،

الجمعة في 3 شتنبر 1937

حضرة الأخ العزيز سلام عليك، وبعد:

فلا شك أنكم علمتم بالحوادث الدامية التي وقعت بمكناس من أجل تطاول المعمرين على أبي فكران، فقد هجم الجند الفرنسي على إخواننا العزل من كل سلاح، وقتل منهم الرجال والنساء والأطفال، وقد آلمنا هذا الحادث الجلل وجعلنا نشعر بتأدية واجبنا نحو إخواننا الشهداء والمنكوبين، لهذا قرر أعضاء الحزب الوطني ما يلي؛

– الدعوة للإضراب يوم الإثنين المقبل من الظهر لليل.

– الإجتماع بالمسجد ذلك اليوم عند صلاة العصر للصلاة على أرواح الشهداء بعد صلاة العصر، ثم قراءة سورتي طه ويسن.

– فتح اكتتاب لعائلات الشهداء والمنكوبين.

– المبادرة بإرسال برقية احتجاج وتضامن لكل من جلالة الملك، ورئيس الوزارة، ووزارة الخارجية، والمقيم العام، ويشار فيها لإطلاق سراح المعتقلين.

والمرجو أنكم تسهرون على تنفيذ هذه المقررات بعزم حتى تأخذ لها الشكل الذي يناسب خطورة الموقف.

والمولى يوفقنا جميعا والسلام

محمد اليزيدي”.

الرسالة الثانية

هذه الرسالة توصل بها العلامة عبد الله كنون رحمه الله من رئيس جمعية (نجم الشمال الإفريقي)، يطلعه فيها على أهداف الجمعية ويقترح عليه إنشاء فرع لها بالمغرب، لما سيشرحه من أسباب:

“نجم الشمال الإفريقي* جمعية وطنية إسلامية تدافع عن حقوق أبناء الشمال الإفريقي وتعمل لاستقلال بلدانهم.

رئيسها الشرفي: الأمير خالد

المركز العام باريس في 1927

شعار الجمعية لا قوة إلا بالإتحاد ولا استقلال إلا بالجهاد

أيها الأخ العزيز

لقد أصبح من الواجب علينا منذ تأسست جمعيتنا هذه إظهار الحزم الكبير الذي لا يعرف الملل والفتور في الأعمال، ونعني الجهاد في سبيل الغاية السامية التي يحيى الإنسان لأجلها، ألا وهي حريته الفطرية الضرورية لحياته السعيدة الحقة، وكل وطني مغربي مراكشيا كان أو تونسيا أو جزائريا، يشعر ولا شك بميل متزايد إلى كل من يشاركه الألم والإرهاق، وبمسيس الحاجة إلى الانضمام إلى أخيه في الدين والوطن والجنس واللغة والضيم الذي يؤثر في النفوس أسرع وأكثر من سواه؛

فجمعيتنا “نجم الشمال الإفريقي” أسست لتمتين تلك الروابط المقدسة التي تربط بين قلوب المغربيين بلا استثناء، وخصوصا لتشجيع هؤلاء على مناضلة الظالمين الذين يسومونهم ألوان العذاب، ومواصلة الجهاد في سبيل استقلال بلادهم استقلالا سياسيا واقتصاديا، لا تسعد الأمة التي تتنعم بأحدهما دون الآخر.

ونحن نكتب لكم اليوم لإحاطتكم بالسبب الرئيسي الذي دفع الرجال الأحرار من أبناء الشمال الإفريقي المصلحين لإيجاد جمعية مثل هذه، وذلك السبب هو الحرب الريفية التي وزعت بذور الأمل في قلوب المواطنين الإفريفيين، إذ كانوا يرون نجاحهم واستقلال أقطارهم في فلاح الريفيين وإبقاء حريتهم، لكن لما تسرب الإنحلال إلى صفوف الإخوان الريفيين بعد جهادهم الطويل اتفق أحرار البلاد المغربية على أن سبب هذا الفشل هو عدم وجود التضامن بين سائر أعضاء الجسم الواحد، أي بين الريفيين وبقية سكان الشمال الإفريقي، ومن ذلك الوقت أخذوا على عاتقهم إحداث كتلة تضم ما شتته مطامع الإستعمار وأعماله الفظيعة الشنيعة، فلم يجدوا وسيلة لذلك أقوى من تأسيس جمعية “نجم شمال إفريقيا” التي أخرجت لحيز الوجود أمورا عديدة منها:

