سؤال خصائص التعليم عن بعد وبيداغوجيا التمكن في ظل واقع الحال

04 سبتمبر 2020 23:31

هوية بريس – ذ عبد الباري شكري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي يسر سبل التعليم ودلل صعاب التعلم، والصلاة والسلام على خير معلِّم وأشرف معلَّم  محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وبعد،

فإن واقع الحال فرض ما لم يكن متوقعا ولا متصورا، وبرزت خلاله مشاكل جمة سواء مما كان بيّن الظهور أو مما أضمر قصدا أو عن غير قصد،  وفي مقابل هذه العراقيل والصعاب برزت طاقات هائلة كانت دفينة، فنفضت عنها الأزمة ما كان مغيبها، لتصيح بميلاد غد جديد، في كل المجالات والميادين ولعل أهمها التعليم، الذي انتقلت حركة مبيانهسريعا لطي المراحل وصولا إلى هدف كان يرجى في المستقبل البعيد، ويتجلى في توسيع دائرة التعليم عن بعد وتطويرها ومواكبة عالم الرقمنة، ويبقى السؤال المطروح في غياب المراقبة المستمرة هل لهذا النوع من التعليم نجاعة مشابهة للتعليم في الفصول الدراسية؟ وهل تتحقق الكفايات المرجوة لدى المتعلمين؟ بل هل يتمكنون مما يتلقون تمكن الفصل؟ للإجابة على هذه الأسئلة قسمت هذه المقالة إلى نقطتين: الألى خصصتها لبيان معنى بيداغوجيا التمكن، والنقطة الثانية بينت فيها بعض خصائص التعليم عن بعد لكي يتحقق التمكن المعرفي لدى المتعلم، وللإشارة فهذه المقالة تبقى وجهة نظر ولست من المتخصصين، اللهم إلا ما كان من أفكار عالقة بعد اطلاع والله أسأل التوفيق والسداد.

بيداغوجيا التمكن:

هي مجموعة من الإجراءات التعليمية والتقويمية والتصحيحية المتابعة والموازية التي تهدف إلى جعل المتعلم متمكنا من عدد من الكفايات والقدرات ومتحكما فيها، قادرا على تنزيلها، وذلك من خلال توجيهه وتنشيط هذه القدرات الداخلية التي يملكها واستثمارها مما يجعله ضابطا لها متمكنا منها.

إذا تأملنا في المقصود ببيداغوجيا التمكن فإنها المقصد الأساس الذي يسعى كل من المعلم والمتعلم الوصول إليه، فبتحليل المعلم لقدرات المتعلم السابقة وكفاياته المكتسبة، يحاول من خلاله وضع إجراءات تعليمية ملائمة للفئة المستهدفة، وموازاتها وتوجيهها بل وزرع همة التطوير داخلها، الشيء الذي يجعل المتعلم متمكنا وضابطا وقادرا كذلك على الاستثمار، وهذا لا يتنافى و العملية التعلمية التعليمية عن بعد، ولكن إذا توفرت شروط وخصائص.

خصائص التعليم عن بعد:

تتعدد الخصائص وتختلف، وقد بينت في هذه الورقة عددا من الخصائص مما عن لي، حيث إذا توفرت مجتمعة يتحقق الفهم والتمكن لدى المتعلم ومن هذه الخصائص:

1_ تكييف الموارد الرقمية حسب القدرة:

الأوساط تختلف من القرى إلى المدن، بل وداخل كل واحدة منهما لا من حيث القدرة المادية أو المعرفية، لذا كان لزاما على المعلم وضع هذا الأمر نصب عينيه حال تحضير الموارد الرقمية، وذلك لمراعاة هذه التفاوتات، وذلك ابتغاء إيصال القصد لأكبر عدد ممكن من المتعلمين والمتعلمات، ويبقى الأستاذ سيد قسمه وعارفا باحتياجاته.

