ريفية حتى النخاع، لكن..!

06 أبريل 2019 15:04
ريفية حتى النخاع، لكن..!

هوية بريس – مريم أحيان

لم يعلمني جدي المناضل الشهم الشجاع رحمه الله أن أقول “أزول” حين أحيي، بل كان يقول ويحث على قول: #السلام.. لأنها تحية أهل الجنة، وياله من شرف واعتزاز أن نُحَيّي بعضنا البعض بِلُغة أهل الجنّة.
تعلمت الكثير على يديه..

عرّفني على “تِغدّيوين” وأخبرني الكثير عن تاريخ و أسباب التسمية وطريقة تحضير هذه الأكلة..

تعرفت على “ثفقونت” وتعلمت كيف تضرم النار من أغصان و أوراق الكاليبتوس الجافة التي كنا نجمعها من الغابة في “ثِخونشاي”.. تعلمت مقادير وطريقة تحضير “ثَشْنيفت”..

تعلمت أن الأرض تعطي أكثر مما تأخذ يوم زرعنا فيها البذور الصغيرة وتعهّدها جدي بالرعاية وعدنا بعد مدة لنجد مكانها شجيرات مثمرة..

ولكَم كان انبهارنا شديدا يوم وجدنا الأرض التي زُرعت حبوبا وهي حبلى بسنابل متمايلة مع نسمات الريف العليلة! ولَكَم كان طعم “ثِذْرين” لذيذا في الحقول الشاسعة..!

جمعتنا “ثازوضا”.. ولم تفرقنا غير حلكة الليل ليخلد كل واحد منا إلى مخدعه.

لم يقل لي جدي (أبداً) ذات مساء من مساءات الريف المنعشة والمعطرة بأريج زهور “زين اوعشي” و”مسكليل” وأصوات “باقجيج”.. لم يقل لي يوما “ثيمنسيوين”.

لم أسمعه يشكر أحدا بكلمة “ثانميرت” (وأنا التي رافقته في كثير من خرجاته ولقاءاته العملية و مع بعض أصدقائه من مناضلي الريف الكبير).

فرجاء لا تشوهوا ذكرى جدي بخزعبلات وعبارات لم يتفوه بها لا جدي ولا أجدادكم.. وإن أردتم الغوص في التاريخ والعودة في الزمن والتشبث بما يفيد وما لا يفيد، فبإمكانكم أيضا أن ترجعوا إلى العصر الحجري حيث كان الناس يتواصلون بالصراخ على بعضهم البعض.. ويلبسون من جلود الحيوانات ما بالكاد يستر.. أَوَ ليس ذلك بماضٍ أيضا؟! أم أنكم تتشبثون بسفاسف وتفاهات.. وتدّعون النضال من أجل الأمازيغية واللغة والهوية…لخدمة أجندات صهيونية ربما أنتم أصلا لا تدرون عنها شيئا وإن كان العكس هو الصحيح فأنتم تجلبون الرثاء لأنفسكم حقا إن ظننتم يوما أن بني صهيون قد يرفعون مقامكم ويُبوِّؤونكم المناصب أو يوفون بوعودهم الكاذبة والمعروفة عبر التاريخ…

اللغة محفوظة جيلا بعد جيل ما دام الآباء يعلمون الأبناء ما تعلم الأجداد من آبائهم، والهوية ثابتة وراسخة رسوخ جبال الريف.

من أراد أن يناضل حقا؛ فليعمل بجد ومثابرة وبخطط عملية وعلمية مدروسة تحت شعارات بنّاءة لخدمة الوطن والمواطنين ولرفع الظلم والتهميش والدفاع عن الحقوق المشروعة لتصير واقعا ولا تبقى في خانة أحلام اليقظة.. فليكن النضال من أجل التطور والبحث العلمي ومنافسة المتقدمين والباحثين والمبدعين المجتهدين.. من أجل إعمار الأرض الذي من أجله وُجِدنا..

فلنناضل من أجل الدفاع عن حقوق الفقراء والمحتاجين والمظلومين والمقهورين في كل مكان..

فلنناضل ونُنافح ونُحارب من أجل من يُقطَّعون ويُمَزَّقون.. لا لذنب؛ غير أنهم قالوا ربنا الله.

ناضِلوا من أجل أطفال اغتُصِبت براءتهم وشُوِيت جلودهم..

من أجل نساء عفيفات هُتِكت أعراضهن..

من أجل شيوخ لم تشفع لهم شيبتهم لدى قاتليهم ومعذبيهم..

من أجل رجال كُلِموا في أمهاتهم و زوجاتهم وأبنائهم..

ناضلوا من أجل استرداد ما بقي من خيرات البلاد المنهوبة..

ناضلوا من أجل عقاب كل مُعتدٍ أثيم..

من أجل رد الإعتبار لكل مظلوم..

ناضلوا من أجل الكرامة والرقي والإزدهار..

وارتقوا جزاكم الله خيرا..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مواطنة ريفية غيورة.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M