إيجاد فروع في سائر أطراف القطر الفرنسي، وتنظيم الإجتماعات الكبرى خاصة للإحتجاج على مظالم الإستعمار في الشمال الإفريقي، والمشاركة في كل الحملات الإنتخابية التي يقوم بها المرشحون، وذلك لإطلاع الشعب الفرنسي على متمنيات الإفريقيين ونوعية جهادهم في سبيل الإستقلال وربط العلائق مع جل الوطنيين أعداء الإستعمار وأنصار التحرير التام، واغتنام وجود المظاهرات العظيمة التي يقوم بها أصحاب المؤتمر الذي أسس في عاصمة بلجيكا للدفاع عن صفوف المظلومين لا فرق بين الأجناس والأديان واللغات.

وقد شاركت فعلا في مظاهرتين انعقدتا في بركسيل في شهري يبراير ودجنبر سنة 1927، تم توزيع رسائل الدعاية في سبيل معاضدة المجاهدين المغاربة بمناسبة ثورة قبيلة بني خالد سنة 1927 كذلك، وبيان موقف الوطنيين إزاء الحرب المغربية كالتأهب والاستعداد لتوسيع دائرتها.

وحيث استأنف المتعمرون الحرب في المغرب الأقصى للإستيلاء على بقية الأراضي والمناجم واحتلال ينابيع واد العبيد، وتمهيد الطريق للخط الحديدي الذي سيوجد اتحادا عسكريا بين مختلف البلدان الإفريقية المغصوبة، ولنقل خيرات هذه الأقطار، يجب على كافة الوطنيين المغاربة والتونسيين والجزائريين إظهار معاضدتهم لإخوانهم المكافحين، وانتهاز هذه الفرصة لتنظيم أنفسهم داخل حزب وطني قوي يعزز قوة إخوانهم، ويسمح لهم بالدفاع عن مصالحهم الحيوية، ويمهد لجميعهم تكوين كتلة وطنية إفريقية تكون قادرة على مقاومة الإستعمار في كل الأقطار المحتلة والمهددة، واسترجاع الحقوق المغصوبة، وبعبارة: الإستقلال التام.

فعليكم أيها الإخوان أن تعجلوا بتشكيل حزبكم هذا وذلك لربط العلائق المتينة بين مختلف الوطنيين وإيجاد حبل من الإتحاد بيننا يجعلنا وإياكم نسعى لتحقيق الغاية المنشودة، فكاتبونا وأطلعونا على أفكاركم في مشروعنا إذ هو مشروعكم ونحن خدامكم وعضدونا في مساعينا كلها فالظروف حرجة والأعمال محتاجة إلى تآزر كبير.

وختاما تقبل تحياتنا واطلب المولى أن يوفقنا لما فيه خير بلدنا الشهيدة المظلومة والسلام.

تعليق

هذه الرسالة المتقدمة تاريخيا، تبين أن فكرة المطالبة باستقلال المغرب لم تكن جديدة على النخبة المغربية بل كانت من الأفكار التي تتداول ويعمل على تنفيذها عن طريق تكوين التنظيمات والجمعيات التي تحقق ذلك الهدف النبيل، من أمثال هذه الجمعية وما سبقها كجمعية أنصار الحقيقة، والرابطة المغربية، والوداد.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* هي في الأصل منظمة تأسست بفرنسا في مارس 1926 طرف العمال الجزائريين المهاجرين كانت نواته الاولى الحاج علي عبد القادر، بغلول، مصالي الحاج، سي الجيلالي الذين لعبو الدور الاساسي، فالامير خالد الحسني بن هاشمي المعروف باسم الأمير خالد حفيذ الأمير عبد القادر الجزائري منفي من الجزائر في فرنسا وكان الرئيس الشرفي للحزب.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M