سلسلة منطلقات الخلاف بين أطياف السلفية المعاصرة (ح10)

14 مايو 2016 22:43
هذه حقيقة المداخلة والفكر المدخلي

خريطة الحركات الجهادية وأهم جيوبها السرية «جماعة الناجون من النار أو التوقف والتبين»

إعداد: مراد أمقران

هوية بريس – السبت 14 ماي 2016

ربما ترجع أول نشأة لفكرة التوقف في الحكم على المسلمين بكفر أو إسلام إلى نشأة جماعة القطبيين عام 1965م حيث ظل القطبيون يتبنون هذه الفكرة منذ نشأتهم، وحتى 1981م عندما قرروا التخلي عنها والفكرة كانت تقوم لدى القطبيين على التوقف عن الحكم للمسلمين المعاصرين بكفر أو إسلام إلى أن يتبينوا حقيقة معتقداتهم.

وكان القطبيون لا يشترطون في المسلم أن ينضم لجماعتهم ليحكموا له بالإسلام إنما كانوا فقط يشترطون أن يدين بنفس معتقداتهم التي هي في أغلبها معتقدات الإسلام الصحيحة، عدا بعض الجزئيات التي اختلف فيها العلماء مثل مسألة عدم العذر بالجهل في العقائد، ومسألة التحاكم للقوانين الوضعية، وفي منتصف السبعينات ظهرت مجموعات عديدة مختلفة تتبنى الفكرة، وعمدت هذه المجموعات إلى إضافة تعديلات جوهرية على فكر التوقف والتبين؛ أهمها أن الحد الأدنى للإسلام لم يعد هو عقيدة الإسلام حسب فهمهم “كما عند القطبيين مثلا”، وشددوا على ضرورة الانضمام لجماعتهم، والسمع والطاعة لأميرها في كل صغيرة وكبيرة، كما تبنت بعض هذه المجموعات فكرة الانقلاب المسلح لإقامة دولة الإسلام وسعوا للتسلح والتدرب على كيفية استعمال الأسلحة الخفيفة.

وفي منتصف الثمانينيات من القرن العشرين تخلى الطبيب الشاب “مجدي الصفتي” عن انتمائه لفكر تنظيم الجهاد، وتبنى فكر التوقف والتبين، وسرعان ما كون جماعة خاصة به خلط مزيج مدونتها الفكرية من أدبيات تنظيم الجهاد في العمل المسلح، وبين عقيدة جماعات التوقف والتبين المنتشرة وخلص إلى  أن الطريق الأقصر لنشر فكر التوقف والتبين بين الحركات الإسلامية هو إثبات أن معتنقي هذا الفكر هم أهل جهاد وعمل وليس أهل كلام وتنظير، فقط كما كان يرميهم خصومهم خاصة من لدن تنظيم الجهاد المصري الذي كان يصم جماعات التوقف بأنها لا هم لها سوى تكفير الناس دون القيام بأي عمل إسلامي عملي فعلي.

وهذا الإثبات الذي عزم مجدي الصفتي على القيام به دفعه لتأسيس فصيل جهادي جديد أطلق عليه اسم “الناجون من النار” وضم إليه مجموعة من الأشخاص من معتنقي فكر التوقف والتبين الذين وافقوا على فكرته في وجوب القيام بتحرك مسلح لإثبات أن فكرهم ليس مجرد كلام فقط، وإنما هو كلام وعمل وجهاد أيضا، وكان من بين من انضموا إلى الفصيل الجهادي الجديد متعاطفون سابقون مع تنظيم الجهاد، وقد ساعد ذلك كله علي مضي مجدي الصفتي في طريقه الذي رسمه لنفسه والذي تأثر فيه بانتمائه السابق لتنظيم الجهاد، وبالفعل فقد استهل تنظيم “الناجون من النار” تكتيكه الميداني الجديد بثلاث عمليات مسلحة حاولوا في مجملها اغتيال رؤوس في الجيش والأمن المصري، فكان حسن أبو باشا أول الضحايا إلا أنه نجا بأعجوبة فلم يمت، لكنه أصيب بجراح خطيرة، وكانت المحاولة الثانية محاولة اغتيال نبوي إسماعيل، أما محاولتهم الأخيرة فقد كانت من نصيب الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد المقرب من الحكومة، وقد نجا مكرم والنبوي إسماعيل دون جراح من هاتين المحاولتين، وكانت كل هذه المحاولات في صيف 1987م.

وقد تفكك الفصيل الجهادي وانتهى أمره بسجن قادته وأغلب أعضائه، ولم يعد له وجود رغم استمرار هروب مجدي الصفتي لست سنوات متصلة قبل أن يلقى القبض عليه عام  1993م ويسجن مع رفاقه الذين تحول أغلبهم عن فكر التوقف والتبين إلى فكر “السلفية الحركية”.

آخر اﻷخبار
1 comments

التعليق

اﻷكثر مشاهدة

حالة الطقس
18°

كاريكاتير

حديث الصورة

128M512M