2_ تنويع العرض وطرقه وكيفيته:

التنويع هنا لإتمام النقطة الأولى وهي تكييف الموارد الرقمية حسب القدرة، ومن هذا التكييف التنويع، فمن المتعلمين من يجد نفسه في طريقة معينة ولا يجدها في أخرى، ومنهم أيضا من تعود على صوت أستاذه، لذا كان على كل أستاذ إنتاج موارد بنفسه لأنها في نظري أقرب توضيحا وأسلم تحقيقا لبيداغوجيا التمكن من موارد غيره، لأنه أعرف بمتعلميه وأخبرهم مقارنة بمن سواه.

3_ تسطير نقط القوة ونقط التطوير وتنميتها.

المقصود بنقط القوة ونقط التطوير أي ما يحتاج إليه المتعلم من حيث زيادة الشرح في مواطن والتركيز على محاور أكثر من غيرها إيمانا من الأستاذ أن هذا المحور يحتاج مزيد بيان، وقد اكتسب هذا الحكم انطلاقا من الممارسة الصفية، التي عليه استثمارها في التعليم عن بعد.

4_مراعاة البيداغوجيا الفارقية:

تدخل هذه المراعاة قبل إنتاج المورد وخلاله وعند طرح على المتعلمين، وبما أنها من أهم البيداغوجيا المعمول بها داخل الفصل  فهي أيضا من أهم الأسس التي يجب أن يقام عليها التعليم عن بعد، لا أن نسقط في خطاب فئوي يقتصر على عناصر مخصوصة فنقصي بذلك عددا كبيرا من المتعلمين، وتعد البيداغوجيا الفارقية في التعليم عن بعد أكثر تعقيدا منه في الفصل، ذلك أن هذا الأخير يكيف الأستاذ بموجبه طرقه الديداكتيكية حسب العناصر التي أمامه المحدودة العدد والمحصورة الفضاء، أما التعليم عن بعد فاستحضار الفارقية ينبغي أن يكون أوسع نطاقا حتى يحصل التمكن لدى المتعلم.

5_تهيء المتعلم وتحفيزه على الإقبال على التعلم:

أقصد بالتهيءهنا خلق جو يساعد المتعلم نفسه بنفسه الإقبال على التعلم، خصوصا وأن المراقبة المستمرة غائبة في التعلم عن بعد، لأن الأستاذ ولو تواصل مباشرة مع المتعلم لا يعلم هل يخاطب المتعلم فعلا أم أنه يخاطب أحدا آخر، لذلك على الأستاذ خلق طرق تحفيزية تجعل المتعلم نفسه بنفسه يبحث عن سبل التعلم ويقبل عليه.

6_ تمثل الخيارات التقنية للمتعلم :

ذكرت في البداية أن الإمكانات تختلف من متعلم لآخر، فوجب أثناء إنشاء الموارد الرقمية تمثل الخيارات التقنية لدى المتعلم، لا أن يجهد الأستاذ نفسه في إنشاء موارد رقمية هو على علم أن شريحة المتعلمين المستهدفة لا تملك من الوسائل ما يسعفها للاطلاع على هذا المورد بله الاستفادة منه.

7_ الاشتغال على مبدأ المثير والاستجابة:

إن مبدأ المثير والاستجابة من المبادئ المساعدة على الإقبال على التعلم، فلا ينبغي أن تكون المعرفة المقدمة على شكل مورد رقمي جافة فنسقط في طريقة التلقين في زمن انتشرت فيه المعرفة بشكل كبير، لأن المتعلم يجد كل ما يحتاجه موجودا، لكن يبقى الفرق بين ما هو موجود وما ينتجه الأستاذ رهين بالطرق المستعملة والمبادئ المستثمرة منها مبدأ المثير والاستجابة.

8_ القدرة على التقويم الذاتي:

حيث يقوم كل متعلم نفسه بنفسه خلال تعرفه أخطائه التيوقع فيها، أو من خلال تغيير مفاهيم المكتسبات السابقة  وتصحيحها في حال كانت خاطئة أو تتمينها إن كانت صحيحة ويعلم أن مدى تمكنه مشروط بقدرته على استثمار التعلم، ولا سبيل للوصول للتقويم الذاتي لدى المتعلم إلا اذا استحضرت الخصائص السابقة التي ذكرت والله أعلم.

آخر اﻷخبار

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M